مقطع حق
15-12-2010, 09:40 AM
قطريات
((( أخت إرجال )))
بقلم : محمد بن عبدالرحمن آل ثاني
جريدة الراية
قابلتها صدفة في الحرم المكي وحكت لها قصة حياتها، حيث قالت: كنت صغيرة عندما تزوجت لم أدرك من أمور الدنيا الشيء الكثير، وبعد اسابيع قليلة من زواجي، بدأ العمل الدؤوب والشاق، حيث كنت اعمل في منزل عائلة زوجي من الصباح الى المساء، كان زوجي رجلا على قدر حاله، ودخله محدود ولم نحلم يوما في الفرش الوثيرة، والبيت الواسع، والخدم والحشم، وكان كل نساء البيت يعملن من الصباح الباكر، وكنت اطبخ الولائم بنفسي لضيوف زوجي والترتيبات والتحضيرات المسبقة لها وما بعدها، اعمال شاقة، كنت اوي الى فراشي متعبة منهكة.
كان هذا حالي الى ان زرقني الله بالأولاد، وزاد العمل معهم واسمتر حالي قرابة 30 سنة، الى ان عوضني الله بأبنائي، فمنهم المهندس، والطبيب، والمدرسة، تسرد قصتها وهي تفتخر بهذا التاريخ وهذا الانجاز.
وأكملت تقول: أبنائي بارون بي، وزوجاتهم وأزواجهن كأنهم بناتي وأبنائي ويعاملونني كوالدتهم ويخدمونني. والان نحن نعيش في مستوى مادي مرتفع وعيش كريم. وانتقلنا الى بيت كبير، في احدى المدن الكبيرة، التي يحلم بها الجميع حيث عمل أبنائي. واردفت قائلة: عرفت بعد ذلك ان الله لا يضيع اجر من احسن عملا.
فانا حججت عدة مرات واعتمرت مثلها، تقول: الان يحيط بي ابنائي وزوجاتهم واحفادي، والكل في خدمتي ويطلب رضاي. هذي السيدة المكافحة وصلت الى ذلك وهي في بداية عقدها الخامس، وما زالت في نضارة الشباب والحيوية، ليست عجوزا خرفة.
يحق لها ان تفتخر بهذا التاريخ وهذا الانجاز، حيث خرجت جيلا صالحا يخدم نفسه ووطنه. ام نقول انها كانت تطبخ وتحضر الكبسة وتغسل الملابس. لغة يستخدمها البعض في التقليل من عمل المرأة المنزلي، على الرغم ان هذه اللغة لاتستخدم مع من تعمل نفس هذه الأعمال عند الاخرين! بل يقال امرأة عاملة مكافحة. والفرق كبير بينهما تلك في نهاية المشوار تصبح ملكة متوجة وتجد من يقدر عملها، اما الأخرى في نهاية عملها، تعطى مكافأة نهاية الخدمة.
وفي المقابل طبيبة اطفال - لم تتزوج - من نفس دولة هذه السيدة، شهاداتها معلقة على جدران العيادة الخاصة بها وشهادات التكريم والجوائز. تقول لاحدى المراجعات مع طفلها اتنازل عن كل شهاداتي مقابل طفل واحد يناديني: ماما تقول لا أشعر بإنسانيتي الا وانا في العيادة عندما ارى الأطفال يأتون الي بمصاحبة أمهاتهم، وعندما اذهب الى المنزل وتضمني جدران غرفتي اشعر بالبرودة وطول الليل، وثقله يجثم على صدري. كنت اتمنى اكون المراجعة وليس الطبيبة.
نموذج هذه السيدة موجود في كثير من المجتمعات العربية والاسلامية والمجتمع القطري من ضمنها. هناك من تحملت اغلب مسؤوليات البيت عندما يغيب الزوج فترات طويلة او بسبب انشغالاته، او وفاته، حيث تجدها تقوم بأعمال ثقيلة ومرهقة، ومنهن من تقوم بأعمال عدة رجال لذا عندما توجد هذه المرأة لا تجد لها مكانة كبيرة وسط أهلها، والتقدير والاحترام بل تجد لها الكثير من الرأي في محيطها اذا صادف رجاحة عقل.
فالعبرة بما يثمر عنه العمل، وليس بمسمياته والقابه. حتى انك تجد في ثقافتنا عبارة (أخت إرجال) لمن اشتهرت برجاحة العقل أو أظهرت قوة صبر وتحمل او برزت منها مواقف شجاعة في مواقف الحياة اليومية.
وبحسب قيمنا وثقافتنا لا تعير المرأة بعمل المنزل بل العكس يرتفع قدرها ومكانتها اذا احسنت فيه، بل من هذا الموقع قد يكون لها الرئاسة الفعلية في احيان كثيرة، في انتخاب طبيعي حر لا إكراه فيه. فالمنزل هو كلمة السر اذا اصبحت ملكة فيه وفق الانتخاب الطبيعي فمن السهل بعد ذلك ان يمتد اثرها الى سائر المجتمع وفق نسيجه الاجتماعي.
