تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : أنواع العين والحسد ....



قلم صادق
31-03-2011, 09:01 AM
من القرآن

1. قوله تعالى: " قل أعوذ برب الفلق من شر ما خلق ومن شر غاسق إذا وقب ومن شر النفاثات في العقد ومن شر حاسد إذا حسد"12، حيث أمر الله بالاستعاذة من شر الحاسد والعائن.
2. قوله تعالى على لسان يعقوب عليه السلام موصياً بنيه: "وقال يا بني لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة وما أغني عنكم من الله من شيء إن الحكم إلا لله عليه توكلتُ وعليه فليتوكل المتوكلون".13
قال القرطبي رحمه الله في تفسيرها: (لما عزموا على الخروج خشي عليهم العين، فأمرهم ألا يدخلوا مصر من باب، وكانت مصر لها أربعة أبواب، وإنما خاف عليهم العين لكونهم أحد عشر رجلاً لرجل واحد، وكانوا أهل جمال وبسطة، قاله ابن عباس، والضحاك، وقتادة، وغيرهم).14
3. وقوله: "ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله".15
قال أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من رأى شيئاً فأعجبه فقال ما شاء الله لا قوة إلا بالله، لم يضرَّه عين".
وقال القرطبي: (وروي أن من قال أربعاً أمِن من أربع: من قال هذه16 أمِن العين؛ وقال أشهب: قال مالك: ينبغي لكل من دخل منزله أن يقول هذا؛ وقال ابن وهب: قال لي حفص بن ميسرة: رأيتُ على باب وهب بن منبه مكتوباً: "ما شاء الله لا قوة إلا بالله").17
4. وقوله: "وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لما سمعوا الذكر ويقولون إنه لمجنون".18
قال القرطبي في تفسيرها: (أخبر بشدة عداوتهم للنبي صلى الله عليه وسلم، وأرادوا أن يصيبوه بالعين، فنظر إليه قوم من قريش وقالوا: ما رأينا مثله ولا مثل حجته، وقيل: كانت العين في بني أسد حتى إن البقرة السمينة أوالناقة السمينة تمر بأحدهم فيعاينها، ثم يقول: يا جارية خذي المكتل والدرهم فأتينا بلحم هذه الناقة؛ فما تبرح حتى تقع للموت فتنحر، وقال الكلبي: كان رجل من العرب يمكث لا يأكل شيئاً يومين أوثلاثة، ثم يرفع جانب الخباء، فتمر به الإبل أوالغنم، فيقول: لم أر كاليوم إبلاً ولا غنماً أحسن من هذه! فما تذهب إلا قليلاً حتى تسقط منها طائفة هالكة، فسأل الكفار هذا الرجل أن يصيب لهم النبي صلى الله عليه وسلم بالعين فأجابهم، فلما مر النبي صلى الله عليه وسلم أنشد:
قد كان قومك يحسبونك سيداً وإخـال إنك سيـد معيون
فعصم الله النبي صلى الله عليه وسلم، ونزلت: "وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك"، وذكر نحوه الماوردي، وأن العرب كانت إذا أراد أحدهم أن يصيب أحداً ـ يعني في نفسه وماله ـ تجوع ثلاثة أيام، ثم يتعرض لنفسه وماله فيقول: تالله ما رأيت أقوى منه ولا أشجع ولا أكثرمنه ولا أحسن، فيصيبه بعينه، فيهلك هو وماله، فأنزل الله تعالى هذه الآية).19

