المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الكلمة الأولى " بسم الله "



ارين
27-02-2011, 02:38 AM
http://t2.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcTZ36wJp96NuNEmGMwNSWx2KUXFxLXpm JufuyGfEcIN8_uI-3dI&t=1


" بسم الله " رأس كل خير وبدء كل أمر ذي بال ..
فيا نفسي اعلمي إن هذه الكلمة طيبة مباركة كما إنها شعار الإسلام
فإذا كنت راغبة في إدراك مدى ما في " بسم الله " من قوة هائلة لا تنفد
ومدى فيها من بركة واسعة لا تنضب
فاقرأي هذه الحكاية القصيرة ..

* * * * *

إن البدوي الذي ينتقل في الصحراء ويسيح فيها لا بد أن ينتمي إلى رئيس قبيلة
ويدخل تحت حمايته .. كي ينجو من شر الأشقياء .. وينجز أعماله ويتدارك حاجاته
وإلا فيسبقى وحده حائراً مضطرباً أمام الأعداء والحاجات التي لا حد بها ..

فقد توافق أن قام اثنان بمثل هذه السياحة ..
كان أحدهما متواضعاً والآخر مغروراً
فالمتواضع انتسب إلى رئيس بينما المغرور رفض الانتساب
فتجولا في هذه الصحراء .. فما كان المنتسب يحل في خيمة إلا ويقابل بالاحترام والتقدير بفضل ذلك الاسم ..
وإن لقيه قاطع طريق يقول له : " إنني أتجول باسم ذلك الرئيس ..."
فيتخلى عنه الشقي .
أما المغرور فقد لاقى من المصائب والويلات مالا يكاد يوصف ..
إذ كان طوال السفرة في خوف دائم ووجل مستمر وفي تسول مستديم فأذل نفسها وأهانها ..

* * * * *

فيا نفسي المغرورة !

اعلمي أنك أنتِ ذلك السائح البدوي وهذه الدنيا الواسعة هي تلك الصحراء ..
وإن فقرك وعجزك لا حد لهما كما أن أعدائك وحاجاتك لا نهاية لهما ..

فما دام الأمر هكذا فتقلدي اسم المالك الحقيقي لهذه الصحراء وحاكمها الأبدي
لتنجي من ذل التسول أمام الكائنات ومهانة الخوف أمام الحادثات ..

* * * * *

نعم ! إن هذه الكلمة الطيبة " بسم الله " كنز عظيم لا يفنى أبداً
إذ بها يرتبط " فقرك " برحمة واسعة مطلقة أوسع من الكائنات
ويتعلق " عجزك " بقدرة عظيمة مطلقة تمسك زمام الوجود من الذرات إلى المجرات
حتى إنه يصبح كل من عجزك وفقرك شفيعين مقبولين لذى القدير الرحيم ذي الجلال ..
إن الذي يتحرك ويسكن ويصبح ويمسي بهذه الكلمة " بسم الله " كمن انخرط في الجندية ..
يتصرف باسم الدولة ولا يخاف أحداً .. حيث إنه يتكلم باسم القانون فينجز الأعمال وينجز كل شيء .

أن جميع الموجودات تذكر بلسان حالها اسم الله
فلو رأيت أن أحداً يسوق الناس إلى صعيد واحد ويرغمهم على القيام بأعمال مختلفة ..
فتيقن إن هذا الشخص لا يمثل نفسه ولا يسوق الناس باسمه وبقوته ..
وإنما هو جندي يتصرف باسم الدولة ويستند إلى قوة سلطان .

فالموجودات أيضاً تؤدي وظائفها باسم الله ..
فالبذيرات المتناهية في الصغر تحمل فوق رؤوسها باسم الله أشجاراً ضخمة وأثقالاً هائلة
أي أن كل شجرة تقول " بسم الله " وتملأ أيديها بثمرات من خزينة الرحمة
الإلهية وتقدمها إلينا ..
وكل بستان يقول " بسم الله " فيغدو مطبخاً للقدرة الإلهية تنضج فيه أنواع من الأطعمة اللذيذة ..
وكل حيوان من الحيوانات ذات البركة والنفع - كالأبل والمعزى والبقر - يقول " بسم الله "
فيصبح ينبوعا دفاقاً للبن السائغ .. فيقدم إلينا باسم الرازق ألطف مغذ وأنظفه .
وجذور كل نبات وعشب تقول " بسم الله " وتشق لصخور الصلدة باسم الله
وتثقبها بشعيراتها الحريرية الرقيقة فيُسَّخر أمامها باسم الله وباسم الرحمن كأمر صعب وكل شيء صلد ..

