هلالي
27-10-2010, 10:24 PM
عندما قلت إن أمريكا ماتت، كنت أعني ما أقول. فهذه الدولة المحاربة تعيش الآن لحظة النهاية والسقوط ، فهي كثور مذبوح يصدر خوارا بصوت مزعج، ويضرب بساقيه وقدميه يمينا وشمالا ضربات يائسة، لإرعاب من حوله. ربما من يقتربون منه وعلي أبصارهم غشاوة يشعرون بقوة اهتزاز ضرباته لكن من يقف علي مسافة بعيدة منه يرى نهايته القريبة ويرى أن الموت مسألة وقت.
وعندما كتبت مقالي السابق بعنوان "أمريكا ماتت فلا تكونوا كجن ســــليمان ! " كنت أكشف لأمتي عن حقيقة، ربما تغيب عن البعض بسبب التضليل الإعلامي والضباب والضجيج المفتعل لإبعاد الأنظار عن الأفول الأمريكي ونهاية امبراطورية الشر الأمريكية.
أردت أن أبشر أبناء الأمة - بناء علي حقائق ومعلومات وليس عواطف وأمنيات - بأن الكابوس الجاثم علي صدورنا ينقشع أمام أعيننا ويحتاج أن ننظر بعيوننا وعقولنا لنتأكد وليس بعيون غيرنا، لأن البعض تعود علي أن يصدق ما يقوله الآخرون واعتاد علي تصديق الكذب الذي نراه ونسمعه ونقرأه كل يوم.
ورغم أن مقالي كان بمثابة طلقة تبدد الصمت الذي يغلف سقوط الصنم، وذكرت فيه رؤوس عناوين، فإن رسالتي وصلت الي الطرف الآخر بأسرع مما توقعت، وضربت علي الجرح النازف، وأصابت كبد الحقيقة.
وفوجئت برد القيادة المركزية الأمريكية علي مقالي وهو أمر نادر الحدوث، و يبدو أن القوم لم يتحملوا أن يضع أحد يده علي الحقيقة الصادمة لهم، لأن فتح هذا الباب يعجل بحالة التمرد بالمنطقة علي الهيمنة الأمريكية، وإجبار المحتل الأمريكي علي الرحيل من بلادنا وسحب ما تبقى من الأذرع الطويلة النازفة في العالم الإسلامي لتنكفئ أمريكا علي نفسها وتلملم جراحها وتتقوقع حول نفسها خلف المحيط، ترعي مصالح أبنائها وتهتم بتوفير التعليم والصحة لمواطنيها.
فأمريكا لا يطول عمرها إلا بما يقدمه لها حكام العرب والمسلمين من حليب ودم، ولولا الخدم الذين تنكروا لأمتهم ما استمر هذا العلو الأمريكي والصهيوني الي اليوم، ولكن لحكمة أرادها الله أن تبقي أمريكا كي تسقط بأيدي الشعوب المستضعفة في العراق وفي أفغانستان.
إن أفغانستان أفقر دولة إسلامية التي أسقطت الإتحاد السوفيتي هي هي التي تهزم أمريكا اليوم في هلمند وقندهار وتقضي علي الهيبة العسكرية الأمريكية بعد تكسير عظام هذا الجيش في الفلوجة والأنبار بأيدي شعب يعاني من الحصار لأكثر من عقد من الزمن، ليكون الانكسار العسكري هو المشهد الأخير لسقوط هذه الإمبراطورية.
وبالعودة إلى رد القيادة المركزية الأمريكية يمكن تقسيمه إلى قسمين: الأول يكرر الادعاءات عن إعمار الدولتين المحتلتين وعن الدور الإنساني للقوات الغازية في تقديم العون والعلاج وإقامة نظم حكم رشيدة!! وكأن هذه الجيوش وهذه الأسلحة جاءت لتكريم المسلمين وليس قتلهم .
والقسم الثاني من الرد يحاول إثبات إن أمريكا لم تمت وأنها بخير وعافية.
