المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : رســـالة الــــيتيم {{ للشاعر /// محمد عبدالله قطبه /// }}..... رحمه الله



Red rose
15-01-2011, 05:05 PM
في غربتي في محنتي إني سأكتب قصتي = للبائسين لكل طفل في جحيم الوحشة

بالدمع أكتبها ودمعي صاحب في رحلتي = ودليل صدقي حين أرفع في القيامة حجتي

هو ترجماني خير من يحكي ويشرح لوعتي = ويسيطر الحزن الدفين على شفا كراستي

سأخطها رغم القيود فلن تكبل طاقتي = فلعل إحساـــساً يحــرك من ستدعى أمـــــتي

ولعل حبري يستحيل صواعقاَ في غضبة = هذي فصول صغتها فلتشهدوا يا إخـــوتي

أما الزمان فلست أعلم كيف دارت ساعتي = أما المكان فذكره يحيي بنفسي حسرتي

لا تسألوا عن صدق ما أحكي فتلك مصيبتي = أودعتها سر الفؤآد فمزقته رسالتي

قد كنت يوماً في بلادي في جنان عشيرتي = كالطير من فنن إلى فنن أسير بصحبتي

وأردد القرآن بين يدي أبي وبفرحة = اتلوا من الآيات حزباً أو أراجع سورتي

وأجول في تلك الظلال فأرتوي في جلستي = نبع القصيدة والحياة به سأرسم خطوتي

ويردد الشيخ المؤذن داعياً في خشيه = فأخف كالطير الصغير لكي أؤدي ركعتي

ويسبح قلبي في جلال داعياً في سجدتي = يارب لا تحرم فؤدي من معين عقيدتي

وأعود للبيت الحبيب أبي يداعب راحتي = فتـــضمني أمـــي لهـــا بحنــانها وبقـــبلة

إن أنسى لن أنسى أحاديث المساء وجدتي = تلك الأقاصيص التي تحيي بفكري عزتي

وأعيش في ذكرى صلاح أو جهاد حذيفة = صفحات مجد صاغها أهل الفعال بقوة

لكنها أمست أقاصيصاً تعاد بليلة = طيـــفاً كريمـــاً غاب عنـــي متلفاً لي مـــهجتي

