مغروور قطر
12-04-2006, 02:32 PM
قصائد لشاعرنا الاسير فائق عبدالجليل الذي يشدو ويعزف على اوتار المشاعر
http://alsafa.net/vbb/pic/52321312.gif
: كشفت زوجة الشاعر فائق عبد الجليل سلمى أحمد العبدي، اشهر أسير كويتي منذ غزو النظام العراقي للكويت عام 1990، عن حقائق لم تتحدث عنها من قبل. حيث قالت إن زوجها بعث برسالة شفهية مع شخص عراقي مجهول الهوية قبل الحرب الأخيرة على العراق بفترة قليلة.
واكدت زوجة فائق عبد الجليل والتي خرجت عن صمتها لاول مرة في حديث مطول لـ «الشرق الأوسط» منذ اسر زوجها في عام1990م، حيث قالت: «تلقيت اتصالا دوليا من مجهول يدعي أنه يمتلك معلومات خطيرة عن فائق عبد الجليل، وكان ذلك قبل الحرب الأخيرة على العراق بفترة بسيطة، ويريد مقابلة أحد أفراد عائلته بهذا الخصوص، حقيقة لم اعر الموضوع أي اهتمام بحكم اني تلقيت العشرات مثل تلك المكالمات التي تحمل نفس المحتوى وتكون في نهاية المطاف متاجرة بتلك القضية وتلاعب بالعاطفة لاهداف مادية بحتة، لكن هذا الشخص بقي يتصل بي محاولا إقناعي بما يملك من معلومات فقمت بالاتصال بالعقيد فيصل مساعد الجزاف من وزارة الداخلية الكويتية الذي التقى بالشخص المجهول بعد أن حدد موعدا معه في دمشق، حيث رافقه الأخ عبد العزيز الرشيد وكان ذلك في اواخر ديسمبر 2002م. وتحدث الشخص المرسل من العراق عن زوجي فائق عبد الجليل وكيف شاهده وتحدث معه في أكتوبر 2002م أي قبل شهرين من لقائه مع العقيد فيصل الجزاف».
ومع ان الجواب الصحيح أثبت وجود فائق عبد الجليل على قيد الحياة طيلة 13عاما الا ان هذا الجواب قلب حياة أسرة فائق عبد الجليل بين فرحتهم لتأكدهم التام انه لازال على قيد الحياة وبين خوفهم لوجوده في سجون نظام صدام حسين وعدم معرفة مصيره خاصة وان الحرب كانت لم يبق عليها سوى أيام. تقول ام فارس» أندلعت الحرب ودخلت القوات الأميركية والبريطانية الى العراق وكانوا على علم عن طريق العقيد فيصل الجزاف عن موقع السجن وبالفعل وجدوا كل ماذكره المرسول لكن لم يكن احد في المكان،وبعد أربعة أيام من سقوط بغداد اتصل ذلك المرسول من العراق على الجزاف فاخبره العقيد بأنهم ذهبوا لذلك المكان الذي وصفه لهم لكنهم لم يجدوا فيه احد، فقال ان صديقة الرائد العراقي جاء الى منزله قبل الحرب بأربعة أيام وقال بأن هناك أمرا من صدام حسين بترحيل الأسرى الكويتيين فورا باتجاه مدينة بغداد وهو سيكون احد المرافقين معهم لكنه لا يعرف أكثر من ذلك شيئا وهذا الترحيل سيتم خلال ساعات تحت إشراف اللواء مهدي مدير عام أمن البصرة، ومن ذلك الحين اختفى الضابط بعد الحرب حيث حاول المرسول الاستفسار عنه لكن جميع أفراد عائلة الضابط هجروا البيت خوفا من انتقام احد أفراد الشعب العراقي بحكم ان ابنهم يعمل برتبة ضابط في جهاز الأمن الخاص بقصي صدام حسين». مضيفة «لا يزال الرسول يتصل بي وبالعقيد فيصل الجزاف بين فترة وأخرى لانه مازال يبحث عن صديقة الضابط الذي اختفى منذ مرافقته لترحيل الأسرى الكويتيين قبل الحرب بأربعة أيام الى هذه اللحظة من دون أي أثر له لمعرفة مصير ما تبقى من الأسرى أو على الأقل مكان دفنهم اذا تم اعدامهم بعد ذلك».
