اسعاف
07-03-2011, 07:41 AM
الموجة الرابعة2011-03-04
في عام 1991 أطلق صاموئيل هنتنجتون الباحث السياسي الشهير والذي توفي عام 2008 كتابه الشهير الموجة الثالثة للديموقراطية. يقترح هنتنجتون في هذا الكتاب أنه بعد ما يعتبره
الموجة الأولى للديموقراطية والتي يقترح أنها بدأت مع نهايات القرن التاسع عشر مع وصول عدد الدول المعتمدة لنظام ديموقراطي بشكل أو بآخر إلى 29 دولة
والموجة الثانية والتي تبدأ حسب هنتنجتون مع نهاية الحرب العالمية الثانية وانتصار الحلفاء
بدأت موجة ثالثة للديموقراطية عام 1974 مع ارتفاع عدد الدول التي تنهج بنهج الديموقراطية الغربية وخاصة مع انهيار الاتحاد السوفييتي واستبدال الحكومات الشيوعية الشمولية بحكومات ديموقراطية منتخبة. هذه الموجة اقترح كثير من الباحثين أنها وصلت مداها في نهايات القرن الماضي وبدأت بالانحسار.
في هذه الموجات الثلاث كان العالم العربي تقريباً مغيباً تماماً فبعد سقوط الدولة العثمانية ونشوء الدول القومية المختلفة على طول وعرض العالم العربي وعلى الرغم من أن كثيرا من هذه الدول الناشئة كانت تقاد من قبل حركات تحررية أو قيادات ثورية إلا أن الأمر انهار بها جميعا – تقريباً – إلى أشكال مختلفة من الأنظمة الشمولية وصلت أقصى مدى لها على شكل الجمهورية الوراثية في سوريا والحديث عن التوريث في كل من مصر وليبيا واليمن.
ومع بوادر إحباط عامة في العالم العربي وتزايد في قمع الحريات العامة فاجأ الشعب التونسي العالم أجمع بثورة سريعة أطاحت بشكل مفاجئ وغير متوقع بالرئيس صاحب القبضة الحديدية زين العابدين بن علي وانتقلت عدواها إلى مصر أولاً ثم ليبيا واليمن والأردن بل حتى وصلت ضفاف الخليج العربي مع بوادر مطالبات شعبية في عمان والبحرين والكويت.
يدور الحديث الآن عن بعض ظواهر الثورة في دول مغلقة مثل الصين والتي يبدو أن مواطنيها هي وغيرها من الدول تأثروا بشكل أو بآخر بنجاح الثورات العربية. وهنا يأتي الباحثون السياسيون ليبدأوا دراسة هذه الحالات وما يربطها.
في حلقة نقاشية حول الموضوع أثارت الباحثة في معهد التحول الاجتماعي في جامعة مانشستر البريطانية فكرة انطلاق موجة رابعة للديموقراطية من العالم العربي بحيث تكون نموذجاً تبنى عليه صراعات مماثلة على مستوى العالم للحصول على مزيد من الحريات وللانتقال السلمي إلى أنظمة ديموقراطية.
تتميز الثورات التي انطلقت حتى الآن بثلاث مميزات رئيسية. الميزة الأولى هي أنها لا تمس القوى السياسية التقليدية سواء في السلطة أو المعارضة ولكنها انطلقت من رحم الشارع بدون أي انتماء حزبي أو سياسي عدا الوضع البحريني والذي له خصوصياته.
الميزة الثانية هي أن غالبية المشاركين في التظاهر وصياغة شكل الثورة هم من الشباب الذي لم يتجاوزوا الثلاثين من العمر والذين أشارت العديد من الدراسات إلى أنهم يبتعدون بشكل مطرد عن السياسة ويظهرون درجة عالية من اللامبالاة بالحياة العامة إلا أن هذه الثورات أثبتت عكس ذلك.
الميزة الثالثة هي أن الثورات التي انطلقت لم تتوقف عند إسقاط رمز النظام بل امتدت بدرجة عالية من الوعي إلى مطالبات أكثر نضجاً وديمومة خارجة بذلك عن الشكل التقليدي للثورات الغوغائية التي يكون لها مدى زمني وسقف مطالب محدود.
هذه الموجة الرابعة للديموقراطية ستكون ولا شك المعلم الرئيسي في الحراك السياسي خلال هذا القرن وستشكل منظومة جديدة للقوى في العالم تختلف عن تلك التي أثقلت كاهل الشعوب من سيطرة بعض القوى الغربية بشكل مباشر وغير مباشر على مقدرات معظم شعوب العالم من خلال دعم حكام شموليين لا يمثلون الشعب، وعلى ما يبدو أن العالم بحاجة الآن إلى منتجع لاستقبال الرؤساء الفارين من شعوبهم مع التزايد المطرد في أعدادهم.
