المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : صعود أسعار الذهب .. بداية مرحلة تاريخية وليس نهايتها



مغروور قطر
08-04-2006, 05:00 AM
صعود أسعار الذهب .. بداية مرحلة تاريخية وليس نهايتها

الخليجيات مصدر رئيسي لإنعاش سوق الذهب


08/04/2006 اكد مركز الخليج للابحاث ان الذهب استعاد بريقه مجددا بين الاصول بعد تدني اسعاره لمدة نحو عقدين حيث ارتفعت اسعاره بما يتجاوز الضعفين خلال اربع سنوات ما بين 2001و2004 من 250 دولارا الى اكثر من 500 دولار للاونصة الواحدة، مشيرا الى هذا الارتفاع يعتبر بداية لاسعار تاريخية سيصل اليها المعدن الاصفر.
وعزا التقرير الذي اعده المركز تحت عنوان 'الذهب واقتصادات الخليج' هذا الارتفاع الى السيطرة على والعجز المزدوج في الموازنة الاميركية، وتراجع الدين التراكمي بالدولار، مشيرا في هذا الصدد الى ان السوق تتوقع ان تأتي في مرحلة ينفد فيها الذهب لديها.. وجاء في التقرير:
منذ ما يزيد على سنتين، نشر مركز الخليج للابحاث دراسة تحت عنوان 'دور الذهب في العملة الموحدة لدول المجلس'. وعقد كذلك حلقة نقاش مع فرديناند ليبس، احد اكثر خبراء الذهب شهرة في العالم، والذي وافته المنية بعد ذلك بفترة قصيرة.
توقع ليبس في ذلك الوقت ارتفاعا كبيرا في اسعار الذهب ودعا دول المجلس الى تنويع احتياطاتهم النقدية والاعتماد اكثر على الذهاب بدلا من الاوراق النقدية مثل الدولار الاميركي واليورو. ان الحقائق القائمة على ارض الواقع الآن تؤكد صحة تلك التوقعات ودقتها.
بريق الذهب يعود
الحقيقية التي لا مجال للتشكك فيها هي ان الذهب يستعيد الان بريقه بين الأصول. فبعد ان ظلت اسعار الذهب متدنية في سوق المضاربات لمدة استمرت عقدين من الزمن، وهبوط اسعاره في عام 2001 الى مستوى 250 دولارا اميركيا للاونصة الواحدة، ازداد سعره الدولاري اكثر من الضعفين خلال اربع سنوات فقط، اذ يتجاوز الان 500 دولار اميركي للاونصة. ومعلوم ان نساء الهند ومنطقة الشرق الاوسط يعتبرن العنصر الاكثر اهمية في سوق الذهب العالمية، وقد تفوقت اولئك النساء على صناديق التحوط المعقدة والمتطورة في سوق المال في (وول ستريت)، وذلك بفضل الاستراتيجية الاساسية التي يتبعنها، وهي (الشراء والاحتفاظ)، كما ان اداء بورصة الذهب كانت اكثر اثارة للدهشة ايضا، حيث ارتفع مؤشر 'هوي' في بورصة خامات الذهب من 35 الى اكثر من 300 في الفترة ذاتها.
