المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حكايات يصعب تجسيدها على المسرح ...



رجل تعليم
24-01-2011, 01:09 AM
...فالطير يرقص مذبوحا من حدة الألم.





يمارس هذا الوطن معي –ومنذ عهد بعيد – الأشياء ذاتها التي يمارسها القط على الفأر في صراعها الأزلي الشهير والمسمى " لعبة القط والفأر "...إلا أن الفرق بين اللعبين يكمن في أن القطط قررت أن تكون رحيمة في لعبها المستقبلي مع الفئران ،ولذلك يفاجئك القط هذه الأيام بنوع حاد من العصيان إذا أحضرته للبيت خصيصا كي يخلصك من فأر دخيل ...فيما وطني يصر للأسف على تعقب خطواتي المتعبة أينما كنت ...كلما لاح له خيالي إلا وأحضر أدواته الحادة في اللعب : التهميش – الإقصاء – الإحتقار – الإستفزاز – الإرهاب النفسي والكثير من المواطنين الجهلة الذين يسخرهم في لعبه الإفريقي الخشن معي ومع الملايين من أشباهي ...
أخبرته مرارا أني لم أعد أرغب في ممارسة أي نشاط معه بما في ذلك اللعب ...لقد استوعبت جيدا في أكثر من موقف وأكثر من مشهد أن اللعب لا يمكن أن ينجح كمشروع بملامح " الوداعة والتسامح " مع البعض ، ببساطة لأنهم يستعملون عضلاتهم بشكل مفرط ولا يلتزمون بقواعد اللعب الأساسية ...ولكن يبدو أني مرغم على التعامل مع وطن لا كرامة له ...سألته مرة – وكنا حينها في نزهة قصيرة على شاشة أخبار عالمية :
انظر إلى سبتة ومليلية والجزر الجعفرية ...لقوارب الموت والمافيا وسمسرة المنابر ...لهذه الأسماء التي جلست لعقود فوق كراسي البرلمان حتى تخشبت ملامحها فلم يعد باستطاعتها أن تحترم نداء العمر الذي يدعوها للرحيل طواعية رحمة بتجاعيد الوجه ...
لذلك الإمتداد اللامتناهي من الرمال ، لخصه الأقدمون في كلمة " الصحرء " وتركوك وجها لوجه أمام مسؤوليتك التارخية في استرجاعها بطريقة مشرفة على الأقل ، ووجها لوجه أمام ضميرك الغائب الذي تعذر عليه الحضور حتى الآن ...فكان أن قضى " التوقع " بأن يبقى الحال كما هو عليه إلى أن يرث الله البلاد والعباد ..

انظر أيها الوطن في الفواتير الباهظة التي يسددها المواطنون للمؤسسات الشرهة كي تعرف أنك ضيعت كرامتك ونزاهتك في الدفاع عن المستضعفين فيك ...للأثمنة الباهظة للدواء المغشوش كي تعرف أن السماسرة لم يتركوا سلعة تباع فيك إلا وحاصروها حتى وإن احتمت بصحة المرضى والثكالى واليتامى والأرامل ...لنسائك اللائي عبرن المحيطات في ظروف غامضة فانتهى بهن المطاف في مكان من كل العالم ...عينهن اليمنى على قلوبهن والأخرى على " الأم " البعيدة التي تنتظر حوالة إهانة جماعية عند انتهاء كل شهر ...
لهذه المنظومة الهائلة من أبنائك ، والذين أكرمتهم ذات إغماءة حلوة من إغماءاتك القليلة فمكنتهم من الحصول على صفة " موظف دولة " ...وحين قذفت بهم في الجبال وأخذتهم من "حقهم في اللعب " نسيت أن العيش في الجبال الشاهقة مكلف ومرهق ويصيب بالهشاشة المزمنة ..ولهذا نرى اليوم أن " واحدا منهم " مثلا يجلس الآن لساعات طويلة إلى النت بحثا عمن يساعده في الهجرة ...الهجرة نوعان كما تعلم يا وطني : هجرة خبز وهجرة كرامة ...والهجرة الثالثة التي لن تتبادر إلى ذهنك أبدا هي : هجرة الإغتسال من ذكرى " أنه كان يحيا فيك يوما "...