ولأن الرد يأخذنا بعيدا عن صلب الموضوع ويغرقنا في أرقام زائفة ومعلومات مغلوطة فإنني سأحاول أن أحيط بما ورد قدر الإمكان، مع التركيز علي صلب القضية.
وجهة نظر القيادة المركزية الأمريكية لا تقنع أحدا في العالم الإسلامي، وهي ترديد لأقاويل إدارة بوش السابقة، وما ورد من تبريرات وأرقام لا تسمن ولا تغني من جوع، وهي تؤكد أن القيادة الأمريكية تعيش في واد والعالم كله في واد آخر.
أولا: جاء في الرد أن "هذه الحروب لم تكن خيارنا. وأن الولايات المتحدة اضطرت للدفاع عن النفس" وهذه مغالطة كبيرة... وهي تخالف رأي الرئيس الأمريكي باراك أوباما نفسه الذي فرق بين حرب أفغانستان وحرب العراق، ووصفها بأنها " حرب غبية. حرب متسرعة. حرب قائمة لا على المنطق، بل على العواطف، حرب قائمة لا على المبادئ، بل على الدوافع السياسية"..
وبسبب موقفه من هذه الحرب انتخبه الشعب الأمريكي ولعن جورج دبليو بوش. بل إن الرئيس السابق لم يستطع أن يدافع عن خياره بشن الحرب ولم يظهر مع زميله المرشح الجمهوري جون ماكين حتى لا يؤثر عليه سلبا في المعركة الانتخابية. فإذا كانت الحرب ضد أفغانستان اضطرارا كما رأي صقور الإدارة لأنها تستضيف أسامة بن لادن فلماذا تم غزو العراق؟ هل كان صدام حسين مرتبطا بالقاعدة؟ وهل كان له دور في ضرب مبني التجارة؟ وأين هي أسلحة الدمار الشامل التي اتخذوها ذريعة للغزو؟ هنا يجب الإشارة إلى مشروع القرن الأمريكي للهيمنة على العالم... فهناك مشروع وخطة مسبّقة للغزو.. وليس فى الأمر صدفة.. وكل كلام عن أسباب أخرى إنما هو تبرير زائف
وإذا كان أسامة بن لادن هو المتهم فهل هذا يعطي أمريكا حق غزو أفغانستان وتدمير البلاد بدون تحقيق أو محاكمة؟ فلماذا لم يعقدوا محاكمة خاصة لأسامة بن لادن إذا علمنا أن هناك روايات أخري تغير مسار الاتهام؟
ثانيا: يزعم الرد أن " حضور الولايات المتحدة في هذين البلدين كان مقتصرا علي استهداف المتطرفين" ونحن نسأل: هل تفرق الصواريخ والقنابل العمياء بين متطرف وغير متطرف؟ وهل القنبلة التي وصفت بـ"السجادة" [؟!] التي تقتل كل كائن حي في دائرة قطرها نصف متر تنتقي المتطرفين دون غيرهم؟ وهل القصف الذي يتم بالطائرات بدون طيار يفرق بين الضحايا؟
فإذا كنتم تقصدون بالمتطرفين حركة طالبان والقاعدة، فهل كل من تقتلون في أفغانستان من المتطرفين؟ أم أنكم أبدتم المدنيين الأفغان كما تؤكد وثائق ويكيليكس تشهد علي هذه الجرائم.
أين هؤلاء المتطرفين في العراق؟ لقد قتلتم أكثر من مليون عراقي وعذبتم مئات الآلاف وارتكبتم فظائع ضد المواطنين المدنيين، وعذبتم المعتقلين، رجالا ونساء بأبشع الوسائل، وسجن أبي غريب شاهد علي هذه المأساة الإنسانية.. وكذلك سجن جوانتنامو.
إن العجز عن تبرير غزو العراق جعل كاتب الرد يركز علي أفغانستان ويستفيض في سرد إنجازات وهمية، ويمر علي العراق مرورا سريعا.