نعم .. إن انتشار الأغصان في الهواء وحملها للأثمار وتشعب الجذور في الصخور الصماء وخزنها للغذاء في ظلمات التراب ...
وكذا تحمل الأوراق الخضراء شدة الحرارة ولفحاتها وبقاءها طرية ندية ... كل
ذلك وغير ه صفعة قوية على أفواه الماديين وصرخة مدوية في وجوههم تقول لهم :
إن ما تتباهون من صلابة وحرارة أيضاً لا تعملان بنفسهما ..
بل تؤديان وظائفهما بأمر واحد بحيث يجعل تلك العروق الدقيقة الرقيقة كأنها عصا موسى
تشق الصخور وتمتثل أمر ( فقلنا اضرب بعصاك الحجر )

* * * * *

فما دام كل شيء في الوجود يقول معنى " بسم الله " ويجلب نعم الله باسم الله
ويقدمها إلينا .. فعلينا أن نقول أيضاً " بسم الله "
ونعطي باسم الله ونأخذ باسم الله ..

سؤال ..
إننا نبدي احتراماً وتوقيراً لمن يكون سبباً لنعمة علينا .. فيا ترى ماذا يطلب
منا ربنا الله صاحب تلك النعم كلها ومالكها الحقيقي ؟

الجواب ..
إن الله المنعم الحقيقي يطلب منا ثلاثة أمور ثمنا لتلك النعم الغالية ..
الأول : الذكر
الثاني : الشكر ..
الثالث : الفكر ..

فـ " بسم الله " بدءاً هي ذكر
و"الحمد لله" ختاماً هي شكر
وما يتوسطهما هو " فكر "

أي التأمل في هذه النعم البديعة .. والإدراك بأنها معجزة قدرة الأحد الصمد وهدايا رحمته الواسعة ... فهذا التأمل هو الفكر .

ولكن أليس الذي يقبل أقدام الجندي الخادم الذي يقدم هدية السلطان يرتكب حماقة فظيعة وبلاهة مشينة ؟
إذن فما بال من يثني على الأسباب المادية الجالبة للنعم .. ويخصصها بالحب
والود دون المنعم الحقيقي !
ألا يكون مقترفاً بلاهة أشد منها ألف مرة ؟

فيا نفس !!
أعطي باسم الله ... وخذي باسم الله .. وابدأي باسم الله ... واعملي باسم الله ....

والســلام


المصدر : كتاب ( الكلمات ).. بديع الزمان سعيد النورسي

جلمود
27-02-2011, 02:41 AM
بسم الله

وجزاك الله خير

R 7 A L
27-02-2011, 03:39 AM
بسم الله

وبارك الله فيك

ام عبدالعزيز
27-02-2011, 04:44 AM
نعم ! إن هذه الكلمة الطيبة " بسم الله " كنز عظيم لا يفنى أبداً


بارك الله فيك..

واثق بالله
27-02-2011, 07:29 AM
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك

وحسن عبادتك ..

جزاج الله خير

ارين
27-02-2011, 12:57 PM
جلمود .. يا هــلا ومرحبا بمشرفنا الفاضل .. وإياك جزيت الخير وبورك فيك

* * *

r7al .. يا هــلا فيك أخي الفاضل .. وفيك الله بارك وجزاك الله خير

* * *

أم عبدالعزيز .. أسعدني مرورج العطر أختي الغالية وجزاج الله خير

* * *

لاهوووب .. اللهم آمين .. بارك الله في عمرك وعملك وجزاك الله خير

ارين
09-03-2011, 01:11 PM
الكلمة الثانية

بسم الله الرحمن الرحيم

" الذين يُؤمنون بالغَيب " البقرة 2

إن كنت تريد أن تعرف مدى ما في الإيمان من سعادة ونعمة ، ومدى ما فيه من لذة وراحة، فاقرأ هذه الحكاية القصيرة :

خرج رجلان في سياحة ذات يوم ، من أجل الاستجمام والتجارة.
فمضى أحدهما وكان أنانياً شقياً إلى جهة، ومضى الآخر وهو رباني سعيد إلى جهة ثانية .