___________________________________________
من السنة

الأدلة من السنة على حقيقة العين وتأثيرها وكيفية التوقي والاسترقاء منها كثيرة جداً، نذكر منها ما يأتي:
1. قوله صلى الله عليه وسلم: "العين حق".20
2. وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "العين حق، ولو كان شيء سابق القدر سبقته العين، وإذا اسْتُغسِلتم فاغسلوا".21
3. وعن جابر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أكثر من يموت من أمتي بعد قضاء الله وقدره بالأنفس".22
4. عن عائشة رضي الله عنها قالت: "أمرني النبي صلى الله عليه وسلم ـ أوأمر ـ أن يسترقى من العين".23
5. وعن أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى في بيتها جارية في وجهها سفعة، فقال: "استرقوا لها فإن بها النظرة"24، والنظرة هي العين، وقيل هي المس من الشيطان.
6. وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان إذا اشتكى رسول الله صلى رقاه جبريل، قال: "باسم الله يبريك، ومن كل داء يشفيك، ومن شر حاسد إذا حسد وشر كل ذي عين".25
7. وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم في الرقية من العين، والحُمَة، والنملة".26
8. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأسماء بنت عميس: "مالي أرى أجسام بني أخي ضارعة27، تصيبهم الحاجة؟ قالت: لا، ولكن العين تسرع إليهم؛ قال: ارقيهم".28
9. وعن أبي أمامة سهل بن حُنيف قال: "رأى عامر بن ربيعة سهل بن حُنيف يغتسل، فقال: والله ما رأيتُ كاليوم ولا جلد مخبأةٍ عذراء؛ قال: فلبط سهل، فأتى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عامراً، فتغيظ عليه، وقال: علام يقتل أحدُكم أخاه؟ ألا برَّكتَ، اغتسل له؛ فغسل له عامر وجهه، ويديه، ومرفقيه، وركبتيه، وأطراف رجليه، وداخلة إزاره في قدح، ثم صبّ عليه، فراح مع الناس".29
10. وروي عن الحسن مرفوعاً: "إن العين لتدخل الرجل القبر، والجمل القدر".30
11. وعن أبي سعيـد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ من الجان، ومن عين الإنسان".31
___________________________________________

العين عينان

1. عين إنسية.
2. وعين جنية، وهي التي يعبَّر عنها بالنظرة.
ولهذا أمرنا بالتعوذ من شياطين الإنس والجن.
والدليل على العين الجنية ما صحَّ عن أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى في بيتها جارية في وجهها سفعة، فقال: "استرقوا لها، فإن بها النظرة".
قال ابن القيم: (قال الحسين بن مسعود الفراء: وقوله "سفعة" أي نظرة، يعني من الجن، يقول بها عين أصابتها من نظر الجن، أنفذ من أسنة الرِّماح).32

___________________________________________
صنفا العائن

1. عائن بإرادته.
2. وعائن بطبعه من غير إرادة، وهذا أخسّ وأردأ من الصنف الأول، وهو الذي يمكن أن يعين نفسه، أوولده، أوأهله، أوماله، من غير إرادة منه، نتيجة لما غرز في قلبه من الحسد.


العين تسرع إلى الأطفال ولبعض الناس أكثر من غيرهم

الدليل على أن العين تسرع إلى الأطفال وإلى بعض الناس الحسان دون بعض قول أسماء بنت عميس رضي الله عنها عن أبناء جعفر رضي الله عنه عندما قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مالي أرى أجسام بني أخي ضارعة؟ أتصيبهم الحاجة؟"، قالت: "لا، ولكن تسرع إليهم العين"، وإقرار الرسول صلى الله عليه وسلم لها بقوله: "ارقيهم".
قال القرطبي: (ويقال إن العين أسرع إلى الصغار منها إلى الكبار، والله أعلم).33


التحرز من أضرار العين

كما علمنا فإن العين حق، ولو كان شيء يسبق القدر لسبقته العين، كما أخبر الصادق المصدوق، وأن العين لها آثار جانبية وأضرار بليغة على الأنفس والأموال، كل ذلك يحدث بقضاء الله وقدره وتدبيره، لحكمة يعلمها هو، وقد أمرنا الشارع الحكيم بالتحرز منها، وبالأخذ بالأسباب التي يمكن أن تكفَّ شرَّ العائن بإذن الله.
هذه التحرزات والتحفظات منها ما يتعلق بالعائن ومنها ما يتعلق بالمعيون.


