ROSE
03-01-2011, 06:55 AM
في دراسة نشرها موقع "أرقام"
ربحية شركات الوساطة القطرية غير مضمونة .. وأوضاعها مرتبطة بحجم التداولات
تجربة البنوك القطرية غير موفقة وحصتها بلغت 15.1 % في 2005
اشتغال البنوك التجارية بمهنة الوساطة المالية يخلق إشكالية ازدواجية الرقابة بين المركزي وهيئة الأسواق
توصلت دراسة حول شركات الوساطة المالية في قطر (التطور التاريخي.. الإمكانات والتحدي) نشرها موقع "أرقام" إلى أن أعمال الوساطة المالية من الأمور التي تتطلب بناء أنظمة تنفيذ ومتابعة على أعلى مستوى من الدقة وذلك بدوره يتطلب استثمارات كبيرة وأن أعمال الوساطة يترتب عليها مخاطر قانونية جسيمة لا تنتهي باتمام الصفقات بل تظل قائمة مدة 15 سنة بعد انتهاء التداولات، وفق ما نص عليه قانون الهيئة. وفي المقابل نجد أن ربحية أعمال الوساطة ليست مضمونة بدليل ما حققته شركتا دلالة والإسلامية القابضة من نتائج ضعيفة.
2- إن أوضاع شركات الوساطة في قطر تعتمد إلى حد كبير على مستويات أحجام التداول في البورصة الأمر الذي يزداد طردياً مع زيادة عدد الشركات المدرجة في البورصة من ناحية، وعلى مستويات السيولة المتاحة للتداول، وهي بدورها تعتمد على مستوى النشاط الاقتصادي في البلاد ومعدل النمو الاقتصادي.
كما أشارت الدراسة الى أن تجربة البنوك القطرية في مجال الوساطة المالية كانت غير موفقة، ورغم أنها واكبت عمل السوق المالي منذ نشأته في عام 1997، وكان بإمكانها الاستحواذ على النصيب الأوفر من أعداد العملاء وتداولاتهم، إلا أن واقع التجربة يشير إلى عكس ذلك حيث تراجعت حصة جميع البنوك الأربعة إلى 15.1% فقط في عام 2005 بعد أن كانت تزيد على 37% في عام 2002، وما قبله.
كما رأت أن تراجع وتضاؤل حصة البنوك في إجمالي تداولات البورصة قد يكون عائداً إلى عدم اهتمامها بالقدر الكافي بمتطلبات هذا النشاط، وهو ما قد يُعزى إلى أن عائد الوساطة كان هامشياً بالمقارنة بعوائدها من أنشطتها المصرفية والتمويلية والاستثمارية الأخرى. وقد يكون ذلك راجعا إلى اعتمادها على التجهيزات المتاحة لها كبنوك وعلى اقتناعها بأن عملاءها المصرفيين سيمارسون صفقاتهم في البورصة من خلال مكاتبها وهو ما لم يحدث بالضرورة، حيث ذهب المتعاملون إلى شركات الوساطة التي ربما قدمت لهم خدمات أفضل.
وأشارت الى ان اشتغال البنوك التجارية في أعمال الوساطة كان يتم في دول أخرى من خلال شركات أو بنوك استثمارية يتم تأسيسها لهذا الغرض وبشكل مستقل عن نشاط البنوك المصرفي، وقد حدث ذلك في المملكة العربية السعودية منذ عام 2005 ورغم أن المشرع في دولة الإمارات العربية المتحدة قد ترك الباب مفتوحاً للبنوك التجارية لممارسة أعمال الوساطة المالية، إلا أن أياً منها لم يمارس هذه المهنة، ولايزال الوضع كذلك في الكويت، بعكس الحال في عُمان والبحرين اللتين تدنى فيهما التداول بشدة.
وأضافت الدراسة أن اشتغال البنوك التجارية بمهنة الوساطة المالية يخلق إشكالية ازدواجية الرقابة على تلك البنوك ما بين البنك المركزي وهيئة الأوراق المالية، بحيث يصبح على البنك الالتزام بتعليمات الجهتين وهو ما قد يُحدث نوعا من التضارب والتباطؤ في الاجراءات والمعاملات فتتقلص بذلك قدرة البنوك على المنافسة مع الشركات الأخرى.
ونوهت بأن التفكير في عودة البنوك إلى ممارسة مهنة الوساطة المالية في قطر قد تزامن مع حدوث انخفاض شديد في أحجام التداول بعد الأزمة المالية العالمية خاصة في عام 2010 ما أثر سلباً على مستويات أرباح شركات الوساطة، ومن ثم فإن عودة البنوك وزيادة عدد شركات الوساطة بدون حدوث زيادة حقيقية في أحجام التداول سيلحق الضرر بأوضاع تلك الشركات وقد يجعل البعض منها ينسحب من السوق كما حدث في دولتي الإمارات والسعودية، ويترتب على ذلك أضرار بالغة تلحق بالمساهمين، وتخل بسمعة البورصة. وأشارت الدراسة الى انه بالرغم من أن الربع الرابع وشهر ديسمبر 2010 بوجه خاص قد شهد ارتفاعاً كبيراً في أحجام التداول على ضوء التوقعات التي سبقت وترافقت مع خبر المونديال، إلا أن ذلك لا يشكل مقياساً قاطعاً يمكن البناء عليه. ورغم أن هناك توقعات صدرت عن مدير إدارة الإدراج بهيئة الأوراق المالية عن خطط لرفع عدد الشركات المدرجة في البورصة إلى 70 شركة، إلا أن ذلك يتم في وقت يتقلص فيه عدد الشركات بسبب الاندماجات.