«فائق ساكن بي وسيبقى كذلك الى آخر يوم في عمري» تلك هي عبارة زوجة فائق عبد الجليل قالتها بصوت خانق معتبرة أن زوجها اصبح رمزا لقضية دولة وهي قضية الأسرى، وتطالب الحكومة العراقية الجديدة بتطبيق أقصى العقوبات على كل فرد كان له دور وراء اعتقال أو إعدام الأسرى الكويتيين في العراق وتقول «إن صدام حسين أجرم ليس بحق الكويت فقط بل بحق الإنسانية جمعاء». العودة الى الماضي، وبالتحديد عام 1990م بعد الغزو العراقي كانت رحلة خروج العائلات من الكويت صعبة ومريرة، حديثنا عن خروجك من الكويت ولماذا بقي فائق عبد الجليل في وطنه؟
عندما قررت الخروج من الكويت أنا وابنتي الصغرى نوف وكان عمرها آنداك اربع سنوات كان فائق متأثرا لرغبتي في الخروج من الكويت حيث كان لا يود على الإطلاق خروجي من الكويت لكني لم استطع ذلك بسبب ابنتي نوف التي كانت تصاب بالرعب عند سماعها صوت إطلاق الرصاص إضافة الى وجود بقية ابنائي خارج الكويت حيث كانوا يقضون إجازتهم ولا اعلم عنهم شيئا. ليلة خروجنا من الكويت اذكرها بأدق تفاصيلها كأنها امس، حيث خرجنا برفقة فائق لإيصالي الى الحدود الكويتيه السعودية رحلنا من المنزل الساعة الثالثة فجرا وكانت احدى ليالي الشتاء الباردة تجنبا للزحام الذي كان يسببه الناس الهاربون من الكويت باتجاه السعودية خوفا من الحرب المرتقبة واثناء التوجه نحو الحدود السعودية طلب مني فائق أن امسك القلم واكتب اثناء ماكان هو يقود السيارة واذ به يملي علي قصيدة كنت اكتبها وانا ابكي واذكر أن بدايتها كانت «عند الحدود» وكانت تتحدث عني وعن ابنتنا نوف وعن وداعنا في الحدود رغم أننا الروح التي تسكن به.. وفي الطريق صادفنا نقطة تفتيش لكنها كانت خاوية من الجنود العراقيين وكذلك هناك نقطة تفتيش أخرى خاوية ايضا، النقطة الثالثة والأخيرة والتي تعقبها السعودية خرج لنا منها جنود مسلحون حاصرونا وأمرونا بالنزول من السيارة ورفع الأيادي ووجه الضابط كلاما قاسيا لفائق واتهمه بقتل الجنود الذين هم في نقاط التفتيش التي هي قبلهم لانهم لم يتلقوا بلاغا بان هناك احدا مقبلا من تلك النقاط، فأمر الضابط بحبسنا أنا وابنتي نوف وكان معنا احد الأصدقاء وبالفعل دخلنا السجن وعلى ان ينظر في امرنا من ان الجنود لم يقم بقتلهم فائق وبالفعل تم التأكد من ان الجنود لم يقتلهم فائق حيث اكتشف الضابط ان الجنود كانوا نائمين لحظة مرورنا على نقاط التفتيش وتم إطلاق سراحنا بعد قضاء ليلة كاملة في السجن وبعد تفتيش السيارات بالكامل واخذ كل ما نملك من مال وأشياء ثمنيؤ بحجج واهية. وبعد ما حصل توسلت لفائق بأن يترك الكويت ويأتي معي وقلت له حرفيا «اذا كانت روحك رخيصة لديك.. فكر في أولادك الخمسة»، ووعدني بأن يتبعني الى الرياض بعد ثلاثة أيام لان هناك أمورا يريد ان ينهيها في الكويت، وبقيت بانتظاره أنا وابنتي نوف في مدينة الرياض أسبوعا لكنه لم يأت ولم اسمع صوته منذ تلك اللحظة. لم أفهم عدم وفائه بوعده لي الا عندما وجدت رسالته في منزلنا بعد انتهاء حرب تحرير الكويت حيث كانت الرسالة على طاولة الطعام في المطبخ بجانب كوب شاي بارد وقلم جف حبره، أنا فخورة به وفخورة باختياره البقاء والصمود في الكويت.
