لعديد
25-03-2011, 06:58 PM
صورة رائعة وجميلة للغة العربية
لغة الحياة
لغة العشق الأبدي والثورات الفكرية والانفعالات النفسية، لغة الليل والنهار، لغة الذوق الرفيع والجمال والأطروحات العلمية، لغة الماضي والحاضر والمستقبل، ويتوج هذا كله أنها لغة القرآن ولغة أهل الجنة. لا بد أنكم استوعبتم أنني أتكلم عن اللغة العربية والجميع سيقول نعم إنها تنتصر للغة العربية لأنها من دراسي اللغة العربية من باب ((من يشهد للعروسة)) ولكن شهادتي ضئيلة أمام شهادة الله الذي اختارها لتكون المعبرة عن كلماته النهائية للكون، واختارها لتكون لغة أهل الجنة ليكتمل نعيمهم، فالجنة كل ما فيها طيب أهلها وماؤها وترابها ولغتها. عندما أقرأ القرآن تحدثني نفسي يا ليت الناس درسوا العربية كما درسناها لأحسوا أنهم أمام نسق عجيب من الفكر والتصوير والانتقال من حدث إلى حدث بسلاسة، وحتى تشاركوني هذا العشق سأضرب لكم أمثلة بسيطة يستوعبها جميع الناس بمختلف أذواقهم وقدراتهم:-
1- يا لروعة اسم الإشارة ((هذا)) عندما يأتي في سياق الكلام كما هو الحال في كل كلمات اللغة العربية لا تتوضحها إلا من خلال السياق. ورد اسم الإشارة ((هذا)) في كتاب الله عندما قال العزيز ليوسف عليه السلام ((يوسف أعرض عن هذا))، وكلمة هذا هنا تشكل أكبر قاعدة أخلاقية، فالعزيز يعلم أن القصر مليء بالخدم والحرس فجمع الحدث بأكمله في كلمة حتى لا يتسرب الموضوع للآخرين، والناس متعطشة لسماع هذه الأخبار، لذلك وجب على من يقرأ القرآن واستوعبه ألا يتطلع إلى حياة الناس وأخبارهم وتداولها بينهم بغير وجه حق.
2- ورد اسم الإشارة ((هذا)) في موضع آخر في سورة النور عندما قال عز وجل في تبرئة عائشة رضي الله عنها وأرضاها فقال ((هذا إفك مبين)) وهذا هنا وردت بمعنى بليغ يحفظ للناس أعراضهم لأن المؤمنين أعرضوا عن الحديث في حادثة الإفك، وأعرض الله عن ذكرها قاعدة كبرى للبشرية تنهاهم عن الغيبة والنميمة والترفع عن الخوض في الناس، وفي زماننا البعد عن الجرائد الصفراء والمواقع التي تنشر الغسيل الوسخ ونتباهى بذلك ونقول الجريدة الفلانية أو الموقع الفلاني فضحهم ونشر أسرارهم من باب الحريات المطلقة وكشف الحقيقة، سأذكر على سبيل المثال ((مذكرات اعتماد خورشيد)) ((مقتل سوزان تميم)) كلها فضائح ما الذي يعني المسلمين في ذلك وقد تكون من باب الحقيقة أو التدليس، الله أعلم بهم.
3- اسم الإشارة هذا ورد كتعبير عن التحقير عندما رأى الخليفة هشام بن عبدالملك الناس توقر زين العابدين بن علي وتفسح له الطريق ليطوف حول الكعبة ولم تفعل مع هشام ذلك فقال من هذا؟!
فرد عليه الفرزدق قائلاً ((هذا)) وهي تعني هنا التعظيم في قصيدة من أروع قصائد الفرزدق:-
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته والبيت يعرفه والحل والحرم
هذا ابن خير عباد الله كلهم هذا التقي النقي الطاهر العلم
وليس قولك من هذا بضائره العرب تعرف من أنكرت والعجم
إذاً اسم الإشارة ((هذا)) يحمل كل هذه المعاني البلاغية فما بالكم لو استعرضنا بلاغيات متعلقة بالتصوير القرآني أو استخدام أساليب المبالغة لأحسستم أنكم أمام نهر شديد العذوبة تحيط به الخضرة من كل حدب وصوب، تظلله سماء بها غيوم ترسل سحائبها زخات من المطر، ويهب بين ربوعها نسائم لطيفة محملة بعبق الجمال والروعة والانحناء تقديراً لهذه اللغة.
وقفة:-
استوقفتني عبارة كتبها عبدالله باجبير قال فيها ((فوق احترامك للآخرين احترامك لذاتك)) واللغة ذاتنا التي نحترمها فهي الحياة بكل قواعدها في هذه الحروف.