أ. ما يتعلق بالعائن

لقد أمر رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم العائنين خاصة وجميع المسلمين بالتبريك إذا رأوا شيئاً أعجبهم، سواء كان هذا الشيء لهم أو لغيرهم من إخوانهم المسلمين، وسواء الذين عرفوا بالعين والذين لم يعرفوا بها، وسواء كان المرئي المُعْجِب نَفْساً أومالاً، فما هو التبريك؟ وما حكمه؟
كيفية التبريك

لقد وردت صيغ عدة للتبريك، وهي:
1. تبارك الله أحسن الخالقين، اللهم بارك فيه.
2. ما شاء الله، لا قوة إلا بالله.
3. بارك الله فيه.
4. اللهم بارك عليه.
حكم التبريك

التبريك واجب، خاصة لمن عرف بالعين واشتهر بها.
دليل التبريك

قوله صلى الله عليه وسلم لعامر بن ربيعة رضي الله عنه عندما عان سهل بن حنيف رضي الله عنه: "علام يقتل أحدُكم أخاه؟ ألا بركتَ" الحديث.
أقوال العلماء في ذلك

قال القرطبي رحمه الله: (واجب على كل مسلم أعجبه شيء أن يبرِّك، فإنه إذا دعا بالبركة صُرف المحذور لا محالة، ألا ترى قوله عليه السلام: "ألا بركتَ"، فدل على أن العين لا تضر ولا تعدو إذا برَّك العائن، وأنها تعدو إذا لم يبرِّك، والتبريك أن يقول: تبارك الله أحسن الخالقين، اللهم بارك فيه).34
وقال العلامة ابن القيم رحمه الله: (وإذا كان العائن يخشى ضرر عينه، وإصابتها للمعين، فليدفع شرها بقوله: اللهم بارك عليه، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لعامر بن ربيعة لما عان سهل بن حُنيف: "ألا بركت؟"، أي قلت: اللهم بارك عليه.
ومما يدفع إصابة العين قول "ما شاء الله لا قوة إلا بالله"، روى هشام بن عروة عن أبيه أنه كان إذا رأى شيئاً يعجبه أودخل حائطاً35 من حيطانه قال: "ما شاء الله لا قوة إلا بالله").36

ب. ما يتعلق بالمعيون أو من يخشى عليه العين

أما التحرز والتحفظ من ضرر العين من الجانب الآخر، وهو جانب المعيون أومن يخشى عليهم من العين بصفة خاصة، وغيرهم بصفة عامة، لأن كل ذي نعمة محسود، فيكون بالآتي:
1. المحافظة على أذكار الصباح والمساء

ونعني بذلك الأذكار والأوراد السنية التي أثرت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليست الأوراد التي ألفها بعض المشايخ وألزم بها مريديهم.
2. الإكثار من قراءة فاتحة الكتاب، وآية الكرسي، والمعوذتين

3. التعاويذ النبوية، خاصة:

* "أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق".
* و"أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة".
* و"أعوذ بكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن برٌّ ولا فاجر، من شر ما خلق، وذرأ، وبرأ، ومن شر ما ينزل من السماء، ومن شر ما يعرج فيها، ومن شر ما ذرأ في الأرض، ومن شر ما يخرج منها، ومن شر فتن الليل والنهار، ومن شر طوارق الليل والنهار، إلا طارقاً يطرق بخير يا رحمن".
* و"أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه، وعقابه، وشر عباده، ومن همزات الشياطين، وأن يحضرون".

قال العلامة ابن القيم بعد أن ذكر عدداً من التعاويذ النبوية: (ومن جرَّب هذه الدعوات والعُوذ، عرف مقدار منفعتها، وشدة الحاجة إليها، وهي تمنع وصول أثر العائن وتدفعه بعد وصوله، بحسب قوة إيمان قائلها، وقوة نفسه واستعداده، وقوة توكله وثبات قلبه، فإنها سلاح والسلاح بضاربه).37
4. عدم التعري والتكشف