* هل حاول أصدقاؤه من خارج الكويت إقناعه بالخروج من الكويت؟
ـ في أول أيام الغزو العراقي اتصل به صديقه المقرب عيسى بن سلطان الجابر من لندن محاولا نصحه بمغادرة الكويت لخطر الظروف وخطر وجوده في الكويت كونه ايضا شخص معروف وكنت اقف قريبة منه واستمع لما يقوله عن عدم خروجه من الكويت. حيث قال لعيسى «لدي ثلاث أشياء أن فقدتها لا أستطيع تعويضها.. وطني.. وقليل من الكتب.. وكثير من الذكريات..» فأيقنت هنا أن خروجه من الكويت أشبه بالمستحيل.
* كيف التقيت بأبنائك اللذين كانوا خارج الكويت لقضاء الإجازة.. وماذا كان دورهم منذ تحرير الكويت ؟
ـ بعد أن فقدت الأمل بخروج فائق من الكويت التقيت مع جميع ابنائي في الإمارات حيث أقمت خلال فترة الاحتلال العراقي بعد أن قام مشكورا الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان بتوفير جميع سبل الراحة لي ولابنائي الصغار بعد ان علم بوجودنا عن طريق الأخ العزيز عيسى الجابر، وكان حمدان بن زايد حريصا على السؤال عنا قبل وبعد تحرير الكويت. ولا أنسى ان هناك إنسانا له دور في حياتنا منذ الغزو العراقي على الكويت منذ هذه اللحظة وهو الأمير خالد بن فهد بن عبد العزيز هذا الانسان أعجز ويعجز ابنائي عن شكره للسؤال الدائم عنا وعن أحوالنا حيث يهتم بأدق التفاصيل من دون كلل او ملل لولا هذا الرجل لما كانت أمور كثيرة في حياتنا. أما بالنسبة لابنائي فقد ساهموا بشكل او باخر في توصيل قضية الأسرى الكويتيين للعالم فابنتي سارة تشرفت بمرافقة صاحب السمو الأمير الشيخ جابر الاحمد الصباح حفظه الله في رحلة الى عدة دول منها تركيا وإيطاليا وروسيا والصين، وقد قامت بقراءة رسالة على جميع هذه الدول تطالب بالمساعدة للإفراج عن أسرى الكويت لدى العراق، كذلك ابنتي الكبرى غادة كانت من اوائل من تطوعوا للعمل في اللجنة الوطنية لشؤون الأسرى والمفقودين، وأيضا ابنتي رجاء ذهبت ضمن وفد طلابي الى جنيف حيث مقر منظمة الصليب الأحمر وسلمتهم رسالة تشرح فيها معاناتها بسبب فقدان والدها، وكذلك ابني فارس كان من ضمن أول فريق يدخل العراق للبحث عن الأسرى هناك وكان برئاسة العقيد فيصل الجزاف وذلك بعد سقوط بغداد بأيام معدودة ومكث ما يقارب شهرين من دون جدوى في العثور على والده حيا او ميتا وأمور كثيرة أسهمنا بها كأسرة صغيرة فقدت رب أسرتها محاولة إطلاق سراحه أو العثور على رفاته. وللعلم فائق نمى الحس الوطني لدى ابنائي بحيث أصبح لديهم إحساس بالمسؤولية تجاه الوطن في مراحل مبكرة من أعمارهم بالرغم من انه لم يتعاط السياسة بمعناها الفئوي أو الحزبي إنما كان يتعاطاها بحس وطني عال.
