شمعة الحب
23-04-2006, 10:43 PM
عبد العزيز الطويان: ليس لدينا صُنّاع سوق ولا حتى وسطاء
- حوار: طارق الماضي - 25/03/1427هـ
أكد الدكتور عبد العزيز الطويان أستاذ الاقتصاد المساعد في كلية الملك فهد الأمنية، أن سوق الأسهم السعودية تعاني من قلة عدد الأسهم المطروحة فيها، وليس من قلة عدد الشركات. وطالب الطويان بترك نسبة التذبذب حرة وفقا لقوى السوق كما يحدث في جميع الأسواق العالمية.
وأفاد الطويان في حواره مع "الاقتصادية" أن نقص الوعي الاستثماري للمتداولين في السوق أسهم في حدوث الانهيار الحالي لأسعار الشركات المساهمة، إضافة إلى وجود علاقة شك بين المحللين الفنيين والمساهمين نتيجة اتهامات موجهة لبعض منهم بعدم الحيادية.
وكشف الطويان أن السوق السعودية تكرر ما حدث في السوق الكويتية نتيجة جذور تاريخية تعود إلى أوائل المتداولين في الأسهم السعودية، الذين اكتسبوا خبراتهم من التعامل في السوق الكويتية.
وتطرق الطويان إلى العديد من النقاط والمداخل التي تعاني منها السوق السعودية حاليا، مشيرا إلى سبل حلها وطرق علاجها. هنا نص الحوار.
* تسيطر على تداولات سوق الأسهم السعودية ظاهرة حدة المؤشر إما ارتفاعات قياسية أو تصحيح حاد. هل نفتقد إلى الاتزان والمنطقية في الأداء مقارنة بالأسواق العالمية؟
- بشكلٍ عام، تعتبر الحالة الحاضرة نتاج تراكمات تاريخية، وإذا نظرنا إلى السوق السعودية فسنجد أنها تشكلت عبر فترات متلاحقة امتدت من أواخر السبعينيات حتى الوقت الحاضر. فالسوق استمدت قيمها في التعامل من التجربة الكويتية، حيث كان أوائل المتعاملين فيها قادمين من الكويت أو من تعاملوا مع السوق الكويتية، لذا بدأنا بعمليات جمع حفائظ النفوس عندما طرحت الشركات للاكتتاب، وكان الناس غير مدركين لهذا آنذاك، ثم سيطرت بعض المكاتب على عمليات البيع والشراء، وكانت هذه المكاتب تتحكم في العرض والطلب. وكان نقل الملكية يتم عبر الشركات المصدرة للأسهم، وقد تأخذ أحياناً عدة أشهر. بعد ذلك بدأ نظام التداول الإلكتروني ESIS مطلع التسعينيات، صحيح أن التعامل كان إلكترونياً إلاّ أن المتعاملين كانوا أصحاب المكاتب أنفسهم، فنقلوا بعض أشكال تعاملاتهم السابقة إلى النظام الإلكتروني. في ذلك الوقت استمرت المضاربات والتنسيق والتحكم في العرض والطلب، لكن بشكل مختلف.
وفي أواخر التسعينيات أصيبت السوق بنكسة، وبقيت كميات كبيرة من الأسهم بيد المضاربين، وعندما تحركت السوق من جديد عام 2003، عاد المضاربون القدامى، ورفعوا الأسعار حتى يتخلصوا من أسهمهم القديمة. وبعد ذلك تعلّم هذا الأسلوب جيلٌ جديد من المضاربين هووا هذه اللعبة، وهكذا كانت السوق، حتى وصلت إلى ارتفاعات كبيرة وانفجرت الفقاعة، وهذه مسائل تحدث في الأسواق الناشئة، إلا أنها بعد ذلك تنضج وتستقر.
