bshayer
15-02-2011, 02:01 PM
ان مادعاني لكتابة هذا الموضوع هو ما لاحظته في الآونة الأخير ة في أبناء وطننا الغالي بدأت بعض القبائل تبحث عن أصلها لتثبت ما يسمى قبيلي و تنفي عن اسمها لقب ما يسمى خضيري . بالمفهوم العام .
والبحث عن الأصل أمر مسلم فيه ولكن الغير مسلّم هو التعصب لهذا الأمر والنظر إلى الآخرين بنظرة دينيوية ، وهو لا يعلم أنه ما يقوم به مذموما شرعا . ورغبة مني في إيصال الفائدة لمن لديه هذه النزعة فأنني بحثت في الموضوع وتوصلت لما يلي :
أولاً : نهي الرسول صلى الله عليه وسلم عن التفاخر .
قال صلى الله عليه وسلم (وَإِنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَيَّ أَنْ تَوَاضَعُوا حَتَّى لَا يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ ، وَلَا يَبْغِي أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ ) صحيح مسلم .
والفخر هو التباهي بالمكارم والمناقب من حسب ونسب وغير ذلك سواء كان فيه أو في آبائه، أي لا يباهي
(أحد) مستعليًا بفخره
(على أحد) ليس كذلك فالخلق من أصل واحد، والنظر إلى العرض الحاضر الزائل ليس من شأن العاقل
دليل الفالحين شرح رياض الصالحين
ثانياً : نهي الرسول صلى الله عليه وسلم عن السخرية قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ) سورة الحجرات ، آية : 11 .
والطعن بالأنساب من السخرية التي نهى الله عنها .
ثالثاً : أمره سبحانه وتعالى بخفض الجناح للمؤمنين .
قال تعالى : ( وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) - سورة الشعراء آية 215
والطعن بالأنساب مناقض لذلك .
رابعاً : نهي الله سبحانه وتعالى عن تزكية النفس .
قال تعالى : ( فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى )- سورة النجم من الآية 32
فالله هو الذي يزكي وجعل المعيار في ذلك هو التقوى
خامساً : التفاخر بالأنساب صفة جاهلية مذمومة
قال رسول الله َصلَى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( ” أَرْبَعٌ فِي أُمَّتِي مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ ، لَا يَتْرُكُونَهُنَّ : الْفَخْرُ فِي الْأَحْسَابِ ، وَالطَّعْنُ فِي الْأَنْسَابِ ، وَالْاسْتِسْقَاءُ بِالنُّجُومِ ، وَالنِّيَاحَةُ )”صحيح مسلم .
المعنى : الْفَخْرُ فِي الْأَحْسَابِ: هو ما يعده الإنسان له ولآبائه من شجاعة وفصاحة ونحو ذلك
وَالطَّعْنُ فِي الْأَنْسَابِ أي : الوقوع فيها بالذم والعيب, أو بقدح في نسب أحد من الناس, فيقول : ليس هو من ذرية فلان, أو يعيره بما في آبائه من المطاعن
سادساً : الطعن في النسب من أعمال الكافرين
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( ” اثْنَتَانِ فِي النَّاسِ هُمَا بِهِمْ كُفْرٌ : الطَّعْنُ فِي النَّسَبِ وَالنِّيَاحَةُ عَلَى الْمَيِّتِ) صحيح مسلم .
أي: إنهما من أعمال الكفار، ومن خصال الجاهليين.
سابعاً : وصف الرسول صلى الله عليه و سلم من عير بالنسب أن فيه جاهلية .