* .
* منذ سقوط نظام صدام خرجت الصحف بأخبار متناقضة عن مصير زوجك، فالبعض يقول ـ انه حي واخرون يعتقدون انه قتل في مقابر جماعية، كزوجه انتظرت زوجها 14عاما كيف كنت تشعرين اثناء قراءة مثل تلك الإخبار؟
* وما هي اقرب قصيدة الى قلبك ؟
ـ * قالوا عن فائق عبد الجليل:
* الأسر والروح
الأسر يكسر الروح فكيف حين يكون لشاعر؟! فائق عبد الجليل شاعرا واسيرا. هذه شهادة له. الشعر يملا قلوب الطغاة بالرعب، فليبق شاعرنا أسيرا حتى ينفجر قلب الطاغية فتكون للشاعر ولنا الحرية.
الدكتورة سعاد الصباح
* التصميم وعدم الانسلاخ
التصميم على عدم الانسلاخ من الأرض القديمة التي تتلوى في عروقها جذور حنين الشعراء وعواطفهم، هو أشد بروزا لدى أصغر شعراء الكويت ( فائق عبد الجليل) واكثر ما يتمثل صدقه في تعابير هي مزيج من العامية والفصحى.
البروفيسور: سيمون جارجي الأستاذ في كليه الآداب ـ جامعة جنيف
ملحق صحيفة «لوموند» الفرنسية (1970)
* الى الشاعر فائق عبد الجليل
أيا طائرا الشعر!.. طال الغياب وجف على مقلتينا البكاء ولكننا نتحدى القيود ونحيا على حلمنا باللقاء
الدكتور: غازي القصيبي
* «الصمت صافحني..ونطق»
هكذا قال فائق عبد الجليل في قصيدة قديمة لا زلت أحتفظ بمخطوطتها منذ اوائل السبعينات. لا احب أن أتذكر فائق عبد الجليل بصيغة الماضي ربما لان هذا النوع من الماضي لا يليق بشاعر دخل غموضه بصورة تبالغ في طبيعته الشعرية. الشاعر عموما قادر على أن يحضر حتى في غيابه، فما بالك بشاعر لم يترك مجالا للزعم بحقيقة واضحة تتصل بدرجة الحضور والغياب الماديين. لذلك يليق بنا أن نبعث لفائق عبد الجليل التحية ان كان حيا بسجن أو كان (حيا) بقبر على ان الشاعر لا يذهب به الموت اذا مات. رجاء أن لا يكون فائق عبد الجليل قد تعرض لذلك.
الشاعر قاسم حداد مجلة الكويت/ فبراير1990
* فائق.. هذا الاسم الفاعل
نادرا ما يكون اسم على مسمى.. الا على عبد الجليل الذي هو فعلا عندما نستمع لاسم «فائق» يتبادر الى الذهن صديقنا المعني فائق عبد الجليل.
والذي يتمتع بهذا الاسم تمتعا مطلقا لما له من تفوق ملموس في اعشاب حياته، سواء ان كانت فنية.. اجتماعية..عاطفية.. وطنية محسوسة.
ورغم هذه «الفوقية» فهو عبد للجليل جل وعلا.
آخر نغمة وجدانية دارت بيني وبينه ايام الايام النكراء في احتلال «كويته» الغالي، وعندما كلمني هاتفيا من الحدود يوصيني بأولاده الذين بعثهم من تلك المنطقة. وقد حاولت اقناعة بالانضمام معهم الينا بالرياض فلم أفلح آنداك.. وآل على نفسه إلا أن يعود هو الى الوطن اداركا منه للواجب الذي يقتضي منه المشاركة فيه.
وقد تفوق فعلا على ما سمي به: شعرا، وفاء، وطنية، وإباء.
