الوعب
10-04-2011, 09:07 AM
القبس
قضية للنقاش
بن همام والعطية يضعان الدوحة في قلب الحدث
قطر لم تتعب بعد.. وما زالت دولة فتية
لم يكن غريباً أن تتصدر الصفحات الأولى من الصحف العربية ومنها «الأهرام» المصرية، خبر صراع محمد بن همام وبلاتر على رئاسة {الفيفا} مقابل خبر ترشيح عبدالرحمن العطية لمنصب أمين عام جامعة الدول العربية خلفا لعمرو موسى.
ولو كنت في موقع آخر لعملت على إعداد تقرير شهري يوزع على وسائل الإعلام للنشر يرصد فيه «إنجازات دولة قطر» فهذا البلد لا يتوقف عن الحركة والدوران.
وقد يسبقنا الحدث من لحظة كتابة هذا الموضوع الى حين صدور هذه الصفحة يوم الأحد العاشر من أبريل، لنطالع أن قطر دخلت على خط المصالحة والتهدئة بين إيران وبلدان مجلس التعاون الخليجي، نظرا للعلاقة التي ترتبط بها وإمساكها للعصا من الوسط، وهو ما يؤهلها لأن تكون في طليعة المبادرين.
دور اكبر من الحجم
هناك نجاحات في العمل الدبلوماسي، وهذا أمر يلحظه المراقبون والخصوم السياسيون على حد سواء.. ففي لحظة الفراغ أو التردد عند الكبار في العالم العربي، تجد دوراً لهذه الدولة وموقعا يتجاوز بكثير إمكاناتها وحجمها، لكنها الحقيقة، فترشيح عبدالرحمن العطية لم يأت عابرا، بل هو في سياق خروج الدوحة للحواضر والمراكز الإقليمية والدولية والذي توج بالفوز بتنظيم مباريات كأس العالم عام 2022.. وهو ما أكسبها ثقلا دوليا قيل الكثير عنه، ومنهم من عزاه الى قوة المال وآخرون الى «اللوبي القطري» الذي استطاع تحييد الكثير من الكبار، لكنه في النهاية عمل دبلوماسي محكم وناجح، قد يكون المال أو غيره من الوسائل، وهذا أمر لا نملك نحن ولا الغير دليلا عليه بل مجرد تخمينات وتحليلات لا يمكن الإقرار بها، إن الفريق الذي يقود هذا الملف استطاع أن يجير ويوظف كل الإمكانات المتاحة وعلى رأسها محطة «الجزيرة» لتحقيق الهدف المنشود، وهو ما حصل بدرجة أثارت حسد وغيرة الكثيرين.
البعض يندهش كيف استطاعت قطر أن تخرج الإنكليز من المنافسة وتقوم بتحييد أهم شخصية عالمية بكرة القدم مثل بيكنباور لمصلحتها.. مجدداُ تسمع من يقول إن النجاح بالسياسة عائد الى ارتباطه بالمال. لكنه قول ناقص. فهناك من الأثرياء والأغنياء ما يفوق قدرات قطر، إن على مستوى الأشخاص أو على مستوى الدول، ومع ذلك لم يكن بمقدورهم فعل شيء بهذا المستوى.
قيادة ومبادرة
في الشأن الليبي كانت أول دولة عربية وثاني دولة في العالم بعد فرنسا تعترف بالمجلس الوطني الانتقالي المعارض لنظام العقيد القذافي، في الوقت الذي وافقت فيه على تسويق النفط الخام الذي تنتجه حقول شرق ليبيا، وفي الوقت الذي تربض فيه ست طائرات من نوع ميراج ويجلس فيه أكثر من 200 جندي قطري قبالة زملائهم الفرنسيين في قاعدة «لوسود» الجوية بجزيرة كريت، والتي تنطلق منها طائرات حلف الناتو لتقصف قواعد ومقرات القوات الحكومية الموالية لحكم القذافي.
الذين تعاطوا مع الموقف القطري في ليبيا، اعتبروا أن هذه الاندفاعات جاءت لتؤكد على «الدور القيادي»، الذي تلعبه في المنطقة، وهو ما جعلها متميزة عن باقي الدول العربية .
قيادات الدولة
تخطت قطر كثيراً حكاية الدور أكبر من الحجم الجغرافي، فالشواهد على الاختبار عديدة، وفي كل مرة كان السؤال أن هذا البلد الصاعد، حساباته تختلف عن الحسابات التقليدية الخاصة بنقاط القوة والضعف في موازين الاستراتيجيات، التي تتبعها الدول، وفقاً لمعايير الاقتصاد والسكان والمساحة والموارد المتاحة، أو بالقوة العسكرية والتكنولوجيا التي تمتلكهما، فقد أضافت نقاطاً واعتبارات لم تكن منظورة، منها أن قيادات الدولة تحولت إلى فريق عمل طوارئ، بما تستلزمه الصراعات والأحداث والمواجهات، ووفق أجندة عمل يتم التوافق عليها، يؤديها الكبار وفي الميدان، ويتدخل فيها الأشخاص مباشرة، أي أن العمل الدبلوماسي المكثف يتم بواسطة أصحاب القرار، تساندهم مجموعات من المستشارين أصحاب الكفاءات، وتقف أمامهم أو وراءهم بحسب مقتضيات المرحلة، محطة اسمها «الجزيرة»، وهذه من النقاط الفاصلة التي جعلت من الدوحة عاصمة للوساطة الفلسطينية واللبنانية والسودانية والشيشانية واليمنية، إضافة إلى كونها حاضنة لأهم قاعدة عسكرية خارج الأراضي الأميركية في العالم، ومقراً لمكتب التمثيل التجاري الإسرائيلي.