========================
ماجد الأنصاري
جريدة الشرق
عدد : الأثنين 7 مارس الجاري
في عام 1991 أطلق صاموئيل هنتنجتون الباحث السياسي الشهير والذي توفي عام 2008 كتابه الشهير الموجة الثالثة للديموقراطية. يقترح هنتنجتون في هذا الكتاب أنه بعد ما يعتبره
الموجة الأولى للديموقراطية والتي يقترح أنها بدأت مع نهايات القرن التاسع عشر مع وصول عدد الدول المعتمدة لنظام ديموقراطي بشكل أو بآخر إلى 29 دولة
والموجة الثانية والتي تبدأ حسب هنتنجتون مع نهاية الحرب العالمية الثانية وانتصار الحلفاء
بدأت موجة ثالثة للديموقراطية عام 1974 مع ارتفاع عدد الدول التي تنهج بنهج الديموقراطية الغربية وخاصة مع انهيار الاتحاد السوفييتي واستبدال الحكومات الشيوعية الشمولية بحكومات ديموقراطية منتخبة. هذه الموجة اقترح كثير من الباحثين أنها وصلت مداها في نهايات القرن الماضي وبدأت بالانحسار.
في هذه الموجات الثلاث كان العالم العربي تقريباً مغيباً تماماً فبعد سقوط الدولة العثمانية ونشوء الدول القومية المختلفة على طول وعرض العالم العربي وعلى الرغم من أن كثيرا من هذه الدول الناشئة كانت تقاد من قبل حركات تحررية أو قيادات ثورية إلا أن الأمر انهار بها جميعا – تقريباً – إلى أشكال مختلفة من الأنظمة الشمولية وصلت أقصى مدى لها على شكل الجمهورية الوراثية في سوريا والحديث عن التوريث في كل من مصر وليبيا واليمن.
ومع بوادر إحباط عامة في العالم العربي وتزايد في قمع الحريات العامة فاجأ الشعب التونسي العالم أجمع بثورة سريعة أطاحت بشكل مفاجئ وغير متوقع بالرئيس صاحب القبضة الحديدية زين العابدين بن علي وانتقلت عدواها إلى مصر أولاً ثم ليبيا واليمن والأردن بل حتى وصلت ضفاف الخليج العربي مع بوادر مطالبات شعبية في عمان والبحرين والكويت.
يدور الحديث الآن عن بعض ظواهر الثورة في دول مغلقة مثل الصين والتي يبدو أن مواطنيها هي وغيرها من الدول تأثروا بشكل أو بآخر بنجاح الثورات العربية. وهنا يأتي الباحثون السياسيون ليبدأوا دراسة هذه الحالات وما يربطها.
في حلقة نقاشية حول الموضوع أثارت الباحثة في معهد التحول الاجتماعي في جامعة مانشستر البريطانية فكرة انطلاق موجة رابعة للديموقراطية من العالم العربي بحيث تكون نموذجاً تبنى عليه صراعات مماثلة على مستوى العالم للحصول على مزيد من الحريات وللانتقال السلمي إلى أنظمة ديموقراطية.
تتميز الثورات التي انطلقت حتى الآن بثلاث مميزات رئيسية. الميزة الأولى هي أنها لا تمس القوى السياسية التقليدية سواء في السلطة أو المعارضة ولكنها انطلقت من رحم الشارع بدون أي انتماء حزبي أو سياسي عدا الوضع البحريني والذي له خصوصياته.
الميزة الثانية هي أن غالبية المشاركين في التظاهر وصياغة شكل الثورة هم من الشباب الذي لم يتجاوزوا الثلاثين من العمر والذين أشارت العديد من الدراسات إلى أنهم يبتعدون بشكل مطرد عن السياسة ويظهرون درجة عالية من اللامبالاة بالحياة العامة إلا أن هذه الثورات أثبتت عكس ذلك.
الميزة الثالثة هي أن الثورات التي انطلقت لم تتوقف عند إسقاط رمز النظام بل امتدت بدرجة عالية من الوعي إلى مطالبات أكثر نضجاً وديمومة خارجة بذلك عن الشكل التقليدي للثورات الغوغائية التي يكون لها مدى زمني وسقف مطالب محدود.
هذه الموجة الرابعة للديموقراطية ستكون ولا شك المعلم الرئيسي في الحراك السياسي خلال هذا القرن وستشكل منظومة جديدة للقوى في العالم تختلف عن تلك التي أثقلت كاهل الشعوب من سيطرة بعض القوى الغربية بشكل مباشر وغير مباشر على مقدرات معظم شعوب العالم من خلال دعم حكام شموليين لا يمثلون الشعب، وعلى ما يبدو أن العالم بحاجة الآن إلى منتجع لاستقبال الرؤساء الفارين من شعوبهم مع التزايد المطرد في أعدادهم.
========================
ماجد الأنصاري
جريدة الشرق
عدد : الأثنين 7 مارس الجاري