لعديد
12-04-2011, 08:37 AM
الكابالا
استكمالاً لما بدأته في مقالي السابق عن اللغة العربية، وكيف أن هذه اللغة تحمل من الثقافة والفكر أبعاداً علمية قد تحلل الكثير من مجريات حياتنا اليوم، خاصة إذا وظفنا هذه اللغة في فهم القرآن الكريم والأحاديث النبوية، وقد أشرت إلى أن هناك بلاغيات في اللغة متعلقة بالتصوير وباستخدام أساليب المبالغة تشير إلى مدلولات عميقة لمن أراد أن يتحلى برؤية بعيدة للكون.
لا بد أنكم خلال قراءتكم للقرآن الكريم استوقفتكم المواقف التي تجمع ما بين نبي الله موسى وفرعون، أو نبي الله موسى وأتباعه من اليهود، ولعلها كانت تحتل الجزء الأكبر من قصص القرآن الكريم.
نبي الله موسى شخصية تلفت الانتباه، وذلك طبعا بعد شخصية نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم الرجل الذي تعشقه الأمة بكل من فيها صالحها وفاسقها، كبيرها وصغيرها، الرجل الذي ثبتت معه الأمة بأفضل رجالها من الصحابة، لذلك كان الرسول (ص) يمتحنهم في كل موقف ويثني على ثباتهم. ولكن نبي الله موسى ابتلي بأشر ما يبتلى به البشر، أمة لا تعرف الحب ولا الثبات، تتغير مواقفها على حسب مزاجها المتأرجح بين الكفر والإيمان، ولا بد أنكم أيضاً لاحظتم أن القرآن الكريم ذكر الموقف المتعلق بيوم الزينة في أكثر من موضع، والذي جمع ما بين نبي الله موسى وسحرة فرعون، وهذا الموقف تتوضح فيه براعة القرآن الكريم في التصوير لأنه يلتقط الحدث من كل جهة وموقف كل شخص في الحديث. فرعون يحيط به السحرة، ويقال إن عددهم 300 شخص من أقوى وأكثر السحرة، لديهم خبرة بفنون السحر القائم على أسس علمية، لاحظ الآية ((وأرسل في المدائن حاشرين يأتوك بكل سحار عليم)) اجتماع صيغتي المبالغة في موضوع ما في القرآن سحّار فعّال، وعليم فعيل، هذا يدل على الساحر وتمكنه، وكلكم يلاحظ ما يحيط مصر القديمة من أسرار تسمى لعنة الفراعنة.
اجتماع صيغتي مبالغة في القرآن لا يكون إلا لوصف أسماء الله الحسنى وصفاته. سميع. بصير. عزيز. حكيم، أو لوصف الأنبياء ((أواه منيب)). ((رسولا نبياً)) فإذا فوجئنا هنا بصيغتي مبالغة فهذا إشارة إلى قوة الفعل والفاعل، وتأتي الصيغة الثالثة في قوله تعالى ((واسترهبوهم وجاؤوا بسحر عظيم)) عظيم صيغة مبالغه ثالثة، إذاً نحن أمام أخطر ما توصل إليه البشر في ذلك الوقت، وهذا ما أعطى فرعون والسحرة الثقة بالنصر، ثم يركز التصوير على نبي الله موسى، والذي يعلم أن عصاته تتحول إلى ثعبان، ومع ذلك لأنه صاحب طبيعة بشرية لا علاقة لها بالسحر قال الله ((فأوجس في نفسه خيفة موسى))، مع أن نبي الله موسى قوي البنية بدليل أنه قتل رجلاً بلكمة، وحمل حجرا لا يحمله إلا عشرة من الرجال ليسقي الفتاتين، ووصفته
((يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنْ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ)) ثم يصور الموقف بأكمله، وعصا موسى تتحول إلى حية تلقف ما يأفكون. هنا ثلاثة مواقف:
1 - فرعون والذي كان صاحب عقلية خبيثة لأنه لما أحس بالهزيمة لم يقل أنا ربكم الأعلى، من سيصدق وهو في هزيمة وإنما سرعة الحجة ((إنه لكبيركم الذي علمكم السحر)) وتغيير الموقف إلى صالحه. وهو نفس الحجة التي يلوح بها حكام اليوم إذا تنحينا سيكون هناك تنظيم القاعدة والإخوان المسلمين!