جاءوا إلى البيت الحبيب بجندهم وبليلة = ظلماء حالكة السواد فدمروا لي قريتي

ياليتهم هدموا الجدار وما أبادوا أسرتي = ياليتهم تركوا الشموع تضيء لي في وحدتي

لكنني بتظلم لله أرفع دعوتي = وأقولـــها في حرقة طـــال اصــطباري أمـــتي

حقي عليكم ثابت بكتاب ربي سنتي = فعلام ينهبني الضباع وأنتم لي أسرتي

أطفالكم يتنقلون ويمرحون بفرحة = وأنا اليتيم مولولا بالصبر أمسح دمعتي

أنا لا أشكو بأس جوع سوف آكل لقمتي = أنا لا أقول عريت يكفي تقادم سترتي

إني لأخشى ذلك الكابوس حول عقيدتي = أخشى إذا أمسيت يوماَ منكراً لشريعتي

إني بني قومي كتبت لكم بدمعي قصتي = ما زدت حرفاً أو كذبت وتلك كل حقيقتي

سأظل أنتظر الجواب لمن يفض رسالتي = ولأجلكم يا قوم إني سوف أمسح دمعتي

أنا مسلم هذا هو الأمل المنير بغربتي = هذا هو الفجر القريب أراه يرفع رايتي



للشاعر القطري الدكتور //// محمد عبدالله قطبة...... رحمه الله

ودمتم بألف خير

Red rose
15-01-2011, 11:50 PM
الشاعر الدكتور //// محمد قطبة.... رحمه الله
ولد عام 1954، تلقى العلم على يدي والده الشاعر عبدالله عبدالرحمن قطبة رحمه الله. ومنذ نعومة أظفاره رضع حب هذه الأمة دينا ولغة وحضارة، فما زال يدفع عنها كل رزيئة ويصد عنها كل نائبة ويكتب ويعمل ويربي الأجيال لإعادتها على طريق الريادة مجدداً.
واصل رحلة تعليمه في المعهد الديني ليتتلمذ على أيدي العلماء وعلى رأسهم فضيلة العلامة الشيخ يوسف القرضاوي حفظه الله، والذي كان يحبه محبة خاصة لخلقه الرفيع وتدينه المعتدل، ناهيك عن نبوغه في الشعر.
في جامعة قطر، تخصص محمد قطبة في اللغة الإنجليزية، وأكمل دراساته العليا في جامعة (دَرَم – Durham) البريطانية. وقد كانت له سمعة مشهودة لدى كل من عرفه في أنحاء أوربا، حيث امتد نشاطه في القارة العجوز. حتى إن أهل الحيِّ الذي أقام في إحدى عائلاته المسيحية بكوا عندما رحل عنهم، وهم الذين ثاروا على تلك العائلة لإسكانهم طالباً مسلما بين ظهرانيهم. وما ذاك إلا بسبب خلقه الرفيع. قضى الفقيد نحو تسع سنوات في الغربة يدعو إلى الله، وأسلم نحو سبعة عشر قسيساً على يديه، ناهيك عن عشرات آخرين من العامة. ورغم تأخيره كتابة رسالة الدكتوراة إلى آخر ستة أشهر من بعثته، فإنه وُفـِّقَ لكتابتها دون خطأ إملائي واحد، وهي سابقة لم تعرف قبله في الجامعة. وعاد بعد ذلك إلى قطر ليعمل في الجامعة مدرساً لمهارات اللغة الإنجليزية والترجمة.
ومن بعدها تولى منصب مساعد وكيل وزير التربية والتعليم عندما بادر سمو الأمير إبان توليه ولاية العهد في عملية إصلاح التعليم في قطر. وكان يجهد نفسه في العمل حرصاً على تحسين التعليم إضافة إلى ضمان حقوق موظفي الوزارة. ولعل ذلك كان سبب إصابته بالجلطة الدماغية التي عطلت بعض أعضاء جسمه عن العمل.
ورغم حالته الصحية فإنه لم يتوقف عن خدمة الأمة، إذ عاد إلى الجامعة للتدريس مجدداً، إضافة إلى إدارته موقع (إسلام أون لاين - IslamonLine) لنشر تعاليم الدين الوسطية. ووافاه الأجل المحتوم إثر نزيف في المعدة في يوم التروية من ذي الحجة من عام 1421. ورغم دفنه بعد وفاته ببضع ساعات إلا أن الآلاف حضروا جنازته حالما علموا برحيله. حتى أن أستاذه الشيخ القرضاوي لم يتمكن من إدراك مراسم الدفن، وهو ما أبكاه حفظه الله على تلميذه النجيب.
***
لعلنا لا نتقوَّل على الحقيقة إذا قلنا إنه كان سميَّا في الاسم والمسمى لمحمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم. إذ كان خلقه أقرب ما يكون إلى القرآن، لا يمل من السلام على من يعرف ومن لا يعرف ولا تغادر البسمة شفتيه رغم ما لديه من أسباب المعاناة. حتى وهو على سرير المرض يعاني الجلطة التي بقيت آثارها معه إلى وفاته، لم يكف عن الاطمئنان على زواره، كأنه الزائر لا المريض.
أما عطاؤه وسعيه في قضاء حاجات الناس، فحدِّث ولا حرج. ولو أننا قصَرنا العطاء على بذل المال لكان ذلك وحده يكفيه. وليس عجباً أن يُقال في المجتمع القطري (إذا أردت أن تقضى لك حاجة، فاذهب إلى د. قطبة). وكم عرفت – بحكم علاقتي الخاصة به – أنه استدان بعضاً من المال ليقرضه لذوي الحاجة. فكان يصدق فيه قول الشاعر:
تعوَّدَ بَسط الكَفِّ، حتى لو انهُ دعاها لكفٍّ لم تطعه أناملهْ
تـَراهُ إذا ما جـِئتـَهُ مـُتــَهلـِّلاً كأنك تُعطيه الذي أنتَ سائلهْ
ولو لم يكن في كفـِّهِ غير روحِهِ لجادَ بها، فليتق اللهَ سائلهْ!
***
لقد كان الفقيد رحمه الله نبراساً لمن أراد الوصول. فعمل على أن يبلغ بخلقه ما يبلغه الصائم الذي لا يفطر والقائم الذي لا يفتر، وهو يتذكر في كل ذلك حكمة الرب في الموت والحياة {لِيَبْـلوَكُمْ أيُّكُمْ أحْسَنُ عَمَلاً}.