المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مليارات الدولارات تذهب إلى الاقتصاديات الآسيوية بسبب تراجع بورصات المنطقة



مغروور قطر
22-04-2006, 06:06 AM
بحثاً عن فرص جديدة لعوائد مجزية ... مليارات الدولارات تذهب إلى الاقتصاديات الآسيوية بسبب تراجع بورصات المنطقة
تاريخ النشر: السبت 22 ابريل 2006, تمام الساعة 12:52 مساءً بالتوقيت المحلي لمدينة الدوحة



كلما تعرضت الأسواق المالية إلى عمليات تصحيح أو هزات من أي نوع يبدأ المحللون الماليون وخبراء الأسواق في استشفاف المستقبل واستقراء ما يعتمل في صدور المستثمرين من نوايا لجهة التحول إلى وجهات استثمارية أخرى قد تعوضهم ما خسروه ربما في عمليات تصحيح كان حريا بهم ان يتنبأوا بها ويحسبوا لها حسابا، أو في عمليات مضاربة كان من الضروري ألا يزجوا باموالهم فيها التماسا لربح سريع اني غير قائم أو مستند إلى مقومات وعوامل اقتصادية أو نتيجة لقوة أداء هذه الشركات على الصعيد العملي. وبالنسبة لعملية التصحيح التي شهدتها معظم الأسواق المالية في دول الشرق الأوسط في الآونة الأخيرة، كثرت التكنهات بان المستثمرين سيهربون باموالهم إلى دول اقل مخاطرة من حيث العائد، فيما توقع البعض التوجه إلى الاستثمارات الإسلامية، وكان التركيز في الوقت الحاضر على منطقة آسيا التي تحتضن اقتصادات ضخمة وسريعة النمو مثل الصين والهند، بالاضافة إلى الدول الإسلامية الاخرى في المنطقة. وتوقع محللون ماليون الا يقتصر تحول المستثمرين الإسلاميين إلى الاستثمارات المطابقة أحكام الشريعة الإسلامية، بل ان البعض قد يزاوج بين هذا وذلك بغية تحقيق العائد المأمول.

وربما يحاول المحللون والمستشارون الماليون من خلال تحليلاتهم لتوجهات المستثمرين المستقبلية الايحاء لهؤلاء بالتوجه إلى قطاعات معينة أو مناطق بذاتها خدمة لاهداف ومصالح خاصة، من هنا فإنه يجدر بالمستثمرين ألا يتسرعوا في اتخاذ القرارات المتعجلة وغير المدروسة حيال التحول من مكان إلى آخر بناء على اشاعات أو اغراءات بعائد مرتفع الا بعد دراسة مستفيضة حتى لا تتكرر معهم القصة نفسها في الأسواق الجديدة التي سيطرقونها.

وقد تناولت هذا الموضوع صحيفة فايننشال تايمز البريطانية بالتحليل، وتساءلت في مقدمة مقال لها بقلم فرحان بخاري بالقول: هل يمكن القول إن دول آسيا مقبلة على تلقي تدفقات ضخمة من الاموال الإسلامية التي ستتدفق من الشرق الأوسط خلال هذه العام في الوقت الذي تتصاعد فيه الشكوك في اوساط دول المنطقة الغنية بالنفط في أعقاب التقهقر الذي شهدته مؤشرات الأسواق المالية العربية في الآونة الأخيرة؟ ان كثيرا من المحللين يعتقدون باحتمال نشوء مثل هذا التوجه لدى المستثمرين العرب.

وتتوقع الأسواق الآسيوية ان تتلقى عدة مليارات من الدولارات قادمة من الدول العربية التي شهدت في العامين الماضيين تدفقات ضخمة ومتزايدة من البترودولارات.

وفي ما يعمل المسؤولون في الشرق الأوسط لتهدئة المخاوف التي اكتسحت الأسواق المالية في المنطقة، فإن الإجراء الذي اتخذته حكومة المملكة العربية السعودية في الآونة الأخيرة لكبح جماح الاضطراب والقلق الذي استبد بالمتداولين، يتعامل مع الموضوع بكل صراحة ووضوح. فإنه اعتبارا من الشهر الماضي، بات مسموحا لحوالي ستة ملايين من العمالة الوافدة الذين يعيشون في السعودية ان يتداولوا الأسهم السعودية بعد ان كان متاحا لهم في السابق ان يستثمروا فقط في الصناديق المشتركة. ويبلغ الدخل السنوي للعمالة الوافدة في السعودية نحو 35 مليار دولار، يتم تحويل 15 مليار دولار منها إلى الخارج.

إن خطوة الحكومة السعودية تمثل احد المؤشرات على تحركات مليارات الدولارات التي يمكن توجيهها بفعل الاحداث في الأسواق المالية العربية.

وليس ثمة اجماع على مجموع المبالغ المستثمرة - على مستوى العالم - من خلال المنافذ الإسلامية. ويزعم البعض انها تصل إلى 150 مليار دولار، بينما يشير البعض الآخر إلى أرقام اقل بكثير. ولكن ثمة اجماعا عاما على ان المبالغ المستثمرة وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية كبيرة على نحو لا يمكن تجاهله.

ومن الناحية النظرية، فإن المسلمين الملتزمين مضطرون إلى الاستثمار في قنوات تتطابق مع احكام الشريعة الإسلامية، وذلك مع اختيارها بوضوح النأي باموالها عن النشاطات والاستثمارات التي تعتبر غير ملتزمة باحكام الشريعة. فالفنادق التي تقدم لنزلائها المشروبات الكحولية ولحوم الخنزير، وكذلك حانات لعب القمار، بالإضافة إلى الشركات التي ليست مثقلة بالديون، ولكنها تواجه احتمالات تسخير عائداتها المتنامية لزيادة تكاليف خدمات الديون، وكل هذه لا تصلح للاستخدام كوسائل استثمارية لحقيبة إسلامية ملتزمة.