* هل التجزئة ودخول المقيمين وإعادة تفعيل نسبة 10 في المائة وأجزاء الريال الحل السحري لإيقاف عمليات التصحيح؟
- بعض هذه الأمور أساسي وبعضها إجرائي، دخول المقيمين - لا شك - سينعش السوق خصوصاً إذا تمت التجزئة. هذا الأمر سيجذب صغار المدخرين إلى السوق وبالتالي تزداد السيولة النقدية، ما يؤدي إلى تعميق السوق وإثرائه. أما إعادة الـ 10 في المائة وأجزاء الريال فهي أمور مرتبطة بالقيمة السوقية للسهم وظروف الارتفاع والانخفاض وتقررها الهيئة، وأرى أن التدخل مطلوب من الهيئة في الوقت الحاضر نظرا لحداثة التجربة بالنسبة لكثير من المتعاملين، وبعد فترة ستصبح هذه الأمور شكلية ولن يتم التدخل. وسيأتي يوم تصبح النسبة مفتوحة وهذا ما أفضّله شخصياً لكنّ الشجرة تبدأ غضّة ثم تتجذر في الأرض ويصلبُ عودها.
* ما تفسير ارتفاع أسعار أسهم الشركات الخاسرة؟ وهل هذا صحي؟
- أنتَ تشتري السهم من أجل العائد، والعائد إما أن يكون على شكل أرباح موزعة، أو ارتفاع في قيمة السهم، الشركات التي قوائمها المالية ليست جيدة لا توزع أرباحا، وبالتالي ليس أمام المضارب إلاّ رفع قيمتها السوقية حتى يجذب المشترين. والمتعاملون يغريهم العائد الكبير والسريع للسهم ولذلك يندفعون وراءه وأحياناً يبالغون حتى يصل سعر أسهم بعض الشركات الزراعية التي تحقق خسائر إلى سعر سابك أو يزيد عن أسعار بعض البنوك، كما شاهدنا أخيرا. هذه ظاهرة غير صحية وتضر بالسوق وستتلاشى مع الوقت عندما يتعلم الناس أن أحداً لا يستطيع هزيمة السوق، وفرض منطقه عليها. السوق مبنية على التوازن، ولا أحد يستطيع أن يخادع قوانين السوق، إلا إذا استطاع كيلو الطماطم أن يخدع الميزان.
* هل لدينا تقصير في نشر الوعي الاستثماري لدى صغار المتداولين في السوق؟
- نعم، أعتقد أن هنالك تقصيرا وكبيرا جداً من الجانب الإعلامي. وهذا التقصير يتحمل مسؤوليته صاحب الرسالة والمتلقي معاً، وأصحاب الرسالة اثنان، الأول: إما جهة رسمية لم يكن خطابها الإعلامي – وأقصد هنا هيئة سوق رأس المال، مستوعباً لمتغيرات السوق، لذا جاءت رسالتها باهتة وغير واضحة لجموع المتعاملين. إن أكثر المتداولين في السوق يتعاملون مع السهم كشيء مجرد وليس كحصة في شركةٍ قائمة. سأعطيك مثالاً على ذلك: شركة زراعية تحقق خسائر، ورأسمالها 100مليون ريال وقيمة سهمها الاسمية 50 ريالا وتباع في السوق بحدود 600 ريال للسهم، وعندما اشترى أحدهم السهم بهذا المبلغ قلت لهُ: لو عرضتُ عليك هذه الشركة بـ 600 مليون ريال هل كنت ستشتريها؟ قال: لا. قلت: فلتعلم أنكَ الآن تشتريها بـ 1.2 مليار ريال وليس 600 مليون فقط. فذهل الرجل، ولم يستوعب ما أقصد. إذن هنالك تقصير في الجانب الإعلامي والتوضيح للناس ماهيّة الأسهم، ولماذا تُشترى. إضافة إلى ذلك فإن القليل من الجيل الجديد من يعرف تاريخ سوقنا، وكيف تشكل، وكيف أن هذه الظروف مرت بنا سابقاً واكتوى منها الكثير؟
هذا التاريخ كان يجب أن يوضح، وكان من الواجب ألا تتكرر التجربة. لقد هجر السوق من قبل جيل كامل، وجاء الجيل الجديد منقطعاً عن ماضيه وهذا كله كان من المفترض أن يكون للهيئةِ دورٌ في شرحه وتوصيله لجمهور المتعاملين.