يجب على المسلم أن يستـر جسمه وأن يحـرص على عدم التكشف والتعري أمام الآخرين، فسهل بن حُنيف رضي الله عنه لولا أنه نزع جبة كانت عليه، وعامر بن ربيعة ينظر، وكان سهل رجلاً أبيض حسن الجلد، فقال عامر: "ما رأيتُ كاليوم ولا جلد عذراء"، ما تمكن عامر من النظر إلى محاسنه ومن ثم إصابته بعينه، فالسبب الرئيس في ذلك تكشف سهل أمامه.
وكذلك عندما ركب سعد بن وقاص يوماً فانكشف بطنه، فنظرت إليه امرأة فقالت: إن أميركم هذا ليعلم أنه أهضم الكشحين؛ فرجع إلى منزله فسقط.
ومن المؤسف حقاً تفشي العري والتفسخ والتزيي بالأزياء الضيقة والقصيرة والواصفة التي تصف العورة وتكشف المحاسن، سيما لدى النساء والبنين والبنات، فعلى هؤلاء أن يتقين الله في أنفسهن، وفي أولادهن، وليعلمن أن في ذلك ضرر بليغ في الدين والبدن، فإن كن لا يخفن الله فعليهن أن يتقين عين العائنين وحسد الحاسدين.
فلا يحل لرجل يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسمح لزوجه ولبناته ولمن يعول، سواء كن بلغن أوتحت البلوغ أن يخرجن غير متسترات متحجبات، وإلا فليعلم أنه ديوث يقرُّ الفاحشة في أهله، وقد حرمَّ الله الجنة على الديوث، وهؤلاء عليهن أن يبشرن إن لم يرجعن بأنهن من عمَّار نار جهنم بشهادة رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صنفان من أهل النار لم أرهما"، وذكر من هذين الصنفين: "نساء كاسيات عاريات، مائلات مميلات.." إلخ.
واعلمي أختي المسلمة أنه لا يحل لك أن تخرجي من بيتك إلا لحاجة ماسة، ولا تخرجي إلا وأنت متحجبة تفلة، غير متطيبة ولا متزينة، واعلمي أن خروجك من بيتك بما يعرف بـ"الإسكيرت والبلوزة" لا يحل لك، لأنه كاشف لعورتك واصف لها، وهو زينة في نفسه.
أما الأطفال والصغار فمسؤوليتهم على أوليائهم، وعليهم أن لا يتركوا اختيار ملابسهم للنساء، وعليهم أن يتولوا ذلك بأنفسهم، وليتذكروا قول الناصح الأمين: "لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة"، سواء كانت هذه الولاية خاصة أوعامة.
اللهم هل بلغت؟ اللهم فاشهد.
فستر البدن عند الاستحمام، وعند قضاء الحاجة، وعند ممارسة الألعاب الرياضية واجب، وعورة الرجل من السرة إلى الركبة، والمرأة كلها عورة بما في ذلك الوجه واليدان.
وقد أخبرني من أثق به أن رجلاً كان جالساً لقضاء حاجته، فرأى رجل عائن طرفاً من إليته ـ وهو في هذا الوضع ـ فشبه هذا الطرف بجزء من أجزاء الساقية حسب بيئته، فلم يتحرك هذا الرجل من مكانه إلا بعد أن لدغته عقرب، فانتبهوا يا أولي الأبصار، واحذروا العري والتكشف ولو كنتم خالين بأنفسكم، فكيف بين الناس؟ فالوقاية خير من العلاج.
5. ستر محاسن من يخاف عليه العين

من وسائل التحرز التي أمر بها الشارع لرد كيد العائنين ودفع ضررهم ستر محاسن من يخشى عليه من العين، سواء كان صغيراً أم كبيراً، فالعين تسرع إلى الحسان أكثر من غيرهم، وإلى الصغار أكثر منها إلى الكبار.
ذكر الإمام البغوي في شرح السنة له: (عن عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه رأى صبياً مليحاً، فقال: دسِّموا نونته.
فقال أبو عمر: سألتُ أحمد بن يحيى عنه، فقال: أراد بالنونة النُّقرَة التي في ذقنه، والتدسيم التسويد، أراد سوِّدوا ذلك الموضع من ذقنه ليرد العين).
وكان المقنع الكندي38 واسمه محمد بن عمير بن أبي شمر الكندي من أجمل أهل زمانه، وأحسنهم وجهاً، وأتمهم قامة، فكان إذا كشف وجهه يُؤذى، فكان يتقنع دهره، فسمي لذلك بالمقنع).39
6. عدم تجمع الإخوة والأبناء والأهل في مكان واحد ملفت للنظر

