المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نعم المال الصالح للعبد الصالح



امـ حمد
05-12-2010, 01:35 AM
نعم المال الصالح للرجل الصالح

سم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أن المال زينة الحياة الدنيا وأن الإسلام لا يمنع طلبه عن طريق طيبه وحله، بل إنه يحرض على كسبه، لتقضى به الحقوق، وتصان الحرمات,وما أسعد المسلم، حين يعمل ويتصبب عرقه، ويكسب الكسب الحلال الطيب، وتستقيم يده، وهي تنفق من هذا الكسب الكريم، ويدخر لنفسه، ما يحتاج إليه في غده. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لسعد بن أبي وقاص(إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير لك من أن تذرهم عالة يتكففون الناس)وقال عليه الصلاة والسلام(كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت)إن الإسلام لا يعرف المؤمن إلا كادحاّ عاملاّ، مؤدياّ دروه في الحياة،قال تعالى (وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا )وقد رأى الفاروق رضي الله عنه قوماّ قابعين في ركن المسجد بعد صلاة الجمعة، فسألهم من أنتم, قالوا, نحن المتوكلون على الله، فعلاهم عمر ونهرهم وقال, لا يقعدن أحدكم عن طلب الرزق، ويقول اللهم ارزقني، وقد علم أن السماء لا تمطر ذهباّ ولا فضة، وإن الله يقول (فَإِذَا قُضِيَتِ ٱلصَّلَوٰةُ فَٱنتَشِرُواْ فِى ٱلأَرْضِ وَٱبْتَغُواْ مِن فَضْلِ ٱللَّهِ)وإن الفاروق رضي الله عنه، يشكو من متوكلين لا يعملون، ففي حياتنا المعاصرة نشكو من الأمرين معا، من متوكلين لا يعملون، ومن عاملين لا يتوكلون,قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله، لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصاّ وتروح بطانا)وهذا الحديث أخطأ القَعَدَة في فهمه، فإن الطيور لم يأتها رزقها رغداّ إلى أوكارها، وهي قابعة في أعشاشها، وإنما غدت في الصباح سعياّ في طلبه، فراحت في المساء وقد شبعت من رزق الله تعالى وفضله,إن من المتحتم عقلاّ أنه لا يدعو المسلمين إلى المسكنة والافتقار والاتكال في القوت على الغير، أو يصف الإسلام بالحض على ذلك إلا أحد اثنين؛ إما جاهل بالدين الحنيف يحسبه رهبانية مبتدعة، وإما مخادع ماكر له في تلك الدعوة مآرب خبيثة، فهو مطعون النصيحة، خبيث الغاية، كيف لا، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول(تعوذوا بالله من الفقر والقلة، والذلة) ويقول(اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر) والعاقل من الناس من يسعى لكسب ماله وحفظ ما معه، لينجو من مداراة غني ظالم، أو مداهنة بطر جاهل. وقد تعرض نوائب, كالمرض يحتاج فيها إلى شيء من المال فلا يجد الإنسان ، فيبذل عرضه أو دينه,إن الإسلام، يريد من أهله أن يكونوا أغنياء أقوياء، لا مهازيل ضعفاء، أغنياء بمالهم ليكون سياجاّ للدين، ومدداّ لتسليحه وحمايته، فإن الأمم تنتصر بعد توفيق الله، بالمال والبنين,ولذلك كان الإسلام شديد الحض على أن ينطلق المؤمنون في المشارق والمغارب يكسبون رزقهم ويطلبون من فضل الله، في فجاجه العميقة، هنا وهناك، أو المخبوءة تحت طباق الثرى, ولقد قال المصطفى صلى الله عليه وسلم(اليد العليا خير من اليد السفلى)واليد العليا هي المعطية، فالعجب ، من قوم يقولون هي الآخذة، وهؤلاء القوم إلا قوماّ استطابوا السؤال، فهم يحتجون للدناءة، فأما الشرائع فإنها بريئة من حالهم,لما فقد المال الصالح من يد الرجل الصالح، بليت المجتمعات ,إلا من رحم الله ,بطائفتين منحرفتين,هي, طائفة الأثرياء المترفين، الذين ضعف عند بعضهم الخلق والدين، واستخفوا بقواعد الإيمان ومبادئ الإسلام، يأكلون كما تأكل الأنعام ويشربون شرب الهيم، دون أن يؤدوا واجباّ لدينهم أو مجتمعهم،وإذا عظموا الدينار والدرهم فإنما عظموا النفاق والطمع والكذب، إذ إن حرصهم فوق بصيرتهم، دينهم في مقاييس البشر، لكنهم مع ذلك لا يجدون في المال معنى الغنى، وطائفة المفلسين ,القعدة الذين استمروا على الكسل والبطالة والتشرد، دون مال يملكونه، أو عمل يؤدونه، ومع ذلك يطلقون لأنفسهم العنان في مباءات من الانحلال والمعاصي، فيجمعون بين السوءتين؛ ضلال وإفلاس قبيحين, إن الذين يكسلون ولا يربحون ثم يتسولون أو يحتالون باسم التكسب أو العيش، ليسوا على سواء الطريق، والذين يحبون المال حباّ جما، حتى يعميهم عن دينهم وأخلاقهم وخلواتهم القلبية والروحية، ليسوا على سواء الطريق أيضا،وخير الأمور الوسط، والوسط ما قاله رسول الهدى صلى الله عليه وسلم(نعم المال الصالح للرجل الصالح)فرحم الله عبداّ كسب فتطهر، واقتصد فاعتدل، وذكر ربه ولم ينس نصيبه من الدنيا. ويا خيبة من طغى ماله عليه، وأضاع دينه وكرامته,ولا يليق بالرجل القادر، أن يرضى لنفسه، أن يكون حِمْلاً على كاهل المجتمع، ثقيلا ، وأن يقعد فارغاّ من غير شغل، أو أن يشتغل بما لا يعنيه، إن هذا لمن سفه الرأي، وسذاجة العقل، والجهل بآداب الإسلام، قال عمر رضي الله عنه(إني أرى الرجل فيعجبني شكله، فإذا سألت عنه فقيل لي, لا عمل له، سقط من عيني)إن العمل، مهما كان حقيراّ فهو خير من البطالة، وخير من سؤال أحد من ذوي المال؛ إن أعطاه فقد حمل ثقل المنة مع ذُلّ السؤال، وإن منعه فقد باء بذل الخيبة مع ذل السؤال. والعز بلا سؤال، ألذ من كل لذة بسؤال، والخروج عن ربقة المنن ولو بسف التراب أفضل، وإن نفس الحر لتحتمل الظمأ,



أعاذنا الله وإياكم من حال أهل النار.