اختصار الكلام:
في اللحظات المصيرية تستطيع المرأة أن تهزم دولة
((( أخت إرجال )))
بقلم : محمد بن عبدالرحمن آل ثاني
جريدة الراية
قابلتها صدفة في الحرم المكي وحكت لها قصة حياتها، حيث قالت: كنت صغيرة عندما تزوجت لم أدرك من أمور الدنيا الشيء الكثير، وبعد اسابيع قليلة من زواجي، بدأ العمل الدؤوب والشاق، حيث كنت اعمل في منزل عائلة زوجي من الصباح الى المساء، كان زوجي رجلا على قدر حاله، ودخله محدود ولم نحلم يوما في الفرش الوثيرة، والبيت الواسع، والخدم والحشم، وكان كل نساء البيت يعملن من الصباح الباكر، وكنت اطبخ الولائم بنفسي لضيوف زوجي والترتيبات والتحضيرات المسبقة لها وما بعدها، اعمال شاقة، كنت اوي الى فراشي متعبة منهكة.
كان هذا حالي الى ان زرقني الله بالأولاد، وزاد العمل معهم واسمتر حالي قرابة 30 سنة، الى ان عوضني الله بأبنائي، فمنهم المهندس، والطبيب، والمدرسة، تسرد قصتها وهي تفتخر بهذا التاريخ وهذا الانجاز.
وأكملت تقول: أبنائي بارون بي، وزوجاتهم وأزواجهن كأنهم بناتي وأبنائي ويعاملونني كوالدتهم ويخدمونني. والان نحن نعيش في مستوى مادي مرتفع وعيش كريم. وانتقلنا الى بيت كبير، في احدى المدن الكبيرة، التي يحلم بها الجميع حيث عمل أبنائي. واردفت قائلة: عرفت بعد ذلك ان الله لا يضيع اجر من احسن عملا.
فانا حججت عدة مرات واعتمرت مثلها، تقول: الان يحيط بي ابنائي وزوجاتهم واحفادي، والكل في خدمتي ويطلب رضاي. هذي السيدة المكافحة وصلت الى ذلك وهي في بداية عقدها الخامس، وما زالت في نضارة الشباب والحيوية، ليست عجوزا خرفة.
يحق لها ان تفتخر بهذا التاريخ وهذا الانجاز، حيث خرجت جيلا صالحا يخدم نفسه ووطنه. ام نقول انها كانت تطبخ وتحضر الكبسة وتغسل الملابس. لغة يستخدمها البعض في التقليل من عمل المرأة المنزلي، على الرغم ان هذه اللغة لاتستخدم مع من تعمل نفس هذه الأعمال عند الاخرين! بل يقال امرأة عاملة مكافحة. والفرق كبير بينهما تلك في نهاية المشوار تصبح ملكة متوجة وتجد من يقدر عملها، اما الأخرى في نهاية عملها، تعطى مكافأة نهاية الخدمة.
وفي المقابل طبيبة اطفال - لم تتزوج - من نفس دولة هذه السيدة، شهاداتها معلقة على جدران العيادة الخاصة بها وشهادات التكريم والجوائز. تقول لاحدى المراجعات مع طفلها اتنازل عن كل شهاداتي مقابل طفل واحد يناديني: ماما تقول لا أشعر بإنسانيتي الا وانا في العيادة عندما ارى الأطفال يأتون الي بمصاحبة أمهاتهم، وعندما اذهب الى المنزل وتضمني جدران غرفتي اشعر بالبرودة وطول الليل، وثقله يجثم على صدري. كنت اتمنى اكون المراجعة وليس الطبيبة.
نموذج هذه السيدة موجود في كثير من المجتمعات العربية والاسلامية والمجتمع القطري من ضمنها. هناك من تحملت اغلب مسؤوليات البيت عندما يغيب الزوج فترات طويلة او بسبب انشغالاته، او وفاته، حيث تجدها تقوم بأعمال ثقيلة ومرهقة، ومنهن من تقوم بأعمال عدة رجال لذا عندما توجد هذه المرأة لا تجد لها مكانة كبيرة وسط أهلها، والتقدير والاحترام بل تجد لها الكثير من الرأي في محيطها اذا صادف رجاحة عقل.
فالعبرة بما يثمر عنه العمل، وليس بمسمياته والقابه. حتى انك تجد في ثقافتنا عبارة (أخت إرجال) لمن اشتهرت برجاحة العقل أو أظهرت قوة صبر وتحمل او برزت منها مواقف شجاعة في مواقف الحياة اليومية.
وبحسب قيمنا وثقافتنا لا تعير المرأة بعمل المنزل بل العكس يرتفع قدرها ومكانتها اذا احسنت فيه، بل من هذا الموقع قد يكون لها الرئاسة الفعلية في احيان كثيرة، في انتخاب طبيعي حر لا إكراه فيه. فالمنزل هو كلمة السر اذا اصبحت ملكة فيه وفق الانتخاب الطبيعي فمن السهل بعد ذلك ان يمتد اثرها الى سائر المجتمع وفق نسيجه الاجتماعي.
اختصار الكلام:
في اللحظات المصيرية تستطيع المرأة أن تهزم دولة