من التحوطات التي تدفع ضرر العين عدم تجمع الأبناء أو الإخوان إذا كانوا جماعة في مكان واحد، وعدم خروجهم ودخولهم مجتمعين، صرفاً لأذى العائنين، ولهذا وصى يعقوب نبي الله ابن نبي الله ابن خليل الله أبناءه ـ وكانوا ذوي حسن وعدد ـ بعدم دخول مصر40 من باب واحد، وكان لها أربعة أبواب، فأمرهم أن يدخلوا متفرقين على أبوابها الأربعة، حيث قال: "يا بني لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة وما أغني عنكم من الله من شيء" الآية.
قال ابن القيم: (ومن علاج ذلك ـ دفع ضرر العين ـ أيضاً والاحتراز منه: ستر محاسن من يخاف عليه من العين بما يردها عنه).41
وقال ابن مفلح رحمه الله: (وليحترز الحَسَن من العين والحسد بتوحيش حسنه).42
___________________________________________

قلم صادق
31-03-2011, 09:03 AM
علاج العين

ما ذكرناه سابقاً هو التحرز من العين قبل وقوع الضرر، أما بعد وقوع الضرر والأذى فيتقى شر العين بأمور هي:
أولاً: العلاج بالاغتسال إذا عُرف العائن وحُدِّد.
ثانياً: العلاج بالرقى والتعاويذ إذا لم يُعرف العائن.
ثالثاً: النُّشرة.


أولاً: العلاج بالاغتسال إذا عُلم العائن وحُدِّد

علاج المعيون إذا أصيب بضرر أن يؤمر العائن إن كان معلوماً معروفاً بالاغتسال له، بكيفية معينة، وأن يصب عليه الماء بطريقة خاصة سنبينها، فما دليل الاغتسال؟ وما كيفيته؟ وما الحكمة والعلة من ذلك؟
دليل اغتسال العائن للمعيون 43

خرَّج مالك وغيره من أهل السنن عن ابن شهاب عن أبي أمامة بن سهل بن حُنَيف قال: "رأى عامر بن ربيعة سهل بن حنيف يغتسل، فقال: والله ما رأيتُ كاليوم ولا جلد مخبأة عذراء؛ قال: فلبط44 سهل، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم عامراً فتغيظ عليه، وقال: علامَ يقتل أحدُكم أخاه؟ ألا بركتَ، اغتسل له؛ فغسل له عامر.." الحديث.
وفي رواية: "إن العين حق، توضأ له، فتوضأ له".
وعن معمر عن ابن طاوس عن أبيه مرفوعاً: "العين حق، ولو كان شيء سابق القدر لسبقته العين، فإذا استغسل أحدكم فليغتسل".
حكم هذا الغسل

الوجوب، لأن الأمر للوجوب ما لم يصرفه صارف.
قال ابن عبد البر في شرحه لحديث مالك السابق: (وفيه أن العائن يؤمر بالاغتسال للذي عانه، ويجبر ـ عندي ـ على ذلك إن أباه، لأن الأمر حقيقته الوجوب، ولا ينبغي لأحد أن يمنع أخاه ما ينتفع به أخوه ولا يضره هو، ولا سيما إذا كان بسببه، وكان الجاني عليه، فواجب على العائن الغسل، والله أعلم).45
وقال الحافظ ابن حجر في شرح قوله صلى الله عليه وسلم: "وإذا استغسلتم فاغسلوا": (وهي أمر العائن بالاغتسال عند طلب المعيون منه ذلك، ففيها إشارة إلى أن الاغتسال لذلك كان معلوماً بينهم، فأمرهم أن لا يمتنعوا منه إذا أريد منهم، وأدنى ما في ذلك رفع الوهم الحاصل في ذلك، وظاهر الأمر الوجوب، وحكى المازري فيه خلافاً، وصحح الوجوب، وقال: متى خشي الهلاك، وكان اغتسال العائن مما جرت العادة بالشفاء به فإنه يتعين، وقد تقرر أنه يجبر على بذل الطعام للمضطر وهذا أولى).46
وقال القرطبي: (العائن إذا أصاب بعينه ولم يبرِّك، فإنه يؤمر بالاغتسال ويُجبر على ذلك إن أباه، لأن الأمر على الوجوب، لا سيما هذا، فإنه قد يخاف على المعين الهلاك، ولا ينبغي لأحد أن يمنع).47
كيفية اغتسال العائن للمعيون