ثالثا: يزعم الرد أن "انسحاب الولايات المتحدة من العراق كان مبنيا علي أساس اتفاقية أمنية تم توقيعها مع العراق" وزعم صاحب الرد حسب تعبيره أن "تحويل المهام الأمنية إلى العراقيين والتزامنا بهذا الشق يعد دلالة علي نجاحنا علي قهر المتطرفين" أي أن انسحاب القوات الأمريكية ليس بسبب ضربات المقاومة وانكسار الجيش الأمريكي، وهذا الكلام يفتقد المنطق ومعطيات الواقع علي الأرض،
فهذه الاتفاقية أبرمت كمخرج يحفظ ماء الوجه للقوات الأمريكية، وقرار الانسحاب اتخذ في عهد بوش، قبل أوباما، بعد أن تحول العراق إلى مقبرة للجيش الأمريكي وتدمير ثلثي العتاد الأمريكي علي أيدي المقاومة العراقية.
رابعا: يتناقض الرد عندما يتحدث عن أفغانستان ويشير إلى زيادة عدد القوات الأمريكية، ومضاعفة الجهود لتدريب القوات الافغانية- من باب الفخر- ويزعم أن ألمانيا وانجلترا وجمهورية التشيك قد أعلنوا عن زيادة أعداد قواتهم – وهذا غير صحيح - في الوقت الذي يؤكد فيه الرد خطة الانسحاب التي أشرنا إليها
حيث يقول :" إن الرئيس أوباما أعلن " في أكثر من مناسبة أن بداية نقل المهام الأمنية إلى القوات الافغانية ستتم في منتصف 2011" واعتبر الرد أن هذا إشارة تدل علي النجاح وليس العكس!!
لا أدري كيف يكون الهروب نجاحا؟ وما هذا التناقض؟
إن إرسال المزيد من القوات، والحديث عن الإنسحاب في نفس الوقت يكشف حالة التخبط والإرتباك الناتج عن خسائر حقيقية لا يمكن تجاهلها.
خامسا: من المغالطات التي وردت في رد القيادة المركزية الأمريكية ما يوحي بأن الجيش الأمريكي غادر الولايات المتحدة وتحمل التضحيات لتعمير العراق وأفغانستان! حيث يتحدث عن " إنجاز العديد من المشاريع الإعمارية في العراق وإفغانستان كالمدارس والمستشفيات ومحطات الكهرباء والطرق و... التي ساعدت علي تحسين الظروف المعيشية لمواطني هذين البلدين. وبالطبع هذا الكلام لا يحتاج الي تعليق، فالعراق تحول إلى خراب والفضائيات تنقل بالصوت والصورة هذه المأساة والمعاناة، أما أفغانستان التي يزعم الرد أن الخدمات الصحية بها أصبحت متوفرة لأكثر من 83% من الشعب الافغاني مقارنة بـ 8% عام 2002م" يكذبه أن القوات الأمريكية والتابعة للناتو لا تسيطر إلا علي أقل من 20% من الأراضي الأفغانية وبمعني أدق مراكز المدن، وعكست نتيجة الانتخابات الأخيرة انها أجريت في 20% ولم يشارك فيها سوي 10% من الشعب، فكيف يتم تقديم الخدمات الي 83% من الشعب الافغاني.
وقد ذكرت صحيفة إندبندنت البريطانية أن إقالة الجنرال ستانلي ماكريستال قائد قوات حلف شمال الأطلسي والقوات الأميركية السابق بأفغانستان الجنرال ستانلي ماكريستال جاءت نتيجة تقييم سلبي للحملة العسكرية في أفغانستان قدمه لوزراء دفاع الحلف قبل أيام من إقالته.
ماكريستال أصدر تقييما هاما للحرب على ما وصفه بتمرد مرن ومتنام، واستبعد تحقيق أي تقدم خلال الأشهر القليلة المقبلة. وفي تفاصيل التقييم الذي قدمه ماكريستال، فإن خمس مناطق أفغانية فقط من أصل 116 صنفت على أنها "آمنة"، في حين أن الباقي يعاني من درجات متفاوتة من انعدام الأمن، وجاءت أربعون منطقة تحت تصنيف "خطير" أو "غير آمن". أي أن أكثر من نصف مليون جندي غربي وافغاني موالي للاحتلال يحكمون فقط 5 مناطق وطالبان تحكم بشكل أو بآخر 111 منطقة فكيف تستطيع القوات الأمريكية تقديم الخدمات لـ 83% من الشعب الأفغاني.