عَنِ المَعْرُورِ بْنِ سُوَيْدٍ ، قَالَ : لَقِيتُ أَبَا ذَرٍّ بِالرَّبَذَةِ ، وَعَلَيْهِ حُلَّةٌ ، وَعَلَى غُلاَمِهِ حُلَّةٌ ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ ، فَقَالَ : إِنِّي سَابَبْتُ رَجُلًا فَعَيَّرْتُهُ بِأُمِّهِ ، فَقَالَ لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( “ يَا أَبَا ذَرٍّ أَعَيَّرْتَهُ بِأُمِّهِ ؟ إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ) ،صحيح البخاري
ثامناً :” نفي الأفضلية عدا الدين والعمل الصالح .
عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : “ ( إِنَّ أَنْسَابَكُمْ هَذِهِ لَيْسَتْ بِسِبَابٍ عَلَى أَحَدٍ ، وَإِنَّمَا أَنْتُمْ وَلَدُ آدَمَ ، طَفُّ الصَّاعِ لَمْ تَمْلَئُوهُ ، لَيْسَ لِأَحَدٍ عَلَى أَحَدٍ فَضْلٌ إِلَّا بِالدِّينِ أَوْ عَمَلٍ صَالِحٍ) أخرجه أحمد وصححه الألباني .
تاسعاً : المنزلة عند الله بالعلم والإيمان والتقوى
1. إثبات رفع منزلة أهل العلم والإيمان
لم يذكر الله سبحانه وتعالى أنه رفع منزلة أحد إلا من جمع بين العلم والإيمان قال تعالى (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ (11) سورة المجادلة
2. أكرم الناس أتقاهم
قال تعالى ( يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ) سورة الحجرات ، آية : 12 .
: النسب لا يقرب عند الله منزلة .
: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : َ ( مَنْ أَبْطَأَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ )صحيح مسلم .
قال النووي رحمه الله :
” مَعْنَاهُ : مَنْ كَانَ عَمَله نَاقِصًا , لَمْ يُلْحِقهُ بِمَرْتَبَةِ أَصْحَاب الْأَعْمَال , فَيَنْبَغِي أَلَّا يَتَّكِل عَلَى شَرَف النَّسَب , وَفَضِيلَة الْآبَاء , وَيُقَصِّر فِي الْعَمَل ” انتهى من شرح صحيح مسلم .
ومن الأمثلة على ذلك .
3. منزلة أبي لهب مع أنه من أشراف قريش وعم الرسول صلى الله عليه وسلم نزلت في سورة تذمه إلى يوم القيامة قال تعالى (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1) مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ (2) سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ (3) وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (4) فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ (5)
أي خسرت وهلكت ,وهذا الذم والدعاء عليه في الدنيا ولعذاب الآخرة أكبر
: ذم القتال عصبية قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ قَاتَلَ تَحْتَ رَايَةٍ عُمِّيَّةٍ يُقَاتِلُ عَصَبِيَّةً ، وَيَغْضَبُ لِعَصَبِيَّةٍ فَقِتْلَتُهُ جَاهِلِيَّةٌ ) صحيح سنن النسائي
ومع أن الجهاد هو سنام الإسلام وساعة فيه خير من قيام ليلة القدر إلا أن القتال من أجل من مات فيه لم يكن لها شهادة ولا إيمان .
: علاقة الله سبحانه وتعالى بالعباد لا ترتبط بالنسب وإنما بالإيمان والكفر
قال تعالى ( ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ (10) وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آَمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (11) سورة التحريم
فنسب امرأة نوح ولوط ، لم يقربهما من الله منزلتهما عند الله سبحانه وتعالى ، وكذلك امرأة فرعون لم يقربها منزلة إلا إيمانها وصبرها .
: أمر الله سبحانه وتعالى بالتعترف على الأنساب لهدف واحد وهو صلة الأرحام
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( ” تَعَلَّمُوا مِنْ أَنْسَابِكُمْ مَا تَصِلُونَ بِهِ أَرْحَامَكُمْ ، فَإِنَّ صِلَةَ الرَّحِمِ مَحَبَّةٌ فِي الأَهْلِ ، مَثْرَاةٌ فِي المَالِ ، مَنْسَأَةٌ فِي الأَثَرِ) أخرجه الترمذي إسناده جيد .