ويعترض المسلمون الملتزمون على الاسثتمار في الانشطة والمجالات التي يحتمل ان تتزايد اعباء الديون فيها لتثقل كاهلها بمرور الايام. ومثل هذه القيود مبعثها ان الإسلام يحظر التعهد بالتزامات مالية تقضي بدفع نسبة فائدة محددة أو ثابتة على فترات دورية - وهي الممارسة المعروفة لدى المسلمين بالربا.

على ان التجربة السابقة توضح بجلاء ان الالتزام بمتطلبات الشريعة الإسلامية لا يدفع المستثمرين ـ بالضرورة ـ للاستثمار على سبيل الحصر في العالم الإسلامي. ولدى الكثيرين تاريخ طويل من التعامل واقامة علاقات المشاركة في الخارج وتحديدا في دول العالم الغربي غير الملتزم بأحكام الشريعة.

غير ان كثيرين، من جهة أخرى، تحولوا من الاستثمار في وجهات مالية كالولايات المتحدة عندما طرحت أقاويل في أعقاب هجمات الحادي عشر من سبتمبر، مفادها ان الولايات المتحدة ودولا أخرى كانت تدرس مسألة غسل الأموال وعمليات تمويل الإرهاب المرتبطة باشخاص اثرياء في العالم الإسلامي.

ان الاقتصادات الآسيوية سريعة النمو كالهند والصين ذات الاقلية المسلمة يمكن ان تصبح في النهاية المستفيد الرئيسي من تدفقات الرساميل المسلمة إلى آسيا، حيث المستثمرون الآخرون في الدول التي تغلب عليها الاكثرية المسلمة كاندونيسيا وماليزيا وباكستان وبنغلادش، يبحثون عن منافذ استثمارية جديدة.

وقد شهدت الأسواق المالية في الشرق الاوسط عامين من الازدهار حيث كان اداؤها ممتازا، وادت اسعار النفط المتصاعدة إلى ارتفاعات كبرى في اقتصادات دول المنطقة.

اما الآن، وبعد ان تعرضت الأسواق المالية في تلك المنطقة إلى ضربات شديدة، اصبح السعي نحو أسواق أخرى بكل بساطة موجها ومدفوعا بالحاجة إلى التنويع كما يرى ماجد داود، الرئيسي التنفيذي لشركة يسار، التي تتخذ من دبي مقرا لها، التي تقدم المشورة لعملائها حول الحلول المستندة إلى احكام الشريعة الإسلامية، أو القانون الإسلامي أو العمليات المصرفية والقطاع المالي.

ويقول رضاء الدين بن صالح، نائب الرئيس في بنك ماي الماليزي 'إن المستثمرين في النهاية ينظرون إلى الامن الذي تتمتع به استثماراتهم وعوائدهم، وان المستثمرين الإسلاميين قد تكون لديهم احتياجات معينة لبناء وهيكلة استثماراتهم، ولكنهم ايضا ينظرون إلى اكثر الفرص اشراقا واوفر الوجهات الاستثمارية من حيث العائدات'.

وربما يكون من بين مستثمري الشرق الاوسط كثيرون ممن كان لهم تاريخ في الاستثمار في دول العالم الغربي قبل هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001، وهي سابقة تجعل من المألوف بالنسبة اليهم تقبل فكرة التوجه إلى دول خارج العالم العربي اوالدول الإسلامية في آسيا.

ان التفاؤل الذي يسود الأسواق الآسيوية ازاء تدفق الاموال الإسلامية مرتبط بالتشاؤم الذي تصطبغ به النظرة والتقديرات المستقبلية للأسواق المالية في العالم العربي، الا ان المصرفيين والمحللين الماليين في الشرق الاوسط يحذرون من مغبة الاستنتاج السابق لاوانه ان هجرة رؤوس الاموال من الشرق الاوسط باتت امرا منجزا ومفروغا منه.

ان المستثمرين الذي حصدوا نتاج ارتفاع اسعار الأسهم المتسارع طيلة اكثر من عامين لن يبادروا على الارجح إلى اندفاع خارج دول المنطقة نتيجة الخسائر التي تجشموها في الآونة الاخيرة، التي اتت على جزء بسيط فقط من مكاسبهم وعوائدهم. ويقول مصرفي في جدة ـ مدينة المال السعودية 'ان الناس الاذكياء يعلمون ان المستثمرين حققوا أرباحهم الطائلة وعائداتهم من خلال الاستثمار على المدى البعيد في الأسواق المالية العربية قبل عمليات التصحيح الاخيرة، وان تصحيحا واحدا لا يؤدي على الفور إلى تدافع المستثمرين إلى الخارج وتغيير وجهاتهم الاستثمارية'.

ولكن من ناحية أخرى فإن اغراءات الأرباح من الصعب مقاومتها، ويبدو ان المسلمين والمستثمرين الآخرين في العالم العربي يتزايد اهتمامهم في استكشاف فرص جديدة لعوائد مجزية. على ان وجهة الاستثمار التي سيقع الاختيار عليها يجب ان تكون معززة ومدعومة بالفرص المشرقة على الجبهة الداخلية وكذلك الحال في الاقتصادات الآسيوية سريعة النمو.


عن: فايننشال تايمز