المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بنك اليابان نحو زيادة أسعار الفائدة ... تدريجيا



مغروور قطر
13-04-2006, 07:13 AM
بنك اليابان نحو زيادة أسعار الفائدة ... تدريجيا

القرار الذي اتخذه بنك اليابان أخيرا بإنهاء خمس سنوات من السياسة النقدية شديدة التساهل، رغم مواجهته ضغوطا سياسية مكثفة، يدل دلالة مهمة على استقلاليته، وهو مقدمة للمجموعة الأولى من حالات ارتفاع أسعار الفائدة المدروسة في اليابان منذ عام 1989.

ولا تزال هناك عدة شهور قبل تطبيق أول زيادة في أسعار الفائدة، ومعظم المحللين يتوقعون أن يرفع بنك اليابان أسعار الفائدة تدريجياً، مع توقع أن تكون أسعار الليلة الواحدة 2 في المائة فقط على مدى خمس سنوات. لكن هذه الفكرة تتجاهل التغيرات الضخمة التي حدثت في الاقتصاد الياباني خلال السنوات القليلة الماضية.

فالذين يعتقدون أن بنك اليابان سيبقي الأسعار منخفضة لبعض الوقت يجادلون بأن ارتفاع أسعار الفائدة يؤدي إلى توتر غير محتمل في قطاع الشركات الياباني المثقل بالديون ويعرقل استعادة الاقتصاد عافيته. ويشيرون إلى أن الحاجة لأسعار مرتفعة ستكون محدودة إذا شرعت الحكومة في سلسلة من زيادات الضرائب، كما هو متوقع.

وهناك ميزة ما في هذه الحجة الأخيرة، لكن الحجة السابقة لها تتجاهل حقيقتين مهمتين. أولاهما، أنه خلال السنوات القليلة الماضية كان الاستهلاك الخاص، وليس الاستثمار، هو الذي ظل يدفع بالنمو. وثانيتهما، أنه بعد عدة سنوات من نمو قوي للأرباح وإعادة هيكلة صارمة إلى حد معقول، بدت الموازنة العامة للشركات في حالة صحية مرة أخرى.

وبعكس ذلك، الحجج التي تدعم زيادة الأسعار حجج مقنعة. أولاً، هناك درجة محدودة من الطاقة الاحتياطية في الاقتصاد الياباني. وإذا سارت الأمور على ما يرام فيما يتعلق باستعادة الاقتصاد عافيته، يمكن أن نتوقع ضغطاً إلى أعلى على التضخم خلال الأرباع المقبلة. والارتفاع الضئيل الحالي الذي تشهده الأجور دليل على أن ذلك ظل يحدث في سوق العمالة. وبالنسبة لبنك مركزي، فإن وضع سياسة من أجل الإبقاء على التضخم في حدود صفر إلى 2 في المائة يقدم حجة قوية لإعادة أسعار الفائدة إلى المستوى المحايد.

والأهم من ذلك أن الإجراءات التي اتخذها بنك اليابان خلال الأعوام الأخيرة قصد منها توفير الأموال. فإقدام البنك على عمليات شراء على نطاق واسع لسندات الحكومة اليابانية نتج عنه انفجار في القاعدة النقدية، التي وصلت الآن إلى أكثر من 20 في المائة من إجمالي الناتج المحلي، وهي تزيد كثيراً على مستواها الذي كانت عليه لفترة طويلة، وهو ما يقارب 8 في المائة. وفي الظروف العادية، يمكن أن ينتج عن تحويل ديون سندات الحكومة إلى نقد زيادة سريعة في التضخم. وكون ذلك لم يحدث فالسبب يعود إلى أن هذا المقدار من السيولة لم يجد طريقه إلى الاقتصاد الواسع، ويعود الفضل في ذلك إلى الإفلاس الذي يعاني منه النظام المصرفي، مما جعله يحجم عن تقديم قروض جديدة. وما يقلق بنك اليابان أن الأمور الآن يبدو أنها أصبحت تتغير وبسرعة.

البنوك الكبيرة في اليابان في وضع أفضل كثيراً، كما شهدت بذلك التصنيفات التي جرت أخيرا، وهي تتطلع لتضخيم دفاتر القروض الخاصة بها لأول مرة منذ أواخر التسعينيات. وفي الوقت نفسه، يتزايد الطلب على الإقراض في قطاع الشركات. وهذان العنصران يقدمان الخلفية المثالية لتلك السيولة لتجد طريقها إلى الاقتصاد الواسع. وإذا احتاج بنك اليابان إلى تذكيره بمخاطر حدوث ذلك، فإن زيادة أسعار الفائدة بنسبة 40 في المائة سنوياً في القروض الجديدة المقدمة لقطاع العقارات خلال النصف الثاني من العام الماضي، هي الشيء الذي يذكره بذلك.

ويتعين على بنك اليابان الآن أن يحافظ على تحويل سندات الدين إلى نقد، أو يجازف بالتعرض لزيادة سريعة في التضخم. وهو ببساطة لا يمكن أن يستمر في شراء ما يعادل 40 في المائة من صافي إصدارات السندات الحكومية الجديدة سنويا، ويسيطر على التضخم.

وهذا لا يعني فقط أسعار فائدة أعلى في المدى القريب، وإنما يعني أيضاً زيادة كبيرة في الأسعار على المدى البعيد، إذ إن إمكانية ارتفاع أسعار الفائدة على المدى القصير زادت بارتفاع توقعات التضخم وفقدان الدعم الكبير الذي كان يقدمه بنك اليابان لسوق السندات الحكومية.

ويشكل ارتفاع أسعار الفائدة على المدى القصير علامة أخرى تشير إلى أن الاقتصاد الياباني يعود إلى الوضع الطبيعي. لكن تلك ستكون أخباراً سيئة لوزارة المالية التي تمكنت من خدمة ديونها المتصاعدة بأسعار فائدة منخفضة على نحو استثنائي. وعندما يحين الوقت لبنك اليابان لخفض مشترياته من سندات الحكومة، فإن الضغط السياسي عليه للقيام بذلك سيكون مكثفاً بدرجة أكبر من أي شيء واجهه في وقت الاستعداد للإعلان الذي تم الشهر الماضي.

وما إذا كان مستعداً للوقوف في وجه الأعداد الكبيرة من منسوبي وزارة المالية والحزب الديمقراطي الحر الحاكم في هذه المسألة، فذاك اختبار آخر أكثر صعوبة لاستقلاليته