amroo
02-11-2010, 10:08 PM
http://www.alarab.com.qa/details.php?docId=157330&issueNo=880&secId=26
الصيدليات تتعامل مع السوق «بمزاجية التاجر»
مواطنون: تحرير أسعار الأدوية يصب في مصلحة المستهلك
2010-11-02
الدوحة – العرب- عمر عبد اللطيف
يشتري يوسف حمزة بعض أنواع الأدوية من الإمارات بنحو 120 ريالاً، لكنه يشتريها هنا في قطر بـ 200 ريال، قائلا إن الصيدليات رفعت أسعارها بشكل «خيالي»، رغم أنهم يشترون بأسعار رخيصة، «فلماذا هذا الغلاء، أسعار الأدوية مرتفعة جدا، لماذا يأخذون 400 أو %500 ربحا؟». لكن حمزة لا يرى فرقاً بين صيدلية وأخرى سوى ريال أو نصف ريال، فجميعها تبيع بأسعار «خيالية» كما يشير في حديثه لـ «العرب».
وبرأي عبد الرحمن الغانم فإن الأسعار مرتفعة، ويوجد «تضارب» من صيدلية لأخرى، فمثلا صيدلية تبيع دواء ما بـ 55 ريالاً، وأخرى تبيعه
بـ 75 ريالا، «في تضارب.. اللي وضع السعر لم يحدد الأسعار، كل يحط السعر على كيفه».
يشتري الغانم دواءه من الصيدلية لأنه «محتاج ولديه مريض»، بالأمس مثلا اشترى شراباً لابنته بـ 28 ريالاً، رغم أن سعره لا يتجاوز 16 ريالاً، ومع أنه يستفسر من الصيدلي عن سبب هذه الأسعار، لكن «لا تطلع بنتيجة منه، يقول لك هذه الأسعار وأنا موظف مأمور، تشتري أو تخلي».
ويشير الغانم إلى أن الدواء الأجنبي أفضل، «لما تأخذ دواء إنجليزياً أو أوروبياً أفضل من الصناعات العربية»، ثم يضيف مبتسماً: «عندما تذهب إلى أي عيادة أو طبيب خاص يقول لك إن هذا الدواء يحتاج إلى 3 أو 4 أيام ليأخذ مفعوله، أو هذا الدواء أغلى بـ 10 ريالات لكن مفعوله مباشر وقوي جدا».
كما يضطر صلاح السنيدي للشراء من الصيدليات، خاصة أنه لا يريد أن يقف في «الطابور» على المركز الصحي و»زحمة ناس»، أو قد يكون المركز مغلقاً في الليل، فيذهب إلى أقرب صيدلية للبيت، ويجد أن الأسعار لديها «دبل وغالية كثير كثير».
الرقابة غائبة وهي مشكلة
المجلس الأعلى للصحة
نواف الذي فضل التحفظ على اسمه الثاني في حديثه لـ «العرب» يؤكد أن أسعار الصيدليات غير محددة، «يحطون الأسعار على كيفهم»، لديهم ماكينة تضع السعر الذي يريدونه على الدواء، «نفس الماكينة الموجودة في أي سوبر ماركت»، في بقية الدول السعر على علبة الدواء، أليس من الغريب أن أدفع 150 ريالاً من أجل حبوب لوجع الرأس، هذه أدوية بسيطة، ورغم ذلك تباع في صيدلية أخرى أرخص بـ 20 ريالاً «وين الرقابة، صح أدوية مستوردة، ولكن ما في رقابة، كأنك جاي على سوق الخضرة.. ناس تبيع بغالي وناس برخيص».
سبب هذا الغلاء يرجعه جمال سالم إلى المجلس الأعلى للصحة، الذي من المفروض أن يراقب الأسعار، لأنها مختلفة من صيدلية لأخرى، ففي السعودية أرخص من قطر مثلا، والدواء الذي يباع في السعودية بـ 125 ريالاً، يباع هنا بـ 175 ريالاً، وهذا لا يقتصر على الأدوية فقط بل على كل شيء حسب قوله.