فالأناني المغرور الذي كان متشائماً لقي بلداً في غاية السوء والشؤم في نظره
جزاءاً وفاقاً على تشاؤمه، حتى إنه كان يرى - أينما اتجه - عجزةً مساكين يصرخون
ويولولون من ضربات أيدي رجال طغاة قساة ومن أعمالهم المدمّرة.
فرأى هذه الحالة المؤلمة الحزينة في كل ما يزوره من أماكن، حتى اتخذت
المملكة كلها في نظره شكل دار مأتم عام .
فلم يجد لنفسه علاجاً لحاله المؤلم المظلم غير السُكر، فرمى نفسه في نشوته لكيلا يشعر بحاله
إذ صار كل واحد من اهل هذه المملكة يتراءى له عدواً يتربص به، وأجنبياً يتنكر له
فظل في عذاب وجداني مؤلم لما يرى فيما حوله من جنائز مرعبة ويتامى يبكون بكاءاً يائساً مريراً.

أمّا الآخر الرجل الربّاني العابد لله ، والباحث عن الحق، فقد كان ذا أخلاق حسنة
بحيث لقي في رحلته مملكة طيّبة هي في نظره في منتهى الروعة والجمال.
فهذا الرجل الصالح يرى في المملكة التي دخلها احتفالات رائعة ومهرجانات بارعة قائمة على قدم وساق.
وفي كل طرف سـروراً، وفي كل زاويـة حبـوراً، وفي كل مكان محاريب ذكر.
حتى لقد صار يرى كل فرد من أفراد هذه المملكة صديقاً صدوقاً وقريباً حبيباً له.
ثم يرى ان المملكة كلها تعلن - في حفل التسريح العام - هتافات الفرح بصيحة مصحوبة بكلمات الشكر والثناء
ويسمع فيهم أيضاً أصوات الجوقة الموسيقية وهي تقدم ألحانها الحماسية
مقترنة بالتكبيرات العالية والتهليلات الحارة بسعادة واعتزاز للذين يساقون إلى الخدمة والجندية.

فبينما كان ذلك الرجل الأول المتشائم منشغلاً بألمه وآلام الناس كلهم .. كان
الثاني السعيد المتفائل مسروراً مع سرور الناس كلهم فرحاً مع فرحهم .. فضلاً
عن إنه غنم لنفسه تجارة حسنة مباركة فشكر ربه وحمده .

ولدى عودته إلى أهله ، يلقى ذلك الرجل فيسأل عنه ، وعن أخباره ، فيعلم كل شئ عن حاله فيقول له :

ــ يا هذا لقد جننتَ ! فان ما في باطنك من الشؤم انعكس على ظاهرك بحيث أصبحتَ تتوهم أن كل ابتسامة صراخ ودموع
وأن كل تسريح واجازة نهب وسلب عُد الى رشدك وطهّر قلبك.. لعل هذا
الغشاء النكد ينزاح عن عينيك ... وعسى أن تبصر الحقيقة على وجهها الأبلج ...
فإن صاحب هذه المملكة ومالكها وهو في منتهى درجات العدل والمرحمة والربوبية والاقتدار والتنظيم المبدع والرفق ..
وأن مملكة بمثل هذه الدرجة من الرقي والسمو مما تريك من آثار بأم عينيك … لا يمكن أن تكون بمثل ما تريه أوهامك من صور .

وبعد ذلك بدأ هذا الشقي يراجع نفسه ويرجع إلى صوابه رويداً رويداً، ويفكر بعقله ويقول متندماً :
ــ نعم لقد أصابني جنون لكثرة تعاطي الخمر .. ليرضَ الله عنك؛ فلقد أنقذتني من جحيم الشقاء.

فيا نفسي !

اعلمي إن الرجل الأول هو الكافر أو الفاسق الغافل فهذه الدنيا في نظره بمثابة مأتم عام
وجميع الأحيـاء أيتام يبكون تألماً من ضــربات الزوال وصفعات الفراق..
أما الإنسان والحيوان فمخلوقات سائبة بلا راع ولا مالك ، تتمزق بمخالب الأجل وتعتصر بمعصرته ..
وأما الموجودات الضخام ـ كالجبال والبحار ـ فهي في حكم الجنائز الهامدة والنعوش الرهيبة ..
وأمثال هذه الأوهام المدهشة المؤلمة الناشئة من كفر الانسان وضلالته تذيق صاحبها عذاباً معنوياً مريراً.


