المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الشركات القطرية والصناديق الخليجية مستعدة لدعم الاقتصاد المصري



مقيم
17-02-2011, 07:23 AM
2011-02-17
الدوحة - محمد أفزاز
أكد ممثلو مؤسسات اقتصادية أن الصناديق الاستثمارية الخليجية ستكون أول من يلبي دعم الاقتصاد المصري، الذي يعيش مرحلة انتقالية نتجت عن التطورات التي تبعت ثورة 25 يناير الماضي، وأطاحت بالنظام السابق.
وشدد هؤلاء على تمتع الاقتصاد المصري بالفرص الاستثمارية التي كانت بحاجة لمزيد من التعزيزات المتمثلة في محاربة أوجه الفساد التي رافقت النظام السابق، كما أكدوا لـ «العرب» على تمتع القاهرة بسائر فرص النجاح الاقتصادي في ظل توافر عناصر الإنتاج المختلفة.
كما يؤكد رجال أعمال قطريون على رغبة شركاتهم توسيع رقعة تواجدهم في السوق المصرية التي تتمتع بالمواصفات اللازمة لإنجاح مؤسساتهم.
وتعد مصر أكبر دولة عربية من حيث السكان، إذ يربو عدد سكانها على 84 مليون نسمة.

أكد السيد ناصر إبراهيم القعود الأمين العام المساعد بالأمانة العامة لدول مجلس التعاون الخليجي, أن الصناديق الخليجية والعربية لن تتأخر في دعم الاقتصاد المصري في حال احتاج البلد إلى ذلك، مشيراً إلى أن حديثا من هذا النوع سابق لأوانه، وأن ما يحتاج إليه هذا «الاقتصاد القوي» هو وجود إدارة جيدة.
وأطاحت الثورة الشعبية المصرية بالرئيس السابق حسني مبارك، الذي أجبر على التنحي مساء يوم الجمعة الماضي، وسط حديث عن تكبد الاقتصاد المصري خسائر سنوية بقيمة 6 مليارات دولار نتيجة النشاطات المالية غير القانونية والفساد الحكومي وفق مؤسسة النزاهة المالية العالمية، التي قالت إن الخسائر قاربت 57 مليار دولار بين عامي 2000 و2008.
وقال القعود في جوابه على سؤال لـ «العرب» حول ما إذا كانت هناك توقعات بإمكانية إنشاء صناديق عربية وخليجية مشتركة لدعم الاقتصاد المصري في الظروف الحالية: «هناك صناديق عربية قائمة حاليا مثل الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي، وقد تحتاج مصر إلى تشجيع الاستثمارات لكن ليس هذا وقته».
ويعد الاقتصاد المصري ثاني أقوى اقتصاد عربي بعد الاقتصاد السعودي. ويقدر الناتج المحلي لمصر بنحو 174 مليار دولار مليار دولار، لكن نصيب الفرد (المقدر حسابيا) يعد من بين الأضعف بالمنطقة، ويقدر بـ3000 جنيه مصري شهريا (518 دولارا).

تدفق محتمل
وأضاف المسؤول الخليجي البارز أن «الصناديق موجودة, ولا يحتاج الأمر إلى إنشاء صناديق أخرى جديدة... وإذا احتاجت مصر إلى هذه الصناديق فلن نقصر».
وتابع بالقول: «الحديث عن هذا الأمر سابق لأوانه، وأعتقد أن اقتصاد مصر قوي وبمجرد حدوث الاستقرار فإن الناس سيذهبون للاستثمار هناك»، مشددا في الآن ذاته على ضرورة توفر «إدارة جيدة» في مصر.
واستقطبت مصر نحو 6.8 مليار دولار من الاستثمارات الأجنبية العام الماضي، في مقدمتها الاستثمارات الخليجية، بينما تشير توقعات العديد من الخبراء إلى ارتفاع حجم هذه الاستثمارات بعد تنحي مبارك وما سيتلوه من خطوات عملية لإقرار نظام سياسي ديمقراطي سيكون من نتائجه تكريس الشفافية والتنافسية الاقتصادية.
ولفت القعود, مهندس ملف الوحدة النقدية الخليجية, إلى أن الحاجة ملحة إلى أن تتضح الرؤية السياسية وبعدها يمكن الحديث عن هذا الموضوع، في إشارة إلى تحرك الصناديق لدعم الاقتصاد المصري، وقال القعود في هذا الإطار: «هناك أمل كبير أن تتحسن الأمور بسرعة».
وعما إذا كان يرى من وجهة نظره ضرورة أن تبادر الصناديق الخليجية إلى دعم الاقتصاد المصري قال القعود: «العلاقة التي تجمع مصر والدول الخليجية علاقة قوية، وهي عضو في الصناديق العربية وتأثيرها قوي».