إدارة الصيدلة والرقابة الدوائية تؤكد أن الأسعار ليست «خيالية»
لكن مديرة إدارة الصيدلة والرقابة الدوائية بالمجلس الأعلى للصحة الدكتورة عائشة الأنصاري تؤكد في حديثها لـ «العرب» أن أسعار الأدوية في دولة قطر ليست «خيالية» كما يعتقد البعض، خاصة أن نسبة البيع المعمول بها تساوي %40 من سعر التكلفة، حسب نص القانون رقم (1) لسنة 1999 بشأن تسعير الأدوية.
وتوضح الأنصاري أن الوكيل يتقاضى %10 من هذه النسبة، في حين تذهب النسبة المتبقية إلى الصيدليات الخاصة، مع ملاحظة أن هذه النسبة تتوافق مع النسب المعمول بها في بقية الدول الخليجية.
وفيما إذا كانت الصيدليات تضع تسعيرة الأدوية التي تُناسبها، تشدد مديرة إدارة الصيدلة والرقابة الدوائية أن هذا الكلام «عار تماما عن الصحة»، حيث يقوم وكلاء الشركات بإلصاق سعر الدواء على العبوة، وبالتالي فإن أسعار الأدوية تكون متماثلة في كل الصيدليات للعبوة الواحدة ولا دخل للصيدلة في تحديد هذا السعر.
البعض يلجأ إلى السعودية لشراء الأدوية بنصف القيمة
أبو أحمد الذي فضل عدم ذكر اسمه وهو يتحدث لـ «العرب»، يشتري عادة المضاد الحيوي بـ 150 إلى 200 ريال، بينما يشتريه من السعودية بنصف القيمة، «ما أدري ليش غالية هنا.. في فرق وايد»، كما أنه اشترى «قطرة للعين» بنحو 28 ريالاً، مع أنها تباع في السعودية بـ 16 ريالاً «والله».
والسبب برأي أبي أحمد هو غياب الرقابة، فالأسعار كلها مرتفعة مقارنة مع دول الخليج، فمثلا طبيب الأسنان «يوصف لك مضاد حيوي»، فتشتريه بـ 250 ريالاً وهو عبارة عن أربع حبات فقط، صحيح أن الشركات مختلفة سويسرية أو ألمانية، لكن بعض الأدوية غير متوفرة في المشافي أو المراكز الصحية، فتضطر لشرائها من الصيدليات.
قد يوجد بعض أنواع الأدوية الرخيصة، لكنها تأتي من شركات «تعبانة»، حسب تعبير أبي أحمد، أما إذا أردت «شي زين شي أوروبي يعطيك مفعوله فهو غال»، فمثلا «البانادول طلع كلام هنا.. اشتريته من لندن غير على مستوى وليس مثل الصناعات العربية غير اللي أجيبه من هنا»، مشيرا إلى أن معظم الصيدليات تبيع بأسعار مرتفعة، وكيل لشركة معينة يوزع الدواء على الصيدليات بسعر ثابت، ويبالغون في الأسعار.
غير أن إدارة الصيدلة والرقابة الدوائية ترفض مثل هذا الكلام، مؤكدة على لسان مديرتها الدكتورة عائشة الأنصاري أن انخفاض أسعار بعض الأدوية المتداولة بكثرة في السعودية عنها في قطر، يرجع إلى أن الشركات المتنافسة تسعى جاهدة لتقديم أقل سعر بأقل ربحية ممكنة لضمان استمرار تواجدها في السوق السعودية، خاصة أن السعودية «تتمتع بكثافة سكانية كبيرة ويكون استهلاك الأدوية بالتبعية هناك أكبر، وهو ما يتيح لأي شركة تحقيق مكاسب بأقل هامش ربح ممكن».
تحرير الأسعار وفتح الباب أمام المستوردين
وكان مجلس الوزراء وافق في وقت سابق، على مشروع قانون بإلغاء القانون رقم 7 لعام 1990، بنظام تعسير الأدوية الطبية والمستحضرات الصيدلية ومراقبة الأسعار، ومشروع قانون آخر بتعديل بعض أحكام القانون رقم 1 لعام 1986 فيما يتعلق بتسجيل شركات الأدوية ومنتجاتها، إضافة إلى مشروع قانون بتعديل بعض أحكام القانون رقم 3 لعام 1983 فيما يخص تنظيم مهن الصيدلة ووكلاء شركات الأدوية.