أما الثاني: فهم المحللون، وهم نوعان: إما قادمون من أسواق أجنبية وخبراتهم مقتصرة على التحليل الفني، وإما عارفون بأبعاد سوقنا ومحايدون، لكنهم ينأون بأنفسهم عن سهام الاتهامات والريبة. لا شك أن المحللين الفنيين كانوا مخلصين في تحليلهم، لكنهم لم يدركوا أن السوق السعودية مغلقة، وأن المتداولين محدودون، وأنك عندما تحدد نقاط الدعم والمقاومة سيدخل الجميع للشراء عند نقاط الدعم، ويتبارون لكسر نقاط المقاومة، ولم يأخذ المحللون ذلك في الاعتبار. إن لكل سوق خصائصها، ويجب أن نطوع الأساليب المعتمدة في التحليل للبيئة.
أما بالنسبة للمتلقي، فهو دائماً يعتقد أن المحللين أصحابُ أغراض وبالتالي يتهمهم بالهوى والميل، لذا انقطعت الصلة بين مرسل الرسالة ومتلقيها، وشابها الشك بدل الثقة، وإذا انعدمت الثقة فلا مجال للتثقيف، أرجو أن أكون قد أجبت عن سؤالك بشكل صحيح.
* صناع السوق هل عامل إيجابي للسوق؟ أم أحد أسباب أزمتها؟
- فيما أعلم أن أسواق المال العالمية بها صنّاع سوق ووسطاء، وهم أشبه بتاجر الجملة، وتاجر التجزئة. صانع السوق أقرب تشبيه له: الصرافون المتاجرون بالعملة، يعرضون سعراً للبيع وسعراً للشراء، ويكون الفارق من نصيبهم، وإذا ازداد الطلب على السهم، فإنهم يرفعون السعر والعكس صحيح. طبعاً في الأسواق العالمية يكون البيع على المكشوف أي أن الشخص يبيع ما لا يملكه، وهذا غير متوافر في أسواقنا، وأظن أننا نخلط أحياناً بالمصطلحات، وفي اعتقادي أننا ليس لدينا صنّاع سوق ولا حتى وسطاء بمفهوم وجودهم في الأسواق العالمية، ما لدينا هنا مضاربٌ يحاول أن يرفع السهم إلى أقصى سعر ثم يتخلص من الكمية محققاً أرباحا كبيرة، وآخر من يلبس القبعة، هو من يدفع أرباح كل الذين سبقوه.
* التحليل الفني والأساسي أين دورهما في سوق الأسهم المحلية؟
التحليل الأساسي علمٌ له أصوله وقواعده، والعلم هو طرائق العقل للتعرف على حقيقة الظواهر، وتذبذب الأسعار في السوق هو ظاهرة يسعى العلم إلى تفسيرها، والتحليل الفني غير معني بذلك، لذلك هو لا يفسر أسباب الصعود والهبوط، بل ينطلق مما يتركه السهم من أثر ثم يتوقع مساره في المستقبل، وهذا هو السبب الذي جعل المحللين الفنيين لا يستطيعون توقع أو تفسير تراجع السوق الحاد لأنهم لم يأخذوا في الحسبان المتغيرات التي حدثت، ولاسيما في مجال زيادة رساميل الشركات.
التحليل الفني يستطيع أن يبرر صعود الشركات الخاسرة، والتحليل الأساسي لا يستطيع ذلك لذا تجد الكثيرين يلجأون إلى هذا النوع من التحليل وبعضهم أكاديميون لتبرير ارتفاع أسهم الشركات الخاسرة.
