اسعاف
21-12-2010, 07:37 AM
أمي والقدم السكري.. (تجربة من الحياة)
أحمد شهيب
العلاقة بيني وبين أمي لها مذاقها الخاص؛ فهي بالنسبة لي الماء والهواء والحياة، وكان من الغريب أن يلحظ إخوتي ارتفاع صوتي في مناقشة، فعادة نقاشاتنا كانت تتسم بالهدوء، لكن كل ما في الأمر أن أمي التي أصيبت بداء السكر -عافانا والله وإياكم منه- منذ ما يقارب الستة عشر عاما بدأت تتعرض لمضاعفات المرض بشكل أكثر تطورا من ذي قبل.
من كان يلاحظ ارتفاع صوتي واندفاعي وانفعالي في مناقشتي مع أمي كان يتخيل أنني عاق، لكن بحكم دراستي للطب كنت على دراية مسبقة بتطور المرض ومضاعفاته، وكان نقاشي معها حرصا على صحتها في الأساس، ويعلم الله أن كل ما كنت أخشاه أن تصل أمي إلى هذه المرحلة المتأخرة، ويحدث لها ما كنت أخشاه.
السكري وأعراضه المتوقعة
المعروف أن مضاعفات السكر تبدأ في الظهور بشكل كبير وخطير بعد الإصابة بالمرض بحوالي خمس عشرة سنة، وأول الأعضاء تأثرا العينان وقوة النظر، إضافة لآلام الأسنان وبداية سقوطها، وآلام المفاصل والأطراف، و اضطراب المثانة البولية، و اضطراب ضغط الدم، وأخيرا وهذا أسوأ ما في الأمر تورم القدمين فيما يعرف بالقدم السكري، والذي يؤدي للأسف في معظم الأحوال إلى بتر كلا القدمين أو أحدهما أو على الأقل جزء منها.
لم تتأخر والدتي عن الموعد المتوقع لبدء ظهور المضاعفات بكثير، حيث بدأت تعاني من آلام غير معتادة في أطراف القدمين، ومن وجود آثار دماء في جوربها أو على الأرض أو الفراش دون أن تلحظ مكان الجرح أو وقته بدقة.
للأسف لم تهتم والدتي بمثل هذه الأمور، وكانت تكتفي بغسل قدميها بالماء خلال الوضوء، إلا أنها كانت لا تحرص على تجفيفها أو ارتداء حذاء واق للقدم سواء خارج المنزل أو داخله، كانت أمي تتحامل كثيرا على نفسها، وتؤثر مصلحة المنزل أو الضيوف على مصلحتها الشخصية حتى حدث ما لم تتحمله أمي، إذ فاقت آلامها قدرتها على التحمل، وبدأت قدمها اليمنى في التورم بشكل لافت للنظر، فأصبحت لا تقوى على وضعها على الأرض أو حتى مجرد لمسها.
كانت هذه أول المؤشرات على خطورة الوضع الذي تفاقم بسبب عدم وعي والدتي ومعرفتها الكافية بطبيعة مرضها وكيفية التعامل معه، مما جعلها تفكر في كل الاتجاهات الخاطئة، حيث جربت استخدام مسكنات ومراهم لتخفيض نسبة الورم دون استشارة الطبيب، وبالطبع كانت دون جدوى.
وقدرا توجهت أمي إلى معهد السكر لمتابعة نظام غذائها الشهري، وأثناء إجراء الفحص الدوري من قبل الطبيب لاحظ تورم قدميها على هذا النحو فبدأ بفحصهما بشكل مستقل وكان قراره النهائي أن هذا الورم بسبب أحد مضاعفات السكر وخاصة القدم السكري.