وزعم الرد أن الجيش الأمريكي قدم "الرعاية الصحية مما ساهم في تخفيض معدل الوفيات بين الأطفال حديثي الولادة ودون سن الخامسة، وحماية أرواح85000 طفل عام 2008 فقط،" ولا ندري هل تقديم مثل هذه البرامج من خلال الونيسيف يحتاج الي اكثر من 150 ألف جندي في هذه البلاد؟!
ومع هذا فان التقارير الدولية ، وما ينشر في الاعلام الأمريكي والغربي يوميا عن الحالة الصحية في البلدين يدحض هذه الادعاءات، وهذه بعض الامثلة:
- أفادت منظمة الصحة العالمية الشهر الماضي أن وباء الكوليرا تفشى في وسط أفغانستان.
- تعد أفغانستان واحدة من أربع دول ما زال مرض شلل الأطفال متوطنا فيها رغم اختفائه من كل العالم.وشلل الأطفال من الأمراض المعدية ويمكن أن يؤدي إلى الوفاة، ويمكن أن يصيب أي شخص لم يتلق اللقاح ولا يوجد له علاج.
- أكدت دراسة لمفوضية حقوق الانسان المستقلة في أفغانستان في عام 2008 أن ما لا يقل عن 600 ألف من أطفال الشوارع يفتقدون الحماية والرعاية بسبب اشتداد الحرب والفساد رغم تدفق أكثر من35 مليار دولار على البلاد من مانحين اجانب منذ الإطاحة بحكومة طالبان عام 2001 .
وينبغى ألا ننسى أن عدد من قتلتهم القوات الأمريكية والمتحالفة فى أفغانستان لا يقل عن مليون شخص.
وإذا تركنا أفغانستان إلى العراق سنجد ما هو أخطر بشأن الوضع الصحي بسبب الأسلحة الأمريكية التي تسببت في نشر السرطان وتشويه المواليد والأجنة في العراق ككل وفي الفلوجة علي وجه الخصوص بسبب استخدام أطنان من اليورانيوم المنضب.
وعندما كتبت مقالي السابق بعنوان "أمريكا ماتت فلا تكونوا كجن ســــليمان ! " كنت أكشف لأمتي عن حقيقة، ربما تغيب عن البعض بسبب التضليل الإعلامي والضباب والضجيج المفتعل لإبعاد الأنظار عن الأفول الأمريكي ونهاية امبراطورية الشر الأمريكية.
أردت أن أبشر أبناء الأمة - بناء علي حقائق ومعلومات وليس عواطف وأمنيات - بأن الكابوس الجاثم علي صدورنا ينقشع أمام أعيننا ويحتاج أن ننظر بعيوننا وعقولنا لنتأكد وليس بعيون غيرنا، لأن البعض تعود علي أن يصدق ما يقوله الآخرون واعتاد علي تصديق الكذب الذي نراه ونسمعه ونقرأه كل يوم.
ورغم أن مقالي كان بمثابة طلقة تبدد الصمت الذي يغلف سقوط الصنم، وذكرت فيه رؤوس عناوين، فإن رسالتي وصلت الي الطرف الآخر بأسرع مما توقعت، وضربت علي الجرح النازف، وأصابت كبد الحقيقة.
وفوجئت برد القيادة المركزية الأمريكية علي مقالي وهو أمر نادر الحدوث، و يبدو أن القوم لم يتحملوا أن يضع أحد يده علي الحقيقة الصادمة لهم، لأن فتح هذا الباب يعجل بحالة التمرد بالمنطقة علي الهيمنة الأمريكية، وإجبار المحتل الأمريكي علي الرحيل من بلادنا وسحب ما تبقى من الأذرع الطويلة النازفة في العالم الإسلامي لتنكفئ أمريكا علي نفسها وتلملم جراحها وتتقوقع حول نفسها خلف المحيط، ترعي مصالح أبنائها وتهتم بتوفير التعليم والصحة لمواطنيها.