قطر ليست دولة عظمى هذا صحيح، لكن في دبلوماسيتها وأدوارها الكثير من نهج وسياسيات الدول ذات الأوزان الكبيرة على الساحتين الإقليمية والدولية.
بن همام دخل المعترك الدولي لكرة القدم، ليصارع السويسري جوزيف بلاتر على منصب الرئاسة، الذي سيحسم في الأول من يونيو المقبل، ويوجد وراءه بلدوزر متمكن وعازم على الوصول بالمنافسة إلى نهايتها، وهذا يعني أن العجلة دارت وفتحت الملفات، وجار العمل عليها بإتقان وحرفية، وبأسلوب قطري شجع أصحابه على تكراره، نظراً للنجاحات التي حققها في مرات سابقة ومتشابهة.
يبقى ملف الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، وهو الملف الذي أعدت فيه مذكرة ووزعتها على المندوبين في محاولة لكسر العرف السائد، بأن يكون أمين عام الجامعة العربية حاملاً لجنسية دولة المقر وهي مصر العربية، وإن حصل استثناء في تاريخ الامناء العامين، عندما عين الشاذلي القليبي من تونس أميناً عاماً، ونقل مقر الجامعة من هناك في لحظة زعل وخصام بين مصر وأخواتها العربيات عام 1979 بعد توقيع معاهدة الصلح مع إسرائيل.
فهل تنجح قطر في ذلك، وتحقق فكرة «تدوير المنصب المصري»، وتتربع على عرش الأمانة العامة، أم أن الوقت لم يحن بعد لتغيير قواعد اللعبة ؟.
قطر اليوم في قلب الحدث والباقي تفاصيل، قد تنجح أو تخسر الرهان، ولكنها تعمل من دون توقف أو تعب، لم تصب بالإرهاق بعد، وما زالت فتية وفاعلة.
قضية للنقاش
بن همام والعطية يضعان الدوحة في قلب الحدث
قطر لم تتعب بعد.. وما زالت دولة فتية
لم يكن غريباً أن تتصدر الصفحات الأولى من الصحف العربية ومنها «الأهرام» المصرية، خبر صراع محمد بن همام وبلاتر على رئاسة {الفيفا} مقابل خبر ترشيح عبدالرحمن العطية لمنصب أمين عام جامعة الدول العربية خلفا لعمرو موسى.
ولو كنت في موقع آخر لعملت على إعداد تقرير شهري يوزع على وسائل الإعلام للنشر يرصد فيه «إنجازات دولة قطر» فهذا البلد لا يتوقف عن الحركة والدوران.
وقد يسبقنا الحدث من لحظة كتابة هذا الموضوع الى حين صدور هذه الصفحة يوم الأحد العاشر من أبريل، لنطالع أن قطر دخلت على خط المصالحة والتهدئة بين إيران وبلدان مجلس التعاون الخليجي، نظرا للعلاقة التي ترتبط بها وإمساكها للعصا من الوسط، وهو ما يؤهلها لأن تكون في طليعة المبادرين.
دور اكبر من الحجم
هناك نجاحات في العمل الدبلوماسي، وهذا أمر يلحظه المراقبون والخصوم السياسيون على حد سواء.. ففي لحظة الفراغ أو التردد عند الكبار في العالم العربي، تجد دوراً لهذه الدولة وموقعا يتجاوز بكثير إمكاناتها وحجمها، لكنها الحقيقة، فترشيح عبدالرحمن العطية لم يأت عابرا، بل هو في سياق خروج الدوحة للحواضر والمراكز الإقليمية والدولية والذي توج بالفوز بتنظيم مباريات كأس العالم عام 2022.. وهو ما أكسبها ثقلا دوليا قيل الكثير عنه، ومنهم من عزاه الى قوة المال وآخرون الى «اللوبي القطري» الذي استطاع تحييد الكثير من الكبار، لكنه في النهاية عمل دبلوماسي محكم وناجح، قد يكون المال أو غيره من الوسائل، وهذا أمر لا نملك نحن ولا الغير دليلا عليه بل مجرد تخمينات وتحليلات لا يمكن الإقرار بها، إن الفريق الذي يقود هذا الملف استطاع أن يجير ويوظف كل الإمكانات المتاحة وعلى رأسها محطة «الجزيرة» لتحقيق الهدف المنشود، وهو ما حصل بدرجة أثارت حسد وغيرة الكثيرين.