وتكمن اسباب قوية وراء هذا الارتفاع الكبير في سعر الذهب، فقد خرج العجز المزدوج في ميزانية الولايات المتحدة الاميركية من عقاله، واصبح خارج السيطرة، كما ان الدين التراكمي بالدولار الاميركي اصبح اكبر بكثير من ان يكون قابلا للسداد بالمقارنة مع القاعدة الاقتصادية لهذا الدين، وربما سيتم التخلف عن سداد هذا الدين او ان الامر الاكثر ترجيحا هو ان يتضخم ويبلغ حدا يجعل من تسديده عملية لا تقدم ولا تؤخر. وكان بن بيرنانك خليفة آلان غرينسبان محافظ البنك الاحتياطي الفدرالي الاميركي السابق واضحا جدا عندما قال انه يفضل تشغيل 'المطبعة الالكترونية' وامطار الشعب الاميركي بالاموال بطائرات الهليكوبتر من اجل منع وقوع صدمة نقص في السيولة. يضاف الى ذلك ان السوق اصبحت اكثر ادراكا لضخامة العجز في سوق الذهب. ويقول فرانك فينيروسو في دراسة له في عام 2001 ان انتاج مناجم الذهب يكاد لا يصل الى نصف الطلب العالمي السنوي، وان الكميات التي يتم انتاجها تتناقص ايضا. وبعيدا عن المعروضات من الزوائد او 'الكسر' كما يسميه صاغة وتجار الذهب، فإن القسم الاكبر من عمليات سد الفجوات بين العرض والطلب يأتي من البنوك المركزية التي تبيع وتؤجر الذهب في الاسواق. وتنطوي عمليات التأجير بشكل خاص على خدعة، وتتطلب مهارة عالية في التعامل، وكانت السبب وراء قيام حالة هائلة من التعاملات قصيرة الاجل في سوق الذهب. ومعروف ان البنوك المركزية الغربية هي التي تؤجر اساسا الذهب للبنوك التجارية التي تبيعه بدورها في الاسواق، وتحصل البنوك المركزية على نسبة من قيمة الاجرة، بينما تستثمر البنوك التجارية الاموال التي تحصل عليها في مجالات مجزية كالسندات مثلا. ويمكن ان يكون الجميع سعداء بهذه العملية، لكن هناك مشكلة، فالذهب لا يزال يعتبر جزءا من الموجودات والاصول في دفاتر المصارف المركزية ودفاتر البنوك التجارية او 'صناديق التحوط' فيها، بينما يكون الذهب الفعلي قد غادر الاقبية والسراديب منذ زمن بعيد، واستقر حول اعناق النساء في ارجاء العالم، اللواتي يعتبرن 'الغاية النهائية' لسوق الذهب من دون ان يعرفن هذه الحقيقة. ومن الامور التي لا يمكن تصديقها القول ان 'العقود العاجلة' يمكن ان تتم تغطيتها من خلال الاسعار الحالية. ويبدو ان السوق تتوقع ان تأتي مرحلة تصبح البنوك المركزية فيها غير قادرة على تغطية 'الفجوة' في العرض او ينفد ما لديها من ذهب، او الا تكون راغبة في بيع احد اهم الموجودات والاصول المتوافرة لديها.
لا تزال مجرد بداية
والمؤشرات الاولى على السير في هذه الاتجاهات بادية بالفعل منذ الآن: فهناك عدد كبير من البنوك المركزية مثل البنك المركزي الروسي والصيني والارجنتيني التي تعتبر عمليا من الجهات المشترية للذهب، وذلك بهدف تنويع احتياطياتها من العملات، كما ان البنوك المركزية الغربية تبدو مترددة في القيام بالمزيد من عمليات البيع (ألمانيا مثال على ذلك)، او انها باعت او قامت بتأجير معظم ما لديها من الذهب (مثال على ذلك المصرفان المركزيان الانكليزي والبرتغالي).
ولذلك، فإنه الى جانب المخاوف من التضخم وضعف احوال الدولار الاميركي، فإن هناك عاملا رئىسيا ثالثا في مسيرة اسعار الذهب خلال السنوات القليلة الماضية، وهو العقود قصيرة الاجل، وتمتلك هذه العوامل الاساسية من القوة ما يجعل المرء يفترض اننا لا نزال امام بداية اسعار تاريخية فريدة، ولسنا امام خاتمتها. والحقيقة هي ان الطفرة في اسعار النفط والسلع، التي ترافق اسعار الذهب والتطورات السياسية غير المستقرة تذكر بالسباق الذي خاضته اسعار الذهب في عقد سبعينات القرن الماضي، عندما قفز السعر من 35 دولارا اميركيا الى 850 دولارا.
حد أدنى للاحتياطيات
ويشترط البنك المركزي الاوروبي على الدول الاعضاء معدلا ادنى لاحتياطيات الذهب هي 15 في المائة. كما ان اعلان روسيا اخيرا عن ازدياد احتياطيها من الذهب من 5 في المائة الى 10 في المائة يعتبر بمثابة سياسة استرشادية مفيدة لدول الخليج، لكن ثقة هذه الدول بالدولار الاميركي تبدو حتى الآن وكأنها لا تتزعزع، بالاضافة الى ذلك، فإن الدول المصدرة للنفط الاعضاء في منظمة 'اوبك' زادت مرة اخرى في عام 2005 موجوداتها من الدولار الاميركي من 61 في المائة الى 69 في المائة، كما ان الكميات الهائلة من مبيعات الخزينة الاميركية خارج لندن نسبت الى مستثمرين عرب، وتتناقض هذه المواقف بصورة مذهلة مع موقفي اليابان والصين اللتين تخلتا جزئيا عن برامج دعم الدولار، حيث ابقتا على استقرار موجودات خزينتيهما واحجمتا عن شراء الدولار بالكميات التي تعودتا على القيام بها في السابق.
