شمعة الحب
08-04-2006, 10:58 AM
تجربة التجزئة في الأسواق المالية العالمية
د. عبد الرحمن محمد البراك - أستاذ العلوم المالية المساعد – جامعة الملك فيصل - - 10/03/1427هـ
تجربة التجزئة في الأسواق المالية العالمية
لا تعتبر ظاهرة التجزئة من الظواهر الجديدة على الأسواق المالية. تبعات قرار التجزئة حظيت باهتمام كبير من المراقبين والباحثين. فالتجزئة في حد ذاتها عملية محاسبية صرفة وليس لها تأثير في المركز المالي للشركة لا من قريب ولا من بعيد. فقرار التجزئة يتم عن طريق خفض القيمة الاسمية للسهم مما يزيد عدد الأسهم الصادرة لكن سيخفّض وبالدرجة نفسها نصيب السهم من الربح ومن إجمالي حقوق المساهمين. ومع أن قرار التجزئة لا يؤثر إطلاقاً في هيكل الشركة المالي ووضعها إلا أن لهذا القرار تأثيره الإيجابي الوقتي فقط في سعر السهم السوقي.
حاول العديد من الباحثين منذ عام 1969 (عندما قام ولأول مرة فاما، فشر، جنسون، ورول بنشر بحث في مجلة الاقتصاد العالمي تناول تأثير قرار التجزئة) في إيجاد تفسيرات علمية ومنطقية للتفاعل الإيجابي الوقتي للسوق مع هذا القرار. وبالفعل استطاع الباحثون، وعلى مدار 40 عاما تقريباً، على إيجاد عدة تفسيرات أو فرضيات رئيسة تحاول شرح العلاقة بين قرار التجزئة والتفاعل الايجابي الوقتي أهمها:
أولا: فرضية المستثمر غير العقلاني Irrational Investor hypothesis. تعزو هذه الفرضية ارتفاع السهم الوقتي عند إعلان التجزئة، إلى قلة الوعي الاستثماري للمتعاملين حيث يفشل المستثمرون البسطاء Unsophisticated Investors في فهم عملية التجزئة بشكل دقيق. لذلك يقوم هذا النوع من المستثمرين بالتدافع لشراء السهم عند الإعلان عن التجزئة مما يدفع الأسعار إلى الأعلى اعتقادا منهم أن هذا القرار سيضاعف القيمة السوقية للشركة عدة مرات أو سيزيد التدفقات النقدية المستقبلية للسهم! وبالطبع وبعد فترة ليست بالطويلة يكتشف المتعاملون أن هناك مبالغة في أسعار الأسهم المجزئة لأن المركز المالي للشركة وربحية السهم لم يتأثرا إيجاباً بهذا القرار مما يدفعهم إلى البيع وبالتالي تتراجع الأسعار لأوضاعها الطبيعية.
ثانيا: فرضية تحرّك السيولة The liquidity-improvement hypothesis. تفسر هذه الفرضية التفاعل الايجابي المرحلي بأن الأسهم ذات القيمة السوقية المنخفضة تجتذب عددا كبيرا من المستثمرين مما يؤدي إلى زيادة السيولة في السهم، وكذلك حجم التداول فيه. هذه الزيادة في السيولة وحجم التداول سيقلصان هامش العرض والطلب وبالتالي يخفضان تكلفة رأس المال المستثمر.
ثالثا: فرضية الإشارة signaling hypothesis. ترجع هذه الفرضية السبب في ارتفاع السهم عند الإعلان عن التجزئة إلى أن المستثمرين يعتقدون بأن الشركة تتخذ هذا القرار لكي توحي لهم بأن التدفقات النقدية المستقبلية للسهم ستكون أفضل بكثير من الحالية. لكن وبعد فترة، وعند توافر معلومات أكثر، يكتشف المتعاملون في السوق أن ربحية السهم لم تتغير مما يدفع بالأسعار إلى الأسفل من جديد.
صحيح أن الباحثين والمراقبين اختلفوا في إيجاد تفسير واحد واضح ودقيق لارتفاع سعر السهم السوقي عند الإعلان عن التجزئة، لكن اتفقت غالبة الأبحاث والنتائج والتي عملت على الكثير من الأسواق المالية العالمية، كالألمانية واليونانية والإسبانية والأمريكية، على أن التأثير الإيجابي لهذا القرار في الأسعار يمتد لفترة بسيطة فقط، ومن ثم تعود الأسعار لوضعها الطبيعي بمجرد إدراك المتعاملين، خاصة البسطاء منهم، أن هذا القرار لن يغير التدفقات النقدية المستقبلية للسهم. وأختتم المقال بتجربة التجزئة في سوق قبرص للأوراق المالية. ففي عام 1999 بدأت الخمس وسبعون شركة مساهمة في سوق قبرص بتجزئة أسهمها. كانت السوق في 1-1-1999 تقف عن 97 نقطة ثم بدأت بالارتفاع لتصل في 1-12-1999 إلى 852 نقطة. ومن ثم بدأت بالتراجع لتستقر في 30-9-2001 عند 103 نقاط!! أتمنى أن تكون لنا في الأسواق المالية الأخرى عبرة.