جريدة العرب للكاتبة سارة علي الخاطر http://www.alarab.com.qa/details.php?docId=180197&issueNo=1193&secId=16&msgs=لقد%20تم%20ارسال%20التعليق%20شكراً
لغة الحياة
لغة العشق الأبدي والثورات الفكرية والانفعالات النفسية، لغة الليل والنهار، لغة الذوق الرفيع والجمال والأطروحات العلمية، لغة الماضي والحاضر والمستقبل، ويتوج هذا كله أنها لغة القرآن ولغة أهل الجنة. لا بد أنكم استوعبتم أنني أتكلم عن اللغة العربية والجميع سيقول نعم إنها تنتصر للغة العربية لأنها من دراسي اللغة العربية من باب ((من يشهد للعروسة)) ولكن شهادتي ضئيلة أمام شهادة الله الذي اختارها لتكون المعبرة عن كلماته النهائية للكون، واختارها لتكون لغة أهل الجنة ليكتمل نعيمهم، فالجنة كل ما فيها طيب أهلها وماؤها وترابها ولغتها. عندما أقرأ القرآن تحدثني نفسي يا ليت الناس درسوا العربية كما درسناها لأحسوا أنهم أمام نسق عجيب من الفكر والتصوير والانتقال من حدث إلى حدث بسلاسة، وحتى تشاركوني هذا العشق سأضرب لكم أمثلة بسيطة يستوعبها جميع الناس بمختلف أذواقهم وقدراتهم:-
1- يا لروعة اسم الإشارة ((هذا)) عندما يأتي في سياق الكلام كما هو الحال في كل كلمات اللغة العربية لا تتوضحها إلا من خلال السياق. ورد اسم الإشارة ((هذا)) في كتاب الله عندما قال العزيز ليوسف عليه السلام ((يوسف أعرض عن هذا))، وكلمة هذا هنا تشكل أكبر قاعدة أخلاقية، فالعزيز يعلم أن القصر مليء بالخدم والحرس فجمع الحدث بأكمله في كلمة حتى لا يتسرب الموضوع للآخرين، والناس متعطشة لسماع هذه الأخبار، لذلك وجب على من يقرأ القرآن واستوعبه ألا يتطلع إلى حياة الناس وأخبارهم وتداولها بينهم بغير وجه حق.
2- ورد اسم الإشارة ((هذا)) في موضع آخر في سورة النور عندما قال عز وجل في تبرئة عائشة رضي الله عنها وأرضاها فقال ((هذا إفك مبين)) وهذا هنا وردت بمعنى بليغ يحفظ للناس أعراضهم لأن المؤمنين أعرضوا عن الحديث في حادثة الإفك، وأعرض الله عن ذكرها قاعدة كبرى للبشرية تنهاهم عن الغيبة والنميمة والترفع عن الخوض في الناس، وفي زماننا البعد عن الجرائد الصفراء والمواقع التي تنشر الغسيل الوسخ ونتباهى بذلك ونقول الجريدة الفلانية أو الموقع الفلاني فضحهم ونشر أسرارهم من باب الحريات المطلقة وكشف الحقيقة، سأذكر على سبيل المثال ((مذكرات اعتماد خورشيد)) ((مقتل سوزان تميم)) كلها فضائح ما الذي يعني المسلمين في ذلك وقد تكون من باب الحقيقة أو التدليس، الله أعلم بهم.
3- اسم الإشارة هذا ورد كتعبير عن التحقير عندما رأى الخليفة هشام بن عبدالملك الناس توقر زين العابدين بن علي وتفسح له الطريق ليطوف حول الكعبة ولم تفعل مع هشام ذلك فقال من هذا؟!
فرد عليه الفرزدق قائلاً ((هذا)) وهي تعني هنا التعظيم في قصيدة من أروع قصائد الفرزدق:-
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته والبيت يعرفه والحل والحرم
هذا ابن خير عباد الله كلهم هذا التقي النقي الطاهر العلم
وليس قولك من هذا بضائره العرب تعرف من أنكرت والعجم
إذاً اسم الإشارة ((هذا)) يحمل كل هذه المعاني البلاغية فما بالكم لو استعرضنا بلاغيات متعلقة بالتصوير القرآني أو استخدام أساليب المبالغة لأحسستم أنكم أمام نهر شديد العذوبة تحيط به الخضرة من كل حدب وصوب، تظلله سماء بها غيوم ترسل سحائبها زخات من المطر، ويهب بين ربوعها نسائم لطيفة محملة بعبق الجمال والروعة والانحناء تقديراً لهذه اللغة.
وقفة:-
استوقفتني عبارة كتبها عبدالله باجبير قال فيها ((فوق احترامك للآخرين احترامك لذاتك)) واللغة ذاتنا التي نحترمها فهي الحياة بكل قواعدها في هذه الحروف.
جريدة العرب للكاتبة سارة علي الخاطر http://www.alarab.com.qa/details.php?docId=180197&issueNo=1193&secId=16&msgs=لقد%20تم%20ارسال%20التعليق%20شكراً