فرص كبيرة
في غضون ذلك رجح رجال أعمال قطريون ومحللون أن يكثف المستثمرون من توجههم نحو مصر، لقناعتهم أن المرحلة المقبلة ستشهد اجتثاثا لظاهرة الفساد, مما سيتيح فرصة كبيرة أمام رجال الأعمال الأجانب.
وقال السيد هاشم محمد العوضي نائب الرئيس التنفيذي لشركة رتاج للتسويق وإدارة المشاريع: «هناك طرح جدي من قبل أعضاء مجلس الإدارة للاستثمار في مصر والتوجه نحو هذا البلد بعد انتصار ثورة الشعب على النظام».
وأضاف: «بالفعل إدارة رتاج تدرس الآن موضوع شراء فندق بمصر بقيمة 30 مليون ريال»، متابعا بالقول: «المشروع قيد الدراسة»
وتوقع السيد العوضي أن تشهد المرحلة المقبلة توجها كبيرا للمستثمرين القطريين والخليجيين نحو السوق المصرية، وقال: «السوق المصرية كبيرة جدا وكان بها أناس فاسدون, والآن سيزال هذا الفساد بعد زوال النظام، وهذا سيشكل فرصة كبيرة للمستثمرين»، مضيفا: «أنا أدعو كل الشركات والمستثمرين بقطر للتوجه نحو مصر ودعم هذا الشعب, هذا الشعب الكبير, والبلد الذي يعد قلب الأمة».
ووصف السيد العوضي ما جاء في بيان قطر عقب سقوط نظام مبارك من تطلع لأن تستعيد مصر دورها الريادي بالمنطقة, وحرص قطر على تنمية وتطوير العلاقات الثنائية وصف ذلك بـ «الخطوة المباركة»، وقال: «إنها مبادرة كريمة وطيبة».
وقالت قطر في بيان لها الجمعة الماضي: «ودولة قطر إذ تتطلع لاستعادة مصر دورها القيادي في العالم العربي والإسلامي ودعم ومناصرة قضايا الأمتين العربية والإسلامية فإنها تؤكد حرصها على علاقات متميزة مع جمهورية مصر العربية والعمل على تنميتها وتطويرها بما يخدم مصالح البلدين وشعبيهما الشقيقين».
من جهته عبر رجل الأعمال المعروف سعد آل تواه الهاجري الرئيس التنفيذي لـ مجموعة «الاختيار» للاستثمار عن أمله بأن يعود الاقتصاد المصري بقوة إلى الساحة عقب استقرار الأوضاع السياسية هناك، وقال: «أملنا أن تشهد مصر استقرارا يحدث انفتاحا سياسيا ويكرس ديمقراطية، مما سيكون له الأثر البالغ على عودة رؤوس الأموال إلى الاستثمار في مصر»، مضيفا أن ذلك هو ما «سيزيد من قوة هذا الاقتصاد بكل تأكيد».

الثقة أولا
وبدا السيد الهاجري مقتنعا بأن المرحلة القليلة المقبلة ستشهد تدفقا كبيرا لرؤوس الأموال نحو السوق المصرية، التي قال «إنها سوق كبيرة وممتازة بدليل ما تكبده العالم من خسائر نتيجة الاضطرابات السياسية التي حدثت قبل أيام». ويبلغ عدد سكان مصر نحو 85 مليون نسمة مما يجعل مصر أكبر سوق استهلاكية بالوطن العربي.
وأضاف السيد الهاجري: «بعد الاستقرار ستكون مصر وجهة مفضلة للمستثمرين القطريين والخليجيين وغيرهم»، مستطردا بالقول: «سيحدث ذلك في تقديرنا بقوة، لأن ما كان يخشى منه في السابق هو الفساد, أما الآن فالوضع سيكون مختلفا على ما أظن».
وبشأن ما إذا كان الصناديق السيادية للدول الخليجية ستكثف هي الأخرى من استثماراتها في السوق المصرية قال الهاجري: «طبعا الدول الخليجية والعالمية ستكون هي أول المستثمرين. في قطر نعلم جيدا أن شركة الديار التي تملكها الدولة هي المستثمر المحلي الأقوى في مصر».
وتقدر استثمارات قطر بمصر في الوقت الحالي بأكثر من 500 مليون دولار، دون احتساب استثمارات الأفراد. وتعد شركة الديار المملوكة لجهاز قطر للاستثمار أكبر المستثمرين القطريين من خلال مشاريع سياحية، فيما ينتظر تنفيذ مشاريع سياحية ضخمة أخرى بقيمة توفق 6 مليارات دولار.
وشدد الهاجري على ضرورة أن تعمل السلطات المصرية على إعادة الثقة للمستثمرين الأجانب ومواجهة ما كانت تشهد السوق من وجود لوبيات قوية أسهمت بشكل كبير في فرار رؤوس الأموال، وقال: «نأمل أن يتحسن الوضع في المستقبل، وأنا كلي ثقة أن السوق المصرية سوق واعدة ستجذب إليها الاستثمارات بشكل كبير جدا».
ولم يستبعد في نهاية تصريحه أن تشهد الفترة المقبلة تأسيس صناديق استثمارية عربية مشتركة وإقامة شراكات قوية لدخول السوق المصرية بغرض الاستثمار فيها.
وتفيد العديد من التقديرات المصرية الرسمية أن عدد الشركات القطرية العاملة بمصر تصل نحو 140 شركة تم تأسيسها منذ السبعينيات من القرن الماضي وحتى أبريل من عام 2010، أسس %80 منها خلال السنوات القليلة الماضية.