أي من أسماء آبائكم وأجدادكم وأعمامكم وأخوالكم وسائر أقاربكم
: شبهه الرسول صلى الله عليه وسلم بالجعل الذي يدهده الخراء .
هريرة رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَل قَدْ أَذْهَبَ عَنْكُمْ عُبِّيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ وَفَخْرَهَا بِالآْبَاءِ ، مُؤْمِنٌ تَقِيٌّ ، وَفَاجِرٌ شَقِيٌّ ، أَنْتُمْ بَنُو آدَمَ وَآدَمُ مِنْ تُرَابٍ ، لَيَدَعَنَّ رِجَالٌ فَخْرَهُمْ بِأَقْوَامٍ ، إِنَّمَا هُمْ فَحْمٌ مِنْ فَحْمِ جَهَنَّمَ ، أَوْ لَيَكُونُنَّ أَهْوَنَ عَلَى اللَّهِ مِنَ الْجِعْلاَنِ الَّتِي تَدْفَعُ بِأَنْفِهَا النَّتِنَ ) أخرجه الترمذي وأبو داود ، وحسَّنه الألباني في ” صحيح الترمذي ” .
والعبية - بضم العين وكسرها - : الكبر والفخر ، الجِعلان : دويبة سوداء ، كالخنفساء تدير الخراء بأنفها .
قال المباركفوري – رحمه الله - :
” قال الخطَّابي : معناه : أن الناس رجلان : مؤمن تقي فهو الخيِّر الفاضل ، وإن لم يكن حسيباً في قومه ، وفاجر شقي فهو الدني وإن كان في أهله شريفاً رفيعاً . انتهى .
ثانيا نتيجة التفاخر في الآخرة :
عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ ، قَالَ : انْتَسَبَ رَجُلَانِ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَحَدُهُمَا : أَنَا فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ ، فَمَنْ أَنْتَ لَا أُمَّ لَكَ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( ” انْتَسَبَ رَجُلَانِ عَلَى عَهْدِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا : أَنَا فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ حَتَّى عَدَّ تِسْعَةً ، فَمَنْ أَنْتَ لَا أُمَّ لَكَ ؟ فَقَالَ : أَنَا فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ ابْنُ الْإِسْلَامِ ، فَأَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى مُوسَى : إِنَّ هَذَيْنِ الْمُنَتَسِبَيْنِ : أَمَّا أَنْتَ أَيُّهَا الْمُنْتَمِي أَوِ الْمُنْتَسِبُ إِلَى تِسْعَةٍ فِي النَّارِ فَأَنْتَ عَاشِرُهُمْ فِي النَّارِ ، وَأَمَّا أَنْتَ يَا هَذَا الْمُنْتَسِبُ إِلَى اثْنَيْنِ فَأَنْتَ ثَالِثُهُمَا فِي الْجَنَّةِ ) * أخرجه أحمد وصححه الهيثمي والألباني .