حتى على نفسه..
أبو بكر سالم
http://alsafa.net/vbb/pic/52321312.gif
: كشفت زوجة الشاعر فائق عبد الجليل سلمى أحمد العبدي، اشهر أسير كويتي منذ غزو النظام العراقي للكويت عام 1990، عن حقائق لم تتحدث عنها من قبل. حيث قالت إن زوجها بعث برسالة شفهية مع شخص عراقي مجهول الهوية قبل الحرب الأخيرة على العراق بفترة قليلة.
واكدت زوجة فائق عبد الجليل والتي خرجت عن صمتها لاول مرة في حديث مطول لـ «الشرق الأوسط» منذ اسر زوجها في عام1990م، حيث قالت: «تلقيت اتصالا دوليا من مجهول يدعي أنه يمتلك معلومات خطيرة عن فائق عبد الجليل، وكان ذلك قبل الحرب الأخيرة على العراق بفترة بسيطة، ويريد مقابلة أحد أفراد عائلته بهذا الخصوص، حقيقة لم اعر الموضوع أي اهتمام بحكم اني تلقيت العشرات مثل تلك المكالمات التي تحمل نفس المحتوى وتكون في نهاية المطاف متاجرة بتلك القضية وتلاعب بالعاطفة لاهداف مادية بحتة، لكن هذا الشخص بقي يتصل بي محاولا إقناعي بما يملك من معلومات فقمت بالاتصال بالعقيد فيصل مساعد الجزاف من وزارة الداخلية الكويتية الذي التقى بالشخص المجهول بعد أن حدد موعدا معه في دمشق، حيث رافقه الأخ عبد العزيز الرشيد وكان ذلك في اواخر ديسمبر 2002م. وتحدث الشخص المرسل من العراق عن زوجي فائق عبد الجليل وكيف شاهده وتحدث معه في أكتوبر 2002م أي قبل شهرين من لقائه مع العقيد فيصل الجزاف».
ومع ان الجواب الصحيح أثبت وجود فائق عبد الجليل على قيد الحياة طيلة 13عاما الا ان هذا الجواب قلب حياة أسرة فائق عبد الجليل بين فرحتهم لتأكدهم التام انه لازال على قيد الحياة وبين خوفهم لوجوده في سجون نظام صدام حسين وعدم معرفة مصيره خاصة وان الحرب كانت لم يبق عليها سوى أيام. تقول ام فارس» أندلعت الحرب ودخلت القوات الأميركية والبريطانية الى العراق وكانوا على علم عن طريق العقيد فيصل الجزاف عن موقع السجن وبالفعل وجدوا كل ماذكره المرسول لكن لم يكن احد في المكان،وبعد أربعة أيام من سقوط بغداد اتصل ذلك المرسول من العراق على الجزاف فاخبره العقيد بأنهم ذهبوا لذلك المكان الذي وصفه لهم لكنهم لم يجدوا فيه احد، فقال ان صديقة الرائد العراقي جاء الى منزله قبل الحرب بأربعة أيام وقال بأن هناك أمرا من صدام حسين بترحيل الأسرى الكويتيين فورا باتجاه مدينة بغداد وهو سيكون احد المرافقين معهم لكنه لا يعرف أكثر من ذلك شيئا وهذا الترحيل سيتم خلال ساعات تحت إشراف اللواء مهدي مدير عام أمن البصرة، ومن ذلك الحين اختفى الضابط بعد الحرب حيث حاول المرسول الاستفسار عنه لكن جميع أفراد عائلة الضابط هجروا البيت خوفا من انتقام احد أفراد الشعب العراقي بحكم ان ابنهم يعمل برتبة ضابط في جهاز الأمن الخاص بقصي صدام حسين». مضيفة «لا يزال الرسول يتصل بي وبالعقيد فيصل الجزاف بين فترة وأخرى لانه مازال يبحث عن صديقة الضابط الذي اختفى منذ مرافقته لترحيل الأسرى الكويتيين قبل الحرب بأربعة أيام الى هذه اللحظة من دون أي أثر له لمعرفة مصير ما تبقى من الأسرى أو على الأقل مكان دفنهم اذا تم اعدامهم بعد ذلك».