خرَّج48 أحمد والنسائي وصححه ابن حبان من طريق الزهري عن أبي أمامة بن سهل بن حُنَيف: "أن أباه حدثه أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج وساروا معه نحو ماء، حتى إذا كانوا بشعب الخرار من الجحفة اغتسل سهل بن حنيف ـ وكان أبيض حسن الجسم والجلد ـ فنظر إليه عامر بن ربيعة فقال: ما رأيت كاليوم ولا جلد مخباة؛ فلبط ـ أي صُرع وزناً ومعنى ـ سهل، فأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: هل تتهمون به من أحد؟ قالوا: عامر بن ربيعة؛ فدعا عامراً فتغيظ عليه، فقال: علام يقتل أحدُكم أخاه؟ هلا إذا رأيت ما يعجبك بركت؟ ثم قال: اغتسل له؛ فغسل وجهه، ويديه، ومرفقيه، وركبتيه، وأطراف رجليه، وداخلة إزاره في قدح، ثم يصب ذلك الماء عليه رَجُلٌ من خلفه على رأسه وظهره، ثم يكفأ القدح، ففعل به ذلك، فراح سهل مع الناس ليس به بأس".
قال المازري: المراد بداخلة الإزار الطرف المتدلي الذي يلي حقوه الأيمن، قال: فظن بعضهم كناية عن الفَرْج.
وقال ابن القيم تحت عنوان "رفع الضرر بالغسل": (ومنها أن يؤمر العائن بغسل مغابنه وأطرافه، وداخلة إزاره، وفيه قولان:
أحدهما: أنه فرجه.
والثاني: أنه طرف إزاره الداخل الذي يلي جسده من الجانب الأيمن، ثم يصب على رأس المعين من خلفه بغتة، وهذا مما لا يناله علاج الأطباء، ولا ينتفع به من أنكره، أوسخر منه، أوشـك فيه، أوفعله مجـرباً لا يعتقد أن ذلك ينفعه).49
الحكمة والعلة في اغتسال العائن للمعيون بهذه الكيفية

قال ابن القيم: (فاعلم أن ترياق سم الحية في لحمها، وأن علاج تأثير النفس الغَضَبيَّة في تسكين غضبها وإطفاء ناره، بوضع يدك عليه، والمسح عليه، وتسكين غضبه، وذلك بمنزلة رجل معه شعلة من نار، وقد أراد أن يقذفك بها، فصببت عليها الماء وهي في يده، حتى طفئت، وذلك أمر العائن أن يقول: اللهم بارك عليه، ليدفع تلك الكيفية الخبيثة بالدعاء الذي هو إحسان إلى المعين، فإن دواء الشيء بضده، ولما كانت هذه الكيفية الخبيثة تظهر في المواضع الرقيقة من الجسد، لأنها تطلب النفوذ فلا تجد أرق من المغابن، وداخلة الإزار، ولا سيما إن كان كناية عن الفرْج، فإذا غسلت بالماء بطل تأثيرها وعملها، وأيضاً فهذه المواضع للأرواح الشيطانية بها اختصاص، والمقصود أن غسلها بالماء يطفئ تلك النارية، ويذهب بتلك السمية، وفيه أمر آخر، وهو وصول أثر الغسل إلى القلب من أرق المواضع وأسرعها تنفيذاً).50


ثانياً: العلاج بالرقى والتعاويذ النبوية

إذا لم يعرف العائن ولم يتمكن المعيون ولا غيره من تحديده وتعيينه، يعالج المعيون بالرقى والتعاويذ النبوية، فهي أنجع علاج وأفضل دواء لذلك.
لقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالاسترقاء من العين.

* فقد صـح عن عائشـة رضي الله عنها أنها قالت: "أمرني النبي صلى الله عليه وسلم ـ أوأمـر أن يسترقى من العين".51
* وصح عن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى في بيتها جارية في وجهها سفعة، فقال: استرقوا لها فإن بها النظـرة".52
* وعن أسماء بنت عميس قالت: "يا رسول الله، إن بني جعفر تصيبهم العين، أفأسترقي لهم؟ قال: نعم".