الأحاديث التي يحتج بها الناس للتفاخر :
الحديث الأول : عَنْ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَالَ : أَتَى نَاسٌ مِنَ الْأَنْصَارِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالُوا : إِنَّا نَسْمَعُ مِنْ قَوْمِكَ حَتَّى يَقُولَ الْقَائِلُ مِنْهُمْ : إِنَّمَا مِثْلُ مُحَمَّدٍ مِثْلُ نَخْلَةٍ نَبَتَتْ فِي كِبَا - قَالَ حُسَيْنٌ : الْكِبَا : الْكُنَاسَةُ - . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ” أَيُّهَا النَّاسُ ، مَنْ أَنَا ؟ ” . قَالُوا : أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ . قَالَ : ” ( أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ - قَالَ : فَمَا سَمِعْنَاهُ قَطُّ يَنْتَمِي قَبْلَهَا - أَلَا إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ خَلْقَهُ ، فَجَعَلَنِي مِنْ خَيْرِ خَلْقِهِ ، ثُمَّ فَرَّقَهُمْ فِرْقَتَيْنِ فَجَعَلَنِي مِنْ خَيْرِ الْفِرْقَتَيْنِ ، ثُمَّ جَعَلَهُمْ قَبَائِلَ فَجَعَلَنِي مِنْ خَيْرِهِمْ قَبِيلَةً ، ثُمَّ جَعَلَهُمْ بُيُوتًا ، فَجَعَلَنِي مِنْ خَيْرِهِمْ بَيْتًا ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ بَيْتًا وَخَيْرُكُمْ نَفْسًا ” صحيح الجامع
عنوَاثِلَةَ بْنَ الْأَسْقَعِ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ” إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى كِنَانَةَ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ ، وَاصْطَفَى قُرَيْشًا مِنْ كِنَانَةَ ، وَاصْطَفَى مِنْ قُرَيْشٍ بَنِي هَاشِمٍ ، وَاصْطَفَانِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ ) صحيح مسلم الحديث الثاني : قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ” أَنَا النَّبِيُّ لاَ كَذِبْ ، أَنَا ابْنُ عَبْدِ المُطَّلِبْ “صحيح البخاري .
ويمكن الجمع بين الأحاديث بما يلي:
الوجه الأول: أن الذي ورد ذمه في النصوص هو ما كان على سبيل التفاخر، والتنقص للآخرين، وهذا ممتنع في حقه صلى الله عليه وسلم، وعليه فإذا خلا الإخبار من هذا السبب فلا حرج فيه، قال شيخ الإسلام -في المنهاج 7/256-: “إن التفضيل إذا كان على وجه الغض من المفضول في النقص له نهي عن ذلك،كما نهى عن تفضيله على موسى، وكما قال لمن قال: يا خير البرية، قال: “ذاك إبراهيم”، وصح قوله: ” أنا سيد ولد آدم، ولا فخر آدم” انتهى،
انظر : مقال التفاخر بالأنساب.. والعصبية الجاهلية! (نحن قوم أعزنا الله بالإسلام، عادل العبيد http://www.aljura.com/vb/showthread.php?t=5439
احتجاج البعض في اشتراط القرشية في الخلافة .
أقول : هذا ثابت في الأحاديث الآتية :
قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” الْأَئِمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ
أخرجه البيهقي وصححه .
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ” قَدِّمُوا قُرَيْشًا وَلَا تَقَدَّمُوهَا
صححه الألباني وقال ابن حجر : حسن مرسل
وهذه المسألة خلافية والراجح ثبوتها . وليس فيها دليل على التعصب للقبائل أو طعن بالأنساب بل ذكر العلماء لذلك حكمة : وهي : أن قريشًا كانوا عصبة مضر، وأصلهم، وأهل الغلب منهم، وكان لهم على سائر مضر العزة بالكثرة والعصبية والشرف، فكان سائر العرب يعترف لهم بذلك، ويستكينون لغلبهم، فلو جُعل الأمر في سواهم لتوقع افتراق الكلمة بمخالفتهم، وعدم انقيادهم، ولا يقدر غيرهم من قبائل مضر أن يردهم عن الخلاف، ولا يحملهم على الكره، فتفترق الجماعة وتختلف الكلمة.
والشارع يحذر من ذلك حريص على اتفاقهم، ورفع التنازع والشتات بينهم؛ لتحصل اللحمة والعصبية وتحسن الحماية، بخلاف ما إذا كان الأمر في قريش؛ لأنهم قادرون على سوق الناس بعصا الغلب إلى ما يراد منهم، فلا يخشى من أحد خلافٌ عليهم ولا فرقة، لأنهم كفيلون حينئذٍ بدفعها، ومنع الناس منها،
انظر تاريخ ابن خلدون ، 1 / 15 .