وقالت الدراسة إن توسيع أعمال البورصة لتشمل أدوات مالية أخرى لم يحن أوانه بعد كما ورد في تصريحات السيد أندريه وينت الرئيس التنفيذي لبورصة قطر مؤخراً، وأن ذلك يستلزم الحصول على موافقة الجهات التنظيمية في الدولة، كما أنه يقتضي تجهيز الأسواق استعداداً لدخول تلك المنتجات من سندات وصكوك. كما أنه لن يكون مربحاً في ظل قلة عدد الصفقات التي تتم كما يحدث في السعودية.
كما أن المقارنة مع دول مجلس التعاون الأخرى قد أظهرت أن العدد الحالي لشركات الوساطة في قطر- نسبة إلى إجمالي التداولات- هو وضع جيد مقارنة بالدول الأخرى، فلا هو بالكثير كما في الإمارات والبحرين وعمان ولا بالقليل كما في السعودية.
وأشارت الى ان زيادة أحجام التداول في البورصة قد تستدعي السماح بعودة نظام وكلاء التداول الذي ثبت أنه ينشط التداول بشكل قوي.ودعت الدراسة البنوك الى العودة لممارسة دورها الأساسي في عمليات تمويل المتاجرة في الأسهم بدلاً من العودة لممارسة مهنة الوساطة باعتبار أن ذلك يعود عليها بأرباح مجزية إذا ما مورس بشكل احترافي ومدروس.
سنوات طويلة
وحسب الدراسة فقد عرفت دولة قطر شركات الوساطة المالية منذ ثمانينيات القرن الماضي أي قبل ما يزيد على عقد من الزمان على إنشاء سوق الدوحة للأوراق المالية في عام 1997، وكانت تلك الشركات تمارس عملها بصورة غير منظمة من خلال إعلانات الصحف اليومية عن المعروض من أسهم الشركات المساهمة التي لم يكن عددها يتجاوز آنذاك 16 شركة. وكانت الصفقات تتم من خلال الوسيط الذي يقوم بإجراءات نقل ملكية الأسهم للمشتري لدى الشركات المعنية. ومن بين تلك الشركات التي مارست هذه المهنة إلى جانب أعمال أخرى كالوساطة العقارية شركات: الوطن للاستثمار «المجموعة للأوراق المالية حالياً»، ومكتب الحق، ومكتب الأندلس، والناصر للتجارة.
وبعد أن تم تأسيس سوق الدوحة للأوراق المالية أصدر رئيس لجنة السوق قرارًا بالترخيص لثلاثة بنوك وطنية هي الوطني والتجاري والدوحة، للعمل كشركات وساطة لدى السوق وكان حجم التداول الشهري منخفضا جداً وتركز على قطاع واحد هو البنوك وبقيمة 24.6 مليون ريال في أغسطس 1997، ما يشير إلى أن البنوك كانت تقتصر في تداولاتها على أسهمها فقط. ثم تم الترخيص لأربع شركات وساطة «مساهمة مقفلة» هي المجموعة للأوراق المالية، مجموعة الاستثمارات الخليجية، العالمية للأوراق المالية، قطر للأوراق المالية، فارتفع إجمالي التداول إلى الضعف في الشهور التالية مع توسع التداول على كل الشركات المدرجة وعددها 18 شركة ليصل إلى 103 ملايين ريال في خمسة شهور. وفي وقت لاحق تم الترخيص للبنك الأهلي كوسيط وارتفع اجمالي التداول في السنوات التالية 1998-2001 بالترتيب إلى 70 و1232 و869 ثم 1504 ملايين ريال، وارتفع عدد الشركات المدرجة إلى 23 شركة.
وفي عام 2002م تم الترخيص للشركة الإسلامية للأوراق المالية فأصبح عدد الوسطاء تسع شركات، وارتفع عدد الشركات المدرجة إلى 25 شركة، وارتفع مؤشر السوق إلى 2324 نقطة مقارنة بـ 1000 نقطة مع بداية عام 1998. كما تضاعف إجمالي التداول في تلك السنة إلى 3215 مليون ريال. ورغم التحسن الملحوظ الذي طرأ على أداء السوق في عام 2002، فإن العائد السنوي لجميع شركات الوساطة التسع لم يتجاوز 18 مليون ريال- على أساس نسبة السمسرة البالغة 4 في الألف من قيمة كل صفقة- وبعد دفع 30% منها للسوق. وقد توزع الدخل على الشركات بنسبة حصة كل منها من التداول، أي بما يساوي 2 مليون ريال لكل منها في المتوسط، وكان العائد لا يكاد يغطي المصروفات التشغيلية لشركات الوساطة. وقد تحسن الأمر تدريجياً منذ عام 2003 نتيجة زيادة عدد الشركات المدرجة في البورصة إلى 28 شركة وفي مقدمتها شركة صناعات، ما رفع إجمالي قيمة التداول في عام 2003 إلى 11.7 مليار ريال، ثم تضاعف الرقم في عام 2004 إلى 23.1 مليار ريال وارتفع عدد الشركات المدرجة إلى 30 شركة.