وألغي بموجب هذه التعديلات الـ %40 المضافة على تسعيرة الأدوية، والتي يتقاضاها المستورد أو الوكيل والاستعاضة عنها بوضع حد أقصى للأسعار، كما ألغت التعديلات مبدأ الوكيل الحصري للأدوية، وتفتح الباب أمام كل المستوردين بشرط الالتزامات التي يضعها المجلس الأعلى للصحة، واستندت هذه التعديلات إلى أن بعض الأدوية غير متوفرة في قطر، ولتوفير جميع الأدوية للمواطنين بأسعار مناسبة، فتح الباب أمام شريحة أوسع من المستوردين، إضافة إلى تأطير تدريب الصيادلة وتوصيف الوظائف الصيدلانية.
كما سمح القانون الجديد لشركات الأدوية وأصحاب الصيدليات بتملك أكثر من صيدلية تحت نفس الاسم، كما تم وضع اشتراطات خاصة لترخيص مصانع الأدوية، وستفرض التعديلات الجديدة على الجهات الرقابة في المجلس الأعلى للصحة، توسيع عملها لمواكبة الزيادة في عدد المستوردين، حيث بلغ عدد الوكلاء حتى اليوم نحو 18 وكيلا.
لكن سعيد صالح، الذي اشترى للتو «مرهما» صغيرا بـ 77ريالاً ودواء آخر بـ 50 ريالاً، يؤكد لو أنه اشترى هذه الأدوية من السعودية فلن يدفع فوق الـ 30 ريالاً، «وش الأسعار اللي حرروها.. حرروا الأشياء البسيطة... ما حرروها مظبوط... لم تخفض الأسعار ما زالت ترتفع».
الأعلى للصحة يحتفظ لنفسه
بحق التدخل لضبط الأسعار
لكن المسؤولين في المجلس الأعلى للصحة، أكدوا في وقت سابق من هذا الشهر، أن تحرير سوق الأدوية لن يؤدي بالضرورة إلى ارتفاع أسعار الأدوية، وأن القانون الجديد يضمن للمجلس الأعلى للصحة التدخل إذا ما ارتأى أن أسعار الأدوية مبالغ فيها، موضحين أن تحرير أسعار الأدوية سيكون محل تجربة بعد تطبيقه، للوقوف على مدى نجاحه.
قوانين تصب في مصلحة المستهلك
ويختلف أحمد ناصر المرقب، مع من سبقه بقوله إن القانون الجديد «يصب في مصلحة المواطن»، مفسرا ذلك بأن السوق فتح أمام الجميع، والصيدليات تستطيع شراء الأدوية من أي وكيل تريده، بعد أن كان السوق محتكرا من قبل وكيل يوزع «على كيفه»، كما أن جميع الوكلاء الجدد سيكونون تحت رقابة المجلس الأعلى للصحة، وبالتالي أسعار الأدوية ستنخفض، والمستفيد في نهاية الأمر المواطن والمقيم، لأن المواطن كان «محتكرا» لا يأخذ العلاج الذي يريده بالسعر المناسب، لأن السوق كان يمشي على «حسب الوكيل والوكيل محتكر السوق»، أما الآن فقد أصبح السوق حرا، «ما تحصل دواء في هذه الصيدلية تحصل في غيرها، ما وجدت عند هذا الوكيل تجده عند ذاك» حسب تعبيره. ويشرح المرقب أن تحرير الأسعار تحت رقابة المجلس الأعلى للصحة، سيجعل السوق أفضل من السابق، مطالبا المجلس بتعزيز الرقابة على الجميع، لأنه «لا تحرير للأسعار بدون رقابة مشددة»، لكي يستطيع المواطن الحصول على دواء صلاحيته جيدة وغير منته وأسعاره مناسبة، على طريقة تسعيرة حماية المستهلك، فالمواد الغذائية مثلا في الجمعيات تحت رقابة حماية المستهلك والسوق حرة. وحتى لو وضع المجلس الأعلى للصحة في القانون الجديد حداً أقصى للأسعار، يوضح المرقب أن المنافسة هي التي ستخفض الأسعار، وتجعل المواطن «يأخذ حريته» في اختيار الدواء من أي صيدلية تناسبه، حتى لو «ما في تسعيرة» لكن يوجد منافسون، الذين يجب أن يقدموا خدمة أفضل للمواطن «ليكسبوا الزبائن والسمعة الطيبة».