شخصيات متناقضة
هناك من يفتخر بنسبه ويطعن بنسب غيره ثم يتزوج من خارج البلاد لا يعرف لها أصلا ولا نسبا ولا حسبا
والبحث عن الأصل أمر مسلم فيه ولكن الغير مسلّم هو التعصب لهذا الأمر والنظر إلى الآخرين بنظرة دينيوية ، وهو لا يعلم أنه ما يقوم به مذموما شرعا . ورغبة مني في إيصال الفائدة لمن لديه هذه النزعة فأنني بحثت في الموضوع وتوصلت لما يلي :
أولاً : نهي الرسول صلى الله عليه وسلم عن التفاخر .
قال صلى الله عليه وسلم (وَإِنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَيَّ أَنْ تَوَاضَعُوا حَتَّى لَا يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ ، وَلَا يَبْغِي أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ ) صحيح مسلم .
والفخر هو التباهي بالمكارم والمناقب من حسب ونسب وغير ذلك سواء كان فيه أو في آبائه، أي لا يباهي
(أحد) مستعليًا بفخره
(على أحد) ليس كذلك فالخلق من أصل واحد، والنظر إلى العرض الحاضر الزائل ليس من شأن العاقل
دليل الفالحين شرح رياض الصالحين
ثانياً : نهي الرسول صلى الله عليه وسلم عن السخرية قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ) سورة الحجرات ، آية : 11 .
والطعن بالأنساب من السخرية التي نهى الله عنها .
ثالثاً : أمره سبحانه وتعالى بخفض الجناح للمؤمنين .
قال تعالى : ( وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) - سورة الشعراء آية 215
والطعن بالأنساب مناقض لذلك .
رابعاً : نهي الله سبحانه وتعالى عن تزكية النفس .
قال تعالى : ( فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى )- سورة النجم من الآية 32
فالله هو الذي يزكي وجعل المعيار في ذلك هو التقوى
خامساً : التفاخر بالأنساب صفة جاهلية مذمومة
قال رسول الله َصلَى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( ” أَرْبَعٌ فِي أُمَّتِي مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ ، لَا يَتْرُكُونَهُنَّ : الْفَخْرُ فِي الْأَحْسَابِ ، وَالطَّعْنُ فِي الْأَنْسَابِ ، وَالْاسْتِسْقَاءُ بِالنُّجُومِ ، وَالنِّيَاحَةُ )”صحيح مسلم .
المعنى : الْفَخْرُ فِي الْأَحْسَابِ: هو ما يعده الإنسان له ولآبائه من شجاعة وفصاحة ونحو ذلك
وَالطَّعْنُ فِي الْأَنْسَابِ أي : الوقوع فيها بالذم والعيب, أو بقدح في نسب أحد من الناس, فيقول : ليس هو من ذرية فلان, أو يعيره بما في آبائه من المطاعن
سادساً : الطعن في النسب من أعمال الكافرين
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( ” اثْنَتَانِ فِي النَّاسِ هُمَا بِهِمْ كُفْرٌ : الطَّعْنُ فِي النَّسَبِ وَالنِّيَاحَةُ عَلَى الْمَيِّتِ) صحيح مسلم .
أي: إنهما من أعمال الكفار، ومن خصال الجاهليين.
سابعاً : وصف الرسول صلى الله عليه و سلم من عير بالنسب أن فيه جاهلية .
عَنِ المَعْرُورِ بْنِ سُوَيْدٍ ، قَالَ : لَقِيتُ أَبَا ذَرٍّ بِالرَّبَذَةِ ، وَعَلَيْهِ حُلَّةٌ ، وَعَلَى غُلاَمِهِ حُلَّةٌ ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ ، فَقَالَ : إِنِّي سَابَبْتُ رَجُلًا فَعَيَّرْتُهُ بِأُمِّهِ ، فَقَالَ لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( “ يَا أَبَا ذَرٍّ أَعَيَّرْتَهُ بِأُمِّهِ ؟ إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ) ،صحيح البخاري
ثامناً :” نفي الأفضلية عدا الدين والعمل الصالح .
عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : “ ( إِنَّ أَنْسَابَكُمْ هَذِهِ لَيْسَتْ بِسِبَابٍ عَلَى أَحَدٍ ، وَإِنَّمَا أَنْتُمْ وَلَدُ آدَمَ ، طَفُّ الصَّاعِ لَمْ تَمْلَئُوهُ ، لَيْسَ لِأَحَدٍ عَلَى أَحَدٍ فَضْلٌ إِلَّا بِالدِّينِ أَوْ عَمَلٍ صَالِحٍ) أخرجه أحمد وصححه الألباني .
تاسعاً : المنزلة عند الله بالعلم والإيمان والتقوى
1. إثبات رفع منزلة أهل العلم والإيمان
لم يذكر الله سبحانه وتعالى أنه رفع منزلة أحد إلا من جمع بين العلم والإيمان قال تعالى (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ (11) سورة المجادلة
2. أكرم الناس أتقاهم
قال تعالى ( يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ) سورة الحجرات ، آية : 12 .
: النسب لا يقرب عند الله منزلة .
: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : َ ( مَنْ أَبْطَأَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ )صحيح مسلم .
قال النووي رحمه الله :
” مَعْنَاهُ : مَنْ كَانَ عَمَله نَاقِصًا , لَمْ يُلْحِقهُ بِمَرْتَبَةِ أَصْحَاب الْأَعْمَال , فَيَنْبَغِي أَلَّا يَتَّكِل عَلَى شَرَف النَّسَب , وَفَضِيلَة الْآبَاء , وَيُقَصِّر فِي الْعَمَل ” انتهى من شرح صحيح مسلم .
ومن الأمثلة على ذلك .
3. منزلة أبي لهب مع أنه من أشراف قريش وعم الرسول صلى الله عليه وسلم نزلت في سورة تذمه إلى يوم القيامة قال تعالى (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1) مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ (2) سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ (3) وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (4) فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ (5)
أي خسرت وهلكت ,وهذا الذم والدعاء عليه في الدنيا ولعذاب الآخرة أكبر
: ذم القتال عصبية قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ قَاتَلَ تَحْتَ رَايَةٍ عُمِّيَّةٍ يُقَاتِلُ عَصَبِيَّةً ، وَيَغْضَبُ لِعَصَبِيَّةٍ فَقِتْلَتُهُ جَاهِلِيَّةٌ ) صحيح سنن النسائي
ومع أن الجهاد هو سنام الإسلام وساعة فيه خير من قيام ليلة القدر إلا أن القتال من أجل من مات فيه لم يكن لها شهادة ولا إيمان .
: علاقة الله سبحانه وتعالى بالعباد لا ترتبط بالنسب وإنما بالإيمان والكفر
قال تعالى ( ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ (10) وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آَمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (11) سورة التحريم
فنسب امرأة نوح ولوط ، لم يقربهما من الله منزلتهما عند الله سبحانه وتعالى ، وكذلك امرأة فرعون لم يقربها منزلة إلا إيمانها وصبرها .
: أمر الله سبحانه وتعالى بالتعترف على الأنساب لهدف واحد وهو صلة الأرحام
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( ” تَعَلَّمُوا مِنْ أَنْسَابِكُمْ مَا تَصِلُونَ بِهِ أَرْحَامَكُمْ ، فَإِنَّ صِلَةَ الرَّحِمِ مَحَبَّةٌ فِي الأَهْلِ ، مَثْرَاةٌ فِي المَالِ ، مَنْسَأَةٌ فِي الأَثَرِ) أخرجه الترمذي إسناده جيد .
أي من أسماء آبائكم وأجدادكم وأعمامكم وأخوالكم وسائر أقاربكم
: شبهه الرسول صلى الله عليه وسلم بالجعل الذي يدهده الخراء .