وفي عام 2005 حدثت تحولات مهمة في أداء السوق نتيجة توافر السيولة الناتجة عن ارتفاع أسعار النفط وزيادة الإنفاق الحكومي فارتفع عدد الشركات المدرجة إلى 32 شركة، وتضاعفت قيمة المؤشر في سنة واحدة تقريباً إلى 11053 نقطة مع نهاية العام مقارنة بـ6494 نقطة نهاية عام 2004 وبالنتيجة قفز إجمالي التداول في عام 2005 إلى 102.8 مليار ريال بمتوسط 411.1 مليون ريال يومياً.
وقف البنوك
وتقرر في العام 2005 وقف ممارسة البنوك الأربعة لمهنة الوساط لدى سوق الدوحة للأوراق المالية نتيجة عدم قدرتها على المنافسة في سوق الوساطة المالية الذي يختلف اختلافاً جذرياً عن السوق المصرفية ويتعارض معه في مفاهيمه ومتطلباته. وتم الترخيص في المقابل لشركة دلالة للوساطة «وفرعها دلالة للوساطة» المدعوم من الحكومة بحيث تساهم البنوك الأربعة في أسهم الشركة الجديدة بنسبة 3% لكل منها، وأن يتم طرح بقية الأسهم للاكتتاب العام، وبذلك تلقص عدد شركات الوساطة العاملة في سوق الدوحة من 9 شركات إلى 7 شركات، وبقي الحال على ذلك حتى الآن.
وقد تمثل الدعم الحكومي لدلالة القابضة في مشاركة ثلاثة صناديق حكومية في رأسمالها كمؤسسين كما تمثل الدعم في الترخيص لدلالة للعمل لإدارة الصناديق.
وشهد عام 2006 تراجعاً تصحيحياً قوياً وصل بالمؤشر إلى 7133 نقطة، وبحجم التداول إلى 74.9 مليار ريال، ولكن الموشر وأحجام التداول عادا للارتفاع في العامين التاليين 2007 و2008 نتيجة ارتفاع أسعار النفط وزيادة الإنفاق العام، بحيث وصل إجمالي التداول في العام 2008 إلى 175.6 مليار ريال بمتوسط 702.4 مليون ريال يومياً، وارتفع عدد الشركات المدرجة إلى 43 شركة. إلا أن أرباح شركات الوساطة قد تأثرت في تلك الفترة بشدة بعاملين الأول هو قرار لجنة السوق خفض نسبة العمولة بنسبة 31% لتصبح 0.275% بدلاً من 0.4 «مع العلم أن الشركات كانت تمنح خصومات للعملاء على تلك النسبة»، والثاني ارتفاع المصاريف إلى الضعف نتيجة ارتفاع معدل التضخم في البلاد.
ومرة أخرى حدث تراجع قوي نتيجة تداعيات الأزمة العالمية وانخفض إجمالي التداول في عام 2009 إلى 92.9 مليار ريال، كما انخفض التداول أكثر في عام 2010، بحيث قد يصل الإجمالي مع نهاية العام إلى 70 مليار ريال فقط.
وقد تأثر أداء شركات الوساطة بشكل حاد بتراجع أحجام التداول في العامين الأخيرين، إضافة إلى بعض الإجراءات التي اتخذتها هيئة الأوراق المالية ومنها وقف الوكلاء عن العمل منذ يونيو 2009 ما حرم البورصة من تداولات كبيرة كانت تتم عن طرق هؤلاء الوكلاء. وبالنتيجة توقفت مارس 2010 وتكبدت الشركة الإسلامية القابضة خسائر عن نشاطها في أعمال الوساطة بحيث جاءت أرباح الشركة الصافية من أنشطة الاستثمار الأخرى. كما تأثرت نتائج شركة دلالة بحيث حققت خسارة صافية عام 2009 في حدود مليون ريال، ومُنيت بخسارة في الربع الثالث من العام 2010 بمفرده في حدود 2 مليون ريال. وكان تردي أوضاع معظم شركات الوساطة ظاهرة عامة عانت منها دول أخرى في المنطقة خاصة في الإمارات العربية المتحدة، ليس بسبب تدني أحجام التداول في العامين الأخيرين فقط، ولكن بسبب الزيادة الكبيرة في أعداد شركات الوساطة وضآلة حصص معظمها في إجمالي التداول، بما جعلها تعتمد في تغطية مصاريفها على الإيرادات الأخرى.