أما الرجل الثاني، فهو المؤمن الذي يعرف خالقه حق المعرفة ويؤمن به، فالدنيا
في نظره دار ذكر رحماني، وساحة تعليم وتدريب البشر والحيوان، وميدان ابتلاء واختبار الأنس والجان..
أما الوفيات كافة ـ من حيوان وانسان ـ فهي اعفاء من الوظائف ، وانهاء من
الخدمات، فالذين أنهوا وظائف حياتهم ، يودّعون هذه الدار الفانية وهم مسرورون معنوياً
حيث أنهم ينقلون إلى عالم آخر غير ذي قلق ، خال من
أوضار المادة وأوصاب الزمان والمكان وصروف الدهر وطوارق الحدثان
لينفسح المجال واسعاً لموظفين جدد يأتون للسعي في مهامهم ..
أما المواليد كافة ـ من حيوان وانسان ـ فهي سَوقة تجنيد عسكرية، وتسلُّم سلاح
وتسنّم وظائف وواجبات
فكل كائن انما هو موظف وجندي مسرور، ومأمور مستقيم راضٍ قانع .. .
وأما الاصوات المنبعثة والأصداء المرتدة من أرجاء الدنيا فهي إما ذكر وتسبيح
لتسنم الوظائف والشروع فيها ، أو شكر وتهليل إيذاناً بالانتهاء منها، أو أنغام صادرة من شوق العمل وفرحته ..

فالموجودات كلها ـ في نظر هذا المؤمن ـ خدام مؤنسون ، وموظفون أخلاّء
وكتبٌ حلوة لسيده الكريم ومالكه الرحيم ..
وهكذا يتجلى من إيمانه كثير جداً من أمثال هذه الحقائق التي هي في غاية اللطف والسمو واللذة والذوق .

فالايمان إذن يضم حقاً بذرة معنوية منشقة من طوبى الجنة ..

أما الكفر فإنه يخفي بذرة معنوية قد نفثته زقوم جهنم

فالسلامة والأمان إذن لا وجود لهما إلاّ في الاسلام والإيمان

فعلينا أن نردد دائماً :

الحمد لله على دين الإسلام وكمال الإيمان ..

ارين
20-03-2011, 06:28 PM
الكلمـة الثالثـة

بسم الله الرحمن الرحيم
(يا أيـها النـاس اعبـدوا..) (البقرة)

إن كنت تريد أن تفهم كيف أن العبادة تجارة عظمى وسعادة كبرى، وإن الفسق
والسفه خسارة جسيمة وهلاك محقق، فانظر إلى هذه الحكاية التمثيلية وأنصت إليها:

تسلَّم جنديان اثنان - ذات يوم - أمرًا بالذها ب إلى مدينة بعيدة، فسافرا معًا ، إلى أن
وصلا مفرق طريقين، فوجدا هناك رجلا يقول لهما:

- إن هذا الطريق الأيمن، مع عدم وجود الضرر فيه، يجد المسافرون الذين يسلكونه
الراحة والاطمئنان والربح مضمونًا بنسبة تسعة من عشرة .
أما الطريق الأيسر، فمع كونه عديم النفع يتضرر تسعة من عشرة من عابريه. علمًا أن كليهما في الطول سواء
مع فرق واحد فقط
هو أن المسافر المتجه نحو الطريق الأيسر - غير المرتبط بنظامٍ وحكومة - يمضي
بلا حقيبة متاع ولا سلاح، فيجد في نفسه خفَّة ظاهرة وراحة موهومة.
غير أن المسافر المتجه نحو الطريق الأيمن - المنتظم تحت شرف الجندية - مضطر لحمل حقيبة كاملة من
مستخلصات غذائية تزن أربع "أوقيات" وسلاحًا حكوميًا يزن "أوقيتين" يستطيع أن يغلب به
كل عدو.

وبعد سماع هذين الجنديين كلام ذلك الرجل الدليل
سلك المحظوظ السعيد الطريق الأيمن، ومضى في دربه حاملا على ظهره وكتفه رطلا من الأثقال
إلا أن قلبه وروحه قدتخّلصا من آلاف الأرطال من ثقل المنة والخوف.
سار ذلك المحب لنظام الجندية والمحافظ على حقيبته
وسلاحه - منطلقًا مرتاح القلب مطمئن الوجدان من دون أن يلتفت إلى المنة أحد أو
يطمع فيها أو يخاف من أحد.. إلى أن بلغ المدينة المقصودة وهنالك وجد ثوابه اللائق به كأي
جندي شريف أنجز مهمته بالحسنى.

