المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ضخامة الموازنة الجديدة تحاكي جدية وسرعة تنفيذ مشاريع المونديال



ابوريما الرياشي
16-03-2011, 08:50 PM
متخصصون أن تصريحات وزير الاقتصاد والمالية بشأن موازنة 2011-2012 تعد التزاما قطريا جديدا بالاستمرار في تنفيذ مشاريعها الضخمة، انسجاما مع ركائز رؤية قطر 2030، ورغبة في ربح رهان استضافة كأس العالم 2022. وقالوا لـ «العرب»: إن هذه التصريحات تبعث برسائل مطمئنة للفاعلين في الداخل والخارج، متوقعين أن ينعش زخم الإنفاقات الكبيرة للدولة نشاطات اقتصادية عديدة بالبلد في مقدمتها قطاع التشييد والبناء، ويدفع باتجاه رفع أسعار بعض مواد البناء.

في قراءة أولية له على تصريحات وزير المالية أمس الأول بشأن سعر نفط مرجعي لموازنة 2011-2012 قال المحلل المالي نضال الخولي: إن الموازنة المقبلة ستكون متحفظة كسابقتها، رغم أن أسعار النفط تشهد ارتفاعا في الوقت الحاضر، معتبرا ذلك أمرا إيجابيا في ظل غياب أية ضمانات باستمرار الأسعار في الارتفاع بالأسواق العالمية وبالشكل الذي عليه حاليا.
كان سعادة السيد يوسف حسين كمال وزير الاقتصاد والمالية ألمح في تصريحات للصحافيين بإمكانية أن تؤسس الموازنة الجديدة على سعر نفط في حدود 55 إلى 60 دولارا للبرميل، في وقت تحلق فيه الأسعار فوق حاجز 100 دولار، مدفوعة باستمرار حالة القلق من التأثيرات السلبية للاضطرابات السياسية بليبيا تحديدا على مستوى الإمدادات، رغم تطمينات متعددة لأعضاء منظمة أوبك بتمتع سوق النفط بوضع صحي من حيث الإمدادات والمخزون في آن واحد.

موازنة متحفظة
وفيما رأى أن الأسعار المرتفعة للنفط بالأسواق العالمية تغذيها الأوضاع السياسية المضطربة بالمنطقة العربية، أكثر من أي عامل آخر، نبه نضال خولي بأن هذا الارتفاع يظل مؤقتا، في وقت لا يزال الاقتصاد العالمي يعاني فيه من تراجع حدة الطلب العام. وتفيد توقعات صندوق النقد الدولي إلى أن متوسط أسعار النفط لعامي 2011 و2012 ستحوم حول 80 دولارا.
ولاحظ نضال الخولي أن الموازنة بقطر تبنى على التحفظ والحيطة والحذر من تقلبات الأسواق، وقال: إنه لا أحد يمكنه أن يتكهن بما ستكون عليه الأسواق في الفترة المقبلة، فما يؤثر فيها حاليا أمور سياسية وليس اقتصادية. وأشار نضال الخولي إلى أنه في حال ظلت أسعار النفط عند متوسط 70 دولارا فإن قطر ستستمر في حيازة فوائض متراكمة سيتم ضخها في مشاريع ضخمة.
وتشير توقعات صندوق النقد العربي إلى أن الموازنة الحالية ستحقق فائضا بواقع %8.7 من الناتج المحلي الإجمالي لعام 2010، وهو ما يعني فائضا بقيمة قد تقارب 36 مليار ريال.
وبحسب تقديرات مصرف قطر المركزي فقد راكمت قطر نحو 153.7 مليار ريال خلال الخمس سنوات الماضية بفضل ارتفاع حجم صادراتها من النفط والغاز إلى الأسواق العالمية، بالتزامن مع وصول الأسعار بالأسواق الدولية إلى مستويات غير مسبوقة.

حراك متوقع
وبخصوص ما قاله سعادة الوزير بشأن تخصيص %40 من الموازنة الجديدة لمشاريع البينة التحتية أوضح نضال الخولي أن هذه النسبة مشابهة لمثيلتها في الموازنة الحالية 2010-2011، وتترجم التزام قطر بالمضي قدما في تنفيذ مشاريعها الضخمة لإنجاح استحقاقات استضافة كأس العالم 2022، بالإضافة إلى ترجمة أهداف رؤية قطر 2030، وقال نضال الخولي: «إنها نسبة جيدة».
وعبر نضال الخولي عن قناعته بأن هذا الإنفاق الحكومي الضخم على مشاريع البنية التحتية سيحرك النشاط الاقتصادي بالبلد بالكامل، لكنه استدرك بالقول: إن المستفيد الأكبر سيكون قطاع التشييد والبناء والعقارات. وذكر سعادة وزير الاقتصاد والمالية أمس الأول بالدوحة أن قطر تخطط لاستثمار ما بين 160 إلى 170 مليار دولار خلال الـ11 سنة المقبلة في مشاريع البنية التحتية والنفط والغاز، فيما خصصت قطر بالفعل نحو 75 مليار دولار لهذه المشاريع خلال الفترة من 2004 إلى 2010. وقال سعادة السيد يوسف حسين كمال: إن الموازنة الجديدة ستكون أكبر من سابقتها.
من جهته قال قاسم محمد قاسم مدير عام «المستثمرون المؤتلفون» بمركز قطر للمال: إن تصريحات وزير الاقتصاد والمالية تكاد تقول للمتتبعين: إن التطورات السياسية في المنطقة العربية لن تؤثر على قرارات الإنفاق الحكومي.
وأضاف: إن هذه التصريحات تؤكد التزام دولة قطر بالاستمرار في ضخ استثمارات كبرى حتى فترات طويلة، لافتا إلى أن قطر عززت من التزاماتها هذه في أكثر من مرة عندما أكدت سلامة أسواقها المالية، بل ودعمها القوي لها، في إشارة إلى قرارات ضخ أموال في شريان البنوك والبورصة بمليارات الدولارات غداة اندلاع الأزمة المالية العالمية لدعم ملاءتها المالية وتوقية نسيجها.
وأكد قاسم أن هذه التصريحات تبعث برسائل مطمئنة للمستثمرين والفاعلين الاقتصاديين في الداخل والخارج، وتشي بأن قطر حتى اللحظة لا ترى ما يدعو للتحفظ في الإنفاق، بعدما خصصت %40 من إيرادات الموازنة لاستكمال مشاريع البنية التحتية، وتغذية متطلبات التنموية طويلة الأمد.