وتقوم شركات الوساطة المالية بدور مهم في خدمة الاقتصاد القطري لما تقوم به من خدمات لتسهيل تداول الأسهم. وتتنوع هذه الخدمات في الوقت الحاضر لتشمل الربط الالكتروني مع البورصة حيث أصبحت دورة تنفيذ الأمر تقل عن ثانيتين، وهو ما يستوجب استثمارات عالية في البنية الالكترونية تصل إلى عشرات الملايين من الريالات. ويصل الأمر إلى حد أن سرعة الخوادم لدى بعض شركات الوساطة تفوق ما لدى البنوك الكبيرة. كما تطلب الأمر من شركات الوساطة تعيين عدد كبير من العاملين يصل إلى المئات لتوفير الخدمات للعملاء في الوقت المناسب. وقد نجحت شركات الوساطة في جذب الاستثمارات الأجنبية الراغبة في الاستثمار في سوق الأسهم المحلي وذلك بتوفير أدوات الربط الالكترونية عن طريق رويترز وبلومبرج.
ومن الضروري التنويه بأن شركات الوساطة العاملة في قطر تدفع سنوياً 20% من دخلها- وليس من الأرباح- كرسوم مقابل الترخيص، وهذا الأمر الأخير يجعل شركات الوساطة - وكلها قطرية - هي الدافع الأكبر للضرائب حيث بلغ ما دفعته في عام 2008 فقط نحو 193 مليون ريال.
وأعمال الوساطة ليست بالأمر الهين بل تصاحبها في العادة مسؤوليات جسيمة ومخاطر قانونية كبيرة لعل من أبرزها أن مسؤولية الوسيط عن أعماله المالية في البورصة لا تسقط بموجب القانون إلا بعد مرور 15 سنة. ومن هنا فإنه بقدر ما تنمو تداولات الوسيط بقدر ما تزداد مسؤوليته عن صحة تلك التداولات، وهو ما يتطلب نظاماً دقيقاً ورقابة محكمة لكل الخطوات التي تمر بها عملية التداول الواحدة من الألف إلى الياء. ومثل هذا النظام وهذه الرقابة كفيلان بإثبات حقوق كل طرف في عملية التداول، وبدونها تحدث منازعات كتلك التي حدثت بين بعض شركات الوساطة وعملائها في السنوات الماضية.
والمفهوم السائد لدى الناس أن نشاط الوساطة في أي مجال مربح للغاية بذاته، وقد كان ذلك من بين العوامل التي رفعت سعر سهم دلالة عند طرحه للتداول في سوق الدوحة للأوراق المالية في ديسمبر 2005، حيث قفز سعر السهم في اليوم الأول إلى أكثر من 135 ريالاً للأسهم مقارنة بقيمته الاسمية البالغة عشرة ريالات فقط، ظناً من الجمهور أن الشركة ستحقق أرباحاً ضخمة، ولكن تبين بعد نشر أول ميزانية للشركة أن عائد السهم الواحدة لا يزيد عن 72 درهماً، فانخفض سعر السهم بشدة إلى نحو 25 ريالاً واستمر كذلك طيلة عام 2007 ثم استقر دون 20 ريالا في آخر ثلاث سنوات.
وقد صدرت في مارس الماضي تصريحات لمحافظ مصرف قطر المركزي أعرب فيها عن النية للسماح للبنوك بالعودة إلى ممارسة مهنة الوساطة المالية في بورصة قطر. ورغم مرور عشرة شهور على تلك التصريحات إلا أن التعليمات التنفيذية لم تصدر بعد بهذا الخصوص، وتردد أن المصرف المركزي قد كلف الوطني كابيتالز بإجراء دراسة حول هذه الموضوع.
الجدير بالذكر أن السماح للبنوك بممارسة مهنة الوساطة المالية يتعارض مع المعايير الدولية حيث تمنعها دول كالولايات المتحدة واليابان ودول الاتحاد الأوروبي، وتعتبر أنها من بين أسباب حدوث الأزمات المالية كما في أزمة عام 1929، وقد حدثت الأزمة المالية العالمية عام 2008 بسبب التراخي في فصل البنوك عن شركات الوساطة، حيث تم السماح للبنوك الاستثمارية بالعمل كوسطاء ماليين. وبغض النظر عما إذا كان الصواب هو في السماح للبنوك بممارسة مهنة الوساطة المالية أم لا، فإن واقع التراجع الحاد في أحجام التداول في العامين الأخيرين يضع علامة استفهام كبيرة على فكرة اضافة المزيد من شركات الوساطة لجهة تأثيره السلبي على أداء بقية شركات الوساطة «ومنها شركتان مساهمتان»، خاصة الضعيف منها، ويزيد من الأعباء المالية على كاهلها نتيجة ما تتطلبه من استثمارات ومصاريف إدارية وعمومية قد لا يغطيها الدخل المتوقع من نشاطها الجديد.