«فائق ساكن بي وسيبقى كذلك الى آخر يوم في عمري» تلك هي عبارة زوجة فائق عبد الجليل قالتها بصوت خانق معتبرة أن زوجها اصبح رمزا لقضية دولة وهي قضية الأسرى، وتطالب الحكومة العراقية الجديدة بتطبيق أقصى العقوبات على كل فرد كان له دور وراء اعتقال أو إعدام الأسرى الكويتيين في العراق وتقول «إن صدام حسين أجرم ليس بحق الكويت فقط بل بحق الإنسانية جمعاء». العودة الى الماضي، وبالتحديد عام 1990م بعد الغزو العراقي كانت رحلة خروج العائلات من الكويت صعبة ومريرة، حديثنا عن خروجك من الكويت ولماذا بقي فائق عبد الجليل في وطنه؟
عندما قررت الخروج من الكويت أنا وابنتي الصغرى نوف وكان عمرها آنداك اربع سنوات كان فائق متأثرا لرغبتي في الخروج من الكويت حيث كان لا يود على الإطلاق خروجي من الكويت لكني لم استطع ذلك بسبب ابنتي نوف التي كانت تصاب بالرعب عند سماعها صوت إطلاق الرصاص إضافة الى وجود بقية ابنائي خارج الكويت حيث كانوا يقضون إجازتهم ولا اعلم عنهم شيئا. ليلة خروجنا من الكويت اذكرها بأدق تفاصيلها كأنها امس، حيث خرجنا برفقة فائق لإيصالي الى الحدود الكويتيه السعودية رحلنا من المنزل الساعة الثالثة فجرا وكانت احدى ليالي الشتاء الباردة تجنبا للزحام الذي كان يسببه الناس الهاربون من الكويت باتجاه السعودية خوفا من الحرب المرتقبة واثناء التوجه نحو الحدود السعودية طلب مني فائق أن امسك القلم واكتب اثناء ماكان هو يقود السيارة واذ به يملي علي قصيدة كنت اكتبها وانا ابكي واذكر أن بدايتها كانت «عند الحدود» وكانت تتحدث عني وعن ابنتنا نوف وعن وداعنا في الحدود رغم أننا الروح التي تسكن به.. وفي الطريق صادفنا نقطة تفتيش لكنها كانت خاوية من الجنود العراقيين وكذلك هناك نقطة تفتيش أخرى خاوية ايضا، النقطة الثالثة والأخيرة والتي تعقبها السعودية خرج لنا منها جنود مسلحون حاصرونا وأمرونا بالنزول من السيارة ورفع الأيادي ووجه الضابط كلاما قاسيا لفائق واتهمه بقتل الجنود الذين هم في نقاط التفتيش التي هي قبلهم لانهم لم يتلقوا بلاغا بان هناك احدا مقبلا من تلك النقاط، فأمر الضابط بحبسنا أنا وابنتي نوف وكان معنا احد الأصدقاء وبالفعل دخلنا السجن وعلى ان ينظر في امرنا من ان الجنود لم يقم بقتلهم فائق وبالفعل تم التأكد من ان الجنود لم يقتلهم فائق حيث اكتشف الضابط ان الجنود كانوا نائمين لحظة مرورنا على نقاط التفتيش وتم إطلاق سراحنا بعد قضاء ليلة كاملة في السجن وبعد تفتيش السيارات بالكامل واخذ كل ما نملك من مال وأشياء ثمنيؤ بحجج واهية. وبعد ما حصل توسلت لفائق بأن يترك الكويت ويأتي معي وقلت له حرفيا «اذا كانت روحك رخيصة لديك.. فكر في أولادك الخمسة»، ووعدني بأن يتبعني الى الرياض بعد ثلاثة أيام لان هناك أمورا يريد ان ينهيها في الكويت، وبقيت بانتظاره أنا وابنتي نوف في مدينة الرياض أسبوعا لكنه لم يأت ولم اسمع صوته منذ تلك اللحظة. لم أفهم عدم وفائه بوعده لي الا عندما وجدت رسالته في منزلنا بعد انتهاء حرب تحرير الكويت حيث كانت الرسالة على طاولة الطعام في المطبخ بجانب كوب شاي بارد وقلم جف حبره، أنا فخورة به وفخورة باختياره البقاء والصمود في الكويت.