البعض يندهش كيف استطاعت قطر أن تخرج الإنكليز من المنافسة وتقوم بتحييد أهم شخصية عالمية بكرة القدم مثل بيكنباور لمصلحتها.. مجدداُ تسمع من يقول إن النجاح بالسياسة عائد الى ارتباطه بالمال. لكنه قول ناقص. فهناك من الأثرياء والأغنياء ما يفوق قدرات قطر، إن على مستوى الأشخاص أو على مستوى الدول، ومع ذلك لم يكن بمقدورهم فعل شيء بهذا المستوى.
قيادة ومبادرة
في الشأن الليبي كانت أول دولة عربية وثاني دولة في العالم بعد فرنسا تعترف بالمجلس الوطني الانتقالي المعارض لنظام العقيد القذافي، في الوقت الذي وافقت فيه على تسويق النفط الخام الذي تنتجه حقول شرق ليبيا، وفي الوقت الذي تربض فيه ست طائرات من نوع ميراج ويجلس فيه أكثر من 200 جندي قطري قبالة زملائهم الفرنسيين في قاعدة «لوسود» الجوية بجزيرة كريت، والتي تنطلق منها طائرات حلف الناتو لتقصف قواعد ومقرات القوات الحكومية الموالية لحكم القذافي.
الذين تعاطوا مع الموقف القطري في ليبيا، اعتبروا أن هذه الاندفاعات جاءت لتؤكد على «الدور القيادي»، الذي تلعبه في المنطقة، وهو ما جعلها متميزة عن باقي الدول العربية .
قيادات الدولة
تخطت قطر كثيراً حكاية الدور أكبر من الحجم الجغرافي، فالشواهد على الاختبار عديدة، وفي كل مرة كان السؤال أن هذا البلد الصاعد، حساباته تختلف عن الحسابات التقليدية الخاصة بنقاط القوة والضعف في موازين الاستراتيجيات، التي تتبعها الدول، وفقاً لمعايير الاقتصاد والسكان والمساحة والموارد المتاحة، أو بالقوة العسكرية والتكنولوجيا التي تمتلكهما، فقد أضافت نقاطاً واعتبارات لم تكن منظورة، منها أن قيادات الدولة تحولت إلى فريق عمل طوارئ، بما تستلزمه الصراعات والأحداث والمواجهات، ووفق أجندة عمل يتم التوافق عليها، يؤديها الكبار وفي الميدان، ويتدخل فيها الأشخاص مباشرة، أي أن العمل الدبلوماسي المكثف يتم بواسطة أصحاب القرار، تساندهم مجموعات من المستشارين أصحاب الكفاءات، وتقف أمامهم أو وراءهم بحسب مقتضيات المرحلة، محطة اسمها «الجزيرة»، وهذه من النقاط الفاصلة التي جعلت من الدوحة عاصمة للوساطة الفلسطينية واللبنانية والسودانية والشيشانية واليمنية، إضافة إلى كونها حاضنة لأهم قاعدة عسكرية خارج الأراضي الأميركية في العالم، ومقراً لمكتب التمثيل التجاري الإسرائيلي.
قطر ليست دولة عظمى هذا صحيح، لكن في دبلوماسيتها وأدوارها الكثير من نهج وسياسيات الدول ذات الأوزان الكبيرة على الساحتين الإقليمية والدولية.
بن همام دخل المعترك الدولي لكرة القدم، ليصارع السويسري جوزيف بلاتر على منصب الرئاسة، الذي سيحسم في الأول من يونيو المقبل، ويوجد وراءه بلدوزر متمكن وعازم على الوصول بالمنافسة إلى نهايتها، وهذا يعني أن العجلة دارت وفتحت الملفات، وجار العمل عليها بإتقان وحرفية، وبأسلوب قطري شجع أصحابه على تكراره، نظراً للنجاحات التي حققها في مرات سابقة ومتشابهة.
يبقى ملف الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، وهو الملف الذي أعدت فيه مذكرة ووزعتها على المندوبين في محاولة لكسر العرف السائد، بأن يكون أمين عام الجامعة العربية حاملاً لجنسية دولة المقر وهي مصر العربية، وإن حصل استثناء في تاريخ الامناء العامين، عندما عين الشاذلي القليبي من تونس أميناً عاماً، ونقل مقر الجامعة من هناك في لحظة زعل وخصام بين مصر وأخواتها العربيات عام 1979 بعد توقيع معاهدة الصلح مع إسرائيل.
فهل تنجح قطر في ذلك، وتحقق فكرة «تدوير المنصب المصري»، وتتربع على عرش الأمانة العامة، أم أن الوقت لم يحن بعد لتغيير قواعد اللعبة ؟.
قطر اليوم في قلب الحدث والباقي تفاصيل، قد تنجح أو تخسر الرهان، ولكنها تعمل من دون توقف أو تعب، لم تصب بالإرهاق بعد، وما زالت فتية وفاعلة.