فأمريكا لا يطول عمرها إلا بما يقدمه لها حكام العرب والمسلمين من حليب ودم، ولولا الخدم الذين تنكروا لأمتهم ما استمر هذا العلو الأمريكي والصهيوني الي اليوم، ولكن لحكمة أرادها الله أن تبقي أمريكا كي تسقط بأيدي الشعوب المستضعفة في العراق وفي أفغانستان.
إن أفغانستان أفقر دولة إسلامية التي أسقطت الإتحاد السوفيتي هي هي التي تهزم أمريكا اليوم في هلمند وقندهار وتقضي علي الهيبة العسكرية الأمريكية بعد تكسير عظام هذا الجيش في الفلوجة والأنبار بأيدي شعب يعاني من الحصار لأكثر من عقد من الزمن، ليكون الانكسار العسكري هو المشهد الأخير لسقوط هذه الإمبراطورية.
وبالعودة إلى رد القيادة المركزية الأمريكية يمكن تقسيمه إلى قسمين: الأول يكرر الادعاءات عن إعمار الدولتين المحتلتين وعن الدور الإنساني للقوات الغازية في تقديم العون والعلاج وإقامة نظم حكم رشيدة!! وكأن هذه الجيوش وهذه الأسلحة جاءت لتكريم المسلمين وليس قتلهم .
والقسم الثاني من الرد يحاول إثبات إن أمريكا لم تمت وأنها بخير وعافية.
ولأن الرد يأخذنا بعيدا عن صلب الموضوع ويغرقنا في أرقام زائفة ومعلومات مغلوطة فإنني سأحاول أن أحيط بما ورد قدر الإمكان، مع التركيز علي صلب القضية.
وجهة نظر القيادة المركزية الأمريكية لا تقنع أحدا في العالم الإسلامي، وهي ترديد لأقاويل إدارة بوش السابقة، وما ورد من تبريرات وأرقام لا تسمن ولا تغني من جوع، وهي تؤكد أن القيادة الأمريكية تعيش في واد والعالم كله في واد آخر.
أولا: جاء في الرد أن "هذه الحروب لم تكن خيارنا. وأن الولايات المتحدة اضطرت للدفاع عن النفس" وهذه مغالطة كبيرة... وهي تخالف رأي الرئيس الأمريكي باراك أوباما نفسه الذي فرق بين حرب أفغانستان وحرب العراق، ووصفها بأنها " حرب غبية. حرب متسرعة. حرب قائمة لا على المنطق، بل على العواطف، حرب قائمة لا على المبادئ، بل على الدوافع السياسية"..
وبسبب موقفه من هذه الحرب انتخبه الشعب الأمريكي ولعن جورج دبليو بوش. بل إن الرئيس السابق لم يستطع أن يدافع عن خياره بشن الحرب ولم يظهر مع زميله المرشح الجمهوري جون ماكين حتى لا يؤثر عليه سلبا في المعركة الانتخابية. فإذا كانت الحرب ضد أفغانستان اضطرارا كما رأي صقور الإدارة لأنها تستضيف أسامة بن لادن فلماذا تم غزو العراق؟ هل كان صدام حسين مرتبطا بالقاعدة؟ وهل كان له دور في ضرب مبني التجارة؟ وأين هي أسلحة الدمار الشامل التي اتخذوها ذريعة للغزو؟ هنا يجب الإشارة إلى مشروع القرن الأمريكي للهيمنة على العالم... فهناك مشروع وخطة مسبّقة للغزو.. وليس فى الأمر صدفة.. وكل كلام عن أسباب أخرى إنما هو تبرير زائف
وإذا كان أسامة بن لادن هو المتهم فهل هذا يعطي أمريكا حق غزو أفغانستان وتدمير البلاد بدون تحقيق أو محاكمة؟ فلماذا لم يعقدوا محاكمة خاصة لأسامة بن لادن إذا علمنا أن هناك روايات أخري تغير مسار الاتهام؟
ثانيا: يزعم الرد أن " حضور الولايات المتحدة في هذين البلدين كان مقتصرا علي استهداف المتطرفين" ونحن نسأل: هل تفرق الصواريخ والقنابل العمياء بين متطرف وغير متطرف؟ وهل القنبلة التي وصفت بـ"السجادة" [؟!] التي تقتل كل كائن حي في دائرة قطرها نصف متر تنتقي المتطرفين دون غيرهم؟ وهل القصف الذي يتم بالطائرات بدون طيار يفرق بين الضحايا؟
فإذا كنتم تقصدون بالمتطرفين حركة طالبان والقاعدة، فهل كل من تقتلون في أفغانستان من المتطرفين؟ أم أنكم أبدتم المدنيين الأفغان كما تؤكد وثائق ويكيليكس تشهد علي هذه الجرائم.