* هل حاول أصدقاؤه من خارج الكويت إقناعه بالخروج من الكويت؟
ـ في أول أيام الغزو العراقي اتصل به صديقه المقرب عيسى بن سلطان الجابر من لندن محاولا نصحه بمغادرة الكويت لخطر الظروف وخطر وجوده في الكويت كونه ايضا شخص معروف وكنت اقف قريبة منه واستمع لما يقوله عن عدم خروجه من الكويت. حيث قال لعيسى «لدي ثلاث أشياء أن فقدتها لا أستطيع تعويضها.. وطني.. وقليل من الكتب.. وكثير من الذكريات..» فأيقنت هنا أن خروجه من الكويت أشبه بالمستحيل.
* كيف التقيت بأبنائك اللذين كانوا خارج الكويت لقضاء الإجازة.. وماذا كان دورهم منذ تحرير الكويت ؟
ـ بعد أن فقدت الأمل بخروج فائق من الكويت التقيت مع جميع ابنائي في الإمارات حيث أقمت خلال فترة الاحتلال العراقي بعد أن قام مشكورا الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان بتوفير جميع سبل الراحة لي ولابنائي الصغار بعد ان علم بوجودنا عن طريق الأخ العزيز عيسى الجابر، وكان حمدان بن زايد حريصا على السؤال عنا قبل وبعد تحرير الكويت. ولا أنسى ان هناك إنسانا له دور في حياتنا منذ الغزو العراقي على الكويت منذ هذه اللحظة وهو الأمير خالد بن فهد بن عبد العزيز هذا الانسان أعجز ويعجز ابنائي عن شكره للسؤال الدائم عنا وعن أحوالنا حيث يهتم بأدق التفاصيل من دون كلل او ملل لولا هذا الرجل لما كانت أمور كثيرة في حياتنا. أما بالنسبة لابنائي فقد ساهموا بشكل او باخر في توصيل قضية الأسرى الكويتيين للعالم فابنتي سارة تشرفت بمرافقة صاحب السمو الأمير الشيخ جابر الاحمد الصباح حفظه الله في رحلة الى عدة دول منها تركيا وإيطاليا وروسيا والصين، وقد قامت بقراءة رسالة على جميع هذه الدول تطالب بالمساعدة للإفراج عن أسرى الكويت لدى العراق، كذلك ابنتي الكبرى غادة كانت من اوائل من تطوعوا للعمل في اللجنة الوطنية لشؤون الأسرى والمفقودين، وأيضا ابنتي رجاء ذهبت ضمن وفد طلابي الى جنيف حيث مقر منظمة الصليب الأحمر وسلمتهم رسالة تشرح فيها معاناتها بسبب فقدان والدها، وكذلك ابني فارس كان من ضمن أول فريق يدخل العراق للبحث عن الأسرى هناك وكان برئاسة العقيد فيصل الجزاف وذلك بعد سقوط بغداد بأيام معدودة ومكث ما يقارب شهرين من دون جدوى في العثور على والده حيا او ميتا وأمور كثيرة أسهمنا بها كأسرة صغيرة فقدت رب أسرتها محاولة إطلاق سراحه أو العثور على رفاته. وللعلم فائق نمى الحس الوطني لدى ابنائي بحيث أصبح لديهم إحساس بالمسؤولية تجاه الوطن في مراحل مبكرة من أعمارهم بالرغم من انه لم يتعاط السياسة بمعناها الفئوي أو الحزبي إنما كان يتعاطاها بحس وطني عال.