- حوار: طارق الماضي - 25/03/1427هـ
أكد الدكتور عبد العزيز الطويان أستاذ الاقتصاد المساعد في كلية الملك فهد الأمنية، أن سوق الأسهم السعودية تعاني من قلة عدد الأسهم المطروحة فيها، وليس من قلة عدد الشركات. وطالب الطويان بترك نسبة التذبذب حرة وفقا لقوى السوق كما يحدث في جميع الأسواق العالمية.
وأفاد الطويان في حواره مع "الاقتصادية" أن نقص الوعي الاستثماري للمتداولين في السوق أسهم في حدوث الانهيار الحالي لأسعار الشركات المساهمة، إضافة إلى وجود علاقة شك بين المحللين الفنيين والمساهمين نتيجة اتهامات موجهة لبعض منهم بعدم الحيادية.
وكشف الطويان أن السوق السعودية تكرر ما حدث في السوق الكويتية نتيجة جذور تاريخية تعود إلى أوائل المتداولين في الأسهم السعودية، الذين اكتسبوا خبراتهم من التعامل في السوق الكويتية.
وتطرق الطويان إلى العديد من النقاط والمداخل التي تعاني منها السوق السعودية حاليا، مشيرا إلى سبل حلها وطرق علاجها. هنا نص الحوار.
* تسيطر على تداولات سوق الأسهم السعودية ظاهرة حدة المؤشر إما ارتفاعات قياسية أو تصحيح حاد. هل نفتقد إلى الاتزان والمنطقية في الأداء مقارنة بالأسواق العالمية؟
- بشكلٍ عام، تعتبر الحالة الحاضرة نتاج تراكمات تاريخية، وإذا نظرنا إلى السوق السعودية فسنجد أنها تشكلت عبر فترات متلاحقة امتدت من أواخر السبعينيات حتى الوقت الحاضر. فالسوق استمدت قيمها في التعامل من التجربة الكويتية، حيث كان أوائل المتعاملين فيها قادمين من الكويت أو من تعاملوا مع السوق الكويتية، لذا بدأنا بعمليات جمع حفائظ النفوس عندما طرحت الشركات للاكتتاب، وكان الناس غير مدركين لهذا آنذاك، ثم سيطرت بعض المكاتب على عمليات البيع والشراء، وكانت هذه المكاتب تتحكم في العرض والطلب. وكان نقل الملكية يتم عبر الشركات المصدرة للأسهم، وقد تأخذ أحياناً عدة أشهر. بعد ذلك بدأ نظام التداول الإلكتروني ESIS مطلع التسعينيات، صحيح أن التعامل كان إلكترونياً إلاّ أن المتعاملين كانوا أصحاب المكاتب أنفسهم، فنقلوا بعض أشكال تعاملاتهم السابقة إلى النظام الإلكتروني. في ذلك الوقت استمرت المضاربات والتنسيق والتحكم في العرض والطلب، لكن بشكل مختلف.
وفي أواخر التسعينيات أصيبت السوق بنكسة، وبقيت كميات كبيرة من الأسهم بيد المضاربين، وعندما تحركت السوق من جديد عام 2003، عاد المضاربون القدامى، ورفعوا الأسعار حتى يتخلصوا من أسهمهم القديمة. وبعد ذلك تعلّم هذا الأسلوب جيلٌ جديد من المضاربين هووا هذه اللعبة، وهكذا كانت السوق، حتى وصلت إلى ارتفاعات كبيرة وانفجرت الفقاعة، وهذه مسائل تحدث في الأسواق الناشئة، إلا أنها بعد ذلك تنضج وتستقر.