على أنه قد يكون لقرار عودة البنوك لمهنة الوساطة أسباب أخرى توخاها المصرف المركزي في المرحلة التي تسبق توسيع نشاط التداول في بورصة قطر باضافة أنشطة أخرى كتداول السندات مع العلم بأن دخل الوساطة من اصدار وتداول السندات ضعيف جداً، وتشير الأرقام المتاحة في سوق المال السعودي إلى أن صفقة واحدة فقط قد تمت في غضون شهرين بقيمة 1.5 مليون ريال
ربحية شركات الوساطة القطرية غير مضمونة .. وأوضاعها مرتبطة بحجم التداولات
تجربة البنوك القطرية غير موفقة وحصتها بلغت 15.1 % في 2005
اشتغال البنوك التجارية بمهنة الوساطة المالية يخلق إشكالية ازدواجية الرقابة بين المركزي وهيئة الأسواق
توصلت دراسة حول شركات الوساطة المالية في قطر (التطور التاريخي.. الإمكانات والتحدي) نشرها موقع "أرقام" إلى أن أعمال الوساطة المالية من الأمور التي تتطلب بناء أنظمة تنفيذ ومتابعة على أعلى مستوى من الدقة وذلك بدوره يتطلب استثمارات كبيرة وأن أعمال الوساطة يترتب عليها مخاطر قانونية جسيمة لا تنتهي باتمام الصفقات بل تظل قائمة مدة 15 سنة بعد انتهاء التداولات، وفق ما نص عليه قانون الهيئة. وفي المقابل نجد أن ربحية أعمال الوساطة ليست مضمونة بدليل ما حققته شركتا دلالة والإسلامية القابضة من نتائج ضعيفة.
2- إن أوضاع شركات الوساطة في قطر تعتمد إلى حد كبير على مستويات أحجام التداول في البورصة الأمر الذي يزداد طردياً مع زيادة عدد الشركات المدرجة في البورصة من ناحية، وعلى مستويات السيولة المتاحة للتداول، وهي بدورها تعتمد على مستوى النشاط الاقتصادي في البلاد ومعدل النمو الاقتصادي.
كما أشارت الدراسة الى أن تجربة البنوك القطرية في مجال الوساطة المالية كانت غير موفقة، ورغم أنها واكبت عمل السوق المالي منذ نشأته في عام 1997، وكان بإمكانها الاستحواذ على النصيب الأوفر من أعداد العملاء وتداولاتهم، إلا أن واقع التجربة يشير إلى عكس ذلك حيث تراجعت حصة جميع البنوك الأربعة إلى 15.1% فقط في عام 2005 بعد أن كانت تزيد على 37% في عام 2002، وما قبله.
كما رأت أن تراجع وتضاؤل حصة البنوك في إجمالي تداولات البورصة قد يكون عائداً إلى عدم اهتمامها بالقدر الكافي بمتطلبات هذا النشاط، وهو ما قد يُعزى إلى أن عائد الوساطة كان هامشياً بالمقارنة بعوائدها من أنشطتها المصرفية والتمويلية والاستثمارية الأخرى. وقد يكون ذلك راجعا إلى اعتمادها على التجهيزات المتاحة لها كبنوك وعلى اقتناعها بأن عملاءها المصرفيين سيمارسون صفقاتهم في البورصة من خلال مكاتبها وهو ما لم يحدث بالضرورة، حيث ذهب المتعاملون إلى شركات الوساطة التي ربما قدمت لهم خدمات أفضل.
وأشارت الى ان اشتغال البنوك التجارية في أعمال الوساطة كان يتم في دول أخرى من خلال شركات أو بنوك استثمارية يتم تأسيسها لهذا الغرض وبشكل مستقل عن نشاط البنوك المصرفي، وقد حدث ذلك في المملكة العربية السعودية منذ عام 2005 ورغم أن المشرع في دولة الإمارات العربية المتحدة قد ترك الباب مفتوحاً للبنوك التجارية لممارسة أعمال الوساطة المالية، إلا أن أياً منها لم يمارس هذه المهنة، ولايزال الوضع كذلك في الكويت، بعكس الحال في عُمان والبحرين اللتين تدنى فيهما التداول بشدة.
وأضافت الدراسة أن اشتغال البنوك التجارية بمهنة الوساطة المالية يخلق إشكالية ازدواجية الرقابة على تلك البنوك ما بين البنك المركزي وهيئة الأوراق المالية، بحيث يصبح على البنك الالتزام بتعليمات الجهتين وهو ما قد يُحدث نوعا من التضارب والتباطؤ في الاجراءات والمعاملات فتتقلص بذلك قدرة البنوك على المنافسة مع الشركات الأخرى.
ونوهت بأن التفكير في عودة البنوك إلى ممارسة مهنة الوساطة المالية في قطر قد تزامن مع حدوث انخفاض شديد في أحجام التداول بعد الأزمة المالية العالمية خاصة في عام 2010 ما أثر سلباً على مستويات أرباح شركات الوساطة، ومن ثم فإن عودة البنوك وزيادة عدد شركات الوساطة بدون حدوث زيادة حقيقية في أحجام التداول سيلحق الضرر بأوضاع تلك الشركات وقد يجعل البعض منها ينسحب من السوق كما حدث في دولتي الإمارات والسعودية، ويترتب على ذلك أضرار بالغة تلحق بالمساهمين، وتخل بسمعة البورصة. وأشارت الدراسة الى انه بالرغم من أن الربع الرابع وشهر ديسمبر 2010 بوجه خاص قد شهد ارتفاعاً كبيراً في أحجام التداول على ضوء التوقعات التي سبقت وترافقت مع خبر المونديال، إلا أن ذلك لا يشكل مقياساً قاطعاً يمكن البناء عليه. ورغم أن هناك توقعات صدرت عن مدير إدارة الإدراج بهيئة الأوراق المالية عن خطط لرفع عدد الشركات المدرجة في البورصة إلى 70 شركة، إلا أن ذلك يتم في وقت يتقلص فيه عدد الشركات بسبب الاندماجات.