إذن التعديلات الجديدة، تصب في مصلحة المستهلك، كما يقول المرقب، الذي يرى أن التجار سيستفيدون أيضا بدلا من «الاحتكار»، وبدل أن تشتري الصيدلية الأدوية من وكيل واحد وفق فائدة محددة، ولا تستطيع أن تبيع أكثر مما هو محدد، أو أن تستورد العلاجات التي تريدها إلا عن طريق الوكيل، والوكيل لا يعطيها إلا بالسعر الذي يريده، بدلاً من ذلك تستطيع الصيدلية الآن التوجه إلى أي وكيل آخر بعد أن فتح الباب أمام كل المستوردين.
الهدف من تحرير الأسعار
خلق بيئة تنافسية
كما تنوه مديرة إدارة الصيدلة والرقابة الدوائية بالمجلس الأعلى للصحة أن الهدف من تحرير أسعار الأدوية هو «خلق بيئة أكثر تنافساً، ينتج عنها انخفاض في الأسعار»، بما يعود بالفائدة على الأفراد في دولة قطر، مع ملاحظة أن الإدارة لها حق التدخل لضبط هذه الأسعار إذا رأت تجاوزا في الأسعار المطروحة. وتوضح الدكتورة الأنصاري أن إدارة الصيدلة والرقابة الدوائية «تقوم برغم ذلك بإرغام شركات الأدوية على تخفيض أسعارها»، فضلا عن أنها ترفض في كثير من الأحيان تسعير بعض الأدوية إذا وجدت أن السعر المقدم مبالغ فيه، أو أعلى مما هو مقدم في باقي الدول الخليجية الأخرى.
الصيدليات تتعامل مع السوق «بمزاجية التاجر»
مواطنون: تحرير أسعار الأدوية يصب في مصلحة المستهلك
2010-11-02
الدوحة – العرب- عمر عبد اللطيف
يشتري يوسف حمزة بعض أنواع الأدوية من الإمارات بنحو 120 ريالاً، لكنه يشتريها هنا في قطر بـ 200 ريال، قائلا إن الصيدليات رفعت أسعارها بشكل «خيالي»، رغم أنهم يشترون بأسعار رخيصة، «فلماذا هذا الغلاء، أسعار الأدوية مرتفعة جدا، لماذا يأخذون 400 أو %500 ربحا؟». لكن حمزة لا يرى فرقاً بين صيدلية وأخرى سوى ريال أو نصف ريال، فجميعها تبيع بأسعار «خيالية» كما يشير في حديثه لـ «العرب».
وبرأي عبد الرحمن الغانم فإن الأسعار مرتفعة، ويوجد «تضارب» من صيدلية لأخرى، فمثلا صيدلية تبيع دواء ما بـ 55 ريالاً، وأخرى تبيعه
بـ 75 ريالا، «في تضارب.. اللي وضع السعر لم يحدد الأسعار، كل يحط السعر على كيفه».
يشتري الغانم دواءه من الصيدلية لأنه «محتاج ولديه مريض»، بالأمس مثلا اشترى شراباً لابنته بـ 28 ريالاً، رغم أن سعره لا يتجاوز 16 ريالاً، ومع أنه يستفسر من الصيدلي عن سبب هذه الأسعار، لكن «لا تطلع بنتيجة منه، يقول لك هذه الأسعار وأنا موظف مأمور، تشتري أو تخلي».
ويشير الغانم إلى أن الدواء الأجنبي أفضل، «لما تأخذ دواء إنجليزياً أو أوروبياً أفضل من الصناعات العربية»، ثم يضيف مبتسماً: «عندما تذهب إلى أي عيادة أو طبيب خاص يقول لك إن هذا الدواء يحتاج إلى 3 أو 4 أيام ليأخذ مفعوله، أو هذا الدواء أغلى بـ 10 ريالات لكن مفعوله مباشر وقوي جدا».