* هل التجزئة ودخول المقيمين وإعادة تفعيل نسبة 10 في المائة وأجزاء الريال الحل السحري لإيقاف عمليات التصحيح؟
- بعض هذه الأمور أساسي وبعضها إجرائي، دخول المقيمين - لا شك - سينعش السوق خصوصاً إذا تمت التجزئة. هذا الأمر سيجذب صغار المدخرين إلى السوق وبالتالي تزداد السيولة النقدية، ما يؤدي إلى تعميق السوق وإثرائه. أما إعادة الـ 10 في المائة وأجزاء الريال فهي أمور مرتبطة بالقيمة السوقية للسهم وظروف الارتفاع والانخفاض وتقررها الهيئة، وأرى أن التدخل مطلوب من الهيئة في الوقت الحاضر نظرا لحداثة التجربة بالنسبة لكثير من المتعاملين، وبعد فترة ستصبح هذه الأمور شكلية ولن يتم التدخل. وسيأتي يوم تصبح النسبة مفتوحة وهذا ما أفضّله شخصياً لكنّ الشجرة تبدأ غضّة ثم تتجذر في الأرض ويصلبُ عودها.
* ما تفسير ارتفاع أسعار أسهم الشركات الخاسرة؟ وهل هذا صحي؟
- أنتَ تشتري السهم من أجل العائد، والعائد إما أن يكون على شكل أرباح موزعة، أو ارتفاع في قيمة السهم، الشركات التي قوائمها المالية ليست جيدة لا توزع أرباحا، وبالتالي ليس أمام المضارب إلاّ رفع قيمتها السوقية حتى يجذب المشترين. والمتعاملون يغريهم العائد الكبير والسريع للسهم ولذلك يندفعون وراءه وأحياناً يبالغون حتى يصل سعر أسهم بعض الشركات الزراعية التي تحقق خسائر إلى سعر سابك أو يزيد عن أسعار بعض البنوك، كما شاهدنا أخيرا. هذه ظاهرة غير صحية وتضر بالسوق وستتلاشى مع الوقت عندما يتعلم الناس أن أحداً لا يستطيع هزيمة السوق، وفرض منطقه عليها. السوق مبنية على التوازن، ولا أحد يستطيع أن يخادع قوانين السوق، إلا إذا استطاع كيلو الطماطم أن يخدع الميزان.
* هل لدينا تقصير في نشر الوعي الاستثماري لدى صغار المتداولين في السوق؟
- نعم، أعتقد أن هنالك تقصيرا وكبيرا جداً من الجانب الإعلامي. وهذا التقصير يتحمل مسؤوليته صاحب الرسالة والمتلقي معاً، وأصحاب الرسالة اثنان، الأول: إما جهة رسمية لم يكن خطابها الإعلامي – وأقصد هنا هيئة سوق رأس المال، مستوعباً لمتغيرات السوق، لذا جاءت رسالتها باهتة وغير واضحة لجموع المتعاملين. إن أكثر المتداولين في السوق يتعاملون مع السهم كشيء مجرد وليس كحصة في شركةٍ قائمة. سأعطيك مثالاً على ذلك: شركة زراعية تحقق خسائر، ورأسمالها 100مليون ريال وقيمة سهمها الاسمية 50 ريالا وتباع في السوق بحدود 600 ريال للسهم، وعندما اشترى أحدهم السهم بهذا المبلغ قلت لهُ: لو عرضتُ عليك هذه الشركة بـ 600 مليون ريال هل كنت ستشتريها؟ قال: لا. قلت: فلتعلم أنكَ الآن تشتريها بـ 1.2 مليار ريال وليس 600 مليون فقط. فذهل الرجل، ولم يستوعب ما أقصد. إذن هنالك تقصير في الجانب الإعلامي والتوضيح للناس ماهيّة الأسهم، ولماذا تُشترى. إضافة إلى ذلك فإن القليل من الجيل الجديد من يعرف تاريخ سوقنا، وكيف تشكل، وكيف أن هذه الظروف مرت بنا سابقاً واكتوى منها الكثير؟
هذا التاريخ كان يجب أن يوضح، وكان من الواجب ألا تتكرر التجربة. لقد هجر السوق من قبل جيل كامل، وجاء الجيل الجديد منقطعاً عن ماضيه وهذا كله كان من المفترض أن يكون للهيئةِ دورٌ في شرحه وتوصيله لجمهور المتعاملين.