* .
* منذ سقوط نظام صدام خرجت الصحف بأخبار متناقضة عن مصير زوجك، فالبعض يقول ـ انه حي واخرون يعتقدون انه قتل في مقابر جماعية، كزوجه انتظرت زوجها 14عاما كيف كنت تشعرين اثناء قراءة مثل تلك الإخبار؟
* وما هي اقرب قصيدة الى قلبك ؟
ـ * قالوا عن فائق عبد الجليل:
* الأسر والروح
الأسر يكسر الروح فكيف حين يكون لشاعر؟! فائق عبد الجليل شاعرا واسيرا. هذه شهادة له. الشعر يملا قلوب الطغاة بالرعب، فليبق شاعرنا أسيرا حتى ينفجر قلب الطاغية فتكون للشاعر ولنا الحرية.
الدكتورة سعاد الصباح
* التصميم وعدم الانسلاخ
التصميم على عدم الانسلاخ من الأرض القديمة التي تتلوى في عروقها جذور حنين الشعراء وعواطفهم، هو أشد بروزا لدى أصغر شعراء الكويت ( فائق عبد الجليل) واكثر ما يتمثل صدقه في تعابير هي مزيج من العامية والفصحى.
البروفيسور: سيمون جارجي الأستاذ في كليه الآداب ـ جامعة جنيف
ملحق صحيفة «لوموند» الفرنسية (1970)
* الى الشاعر فائق عبد الجليل
أيا طائرا الشعر!.. طال الغياب وجف على مقلتينا البكاء ولكننا نتحدى القيود ونحيا على حلمنا باللقاء
الدكتور: غازي القصيبي
* «الصمت صافحني..ونطق»
هكذا قال فائق عبد الجليل في قصيدة قديمة لا زلت أحتفظ بمخطوطتها منذ اوائل السبعينات. لا احب أن أتذكر فائق عبد الجليل بصيغة الماضي ربما لان هذا النوع من الماضي لا يليق بشاعر دخل غموضه بصورة تبالغ في طبيعته الشعرية. الشاعر عموما قادر على أن يحضر حتى في غيابه، فما بالك بشاعر لم يترك مجالا للزعم بحقيقة واضحة تتصل بدرجة الحضور والغياب الماديين. لذلك يليق بنا أن نبعث لفائق عبد الجليل التحية ان كان حيا بسجن أو كان (حيا) بقبر على ان الشاعر لا يذهب به الموت اذا مات. رجاء أن لا يكون فائق عبد الجليل قد تعرض لذلك.
الشاعر قاسم حداد مجلة الكويت/ فبراير1990
* فائق.. هذا الاسم الفاعل
نادرا ما يكون اسم على مسمى.. الا على عبد الجليل الذي هو فعلا عندما نستمع لاسم «فائق» يتبادر الى الذهن صديقنا المعني فائق عبد الجليل.
والذي يتمتع بهذا الاسم تمتعا مطلقا لما له من تفوق ملموس في اعشاب حياته، سواء ان كانت فنية.. اجتماعية..عاطفية.. وطنية محسوسة.
ورغم هذه «الفوقية» فهو عبد للجليل جل وعلا.
آخر نغمة وجدانية دارت بيني وبينه ايام الايام النكراء في احتلال «كويته» الغالي، وعندما كلمني هاتفيا من الحدود يوصيني بأولاده الذين بعثهم من تلك المنطقة. وقد حاولت اقناعة بالانضمام معهم الينا بالرياض فلم أفلح آنداك.. وآل على نفسه إلا أن يعود هو الى الوطن اداركا منه للواجب الذي يقتضي منه المشاركة فيه.
وقد تفوق فعلا على ما سمي به: شعرا، وفاء، وطنية، وإباء.
حتى على نفسه..
أبو بكر سالم