هريرة رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَل قَدْ أَذْهَبَ عَنْكُمْ عُبِّيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ وَفَخْرَهَا بِالآْبَاءِ ، مُؤْمِنٌ تَقِيٌّ ، وَفَاجِرٌ شَقِيٌّ ، أَنْتُمْ بَنُو آدَمَ وَآدَمُ مِنْ تُرَابٍ ، لَيَدَعَنَّ رِجَالٌ فَخْرَهُمْ بِأَقْوَامٍ ، إِنَّمَا هُمْ فَحْمٌ مِنْ فَحْمِ جَهَنَّمَ ، أَوْ لَيَكُونُنَّ أَهْوَنَ عَلَى اللَّهِ مِنَ الْجِعْلاَنِ الَّتِي تَدْفَعُ بِأَنْفِهَا النَّتِنَ ) أخرجه الترمذي وأبو داود ، وحسَّنه الألباني في ” صحيح الترمذي ” .
والعبية - بضم العين وكسرها - : الكبر والفخر ، الجِعلان : دويبة سوداء ، كالخنفساء تدير الخراء بأنفها .
قال المباركفوري – رحمه الله - :
” قال الخطَّابي : معناه : أن الناس رجلان : مؤمن تقي فهو الخيِّر الفاضل ، وإن لم يكن حسيباً في قومه ، وفاجر شقي فهو الدني وإن كان في أهله شريفاً رفيعاً . انتهى .
ثانيا نتيجة التفاخر في الآخرة :
عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ ، قَالَ : انْتَسَبَ رَجُلَانِ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَحَدُهُمَا : أَنَا فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ ، فَمَنْ أَنْتَ لَا أُمَّ لَكَ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( ” انْتَسَبَ رَجُلَانِ عَلَى عَهْدِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا : أَنَا فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ حَتَّى عَدَّ تِسْعَةً ، فَمَنْ أَنْتَ لَا أُمَّ لَكَ ؟ فَقَالَ : أَنَا فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ ابْنُ الْإِسْلَامِ ، فَأَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى مُوسَى : إِنَّ هَذَيْنِ الْمُنَتَسِبَيْنِ : أَمَّا أَنْتَ أَيُّهَا الْمُنْتَمِي أَوِ الْمُنْتَسِبُ إِلَى تِسْعَةٍ فِي النَّارِ فَأَنْتَ عَاشِرُهُمْ فِي النَّارِ ، وَأَمَّا أَنْتَ يَا هَذَا الْمُنْتَسِبُ إِلَى اثْنَيْنِ فَأَنْتَ ثَالِثُهُمَا فِي الْجَنَّةِ ) * أخرجه أحمد وصححه الهيثمي والألباني .
الأحاديث التي يحتج بها الناس للتفاخر :
الحديث الأول : عَنْ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَالَ : أَتَى نَاسٌ مِنَ الْأَنْصَارِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالُوا : إِنَّا نَسْمَعُ مِنْ قَوْمِكَ حَتَّى يَقُولَ الْقَائِلُ مِنْهُمْ : إِنَّمَا مِثْلُ مُحَمَّدٍ مِثْلُ نَخْلَةٍ نَبَتَتْ فِي كِبَا - قَالَ حُسَيْنٌ : الْكِبَا : الْكُنَاسَةُ - . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ” أَيُّهَا النَّاسُ ، مَنْ أَنَا ؟ ” . قَالُوا : أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ . قَالَ : ” ( أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ - قَالَ : فَمَا سَمِعْنَاهُ قَطُّ يَنْتَمِي قَبْلَهَا - أَلَا إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ خَلْقَهُ ، فَجَعَلَنِي مِنْ خَيْرِ خَلْقِهِ ، ثُمَّ فَرَّقَهُمْ فِرْقَتَيْنِ فَجَعَلَنِي مِنْ خَيْرِ الْفِرْقَتَيْنِ ، ثُمَّ جَعَلَهُمْ قَبَائِلَ فَجَعَلَنِي مِنْ خَيْرِهِمْ قَبِيلَةً ، ثُمَّ جَعَلَهُمْ بُيُوتًا ، فَجَعَلَنِي مِنْ خَيْرِهِمْ بَيْتًا ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ بَيْتًا وَخَيْرُكُمْ نَفْسًا ” صحيح الجامع
عنوَاثِلَةَ بْنَ الْأَسْقَعِ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ” إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى كِنَانَةَ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ ، وَاصْطَفَى قُرَيْشًا مِنْ كِنَانَةَ ، وَاصْطَفَى مِنْ قُرَيْشٍ بَنِي هَاشِمٍ ، وَاصْطَفَانِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ ) صحيح مسلم الحديث الثاني : قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ” أَنَا النَّبِيُّ لاَ كَذِبْ ، أَنَا ابْنُ عَبْدِ المُطَّلِبْ “صحيح البخاري .