كما يضطر صلاح السنيدي للشراء من الصيدليات، خاصة أنه لا يريد أن يقف في «الطابور» على المركز الصحي و»زحمة ناس»، أو قد يكون المركز مغلقاً في الليل، فيذهب إلى أقرب صيدلية للبيت، ويجد أن الأسعار لديها «دبل وغالية كثير كثير».
الرقابة غائبة وهي مشكلة
المجلس الأعلى للصحة
نواف الذي فضل التحفظ على اسمه الثاني في حديثه لـ «العرب» يؤكد أن أسعار الصيدليات غير محددة، «يحطون الأسعار على كيفهم»، لديهم ماكينة تضع السعر الذي يريدونه على الدواء، «نفس الماكينة الموجودة في أي سوبر ماركت»، في بقية الدول السعر على علبة الدواء، أليس من الغريب أن أدفع 150 ريالاً من أجل حبوب لوجع الرأس، هذه أدوية بسيطة، ورغم ذلك تباع في صيدلية أخرى أرخص بـ 20 ريالاً «وين الرقابة، صح أدوية مستوردة، ولكن ما في رقابة، كأنك جاي على سوق الخضرة.. ناس تبيع بغالي وناس برخيص».
سبب هذا الغلاء يرجعه جمال سالم إلى المجلس الأعلى للصحة، الذي من المفروض أن يراقب الأسعار، لأنها مختلفة من صيدلية لأخرى، ففي السعودية أرخص من قطر مثلا، والدواء الذي يباع في السعودية بـ 125 ريالاً، يباع هنا بـ 175 ريالاً، وهذا لا يقتصر على الأدوية فقط بل على كل شيء حسب قوله.
إدارة الصيدلة والرقابة الدوائية تؤكد أن الأسعار ليست «خيالية»
لكن مديرة إدارة الصيدلة والرقابة الدوائية بالمجلس الأعلى للصحة الدكتورة عائشة الأنصاري تؤكد في حديثها لـ «العرب» أن أسعار الأدوية في دولة قطر ليست «خيالية» كما يعتقد البعض، خاصة أن نسبة البيع المعمول بها تساوي %40 من سعر التكلفة، حسب نص القانون رقم (1) لسنة 1999 بشأن تسعير الأدوية.
وتوضح الأنصاري أن الوكيل يتقاضى %10 من هذه النسبة، في حين تذهب النسبة المتبقية إلى الصيدليات الخاصة، مع ملاحظة أن هذه النسبة تتوافق مع النسب المعمول بها في بقية الدول الخليجية.
وفيما إذا كانت الصيدليات تضع تسعيرة الأدوية التي تُناسبها، تشدد مديرة إدارة الصيدلة والرقابة الدوائية أن هذا الكلام «عار تماما عن الصحة»، حيث يقوم وكلاء الشركات بإلصاق سعر الدواء على العبوة، وبالتالي فإن أسعار الأدوية تكون متماثلة في كل الصيدليات للعبوة الواحدة ولا دخل للصيدلة في تحديد هذا السعر.
البعض يلجأ إلى السعودية لشراء الأدوية بنصف القيمة
أبو أحمد الذي فضل عدم ذكر اسمه وهو يتحدث لـ «العرب»، يشتري عادة المضاد الحيوي بـ 150 إلى 200 ريال، بينما يشتريه من السعودية بنصف القيمة، «ما أدري ليش غالية هنا.. في فرق وايد»، كما أنه اشترى «قطرة للعين» بنحو 28 ريالاً، مع أنها تباع في السعودية بـ 16 ريالاً «والله».
والسبب برأي أبي أحمد هو غياب الرقابة، فالأسعار كلها مرتفعة مقارنة مع دول الخليج، فمثلا طبيب الأسنان «يوصف لك مضاد حيوي»، فتشتريه بـ 250 ريالاً وهو عبارة عن أربع حبات فقط، صحيح أن الشركات مختلفة سويسرية أو ألمانية، لكن بعض الأدوية غير متوفرة في المشافي أو المراكز الصحية، فتضطر لشرائها من الصيدليات.