أين هؤلاء المتطرفين في العراق؟ لقد قتلتم أكثر من مليون عراقي وعذبتم مئات الآلاف وارتكبتم فظائع ضد المواطنين المدنيين، وعذبتم المعتقلين، رجالا ونساء بأبشع الوسائل، وسجن أبي غريب شاهد علي هذه المأساة الإنسانية.. وكذلك سجن جوانتنامو.
إن العجز عن تبرير غزو العراق جعل كاتب الرد يركز علي أفغانستان ويستفيض في سرد إنجازات وهمية، ويمر علي العراق مرورا سريعا.
ثالثا: يزعم الرد أن "انسحاب الولايات المتحدة من العراق كان مبنيا علي أساس اتفاقية أمنية تم توقيعها مع العراق" وزعم صاحب الرد حسب تعبيره أن "تحويل المهام الأمنية إلى العراقيين والتزامنا بهذا الشق يعد دلالة علي نجاحنا علي قهر المتطرفين" أي أن انسحاب القوات الأمريكية ليس بسبب ضربات المقاومة وانكسار الجيش الأمريكي، وهذا الكلام يفتقد المنطق ومعطيات الواقع علي الأرض،
فهذه الاتفاقية أبرمت كمخرج يحفظ ماء الوجه للقوات الأمريكية، وقرار الانسحاب اتخذ في عهد بوش، قبل أوباما، بعد أن تحول العراق إلى مقبرة للجيش الأمريكي وتدمير ثلثي العتاد الأمريكي علي أيدي المقاومة العراقية.
رابعا: يتناقض الرد عندما يتحدث عن أفغانستان ويشير إلى زيادة عدد القوات الأمريكية، ومضاعفة الجهود لتدريب القوات الافغانية- من باب الفخر- ويزعم أن ألمانيا وانجلترا وجمهورية التشيك قد أعلنوا عن زيادة أعداد قواتهم – وهذا غير صحيح - في الوقت الذي يؤكد فيه الرد خطة الانسحاب التي أشرنا إليها
حيث يقول :" إن الرئيس أوباما أعلن " في أكثر من مناسبة أن بداية نقل المهام الأمنية إلى القوات الافغانية ستتم في منتصف 2011" واعتبر الرد أن هذا إشارة تدل علي النجاح وليس العكس!!
لا أدري كيف يكون الهروب نجاحا؟ وما هذا التناقض؟
إن إرسال المزيد من القوات، والحديث عن الإنسحاب في نفس الوقت يكشف حالة التخبط والإرتباك الناتج عن خسائر حقيقية لا يمكن تجاهلها.