وقالت الدراسة إن توسيع أعمال البورصة لتشمل أدوات مالية أخرى لم يحن أوانه بعد كما ورد في تصريحات السيد أندريه وينت الرئيس التنفيذي لبورصة قطر مؤخراً، وأن ذلك يستلزم الحصول على موافقة الجهات التنظيمية في الدولة، كما أنه يقتضي تجهيز الأسواق استعداداً لدخول تلك المنتجات من سندات وصكوك. كما أنه لن يكون مربحاً في ظل قلة عدد الصفقات التي تتم كما يحدث في السعودية.
كما أن المقارنة مع دول مجلس التعاون الأخرى قد أظهرت أن العدد الحالي لشركات الوساطة في قطر- نسبة إلى إجمالي التداولات- هو وضع جيد مقارنة بالدول الأخرى، فلا هو بالكثير كما في الإمارات والبحرين وعمان ولا بالقليل كما في السعودية.
وأشارت الى ان زيادة أحجام التداول في البورصة قد تستدعي السماح بعودة نظام وكلاء التداول الذي ثبت أنه ينشط التداول بشكل قوي.ودعت الدراسة البنوك الى العودة لممارسة دورها الأساسي في عمليات تمويل المتاجرة في الأسهم بدلاً من العودة لممارسة مهنة الوساطة باعتبار أن ذلك يعود عليها بأرباح مجزية إذا ما مورس بشكل احترافي ومدروس.
سنوات طويلة
وحسب الدراسة فقد عرفت دولة قطر شركات الوساطة المالية منذ ثمانينيات القرن الماضي أي قبل ما يزيد على عقد من الزمان على إنشاء سوق الدوحة للأوراق المالية في عام 1997، وكانت تلك الشركات تمارس عملها بصورة غير منظمة من خلال إعلانات الصحف اليومية عن المعروض من أسهم الشركات المساهمة التي لم يكن عددها يتجاوز آنذاك 16 شركة. وكانت الصفقات تتم من خلال الوسيط الذي يقوم بإجراءات نقل ملكية الأسهم للمشتري لدى الشركات المعنية. ومن بين تلك الشركات التي مارست هذه المهنة إلى جانب أعمال أخرى كالوساطة العقارية شركات: الوطن للاستثمار «المجموعة للأوراق المالية حالياً»، ومكتب الحق، ومكتب الأندلس، والناصر للتجارة.
وبعد أن تم تأسيس سوق الدوحة للأوراق المالية أصدر رئيس لجنة السوق قرارًا بالترخيص لثلاثة بنوك وطنية هي الوطني والتجاري والدوحة، للعمل كشركات وساطة لدى السوق وكان حجم التداول الشهري منخفضا جداً وتركز على قطاع واحد هو البنوك وبقيمة 24.6 مليون ريال في أغسطس 1997، ما يشير إلى أن البنوك كانت تقتصر في تداولاتها على أسهمها فقط. ثم تم الترخيص لأربع شركات وساطة «مساهمة مقفلة» هي المجموعة للأوراق المالية، مجموعة الاستثمارات الخليجية، العالمية للأوراق المالية، قطر للأوراق المالية، فارتفع إجمالي التداول إلى الضعف في الشهور التالية مع توسع التداول على كل الشركات المدرجة وعددها 18 شركة ليصل إلى 103 ملايين ريال في خمسة شهور. وفي وقت لاحق تم الترخيص للبنك الأهلي كوسيط وارتفع اجمالي التداول في السنوات التالية 1998-2001 بالترتيب إلى 70 و1232 و869 ثم 1504 ملايين ريال، وارتفع عدد الشركات المدرجة إلى 23 شركة.
وفي عام 2002م تم الترخيص للشركة الإسلامية للأوراق المالية فأصبح عدد الوسطاء تسع شركات، وارتفع عدد الشركات المدرجة إلى 25 شركة، وارتفع مؤشر السوق إلى 2324 نقطة مقارنة بـ 1000 نقطة مع بداية عام 1998. كما تضاعف إجمالي التداول في تلك السنة إلى 3215 مليون ريال. ورغم التحسن الملحوظ الذي طرأ على أداء السوق في عام 2002، فإن العائد السنوي لجميع شركات الوساطة التسع لم يتجاوز 18 مليون ريال- على أساس نسبة السمسرة البالغة 4 في الألف من قيمة كل صفقة- وبعد دفع 30% منها للسوق. وقد توزع الدخل على الشركات بنسبة حصة كل منها من التداول، أي بما يساوي 2 مليون ريال لكل منها في المتوسط، وكان العائد لا يكاد يغطي المصروفات التشغيلية لشركات الوساطة. وقد تحسن الأمر تدريجياً منذ عام 2003 نتيجة زيادة عدد الشركات المدرجة في البورصة إلى 28 شركة وفي مقدمتها شركة صناعات، ما رفع إجمالي قيمة التداول في عام 2003 إلى 11.7 مليار ريال، ثم تضاعف الرقم في عام 2004 إلى 23.1 مليار ريال وارتفع عدد الشركات المدرجة إلى 30 شركة.