العلاج بسيط
وبسؤال الطبيب عن العلاج: كان العلاج بسيطا للغاية وغير مكلف على الإطلاق، وفي نفس الوقت يجنبها الكثير والكثير من المتاعب، وهو يرتكز بشكل أساسي على محورين:
الأول: ضبط مستوى السكر في الدم عن طريق تعاطي العلاج المقرر سواء الأقراص أو الأنسولين في مواعيده، وضبط النظام الغذائي باستشارة الطبيب المعالج وتحليل مستوى السكر بالدم بشكل منتظم ومستمر.
الثاني: العناية الخاصة بالقدم والمحافظة عليها جافة تماما بشكل مستمر، وفحصها من قبل المريض وعن طريق الغير باستمرار للتأكد من عدم إصابتها بأي جروح حتى ولو بسيطة، وعدم تركها في الماء فترات طويلة كما يحدث أثناء فترات غسل السجاد مثلا أو حمامات السباحة، وكذلك ارتداء الحذاء الواقي للقدم داخل وخارج المنزل، ووضع القدم في مستوى مرتفع عند الجلوس أو النوم.
لم تكن مثل هذه التوصيات شاقة أو صعبة على أمي، أو على أي مصاب بمرض السكر من وجهة نظري، لكن للأسف لتهاونها في تقدير الموقف ولمحاولتها أن تنجز كل شيء من أمور البيت متحاملة بذلك على نفسها وعلى صحتها تطورت الأمور للأسوأ حتى اضطرت إلى بتر أصبع قدمها اليسرى، لكن بفضل الله أمي الآن بدأت تتعافى إثر العملية الجراحية وبدأت تتأقلم على الوضع الجديد.
وهذا ندائي لكل أحبائي ممن ابتلاهم الله بمرض السكر أن يهتموا بالمعرفة وأن يستشيروا الطبيب أولا بأول حتى يكتشفوا مضاعفات المرض مبكرا قبل أن تتطور الأمور إلى الأسوأ، وبالمعرفة والالتزام بما يقوله الطبيب -وهي تعليمات بسيطة جدا وسهلة جدا- يستطيع مريض السكر بفضل الله أن يجنب نفسه الكثير والكثير من الضرر الذي لا تحمد عقباه.
منقول للفائدة
أحمد شهيب
العلاقة بيني وبين أمي لها مذاقها الخاص؛ فهي بالنسبة لي الماء والهواء والحياة، وكان من الغريب أن يلحظ إخوتي ارتفاع صوتي في مناقشة، فعادة نقاشاتنا كانت تتسم بالهدوء، لكن كل ما في الأمر أن أمي التي أصيبت بداء السكر -عافانا والله وإياكم منه- منذ ما يقارب الستة عشر عاما بدأت تتعرض لمضاعفات المرض بشكل أكثر تطورا من ذي قبل.
من كان يلاحظ ارتفاع صوتي واندفاعي وانفعالي في مناقشتي مع أمي كان يتخيل أنني عاق، لكن بحكم دراستي للطب كنت على دراية مسبقة بتطور المرض ومضاعفاته، وكان نقاشي معها حرصا على صحتها في الأساس، ويعلم الله أن كل ما كنت أخشاه أن تصل أمي إلى هذه المرحلة المتأخرة، ويحدث لها ما كنت أخشاه.
السكري وأعراضه المتوقعة
المعروف أن مضاعفات السكر تبدأ في الظهور بشكل كبير وخطير بعد الإصابة بالمرض بحوالي خمس عشرة سنة، وأول الأعضاء تأثرا العينان وقوة النظر، إضافة لآلام الأسنان وبداية سقوطها، وآلام المفاصل والأطراف، و اضطراب المثانة البولية، و اضطراب ضغط الدم، وأخيرا وهذا أسوأ ما في الأمر تورم القدمين فيما يعرف بالقدم السكري، والذي يؤدي للأسف في معظم الأحوال إلى بتر كلا القدمين أو أحدهما أو على الأقل جزء منها.
لم تتأخر والدتي عن الموعد المتوقع لبدء ظهور المضاعفات بكثير، حيث بدأت تعاني من آلام غير معتادة في أطراف القدمين، ومن وجود آثار دماء في جوربها أو على الأرض أو الفراش دون أن تلحظ مكان الجرح أو وقته بدقة.