2 - السحرة والذين تكشفت لهم الحقيقة بأن هذا ليس سحراً لأن لا يدلس على ساحر مثله.
3 - موقف نبي الله موسى والذي كان إلى اللحظة الأخيرة لا يعلم بالنتائج الغيبية فلا يعلم الغيب إلا الله.
4 - هذه القوة من السحر تعلمها اليهود ونقلوها معهم، وكلها تدل على رسوم فرعونية وطلاسم هيروغليفية بما استخدمها السامري بعد ذلك في صناعة العجل، ولذلك تشير بعض الدراسات إلى أنه السامري ربما يكون المسيح الدجال، أنا لا أجزم بذلك ولكن في كل الأحوال هم تناقلوا هذا أو تدارسوه مع قدماء المصريين. والدجال يعني الساحر الكبير، وقوة السحر الذي يعتمد عليه الكابالا اليوم والذي يعتنقه الكثير من المشاهير أمثال مادونا وبريتني سبيرز وباريس هيلتون والذي تغذي أفكاره الماسونية العالمية هو في أغلب رسومه ورموزه يعتمد على مصر القديمة، وهو مذهب لا يدرسه إلا المتدينون من اليهود عند بلوغهم سن الأربعين، وفيه جمعوا كل أسرار السحر والتي استمدوها من قدماء المصريين، وسجلوها من الشياطين الذين كانوا مسخرين لنبي الله سليمان ((واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر)) إذاً القوة الوهمية والتي يشير إليها هؤلاء المعتنقون لهذا المذهب استمدوها من نفس القوة التي استمد منها سحرة فرعون ودجالهم الذي ينتظرونه ويمهدون العالم له، والذي يظهر في غفلة من الناس بدأت تظهر مؤثراته في كل برامجهم ومسلسلاتهم، ونحنن لا ننتبه إلى أخطر المواضيع وهي الأفلام الكرتونية للأطفال والتي تحمل رموزهم بكل صراحة في يوغي. وسبايدر مان. وعلاء الدين. وحتى توم وجيري.
ومنتجاتهم التي بدأت تغزو السوق العالمية من إكسسوارات وملابس.
أرجو أن تكونوا قد توصلتم لِم تكرر هذا المشهد كثيراً في القرآن؟ لأنه بما يفسر ما يدور من حولنا من أحداث عالمية.
وقفة: -
القرآن ليس كتاب تاريخ ولا آداب ولا علوم إنه كتاب يحمل الحياة بكل ما فيها، واللغة العربية أساس هذا الكتاب، فدعونا نرفع شعار ((لغة من أجل الحياة)).
منقول عن جريدة العرب
عدد القراء: 23 سارة علي الخاطر
2011-04-12
http://www.alarab.com.qa/details.php?docId=183030&issueNo=1213&secId=16
استكمالاً لما بدأته في مقالي السابق عن اللغة العربية، وكيف أن هذه اللغة تحمل من الثقافة والفكر أبعاداً علمية قد تحلل الكثير من مجريات حياتنا اليوم، خاصة إذا وظفنا هذه اللغة في فهم القرآن الكريم والأحاديث النبوية، وقد أشرت إلى أن هناك بلاغيات في اللغة متعلقة بالتصوير وباستخدام أساليب المبالغة تشير إلى مدلولات عميقة لمن أراد أن يتحلى برؤية بعيدة للكون.
لا بد أنكم خلال قراءتكم للقرآن الكريم استوقفتكم المواقف التي تجمع ما بين نبي الله موسى وفرعون، أو نبي الله موسى وأتباعه من اليهود، ولعلها كانت تحتل الجزء الأكبر من قصص القرآن الكريم.