ومن الرقى النافعة بجانب ما سبق ذكره في التحرز من العين ما يأتي53:
1. "أذهب البأس رب الناس، اشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك، شفاءً لا يغادر سقماً".
2. رقية جبريل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: "باسم الله أرقيك، من كل داء يؤذيك، من شر كل نفس أوعين حاسد الله يشفيك، باسم الله أرقيك".
3. "اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، عليك توكلت، وأنت رب العرش العظيم، ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، لا حول ولا قوة إلا بالله، أعلم أن الله على كل شيء قدير، وأن الله قد أحاط بكل شيء علماً، وأحصى كل شيء عدداً، اللهم إني أعوذ بك من شر نفسي، وشر الشيطان وشركه، ومن شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها، إن ربي على صراط مستقيم".
4. "تحصنت بالله الذي لا إله إلا هو إلهي وإله كل شيء، واعتصمت بربي ورب كل شيء، وتوكلت على الحي الذي لا يموت، واستدفعت الشر بلا حول ولا قوة إلا بالله، حسبي الله ونعم الوكيل، حسبي الرب من العباد، حسبي الخالق من المخلوق، حسبي الرازق من المرزوق، حسبي الله هو حسبي، حسبي الذي بيده ملكوت كل شيء، وهو يجير ولا يجار عليه، حسبي الله وكفى، سمع الله لمن دعا، وليس وراء الله مرمى، حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم".

الاستشفاء والاسترقاء بالقرآن

القرآن فيه شفاء من كل الأدواء الحسية والمعنوية، فيجوز الاستشفاء والاسترقاء به.
للناس في الاستشفاء بالقرآن طرق عدة، منها ما هو متفق عليه، ومنها ما هو مختلف فيه، ومنها ما هو ممنوع.
فمن المتفق عليه بين أهل العلم

1. قراءة شيء من القرآن ثم النفث في اليد أواليدين ومسـح العضو المصاب وغير المصاب بهما.
2. قراءة شيء من القرآن ثم النفث في سائل كالزيت، والماء، واللبن، ونحوهما، وشربه والتمسح به.
ومن المختلف فيه

كتابة شيء من القرآن وتعليقه على بدن المريض أوالمصاب بعد نزول البـلاء، فمن أهـل العلم من أجـاز ذلك، منهم مـالك، ومنهم من منع منه لأنه لم يؤثـر عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا أحد من خلفـائه، وإن أثـر عن عبدالله بن عمرو بن العاص أنه كان يُعَلِّم من عقل من أبنائه: "أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة"، ومن لم يعقل منهم كتبها وعلقها عليه.
ومن الممنوع