للأسف لم تهتم والدتي بمثل هذه الأمور، وكانت تكتفي بغسل قدميها بالماء خلال الوضوء، إلا أنها كانت لا تحرص على تجفيفها أو ارتداء حذاء واق للقدم سواء خارج المنزل أو داخله، كانت أمي تتحامل كثيرا على نفسها، وتؤثر مصلحة المنزل أو الضيوف على مصلحتها الشخصية حتى حدث ما لم تتحمله أمي، إذ فاقت آلامها قدرتها على التحمل، وبدأت قدمها اليمنى في التورم بشكل لافت للنظر، فأصبحت لا تقوى على وضعها على الأرض أو حتى مجرد لمسها.
كانت هذه أول المؤشرات على خطورة الوضع الذي تفاقم بسبب عدم وعي والدتي ومعرفتها الكافية بطبيعة مرضها وكيفية التعامل معه، مما جعلها تفكر في كل الاتجاهات الخاطئة، حيث جربت استخدام مسكنات ومراهم لتخفيض نسبة الورم دون استشارة الطبيب، وبالطبع كانت دون جدوى.
وقدرا توجهت أمي إلى معهد السكر لمتابعة نظام غذائها الشهري، وأثناء إجراء الفحص الدوري من قبل الطبيب لاحظ تورم قدميها على هذا النحو فبدأ بفحصهما بشكل مستقل وكان قراره النهائي أن هذا الورم بسبب أحد مضاعفات السكر وخاصة القدم السكري.
العلاج بسيط
وبسؤال الطبيب عن العلاج: كان العلاج بسيطا للغاية وغير مكلف على الإطلاق، وفي نفس الوقت يجنبها الكثير والكثير من المتاعب، وهو يرتكز بشكل أساسي على محورين:
الأول: ضبط مستوى السكر في الدم عن طريق تعاطي العلاج المقرر سواء الأقراص أو الأنسولين في مواعيده، وضبط النظام الغذائي باستشارة الطبيب المعالج وتحليل مستوى السكر بالدم بشكل منتظم ومستمر.
الثاني: العناية الخاصة بالقدم والمحافظة عليها جافة تماما بشكل مستمر، وفحصها من قبل المريض وعن طريق الغير باستمرار للتأكد من عدم إصابتها بأي جروح حتى ولو بسيطة، وعدم تركها في الماء فترات طويلة كما يحدث أثناء فترات غسل السجاد مثلا أو حمامات السباحة، وكذلك ارتداء الحذاء الواقي للقدم داخل وخارج المنزل، ووضع القدم في مستوى مرتفع عند الجلوس أو النوم.
لم تكن مثل هذه التوصيات شاقة أو صعبة على أمي، أو على أي مصاب بمرض السكر من وجهة نظري، لكن للأسف لتهاونها في تقدير الموقف ولمحاولتها أن تنجز كل شيء من أمور البيت متحاملة بذلك على نفسها وعلى صحتها تطورت الأمور للأسوأ حتى اضطرت إلى بتر أصبع قدمها اليسرى، لكن بفضل الله أمي الآن بدأت تتعافى إثر العملية الجراحية وبدأت تتأقلم على الوضع الجديد.
وهذا ندائي لكل أحبائي ممن ابتلاهم الله بمرض السكر أن يهتموا بالمعرفة وأن يستشيروا الطبيب أولا بأول حتى يكتشفوا مضاعفات المرض مبكرا قبل أن تتطور الأمور إلى الأسوأ، وبالمعرفة والالتزام بما يقوله الطبيب -وهي تعليمات بسيطة جدا وسهلة جدا- يستطيع مريض السكر بفضل الله أن يجنب نفسه الكثير والكثير من الضرر الذي لا تحمد عقباه.
منقول للفائدة