قد يوجد بعض أنواع الأدوية الرخيصة، لكنها تأتي من شركات «تعبانة»، حسب تعبير أبي أحمد، أما إذا أردت «شي زين شي أوروبي يعطيك مفعوله فهو غال»، فمثلا «البانادول طلع كلام هنا.. اشتريته من لندن غير على مستوى وليس مثل الصناعات العربية غير اللي أجيبه من هنا»، مشيرا إلى أن معظم الصيدليات تبيع بأسعار مرتفعة، وكيل لشركة معينة يوزع الدواء على الصيدليات بسعر ثابت، ويبالغون في الأسعار.
غير أن إدارة الصيدلة والرقابة الدوائية ترفض مثل هذا الكلام، مؤكدة على لسان مديرتها الدكتورة عائشة الأنصاري أن انخفاض أسعار بعض الأدوية المتداولة بكثرة في السعودية عنها في قطر، يرجع إلى أن الشركات المتنافسة تسعى جاهدة لتقديم أقل سعر بأقل ربحية ممكنة لضمان استمرار تواجدها في السوق السعودية، خاصة أن السعودية «تتمتع بكثافة سكانية كبيرة ويكون استهلاك الأدوية بالتبعية هناك أكبر، وهو ما يتيح لأي شركة تحقيق مكاسب بأقل هامش ربح ممكن».
تحرير الأسعار وفتح الباب أمام المستوردين
وكان مجلس الوزراء وافق في وقت سابق، على مشروع قانون بإلغاء القانون رقم 7 لعام 1990، بنظام تعسير الأدوية الطبية والمستحضرات الصيدلية ومراقبة الأسعار، ومشروع قانون آخر بتعديل بعض أحكام القانون رقم 1 لعام 1986 فيما يتعلق بتسجيل شركات الأدوية ومنتجاتها، إضافة إلى مشروع قانون بتعديل بعض أحكام القانون رقم 3 لعام 1983 فيما يخص تنظيم مهن الصيدلة ووكلاء شركات الأدوية.
وألغي بموجب هذه التعديلات الـ %40 المضافة على تسعيرة الأدوية، والتي يتقاضاها المستورد أو الوكيل والاستعاضة عنها بوضع حد أقصى للأسعار، كما ألغت التعديلات مبدأ الوكيل الحصري للأدوية، وتفتح الباب أمام كل المستوردين بشرط الالتزامات التي يضعها المجلس الأعلى للصحة، واستندت هذه التعديلات إلى أن بعض الأدوية غير متوفرة في قطر، ولتوفير جميع الأدوية للمواطنين بأسعار مناسبة، فتح الباب أمام شريحة أوسع من المستوردين، إضافة إلى تأطير تدريب الصيادلة وتوصيف الوظائف الصيدلانية.
كما سمح القانون الجديد لشركات الأدوية وأصحاب الصيدليات بتملك أكثر من صيدلية تحت نفس الاسم، كما تم وضع اشتراطات خاصة لترخيص مصانع الأدوية، وستفرض التعديلات الجديدة على الجهات الرقابة في المجلس الأعلى للصحة، توسيع عملها لمواكبة الزيادة في عدد المستوردين، حيث بلغ عدد الوكلاء حتى اليوم نحو 18 وكيلا.
لكن سعيد صالح، الذي اشترى للتو «مرهما» صغيرا بـ 77ريالاً ودواء آخر بـ 50 ريالاً، يؤكد لو أنه اشترى هذه الأدوية من السعودية فلن يدفع فوق الـ 30 ريالاً، «وش الأسعار اللي حرروها.. حرروا الأشياء البسيطة... ما حرروها مظبوط... لم تخفض الأسعار ما زالت ترتفع».