بداية التغيير
ومن وجهة نظر اقتصادية اعتبر السيد قاسم محمد قاسم مدير عام «المستثمرون المؤتلفون» أن الحديث عن توجه مكثف للاستثمارات نحو مصر في الوقت الحالي هو بمثابة إفراط في التفاؤل، وأكد أن التغيير بدأ، ولا بد من سيادة القانون والحرص على تداول السلطة, وهو ما سيكون له آثار إيجابية على تكريس حرية المنافسة وتكافؤ الفرص.
وقال قوانين الاستثمار بمصر جيدة وداعمة, لكن هناك مظنة بوجود فساد عميق في الإدارة المصرية.
وعبر قاسم عن أمله هو أيضا أن تمنح ضمانات للمستثمرين خلال فترة ما بعد حكم المجلس العسكري، وهو ما سيعيد الثقة ويرفع من جاذبية السوق المصرية، لكنه استدرك بالقول: «لا أعتقد أنها ستزيد بشكل استثنائي لأن المستثمرين يبحثون دائما عن أسواق مستقرة».
وشدد قاسم في السياق على ضرورة أن يزيد المستثمرون العرب الأفراد والمؤسسات على حد سواء من استثماراتهم بمصر وقتما توفرت حالة من الاستقرار السياسي والاقتصادي، مشيدا في الآن ذاته بمستوى أداء الثورة المصرية، التي قال عنها إنها كانت حضارية جدا.
وذهب المحلل المالي المعروف إلى أنه يتوجب على السلطات المصرية التوجه نحو الاستثمار على الآجال الطويلة وفي القطاعات ذات الجدوى الاقتصادية والاجتماعية، وفي مقدمتها الاستثمارات التي تخلق فرص عمل إضافية، لضمان نوع من الاستقرار والسلم الاجتماعي الذي يبقى المحدد الأبرز لجذب المستثمرين.
ويعيش نحو %40 من سكان مصر بأقل من دولارين في اليوم, كما تشير إلى ذلك الإحصاءات الرسمية.
ورأى قاسم أهمية أن تعود صناديق الاستثمار العربية إلى الانكفاء الداخلي، أي العودة للاستثمار في الأسواق العربية، التي أظهرت -بحسبه- أنها ذاته عوائد مجزية إذا ما قورنت بما عليه الوضع في أسواق خارجية أخرى لا تزال ترزح تحت وطأة تداعيات الأزمة المالية العالمية.
وعن الأسباب التي جعلت الصناديق العربية لا تقبل بشكل كبير على الاستثمار في السوق المصرية وغيرها من البلدان العربية، بخلاف المستثمرين الأجانب، قال قاسم: «أحسب أن الصناديق السيادية لدول الخليج تبحث عن فرص استثمارية ذات عوائد مستقرة ولآجال طويلة لفائدة أجيالها المقبلة.
وأضاف أن الأسواق الغربية ربما تقدم إغراءات أمام المستثمر الخليجي أكبر مما عليه الوضع في الأسواق العربية، وخاصة ما يتعلق بوجود نظم عمل مستقرة.
وبدا قاسم مقتنعا بأن الاستثمارات ستتوجه ليس فقط لمصر, بل لكل الدول والاقتصادات الصاعدة لحرص المستثمرين في ظل ظروف الأزمة المالية العالمية على دخول أسواق مسنودة باقتصادات ذات نسب نمو عالية.