أما الثاني: فهم المحللون، وهم نوعان: إما قادمون من أسواق أجنبية وخبراتهم مقتصرة على التحليل الفني، وإما عارفون بأبعاد سوقنا ومحايدون، لكنهم ينأون بأنفسهم عن سهام الاتهامات والريبة. لا شك أن المحللين الفنيين كانوا مخلصين في تحليلهم، لكنهم لم يدركوا أن السوق السعودية مغلقة، وأن المتداولين محدودون، وأنك عندما تحدد نقاط الدعم والمقاومة سيدخل الجميع للشراء عند نقاط الدعم، ويتبارون لكسر نقاط المقاومة، ولم يأخذ المحللون ذلك في الاعتبار. إن لكل سوق خصائصها، ويجب أن نطوع الأساليب المعتمدة في التحليل للبيئة.
أما بالنسبة للمتلقي، فهو دائماً يعتقد أن المحللين أصحابُ أغراض وبالتالي يتهمهم بالهوى والميل، لذا انقطعت الصلة بين مرسل الرسالة ومتلقيها، وشابها الشك بدل الثقة، وإذا انعدمت الثقة فلا مجال للتثقيف، أرجو أن أكون قد أجبت عن سؤالك بشكل صحيح.
* صناع السوق هل عامل إيجابي للسوق؟ أم أحد أسباب أزمتها؟
- فيما أعلم أن أسواق المال العالمية بها صنّاع سوق ووسطاء، وهم أشبه بتاجر الجملة، وتاجر التجزئة. صانع السوق أقرب تشبيه له: الصرافون المتاجرون بالعملة، يعرضون سعراً للبيع وسعراً للشراء، ويكون الفارق من نصيبهم، وإذا ازداد الطلب على السهم، فإنهم يرفعون السعر والعكس صحيح. طبعاً في الأسواق العالمية يكون البيع على المكشوف أي أن الشخص يبيع ما لا يملكه، وهذا غير متوافر في أسواقنا، وأظن أننا نخلط أحياناً بالمصطلحات، وفي اعتقادي أننا ليس لدينا صنّاع سوق ولا حتى وسطاء بمفهوم وجودهم في الأسواق العالمية، ما لدينا هنا مضاربٌ يحاول أن يرفع السهم إلى أقصى سعر ثم يتخلص من الكمية محققاً أرباحا كبيرة، وآخر من يلبس القبعة، هو من يدفع أرباح كل الذين سبقوه.
* التحليل الفني والأساسي أين دورهما في سوق الأسهم المحلية؟
التحليل الأساسي علمٌ له أصوله وقواعده، والعلم هو طرائق العقل للتعرف على حقيقة الظواهر، وتذبذب الأسعار في السوق هو ظاهرة يسعى العلم إلى تفسيرها، والتحليل الفني غير معني بذلك، لذلك هو لا يفسر أسباب الصعود والهبوط، بل ينطلق مما يتركه السهم من أثر ثم يتوقع مساره في المستقبل، وهذا هو السبب الذي جعل المحللين الفنيين لا يستطيعون توقع أو تفسير تراجع السوق الحاد لأنهم لم يأخذوا في الحسبان المتغيرات التي حدثت، ولاسيما في مجال زيادة رساميل الشركات.
التحليل الفني يستطيع أن يبرر صعود الشركات الخاسرة، والتحليل الأساسي لا يستطيع ذلك لذا تجد الكثيرين يلجأون إلى هذا النوع من التحليل وبعضهم أكاديميون لتبرير ارتفاع أسهم الشركات الخاسرة.