Affable Lady
28-01-2011, 05:43 PM
http://www.m5zn.com/uploads/2011/1/28/photo/012811060158xz0nk8b75dxl8jnqp.jpg (http://games.m5zn.com/cooking_games.html)
حظيت شواهد القبور في التراث الغربي بعناية كبيرة، وزينت بعبارات نثرية أو شعرية قصيرة تصف -في الغالب- حياة صاحب الضريح، بالسلب أو الإيجاب بحسب واقع تلك الحياة. من ذلك، ما نقش على قبر أسخيلوس -أبو المسرح اليوناني-: (هذا القبر يغطي رفات أسخيلوس ابن يورفيون الذي ولد بأثينا، ومات في سهول جيلا الخصبة، وإنه لفي استطاعة غابات الماراثون الشهيرة المقدسة، وفي مقدور المديين ذوي الشعور المرسلة أن يتحدثوا عن علم مكين بجراءته وشجاعته وإقدامه في ساحة الوغى)، وحمل قبر أريبيوس الروماني العبارة التالية: (أيها المار من هنا: كما أنت الآن كنت أنا، وكما أنا الآن ستكون أنت، فتمتع بالحياة لأنك فانٍ)، أما قبر ماكسميليان روبسبير -جلاد الثورة الفرنسية- فنقش عليه ما يلي: (أيها المار من هنا: لا تحزن على موتي، فلو كنت أنا مكانك لكنت أنت مكاني)، وأوصى شكسبير بدوره بأن تكتب هذه العبارة: (فليبارك الله من يحفظ هذه الاحجار، ويلعن ذلك الذي يحرك عظامي)، أما الشاعر الأمريكي تشارلز بوكفسكي فاكتفى بالعبارة التالية: "لا تحاول" كشاهد على قبره، محيلاً القارئ إلى قصيدته: دحرِج النرد، والتي يقول فيها: (إن تحاول، عليك المضي حتى النهاية، وإلا لا تبدأ حتى).
أما في التراث الإسلامي فلم تحظى هذه الظاهرة بذاك الانتشار الموجود في التراث الغربي، وسبب ذلك هو الحكم الشرعي للكتابة على القبور، إذ يرى فقهاء المالكية والشافعية والحنابلة كراهة الكتابة على القبر مطلقاً إن كانت للتعريف والتمييز، وتحرم إذا قُصد بها المباهاة والتعظيم، وذهب الحنفية وبعض الشافعية إلى أنه لا بأس بالكتابة إن احتيج إليها حتى لا يذهب الأثر ولا يمتهن. ومع هذا، لا تخلو بعض الأضرحة من شواهد، فأبو العلاء المعري أوصى ان يُكتَب على شاهد قبره: (هذا جناه أبي عليّ *** وما جنيت على أحد)، وعبد الرحمن الكواكبي نقش على قبره: (قفوا وأقرأوا أم الكتاب وسلموا *** عليه فهذا القبر قبر الكواكبي)، والحاجب المنصور بن أبي عامر -أحد ملوك الأندلس-: (آثاره تنبيك عن أخباره *** حتى كأنك بالعيون تراه).
وليس الهدف هنا الخوض في الحكم الشرعي المذكور، أو الدعوة إلى شواهد القبور، والكتابة عليها، إنما هي دعوة لوقفة مع ذواتنا، فقبر كل منا سيحمل شاهداً معنوياً، يُسطّر عنواناً لحياتنا شئنا أم أبينا، فما حجم رضانا عن انفسنا؟ هل نحن في طريقنا لتحقيق انجاز، أو بصمة تستحق أن تخلدها شواهدنا؟، هل سنكون من الزائدين على الحياة؟،
أم سيقال فينا: قد مروا وهذا الأثر!
عزيزي القارئ: أي عبارة تتمنى يُخلّدك بها ذاك الشاهد المعنوي؟
أخبرني ...
"مما أعجبني عن مفرداتي"
حظيت شواهد القبور في التراث الغربي بعناية كبيرة، وزينت بعبارات نثرية أو شعرية قصيرة تصف -في الغالب- حياة صاحب الضريح، بالسلب أو الإيجاب بحسب واقع تلك الحياة. من ذلك، ما نقش على قبر أسخيلوس -أبو المسرح اليوناني-: (هذا القبر يغطي رفات أسخيلوس ابن يورفيون الذي ولد بأثينا، ومات في سهول جيلا الخصبة، وإنه لفي استطاعة غابات الماراثون الشهيرة المقدسة، وفي مقدور المديين ذوي الشعور المرسلة أن يتحدثوا عن علم مكين بجراءته وشجاعته وإقدامه في ساحة الوغى)، وحمل قبر أريبيوس الروماني العبارة التالية: (أيها المار من هنا: كما أنت الآن كنت أنا، وكما أنا الآن ستكون أنت، فتمتع بالحياة لأنك فانٍ)، أما قبر ماكسميليان روبسبير -جلاد الثورة الفرنسية- فنقش عليه ما يلي: (أيها المار من هنا: لا تحزن على موتي، فلو كنت أنا مكانك لكنت أنت مكاني)، وأوصى شكسبير بدوره بأن تكتب هذه العبارة: (فليبارك الله من يحفظ هذه الاحجار، ويلعن ذلك الذي يحرك عظامي)، أما الشاعر الأمريكي تشارلز بوكفسكي فاكتفى بالعبارة التالية: "لا تحاول" كشاهد على قبره، محيلاً القارئ إلى قصيدته: دحرِج النرد، والتي يقول فيها: (إن تحاول، عليك المضي حتى النهاية، وإلا لا تبدأ حتى).
أما في التراث الإسلامي فلم تحظى هذه الظاهرة بذاك الانتشار الموجود في التراث الغربي، وسبب ذلك هو الحكم الشرعي للكتابة على القبور، إذ يرى فقهاء المالكية والشافعية والحنابلة كراهة الكتابة على القبر مطلقاً إن كانت للتعريف والتمييز، وتحرم إذا قُصد بها المباهاة والتعظيم، وذهب الحنفية وبعض الشافعية إلى أنه لا بأس بالكتابة إن احتيج إليها حتى لا يذهب الأثر ولا يمتهن. ومع هذا، لا تخلو بعض الأضرحة من شواهد، فأبو العلاء المعري أوصى ان يُكتَب على شاهد قبره: (هذا جناه أبي عليّ *** وما جنيت على أحد)، وعبد الرحمن الكواكبي نقش على قبره: (قفوا وأقرأوا أم الكتاب وسلموا *** عليه فهذا القبر قبر الكواكبي)، والحاجب المنصور بن أبي عامر -أحد ملوك الأندلس-: (آثاره تنبيك عن أخباره *** حتى كأنك بالعيون تراه).
وليس الهدف هنا الخوض في الحكم الشرعي المذكور، أو الدعوة إلى شواهد القبور، والكتابة عليها، إنما هي دعوة لوقفة مع ذواتنا، فقبر كل منا سيحمل شاهداً معنوياً، يُسطّر عنواناً لحياتنا شئنا أم أبينا، فما حجم رضانا عن انفسنا؟ هل نحن في طريقنا لتحقيق انجاز، أو بصمة تستحق أن تخلدها شواهدنا؟، هل سنكون من الزائدين على الحياة؟،
أم سيقال فينا: قد مروا وهذا الأثر!
عزيزي القارئ: أي عبارة تتمنى يُخلّدك بها ذاك الشاهد المعنوي؟
أخبرني ...
"مما أعجبني عن مفرداتي"