بينما الرجل الشقي المنكود الذي آثر ترك الجندية ولم يرد الانتظام والالتزام، سلك
سبيل الشمال، فمع أن جسمه قد تخلص من ثقل رطل فقد ظل قلبه يرزح
تحت آلاف الأرطال من المنة والأذى
وانسحقت روحه تحت مخاوف لا يحصرها الحد.
فمضى في سبيله مستجديًا كل شخص، وجلا مرتعشًا من كل شئ، خائفًا من كل حادثة ،
إلى أن بلغ المحل المقصود فلاقى هناك جزاء فراره وعصيانه


فيا أيتها النفس السادرة السارحة !
اعلمي أن ذينك المسافرين ؛ أحدهما أولئك المستسلمون المطيعون للقانون الإلهي،
والآخر هم العصاة المتبعون للأهواء..
وأما ذلك الطريق فهو طريق الحياة الذي يأتي من عالم الأرواح ويمر من القبر المؤدي
إلى عالم الآخرة..

وأما تلك الحقيبة والسلاح فهما العبادة والتقوى، فمهما يكن للعبادة من حمل ثقيل
ظاهرًا إلا أن لها في معناها راحة وخفة عظيمتين لا توصفان
ذلك لان العابد يقول في صلاته:
لا إله إلا ا لله أي لا خالق ولا رازق إلا هو، النفع والضر بيده، وأنه حكيم لا يعمل
عبثًا كما أنه رحيم واسع الرحمة والإحسان.

فالمؤمن يعتقد بما يقول لذا يجد في كل شئ بابًا ينفتح إلى خزائن الرحمة الإلهية، فيطرقه
بالدعاء، ويرى أن كل شئ مسخر لأمر ربه، فيلتجئ إليه بالتضرع. ويتحصن أمام كل مصيبة
مستندًا إلى التوكل، فيمنحه إيمانه هذا الأمان التام والاطمئنان الكامل.
نعم ! أن منبع الشجاعة ككل الحسنات الحقيقية والإيمان والعبودية، وأن منبع الجبن
ككل السيئات هو الضلالة والسفاهة.

فلو أصبحت الكرة الأرضية قنبلة مدمِّرة وانفجرت، فلربما لا تخيف عابدًا لله ذا قلب
منور، بل قد ينظر إليها أنها خارقة من خوارق القدرة الصمدانية، ويتملاها بإعجاب ومتعة
بينما الفاسق ذو القلب الميت و لو كان فيلسوفًا - ممن يعد ذا عقل راجح - إذا رأى في
الفضاء نجمًا مذنبًا يعتوره الخوف ويرتعش هلعًا ويتساءل بقلق:
ألا يمكن لهذا النجم أن يرتطم بأرضنا؟
فيتردى في وادي الأوهام (لقد ارتعد الأمريكان يومًا من نجم مذنب ظهر في
السماء حتى هجر الكثيرون مساكنهم أثناء ساعات الليل).

فما أحوج روح البشر العاجزة الضعيفة الفقيرة إلى حقائق العبادة والتوكل، وإلى
التوحيد والاستسلام !
وما أعظم ما ينال منها من ربح وسعادة ونعمة !
فمن لم يفقد بصره كليًا يرى ذلك ويدركه. إذ من المعلوم أن الطريق غير الضار يرجح على الطريق الضار
حتى لو كان النفع فيه احتمالا واحدًا من عشرة احتمالا ت.
علمًا أن مسألتنا هذه، طريق العبادة، فمع كونه عديم الضرر، واحتمال نفعه تسعة من عشرة، فانه يعطينا كنزًا للسعادة الأبدية
بينما طريق الفسق والسفاهة - باعتراف الفاسق نفسه - فمع كونه عديم النفع فانه سبب الشقاء والهلاك الأبديين
مع يقين للخسران وانعدام الخير بنسبة تسعة من عشرة...
وهذا الأمر ثابت بشهادة ما لا يحصى من (أهل الاختصاص والإثبا ت) بدرجة
التواتر والإجماع. وهو يقين جازم في ضوء أخبار أهل الذوق والكشف.

نحصل من هذا:

أن سعادة الدنيا أيضًا - كالآخرة - هي في العبادة وفي الجندية الخالصة لله.
فعلينا إذن أن نردد دائمًا
الحمد لله
وأن نشكره سبحانه وتعالى على أننا مسلمون


لم أستكمل قراءة بقية الكلمات فمن أحب قراءتها ستجدها هنا (http://www.dahsha.com/uploads/rasaelnoornoursi/kelimat.pdf)