فوائض متراكمة
وبين قاسم أن الحديث عن تخصيص %40 من الموازنة لمشاريع البنية التحتية يتناغم مع رؤية قطر الوطينة 2030، حيث يتطلب الأمر برأيه رفد خطط التنمية المقررة بما يتم مراكمته من فوائض من الموازنات السابقة واللاحقة، وقال: إن قطر بهذه القرارات الحكومية تسابق الزمن لتنفيذ أقصى حجم ممكن من المشاريع الكبرى. ويقدر صندوق النقد العربي أن يكون الاقتصاد القطري قد نما بواقع %16 العام الماضي مقارنة بـ%8.6 العام الذي قبله، في مقابل معدل تضخم تحت السيطرة، وبلغ الناتج المحلي لدولة قطر بنهاية الربع الثالث من عام 2010 ما قيمته 312.2 مليار ريال، في حين ينتظر أن تبلغ هذه القيمة نحو 415 مليار ريال بنهاية العام.
وتشير أرقام الموازنة الحالية إلى أن الإيرادات التقديرية ستكون في حدود 127.5 مليار ريال، منها 42.8 مليار ريال موجهة للمشروعات الرئيسة %33.5، مقابل نفقات بـ117.8 مليار ريال.
وحققت موازنة قطر 2009-2010 إيرادات أولية بقيمة 154.67 مليار ريال، شكلت منها إيرادات النفط والغاز %44.9، نظير إجمالي إنفاقات بقيمة 108.1 مليار ريال.
بدوره أكد منجد عثمان عبدالمجيد المدير العام لشركة ردكو للإنشاءات أن تصريحات وزير الاقتصاد والمالية تشير إلى أن زخم الإنفاق الذي ستحمله الموازنة المقبلة سينعش قطاع الإنشاءات وأعمال الطرق، وسيحرك المياه الراكدة في القطاع العقاري الذي لا يزال يعاني تحت وطأة حالة عدم التوازن بين العرض والطلب.
وقال منجد عثمان عبدالمجيد: إن الموازنة المقبلة كسابقاتها ستحرك قطاع الإنشاءات وستكون الشركات الكبرى العاملة في الطرق المستفيد الأكبر، مضيفا: إن القطاع العقاري سيستفيد بشكل غير مباشر، حيث ستضطر الشركات الكبرى إلى استقطاب مزيد اليد العاملة التي ستمتص الفائض من الوحدات المعروضة في الوقت الحاضر.
وحقق قطاع التشييد والبناء ما قيمته 17.2 مليار ريال في التسعة أشهر الأولى من العام الماضي، نظير 20 مليار ريال عام 2009.
وأشار منجد عثمان إلى أن استفادة القطاع العقاري ستبدأ فعليا عندما ستصل السوق العقارية إلى مرحلة التوازن بين العرض والطلب.

مصانع جديدة
وتوقع منجد عثمان أن يتم تشييد مزيد من المصانع الجديدة لمواكبة الطفرة الإنمائية التي ستعيشها قطر من الآن وحتى احتضان كأس العالم 2022. وعبر منجد عثمان عن قناعته بالفرص الكثيرة التي ستتاح أمام شركته، وقال: سنعيش مرحلة أخرى جديدة سنعمل على اقتناص الفرص الممكنة منها.
أما مصطفى كامل الباجوري، المدير التنفيذي لمصانع الإمارات الأوتوماتيكية للبلاط والطابوق والرخام فأكد هو الآخر أن المستفيد الأكبر من حجم الإنفاقات الكبير سيكون قطاع الإنشاءات، وتحديدا الشركات الخاصة العاملة في مجال الطرق، بينما أشار إلى أن القطاع العقاري سيتأخر في الاستفادة من هذا الزخم الإنفاقي إلى حين إشغال الوحدات السكنية الحالية. وتوقع محمد مصطفى كمال أن تنشط مصانع المواد والسلع التي تستخدم في تشييد الطرق، وبخاصة مواد الكنكري والجابرو والكاربيتون والإنترلوك. وأشار إلى أن هذا القطاع سيشهد حركة دؤوبة ليس فقط مع إطلاق الموازنة الجديدة بل وحتى احتضان مونديال 2022، وقال عن شركته: إنها تتوقع أن يزيد حجم مبيعاتها بنسبة %15 سنويا، في وقت نفذ فيه مخزونها تحت وطأة ارتفاع الطلب. بالمقابل لم يستبعد محمد مصطفى كمال أن ترتفع أسعار أبرز المواد والسلع التي تستخدم في مشاريع مد الطرق وكافة مشاريع البنية التحتية من جهة تأثرا بارتفاع حدة الطلب على هذه المواد، ومن جهة ثانية يتوقع ارتفاع تكاليف النقل.



.................................................. ........