الدكتور عبد الرحمن بن محمد البراك
أستاذ العلوم المالية المساعد-جامعة الملك فيصل
http://www.BARRAK.com
د. عبد الرحمن محمد البراك - أستاذ العلوم المالية المساعد – جامعة الملك فيصل - - 10/03/1427هـ
تجربة التجزئة في الأسواق المالية العالمية
لا تعتبر ظاهرة التجزئة من الظواهر الجديدة على الأسواق المالية. تبعات قرار التجزئة حظيت باهتمام كبير من المراقبين والباحثين. فالتجزئة في حد ذاتها عملية محاسبية صرفة وليس لها تأثير في المركز المالي للشركة لا من قريب ولا من بعيد. فقرار التجزئة يتم عن طريق خفض القيمة الاسمية للسهم مما يزيد عدد الأسهم الصادرة لكن سيخفّض وبالدرجة نفسها نصيب السهم من الربح ومن إجمالي حقوق المساهمين. ومع أن قرار التجزئة لا يؤثر إطلاقاً في هيكل الشركة المالي ووضعها إلا أن لهذا القرار تأثيره الإيجابي الوقتي فقط في سعر السهم السوقي.
حاول العديد من الباحثين منذ عام 1969 (عندما قام ولأول مرة فاما، فشر، جنسون، ورول بنشر بحث في مجلة الاقتصاد العالمي تناول تأثير قرار التجزئة) في إيجاد تفسيرات علمية ومنطقية للتفاعل الإيجابي الوقتي للسوق مع هذا القرار. وبالفعل استطاع الباحثون، وعلى مدار 40 عاما تقريباً، على إيجاد عدة تفسيرات أو فرضيات رئيسة تحاول شرح العلاقة بين قرار التجزئة والتفاعل الايجابي الوقتي أهمها:
أولا: فرضية المستثمر غير العقلاني Irrational Investor hypothesis. تعزو هذه الفرضية ارتفاع السهم الوقتي عند إعلان التجزئة، إلى قلة الوعي الاستثماري للمتعاملين حيث يفشل المستثمرون البسطاء Unsophisticated Investors في فهم عملية التجزئة بشكل دقيق. لذلك يقوم هذا النوع من المستثمرين بالتدافع لشراء السهم عند الإعلان عن التجزئة مما يدفع الأسعار إلى الأعلى اعتقادا منهم أن هذا القرار سيضاعف القيمة السوقية للشركة عدة مرات أو سيزيد التدفقات النقدية المستقبلية للسهم! وبالطبع وبعد فترة ليست بالطويلة يكتشف المتعاملون أن هناك مبالغة في أسعار الأسهم المجزئة لأن المركز المالي للشركة وربحية السهم لم يتأثرا إيجاباً بهذا القرار مما يدفعهم إلى البيع وبالتالي تتراجع الأسعار لأوضاعها الطبيعية.
ثانيا: فرضية تحرّك السيولة The liquidity-improvement hypothesis. تفسر هذه الفرضية التفاعل الايجابي المرحلي بأن الأسهم ذات القيمة السوقية المنخفضة تجتذب عددا كبيرا من المستثمرين مما يؤدي إلى زيادة السيولة في السهم، وكذلك حجم التداول فيه. هذه الزيادة في السيولة وحجم التداول سيقلصان هامش العرض والطلب وبالتالي يخفضان تكلفة رأس المال المستثمر.
ثالثا: فرضية الإشارة signaling hypothesis. ترجع هذه الفرضية السبب في ارتفاع السهم عند الإعلان عن التجزئة إلى أن المستثمرين يعتقدون بأن الشركة تتخذ هذا القرار لكي توحي لهم بأن التدفقات النقدية المستقبلية للسهم ستكون أفضل بكثير من الحالية. لكن وبعد فترة، وعند توافر معلومات أكثر، يكتشف المتعاملون في السوق أن ربحية السهم لم تتغير مما يدفع بالأسعار إلى الأسفل من جديد.
صحيح أن الباحثين والمراقبين اختلفوا في إيجاد تفسير واحد واضح ودقيق لارتفاع سعر السهم السوقي عند الإعلان عن التجزئة، لكن اتفقت غالبة الأبحاث والنتائج والتي عملت على الكثير من الأسواق المالية العالمية، كالألمانية واليونانية والإسبانية والأمريكية، على أن التأثير الإيجابي لهذا القرار في الأسعار يمتد لفترة بسيطة فقط، ومن ثم تعود الأسعار لوضعها الطبيعي بمجرد إدراك المتعاملين، خاصة البسطاء منهم، أن هذا القرار لن يغير التدفقات النقدية المستقبلية للسهم. وأختتم المقال بتجربة التجزئة في سوق قبرص للأوراق المالية. ففي عام 1999 بدأت الخمس وسبعون شركة مساهمة في سوق قبرص بتجزئة أسهمها. كانت السوق في 1-1-1999 تقف عن 97 نقطة ثم بدأت بالارتفاع لتصل في 1-12-1999 إلى 852 نقطة. ومن ثم بدأت بالتراجع لتستقر في 30-9-2001 عند 103 نقاط!! أتمنى أن تكون لنا في الأسواق المالية الأخرى عبرة.
الدكتور عبد الرحمن بن محمد البراك
أستاذ العلوم المالية المساعد-جامعة الملك فيصل
http://www.BARRAK.com