وفي عام 2005 حدثت تحولات مهمة في أداء السوق نتيجة توافر السيولة الناتجة عن ارتفاع أسعار النفط وزيادة الإنفاق الحكومي فارتفع عدد الشركات المدرجة إلى 32 شركة، وتضاعفت قيمة المؤشر في سنة واحدة تقريباً إلى 11053 نقطة مع نهاية العام مقارنة بـ6494 نقطة نهاية عام 2004 وبالنتيجة قفز إجمالي التداول في عام 2005 إلى 102.8 مليار ريال بمتوسط 411.1 مليون ريال يومياً.
وقف البنوك
وتقرر في العام 2005 وقف ممارسة البنوك الأربعة لمهنة الوساط لدى سوق الدوحة للأوراق المالية نتيجة عدم قدرتها على المنافسة في سوق الوساطة المالية الذي يختلف اختلافاً جذرياً عن السوق المصرفية ويتعارض معه في مفاهيمه ومتطلباته. وتم الترخيص في المقابل لشركة دلالة للوساطة «وفرعها دلالة للوساطة» المدعوم من الحكومة بحيث تساهم البنوك الأربعة في أسهم الشركة الجديدة بنسبة 3% لكل منها، وأن يتم طرح بقية الأسهم للاكتتاب العام، وبذلك تلقص عدد شركات الوساطة العاملة في سوق الدوحة من 9 شركات إلى 7 شركات، وبقي الحال على ذلك حتى الآن.
وقد تمثل الدعم الحكومي لدلالة القابضة في مشاركة ثلاثة صناديق حكومية في رأسمالها كمؤسسين كما تمثل الدعم في الترخيص لدلالة للعمل لإدارة الصناديق.
وشهد عام 2006 تراجعاً تصحيحياً قوياً وصل بالمؤشر إلى 7133 نقطة، وبحجم التداول إلى 74.9 مليار ريال، ولكن الموشر وأحجام التداول عادا للارتفاع في العامين التاليين 2007 و2008 نتيجة ارتفاع أسعار النفط وزيادة الإنفاق العام، بحيث وصل إجمالي التداول في العام 2008 إلى 175.6 مليار ريال بمتوسط 702.4 مليون ريال يومياً، وارتفع عدد الشركات المدرجة إلى 43 شركة. إلا أن أرباح شركات الوساطة قد تأثرت في تلك الفترة بشدة بعاملين الأول هو قرار لجنة السوق خفض نسبة العمولة بنسبة 31% لتصبح 0.275% بدلاً من 0.4 «مع العلم أن الشركات كانت تمنح خصومات للعملاء على تلك النسبة»، والثاني ارتفاع المصاريف إلى الضعف نتيجة ارتفاع معدل التضخم في البلاد.
ومرة أخرى حدث تراجع قوي نتيجة تداعيات الأزمة العالمية وانخفض إجمالي التداول في عام 2009 إلى 92.9 مليار ريال، كما انخفض التداول أكثر في عام 2010، بحيث قد يصل الإجمالي مع نهاية العام إلى 70 مليار ريال فقط.
وقد تأثر أداء شركات الوساطة بشكل حاد بتراجع أحجام التداول في العامين الأخيرين، إضافة إلى بعض الإجراءات التي اتخذتها هيئة الأوراق المالية ومنها وقف الوكلاء عن العمل منذ يونيو 2009 ما حرم البورصة من تداولات كبيرة كانت تتم عن طرق هؤلاء الوكلاء. وبالنتيجة توقفت مارس 2010 وتكبدت الشركة الإسلامية القابضة خسائر عن نشاطها في أعمال الوساطة بحيث جاءت أرباح الشركة الصافية من أنشطة الاستثمار الأخرى. كما تأثرت نتائج شركة دلالة بحيث حققت خسارة صافية عام 2009 في حدود مليون ريال، ومُنيت بخسارة في الربع الثالث من العام 2010 بمفرده في حدود 2 مليون ريال. وكان تردي أوضاع معظم شركات الوساطة ظاهرة عامة عانت منها دول أخرى في المنطقة خاصة في الإمارات العربية المتحدة، ليس بسبب تدني أحجام التداول في العامين الأخيرين فقط، ولكن بسبب الزيادة الكبيرة في أعداد شركات الوساطة وضآلة حصص معظمها في إجمالي التداول، بما جعلها تعتمد في تغطية مصاريفها على الإيرادات الأخرى.