ويمكن الجمع بين الأحاديث بما يلي:
الوجه الأول: أن الذي ورد ذمه في النصوص هو ما كان على سبيل التفاخر، والتنقص للآخرين، وهذا ممتنع في حقه صلى الله عليه وسلم، وعليه فإذا خلا الإخبار من هذا السبب فلا حرج فيه، قال شيخ الإسلام -في المنهاج 7/256-: “إن التفضيل إذا كان على وجه الغض من المفضول في النقص له نهي عن ذلك،كما نهى عن تفضيله على موسى، وكما قال لمن قال: يا خير البرية، قال: “ذاك إبراهيم”، وصح قوله: ” أنا سيد ولد آدم، ولا فخر آدم” انتهى،
انظر : مقال التفاخر بالأنساب.. والعصبية الجاهلية! (نحن قوم أعزنا الله بالإسلام، عادل العبيد http://www.aljura.com/vb/showthread.php?t=5439
احتجاج البعض في اشتراط القرشية في الخلافة .
أقول : هذا ثابت في الأحاديث الآتية :
قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” الْأَئِمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ
أخرجه البيهقي وصححه .
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ” قَدِّمُوا قُرَيْشًا وَلَا تَقَدَّمُوهَا
صححه الألباني وقال ابن حجر : حسن مرسل
وهذه المسألة خلافية والراجح ثبوتها . وليس فيها دليل على التعصب للقبائل أو طعن بالأنساب بل ذكر العلماء لذلك حكمة : وهي : أن قريشًا كانوا عصبة مضر، وأصلهم، وأهل الغلب منهم، وكان لهم على سائر مضر العزة بالكثرة والعصبية والشرف، فكان سائر العرب يعترف لهم بذلك، ويستكينون لغلبهم، فلو جُعل الأمر في سواهم لتوقع افتراق الكلمة بمخالفتهم، وعدم انقيادهم، ولا يقدر غيرهم من قبائل مضر أن يردهم عن الخلاف، ولا يحملهم على الكره، فتفترق الجماعة وتختلف الكلمة.
والشارع يحذر من ذلك حريص على اتفاقهم، ورفع التنازع والشتات بينهم؛ لتحصل اللحمة والعصبية وتحسن الحماية، بخلاف ما إذا كان الأمر في قريش؛ لأنهم قادرون على سوق الناس بعصا الغلب إلى ما يراد منهم، فلا يخشى من أحد خلافٌ عليهم ولا فرقة، لأنهم كفيلون حينئذٍ بدفعها، ومنع الناس منها،
انظر تاريخ ابن خلدون ، 1 / 15 .
شخصيات متناقضة
هناك من يفتخر بنسبه ويطعن بنسب غيره ثم يتزوج من خارج البلاد لا يعرف لها أصلا ولا نسبا ولا حسبا