...يجلس الآن إلى مكتبه في القرية ...الكلاب أكرمكم الله لم تتوقف عن النباح منذ أن خيم الظلام على هذا المكان ...لاشك أنها شعرت بهذا الزائر الغريب الذي أرغمته عملية مسك النقط وتعبئة الدفاتر المدرسية والتصحيح والحراسة بعد انتهاء الدورة الدراسية الأولى على المبيت هنا حيث لا ماء ولا كهرباء ولا كرامة ولا وجه لهذا الوطن ...شبكة الكهرباء تبعد عن مكتبه قرابة خمسة عشر مترا فقط ، ورغم ذلك فإن المؤسسة التربوية الوحيدة هنا والمستوصف الذي يوزع الحقن ومضادات السعال بالمجان لم تشملهما تغطية الكهرباء لشيء في نفس " الكلخ " ...الكلخ هو الجهل أيها العالم المفتوح على أخبارنا ...
عاد رئيسه في العمل قبل قليل من دكان القرية بعدما عبأ قنينة الغاز ...أثار انتباهه ضوء خافت بالقاعة رقم 2 ...دخل ومع واحد من زملائه : ألم تنزل اليوم إلى المدينة ؟
قال : لا ..من الأفضل أن أبقى الليلة هنا ، غدا سنسلم النتائج للمتعلمين ..أمامي عمل وسأنتهي منه بعد ساعتين .
ولماذا لم توزع الشموع الثلاثة على زوايا المكتب كي تستفيد من إضاءة أفضل .؟
عادي يعني ، فسواء جمعتها في مكان واحد أو وزعتها على الزوايا فسأحصل تقريبا على نفس الجرعة " من الإهانة " خصوصا ونحن ندرك أننا لسنا في وضع رومانسي يدعونا للإستعانة " ببركة الشموع " .
قل لي : أتحتفل بعيد ميلادك ؟ كم عمرك ؟ إذا كان بعدد الشموع فعمرك ثلاث سنوات .
الحقيقة أني أحتفل بشيء أكثر أهمية وإلحاحا من عيد ميلادي ..سيدي الرئيس : لا كعكة في هذا الإحتفال لأن إشعال الشموع في هذه اللحظة بالضبط لإنجاز هذا الكم الهائل من الواجبات المهنية يعني أنني أحتفل بالنيابة " بعيد ميلاد البؤس " ...