وتقوم شركات الوساطة المالية بدور مهم في خدمة الاقتصاد القطري لما تقوم به من خدمات لتسهيل تداول الأسهم. وتتنوع هذه الخدمات في الوقت الحاضر لتشمل الربط الالكتروني مع البورصة حيث أصبحت دورة تنفيذ الأمر تقل عن ثانيتين، وهو ما يستوجب استثمارات عالية في البنية الالكترونية تصل إلى عشرات الملايين من الريالات. ويصل الأمر إلى حد أن سرعة الخوادم لدى بعض شركات الوساطة تفوق ما لدى البنوك الكبيرة. كما تطلب الأمر من شركات الوساطة تعيين عدد كبير من العاملين يصل إلى المئات لتوفير الخدمات للعملاء في الوقت المناسب. وقد نجحت شركات الوساطة في جذب الاستثمارات الأجنبية الراغبة في الاستثمار في سوق الأسهم المحلي وذلك بتوفير أدوات الربط الالكترونية عن طريق رويترز وبلومبرج.
ومن الضروري التنويه بأن شركات الوساطة العاملة في قطر تدفع سنوياً 20% من دخلها- وليس من الأرباح- كرسوم مقابل الترخيص، وهذا الأمر الأخير يجعل شركات الوساطة - وكلها قطرية - هي الدافع الأكبر للضرائب حيث بلغ ما دفعته في عام 2008 فقط نحو 193 مليون ريال.
وأعمال الوساطة ليست بالأمر الهين بل تصاحبها في العادة مسؤوليات جسيمة ومخاطر قانونية كبيرة لعل من أبرزها أن مسؤولية الوسيط عن أعماله المالية في البورصة لا تسقط بموجب القانون إلا بعد مرور 15 سنة. ومن هنا فإنه بقدر ما تنمو تداولات الوسيط بقدر ما تزداد مسؤوليته عن صحة تلك التداولات، وهو ما يتطلب نظاماً دقيقاً ورقابة محكمة لكل الخطوات التي تمر بها عملية التداول الواحدة من الألف إلى الياء. ومثل هذا النظام وهذه الرقابة كفيلان بإثبات حقوق كل طرف في عملية التداول، وبدونها تحدث منازعات كتلك التي حدثت بين بعض شركات الوساطة وعملائها في السنوات الماضية.
والمفهوم السائد لدى الناس أن نشاط الوساطة في أي مجال مربح للغاية بذاته، وقد كان ذلك من بين العوامل التي رفعت سعر سهم دلالة عند طرحه للتداول في سوق الدوحة للأوراق المالية في ديسمبر 2005، حيث قفز سعر السهم في اليوم الأول إلى أكثر من 135 ريالاً للأسهم مقارنة بقيمته الاسمية البالغة عشرة ريالات فقط، ظناً من الجمهور أن الشركة ستحقق أرباحاً ضخمة، ولكن تبين بعد نشر أول ميزانية للشركة أن عائد السهم الواحدة لا يزيد عن 72 درهماً، فانخفض سعر السهم بشدة إلى نحو 25 ريالاً واستمر كذلك طيلة عام 2007 ثم استقر دون 20 ريالا في آخر ثلاث سنوات.
وقد صدرت في مارس الماضي تصريحات لمحافظ مصرف قطر المركزي أعرب فيها عن النية للسماح للبنوك بالعودة إلى ممارسة مهنة الوساطة المالية في بورصة قطر. ورغم مرور عشرة شهور على تلك التصريحات إلا أن التعليمات التنفيذية لم تصدر بعد بهذا الخصوص، وتردد أن المصرف المركزي قد كلف الوطني كابيتالز بإجراء دراسة حول هذه الموضوع.
الجدير بالذكر أن السماح للبنوك بممارسة مهنة الوساطة المالية يتعارض مع المعايير الدولية حيث تمنعها دول كالولايات المتحدة واليابان ودول الاتحاد الأوروبي، وتعتبر أنها من بين أسباب حدوث الأزمات المالية كما في أزمة عام 1929، وقد حدثت الأزمة المالية العالمية عام 2008 بسبب التراخي في فصل البنوك عن شركات الوساطة، حيث تم السماح للبنوك الاستثمارية بالعمل كوسطاء ماليين. وبغض النظر عما إذا كان الصواب هو في السماح للبنوك بممارسة مهنة الوساطة المالية أم لا، فإن واقع التراجع الحاد في أحجام التداول في العامين الأخيرين يضع علامة استفهام كبيرة على فكرة اضافة المزيد من شركات الوساطة لجهة تأثيره السلبي على أداء بقية شركات الوساطة «ومنها شركتان مساهمتان»، خاصة الضعيف منها، ويزيد من الأعباء المالية على كاهلها نتيجة ما تتطلبه من استثمارات ومصاريف إدارية وعمومية قد لا يغطيها الدخل المتوقع من نشاطها الجديد.
على أنه قد يكون لقرار عودة البنوك لمهنة الوساطة أسباب أخرى توخاها المصرف المركزي في المرحلة التي تسبق توسيع نشاط التداول في بورصة قطر باضافة أنشطة أخرى كتداول السندات مع العلم بأن دخل الوساطة من اصدار وتداول السندات ضعيف جداً، وتشير الأرقام المتاحة في سوق المال السعودي إلى أن صفقة واحدة فقط قد تمت في غضون شهرين بقيمة 1.5 مليون ريال