خامسا: من المغالطات التي وردت في رد القيادة المركزية الأمريكية ما يوحي بأن الجيش الأمريكي غادر الولايات المتحدة وتحمل التضحيات لتعمير العراق وأفغانستان! حيث يتحدث عن " إنجاز العديد من المشاريع الإعمارية في العراق وإفغانستان كالمدارس والمستشفيات ومحطات الكهرباء والطرق و... التي ساعدت علي تحسين الظروف المعيشية لمواطني هذين البلدين. وبالطبع هذا الكلام لا يحتاج الي تعليق، فالعراق تحول إلى خراب والفضائيات تنقل بالصوت والصورة هذه المأساة والمعاناة، أما أفغانستان التي يزعم الرد أن الخدمات الصحية بها أصبحت متوفرة لأكثر من 83% من الشعب الافغاني مقارنة بـ 8% عام 2002م" يكذبه أن القوات الأمريكية والتابعة للناتو لا تسيطر إلا علي أقل من 20% من الأراضي الأفغانية وبمعني أدق مراكز المدن، وعكست نتيجة الانتخابات الأخيرة انها أجريت في 20% ولم يشارك فيها سوي 10% من الشعب، فكيف يتم تقديم الخدمات الي 83% من الشعب الافغاني.
وقد ذكرت صحيفة إندبندنت البريطانية أن إقالة الجنرال ستانلي ماكريستال قائد قوات حلف شمال الأطلسي والقوات الأميركية السابق بأفغانستان الجنرال ستانلي ماكريستال جاءت نتيجة تقييم سلبي للحملة العسكرية في أفغانستان قدمه لوزراء دفاع الحلف قبل أيام من إقالته.
ماكريستال أصدر تقييما هاما للحرب على ما وصفه بتمرد مرن ومتنام، واستبعد تحقيق أي تقدم خلال الأشهر القليلة المقبلة. وفي تفاصيل التقييم الذي قدمه ماكريستال، فإن خمس مناطق أفغانية فقط من أصل 116 صنفت على أنها "آمنة"، في حين أن الباقي يعاني من درجات متفاوتة من انعدام الأمن، وجاءت أربعون منطقة تحت تصنيف "خطير" أو "غير آمن". أي أن أكثر من نصف مليون جندي غربي وافغاني موالي للاحتلال يحكمون فقط 5 مناطق وطالبان تحكم بشكل أو بآخر 111 منطقة فكيف تستطيع القوات الأمريكية تقديم الخدمات لـ 83% من الشعب الأفغاني.
وزعم الرد أن الجيش الأمريكي قدم "الرعاية الصحية مما ساهم في تخفيض معدل الوفيات بين الأطفال حديثي الولادة ودون سن الخامسة، وحماية أرواح85000 طفل عام 2008 فقط،" ولا ندري هل تقديم مثل هذه البرامج من خلال الونيسيف يحتاج الي اكثر من 150 ألف جندي في هذه البلاد؟!
ومع هذا فان التقارير الدولية ، وما ينشر في الاعلام الأمريكي والغربي يوميا عن الحالة الصحية في البلدين يدحض هذه الادعاءات، وهذه بعض الامثلة:
- أفادت منظمة الصحة العالمية الشهر الماضي أن وباء الكوليرا تفشى في وسط أفغانستان.
- تعد أفغانستان واحدة من أربع دول ما زال مرض شلل الأطفال متوطنا فيها رغم اختفائه من كل العالم.وشلل الأطفال من الأمراض المعدية ويمكن أن يؤدي إلى الوفاة، ويمكن أن يصيب أي شخص لم يتلق اللقاح ولا يوجد له علاج.
- أكدت دراسة لمفوضية حقوق الانسان المستقلة في أفغانستان في عام 2008 أن ما لا يقل عن 600 ألف من أطفال الشوارع يفتقدون الحماية والرعاية بسبب اشتداد الحرب والفساد رغم تدفق أكثر من35 مليار دولار على البلاد من مانحين اجانب منذ الإطاحة بحكومة طالبان عام 2001 .
وينبغى ألا ننسى أن عدد من قتلتهم القوات الأمريكية والمتحالفة فى أفغانستان لا يقل عن مليون شخص.
وإذا تركنا أفغانستان إلى العراق سنجد ما هو أخطر بشأن الوضع الصحي بسبب الأسلحة الأمريكية التي تسببت في نشر السرطان وتشويه المواليد والأجنة في العراق ككل وفي الفلوجة علي وجه الخصوص بسبب استخدام أطنان من اليورانيوم المنضب.