تركاه وهما يرددان للمرة العاشرة أنها ينتظرانه على مائدة العشاء في منزلهما الوظيفي القريب ...سننتظرك فلا تتأخر .قال ربما . فانصرفا .
اشتقت لابنتي الصغيرة ...لواسطة العقد ...قلت ذلك صراحة لزوجتي البعيدة ...لم أشتق لأي منكم مثلما اشتقت لها ، لم ألعب معها كما ينبغي عند آخر لقاء لنا لأني كنت مشغولا بكتابة كم كبير من التقارير الكاذبة لوزارتنا ...من يكذب على من ؟؟؟كلانا يعرف الآخر ورغم ذلك يجب أن نكذب حتى تسير الأمور بشكل جيد ...فالوزارة مطالبة بأرشفة التقارير التي تصلها من كافة أنحاء الوطن حول فعاليات لا حصر لها ..في كل مناسبة دولية يطلبون منا تقارير حول الأنشطة المبرمجة احتفالا بالكذبات الكبيرة من قبيل" اليوم العالمي لحقوق الإنسان" " اليوم العالمي لمحاربة الفقر " " اليوم العالمي للنمل " " محاربة الأمية " " محاربة السرطان " " الكذب الأكبر والأصغر " ...يالها من نظريات تصيب بالدهشة خصوصا وأن العناوين توحي بأن العالم فعلا منشغل جدا بإنجاز وتفعيل هذه المشاريع وأجرأتها ...وفي كل مرة يجب أن نكتب تقريرا مفصلا نشرح فيه " سامحنا الله " أننا أولا نؤمن بما جاء في التوصيات وأن مدرستنا احتفلت بتاريخ كذا الموافق لكذا باليوم العالمي " للخجل من النفس " تطبيقا للمذكرة الوزارية الصادرة بتاريخ كذا والمسجلة تحت رقم كذا ...وقد برمجنا الأنشطة التالية والتي نتوخى منها إشاعة ثقافة " احترام الخجل من الذات " ... وانفض الجمع في الساعة كذا بحضور فلان وفلان من الذين حضروا وممن لن يحضروا أبدا لأن لديهم عملا نافعا يقومون به ،، وقد اختتم اللقاء بترتيل آيات بينات من الذكر الحكيم ترحما على شهداء هذا الوطن " الصدق والشفافية والإخلاص " ..ونلفت عناية جنابكم الموقر سيدي الوزير أن التعب والسهاد والأرق قد أصاب كل الحاضرين جراء العمل المتعب في الأوراش التي أقيمت على هامش الإحتفال، وأن ذلك لم يمنعهم من إبداء رغبتهم في التعاون مستقبلا حول كل ما من شأنه أن يشيع ثقافة هذه الأيام العالمية التي نتمنى أن تصبح كثيرة بعدد أيام السنة كي نحتفل كل يوم بمناسة عالمية ما ....
...لأجل هذا لن ألعب مجددا مع أمثالك يا وطني ...إسأل لي شمس الدوحة أن تكون رحيمة بي فقط واترك الباقي علي ...لا أنكر لك أنك علمتني الصبر في كل شيء تقريبا إلا الكرامة فهي ملك مشترك بيني وبينك ...سنحترم بعضنا رغم هذا الصدق الواضح في العداء ...سأغني لك من بعيد وستذكرني وتحفظ لي قبرا أوارى فيه حين سأعود في صندوق خشبي إن كنت سأعود جسدا كاملا ...لا تحزن أيها الوطن على مستقبل صديقك القديم ...غدا سيزع عنه ملابسه الصوفية الثقيلة وسيحفظ رويدا رويدا أسماء الشوارع الأخرى ...إن حالفه الحظ فسينتهي به المطاف كبستاني في حديقة أحد الأشقاء ...يقول إن له زهرات وسيهديها كل يوم لمن يحترم الوطن دونما حاجة لتدخل شرطة الأخلاق العامة ...سيحدث ابنته من هنالك كل مساء وسيعطيها ما دأب أن يعطيها من الحب والعهد ، إلا أنه سيتعذر عليه أن يمنحها ذاك العناق العنيف إلى أن تكون بجانبه من جديد ...
النعاس يغالب جسدك الآن يا وطني ..أرأيت كم هو " منوم " حديث الحقيقة المؤلم معك ...نم أنت ، أما أنا فقد أصابتني الثمالة من كثرة وقوفي المتكرر على عدم جدوى السهر فيك وبسببك إلى الأبد ..سأجد لي طريقة ما لأنام فيك مرغما ليلة أخرى ...ليلة تعقبها ليلة إثر ليال أخر إلى أن أجدني على رصيف المطار وذاك الزر الإلكتروني الذي يعمل وحده ، والذي سيكتب في ليلة خالدة وبأية لغة ممكنة " القاصدون الدوحة يتقدمون " ...
هل سيلتفت إلى الوراء وهو على الرصيف ؟؟ لن يفعل ذلك إن شاء الله .
22/01/2011

يتبع

رجل تعليم
30-01-2011, 01:04 AM
من قناة medi1sat التي تبث من طنجة اخترت لكم حلقة واحدة فقط من حلقات برنامج 24/24

برنامج 24/24 موعد استثنائي مع تحقيقات ميدانية ومواكبة مباشرة ترصد واقع وظروف اشتغال مختلف الأجهزة الأمنية بالمغرب - يبث البرنامج كل الاثنين مرتين في الشهر على الساعة0 21:2


الصحافي هنا يرافق فرقة أمنية لليلة كاملة ويرصد مشاهدا حية بأحياء العاصمة الرباط

هذه مشاهد واقعية وتكاد تكون السمة الغالبة لمختلف المدن

المرجو تشغيل الفيديو الذي يظهر يسار الصفحة وفرجة ممتعة

http://www.medi1tv.com/ar/emission2.aspx?type=12&id=821