الأعلى للصحة يحتفظ لنفسه
بحق التدخل لضبط الأسعار
لكن المسؤولين في المجلس الأعلى للصحة، أكدوا في وقت سابق من هذا الشهر، أن تحرير سوق الأدوية لن يؤدي بالضرورة إلى ارتفاع أسعار الأدوية، وأن القانون الجديد يضمن للمجلس الأعلى للصحة التدخل إذا ما ارتأى أن أسعار الأدوية مبالغ فيها، موضحين أن تحرير أسعار الأدوية سيكون محل تجربة بعد تطبيقه، للوقوف على مدى نجاحه.
قوانين تصب في مصلحة المستهلك
ويختلف أحمد ناصر المرقب، مع من سبقه بقوله إن القانون الجديد «يصب في مصلحة المواطن»، مفسرا ذلك بأن السوق فتح أمام الجميع، والصيدليات تستطيع شراء الأدوية من أي وكيل تريده، بعد أن كان السوق محتكرا من قبل وكيل يوزع «على كيفه»، كما أن جميع الوكلاء الجدد سيكونون تحت رقابة المجلس الأعلى للصحة، وبالتالي أسعار الأدوية ستنخفض، والمستفيد في نهاية الأمر المواطن والمقيم، لأن المواطن كان «محتكرا» لا يأخذ العلاج الذي يريده بالسعر المناسب، لأن السوق كان يمشي على «حسب الوكيل والوكيل محتكر السوق»، أما الآن فقد أصبح السوق حرا، «ما تحصل دواء في هذه الصيدلية تحصل في غيرها، ما وجدت عند هذا الوكيل تجده عند ذاك» حسب تعبيره. ويشرح المرقب أن تحرير الأسعار تحت رقابة المجلس الأعلى للصحة، سيجعل السوق أفضل من السابق، مطالبا المجلس بتعزيز الرقابة على الجميع، لأنه «لا تحرير للأسعار بدون رقابة مشددة»، لكي يستطيع المواطن الحصول على دواء صلاحيته جيدة وغير منته وأسعاره مناسبة، على طريقة تسعيرة حماية المستهلك، فالمواد الغذائية مثلا في الجمعيات تحت رقابة حماية المستهلك والسوق حرة. وحتى لو وضع المجلس الأعلى للصحة في القانون الجديد حداً أقصى للأسعار، يوضح المرقب أن المنافسة هي التي ستخفض الأسعار، وتجعل المواطن «يأخذ حريته» في اختيار الدواء من أي صيدلية تناسبه، حتى لو «ما في تسعيرة» لكن يوجد منافسون، الذين يجب أن يقدموا خدمة أفضل للمواطن «ليكسبوا الزبائن والسمعة الطيبة».
إذن التعديلات الجديدة، تصب في مصلحة المستهلك، كما يقول المرقب، الذي يرى أن التجار سيستفيدون أيضا بدلا من «الاحتكار»، وبدل أن تشتري الصيدلية الأدوية من وكيل واحد وفق فائدة محددة، ولا تستطيع أن تبيع أكثر مما هو محدد، أو أن تستورد العلاجات التي تريدها إلا عن طريق الوكيل، والوكيل لا يعطيها إلا بالسعر الذي يريده، بدلاً من ذلك تستطيع الصيدلية الآن التوجه إلى أي وكيل آخر بعد أن فتح الباب أمام كل المستوردين.
الهدف من تحرير الأسعار
خلق بيئة تنافسية
كما تنوه مديرة إدارة الصيدلة والرقابة الدوائية بالمجلس الأعلى للصحة أن الهدف من تحرير أسعار الأدوية هو «خلق بيئة أكثر تنافساً، ينتج عنها انخفاض في الأسعار»، بما يعود بالفائدة على الأفراد في دولة قطر، مع ملاحظة أن الإدارة لها حق التدخل لضبط هذه الأسعار إذا رأت تجاوزا في الأسعار المطروحة. وتوضح الدكتورة الأنصاري أن إدارة الصيدلة والرقابة الدوائية «تقوم برغم ذلك بإرغام شركات الأدوية على تخفيض أسعارها»، فضلا عن أنها ترفض في كثير من الأحيان تسعير بعض الأدوية إذا وجدت أن السعر المقدم مبالغ فيه، أو أعلى مما هو مقدم في باقي الدول الخليجية الأخرى.