دبي مركز للذهب
ويتجلى اهتمام المستثمرين الخليجيين في الصعود المثير للإعجاب لدبي كمدينة رئىسية عالمية في تجارة الذهب، فقد استوردت دبي في عام 2005 نحو 530 طنا من الذهب تزيد على 10 في المائة من الطلب العالمي. ويمكن القول ان مدينة دبي مرشحة مع انشاء بورصة دبي للذهب لكي تصبح مركزا دوليا رئيسيا لتجارة المعدن الاصفر، وتستفيد دبي من كونها تمثل نافذة ملائمة من حيث التوقيت بين قارتي آسيا واوروبا، كما ان بورصة دبي للذهب ستكون البورصة الوحيدة في العالم التي تتيح القيام بتداولات يومي السبت والاحد، وهو ما يرجح ازدياد عدد المستثمرين الذين ستجذبهم دبي الى بورصتها بفضل خدمات شبكة الانترنت. ومن المزايا التي ستتمتع بها دبي انها لن تحصر اعمالها في عقود تجارة عقود الخيارات الآجلة والمفتوحة مثلما هي حال طوكيو ونيويورك، بل ستدعم مركزها من خلال الاتجار الحيوي بالذهب الفعلي. وهي خطوة تزداد اهمية، لأن الثقة بالعقود الآجلة يمكن ان تخبو في ظل المتاعب التي تتعرض لها العقود العاجلة، وربما يتذكر البعض في هذا السياق ما حدث في عام 1980 عندما تخلت تعاقدات 'كوميكس' في نيويورك عن التسليم الفعلي في عقود الفضة، عندما ارتفع سعرها الى خمسين دولارا اميركيا في غمرة توقعات 'الاخوان هانت' مؤسسة متخصصة في المضاربة على المعادن.
لكن دبي لا تستطيع الاعتماد الى الابد على البنوك المركزية الغربية من اجل سد الفجوة في العرض، وسيأتي وقت تكون فيه شركات المناجم هي المصدر الوحيد لتوفير العرض من الذهب.
وعلى دبي والمنطقة عموما ان تفعل مثلما يفعل صاحب محطة الوقود الذي يعنيه بالطبع ان يعرف احوال المنطقة التي يأتيه منها النفط الذي يبيعه، فعليها ان تقيم شبكات علاقات انتاجية استثمارية في قطاع الذهب لتأمين العرض المستقبلي من هذا المعدن في بقعة تزداد ازدهارا في مجال تجارة الذهب.


البنوك المركزية الخليجية لم تستعد لطفرة الأسعار
قال التقرير انه فيما استعد الافراد في منطقة الخليج والذين يعتبرون المشتري الثاني للذهب على الصعيد العالمي بعد الهند، لهذه الطفرة المتوقعة في اسعار الذهب، لكن البنوك المركزية في منطقة الخليج لم تظهر القدر ذاته من بعد النظر حتى الآن، فاحتياطيات هذه البنوك من الذهب متدنية جدا في المستويين المطلق والنسبي، وقد باعت بنوك أربع دول خليجية، هي دولة الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان ودولة قطر ومملكة البحرين كل ما لديها تقريبا من الذهب، بينما قام البنك المركزي الكويتي بتأجير احتياطيه كله من الذهب في ظل احتمالات صعبة بإمكان استعادته اذا تخلفت الأطراف الثلاثة عن السداد، وتثير هذه الخطوات من جانب البنوك المركزية الخليجية الكثير من الدهشة والاستغراب، لان الذهب يمثل اداة تحوطية ممتازة في مواجهة التضخم وضعف الدولار الأميركي، وبإمكانه ان يخفف بالفعل من اخطار التغيرات السريعة الكامنة في بيع سلعة النفط النفسية بايصالات دولارية ورقية تتآكل قيمتها.