1. كتابة شيء من القرآن في إناء ثم غسله وسقيه للمريض، حيث لم يصح في ذلك شيء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا صحبه الكرام.
2. كتابة شيء من القرآن في ورقة "بخرة"، ثم حرق ذلك بالنار واستنشاق المريض لهذا الدخان، وهذه الطريقة أقبح من سابقتها ولا يحل استعمالها.
قال ابن القيم رحمه الله: (ورأى جماعة من السلف أن يكتب له ـ أي للمعيون ـ الآيات من القرآن، ثم يشربها، قال مجاهد: لا بأس إن يكتب القرآن ويغسله ويسقيه المريض؛ ومثله عن أبي قِلابة، ويذكر عن ابن عباس أنه أمر أن يكتب لامرأة يعسر عليها ولادها آيتان من القرآن، يغسل ويسقى، وقال أيوب ـ السختياني ـ: رأيت أبا قِلابة كتب كتاباً من القرآن، ثم غسله بماء وسقاه رجلاً كان به وجع).54
قلت: قول الصحابي وعمله حجة إذا لم يخالفه غيره، أما إذا خالفه غيره من الصحابة فقوله ليس بحجة، وقد خالف ذلك ابن مسعود وغيرُه من الصحابة رضوان الله عليهم، وإجابة الدعاء والشفاء من المرض ليس دليلاً على صحة الرقية إذا لم يكن لها مستند في الشرع.
سُئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء55 بالمملكة العربية السعودية عن كتابة شيء من القرآن في لوح أوإناء وغسله وشربه رجاء شفاء أوعلم أوكسب، فقالت: (أذن النبي صلى الله عليه وسلم في الرقية بالقرآن والأذكار والأدعية ما لم تكن شركاً أو كلاماً لا يفهم معناه، لما روى مسلم في صحيحه عن عوف بن مالك قال: "كنا نرقي في الجاهلية، فقلنا: يا رسول الله، كيف ترى في ذلك؟ فقال: اعرضوا عليَّ رقاكم، لا بأسب الرقى ما لم يكن فيها شرك".
وقد أجمع العلماء على جواز الرقى إذا كانت على الوجه المذكور آنفاً مع اعتقاد أنها سبب لا تاثير له إلا بتقدير الله تعالى، أما تعليق شيء بالعنق أوربطه بأي عضو من أعضاء الشخص، فإن كان من غير القرآن فهو محرم، بل شرك، لما رواه أحمد في مسنده عن عمران بن حصين رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً في يده حلقة من صُفر، فقال: "ما هذا؟ قال: من الواهنة؛ فقال: انزعها فإنها لا تزيدك إلا وهناً، فإنك لو متَّ وهي عليك ما أفلحتَ أبداً"، وما رواه عن عقبة بن عامر عنه صلى الله عليه وسلم قال: "من تعلق بتميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له"، وفي رواية لأحمد أيضاً: "من تعلق تميمة فقد أشرك" وما رواه أحمد وأبو داود عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الرُّقى والتمائم والتولة شرك".
وإن كان ما علقه من آيات القرآن فالصحيح أنه ممنوع أيضاً لثلاثة أمور:
الأول: عموم أحاديث النهي عن تعليق التمائم، ولا مخصص لها.
الثاني: سد الذريعة فإنه يفضي إلى تعليق ما ليس كذلك.
الثالث: أن ما علق من ذلك يكون عرضة للامتهان بحمله معه في حال قضاء الحاجة، والاستنجاء، والجماع، ونحو ذلك.
وأما كتابة سورة أوآيات من القرآن في لوح، أوطبق، أوقرطاس، وغسله بماء، أوزعفران، أوغيرهما، وشرب تلك الغسلة رجاء البركة، أواستفادة علم، أوكسب مال، أوصحة، أوعافية، ونحو ذلك، فلم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فعله لنفسه أوغيره، ولا أنه أذن فيه لأحد من أصحابه، أورخَّص فيه لأمته، مع وجود الدواعي التي تدعو إلى ذلك، ولم يثبت في أثر صحيح فيما علمنا عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم أنه فعل ذلك أورخص فيه، وعلى هذا فالأولى تركه، وأن يستغني عنه بما ثبت في الشريعة من الرقية بالقرآن وأسماء الله الحسنى، وما صح من الأذكار والأدعية النبوية ونحوها، مما يعرف معناه، ولا شائبة للشرك فيه، وليتقرب إلى الله بما شرع، رجاء التوبة، وأن يفرج الله كربته، ويكشف غمته، ويرزقه العلم النافع، ففي ذلك الكفاية، ومن استغنى بما شرع الله أغناه الله عما سواه، وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم).



___________________________________________
المصدر من هنا

ارين
01-04-2011, 12:37 AM
جعل الله ما طرحته أخي الكريم في ميزان حسناتك وجزاك الله خير

اميررة قطر
01-04-2011, 04:50 AM
جزاج الله الجنه
الله يحمينا من العين والحسد

راعي ال VXR
04-04-2011, 02:12 PM
اللهم عافنا وعفو عنا
جزاك الله خير

سلوى حسن
04-04-2011, 09:13 PM
جزاك الله خير

امـ حمد
05-04-2011, 04:23 AM
بارك الله فيك اخوي

وجعله في ميزان حسناتك

قلم صادق
07-04-2011, 06:56 PM
بارك الله فيكم جميعآ
استغفر الله سبحانك اللهم وبحمدك اشهد ان لااله الاانت استغفرك واتوب اليك.
اللهم اني اعوذ بك من عين العائنين وحسد الحاسدين يارب العالمين

stand-by
08-04-2011, 03:37 AM
جزاك الله خير

ابوسعود
16-04-2011, 12:11 PM
جزاك الله خير

قلم صادق
16-04-2011, 12:42 PM
تسلمون وبارك الله فيكم