نبي الله موسى شخصية تلفت الانتباه، وذلك طبعا بعد شخصية نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم الرجل الذي تعشقه الأمة بكل من فيها صالحها وفاسقها، كبيرها وصغيرها، الرجل الذي ثبتت معه الأمة بأفضل رجالها من الصحابة، لذلك كان الرسول (ص) يمتحنهم في كل موقف ويثني على ثباتهم. ولكن نبي الله موسى ابتلي بأشر ما يبتلى به البشر، أمة لا تعرف الحب ولا الثبات، تتغير مواقفها على حسب مزاجها المتأرجح بين الكفر والإيمان، ولا بد أنكم أيضاً لاحظتم أن القرآن الكريم ذكر الموقف المتعلق بيوم الزينة في أكثر من موضع، والذي جمع ما بين نبي الله موسى وسحرة فرعون، وهذا الموقف تتوضح فيه براعة القرآن الكريم في التصوير لأنه يلتقط الحدث من كل جهة وموقف كل شخص في الحديث. فرعون يحيط به السحرة، ويقال إن عددهم 300 شخص من أقوى وأكثر السحرة، لديهم خبرة بفنون السحر القائم على أسس علمية، لاحظ الآية ((وأرسل في المدائن حاشرين يأتوك بكل سحار عليم)) اجتماع صيغتي المبالغة في موضوع ما في القرآن سحّار فعّال، وعليم فعيل، هذا يدل على الساحر وتمكنه، وكلكم يلاحظ ما يحيط مصر القديمة من أسرار تسمى لعنة الفراعنة.
اجتماع صيغتي مبالغة في القرآن لا يكون إلا لوصف أسماء الله الحسنى وصفاته. سميع. بصير. عزيز. حكيم، أو لوصف الأنبياء ((أواه منيب)). ((رسولا نبياً)) فإذا فوجئنا هنا بصيغتي مبالغة فهذا إشارة إلى قوة الفعل والفاعل، وتأتي الصيغة الثالثة في قوله تعالى ((واسترهبوهم وجاؤوا بسحر عظيم)) عظيم صيغة مبالغه ثالثة، إذاً نحن أمام أخطر ما توصل إليه البشر في ذلك الوقت، وهذا ما أعطى فرعون والسحرة الثقة بالنصر، ثم يركز التصوير على نبي الله موسى، والذي يعلم أن عصاته تتحول إلى ثعبان، ومع ذلك لأنه صاحب طبيعة بشرية لا علاقة لها بالسحر قال الله ((فأوجس في نفسه خيفة موسى))، مع أن نبي الله موسى قوي البنية بدليل أنه قتل رجلاً بلكمة، وحمل حجرا لا يحمله إلا عشرة من الرجال ليسقي الفتاتين، ووصفته
((يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنْ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ)) ثم يصور الموقف بأكمله، وعصا موسى تتحول إلى حية تلقف ما يأفكون. هنا ثلاثة مواقف:
1 - فرعون والذي كان صاحب عقلية خبيثة لأنه لما أحس بالهزيمة لم يقل أنا ربكم الأعلى، من سيصدق وهو في هزيمة وإنما سرعة الحجة ((إنه لكبيركم الذي علمكم السحر)) وتغيير الموقف إلى صالحه. وهو نفس الحجة التي يلوح بها حكام اليوم إذا تنحينا سيكون هناك تنظيم القاعدة والإخوان المسلمين!
2 - السحرة والذين تكشفت لهم الحقيقة بأن هذا ليس سحراً لأن لا يدلس على ساحر مثله.
3 - موقف نبي الله موسى والذي كان إلى اللحظة الأخيرة لا يعلم بالنتائج الغيبية فلا يعلم الغيب إلا الله.
4 - هذه القوة من السحر تعلمها اليهود ونقلوها معهم، وكلها تدل على رسوم فرعونية وطلاسم هيروغليفية بما استخدمها السامري بعد ذلك في صناعة العجل، ولذلك تشير بعض الدراسات إلى أنه السامري ربما يكون المسيح الدجال، أنا لا أجزم بذلك ولكن في كل الأحوال هم تناقلوا هذا أو تدارسوه مع قدماء المصريين. والدجال يعني الساحر الكبير، وقوة السحر الذي يعتمد عليه الكابالا اليوم والذي يعتنقه الكثير من المشاهير أمثال مادونا وبريتني سبيرز وباريس هيلتون والذي تغذي أفكاره الماسونية العالمية هو في أغلب رسومه ورموزه يعتمد على مصر القديمة، وهو مذهب لا يدرسه إلا المتدينون من اليهود عند بلوغهم سن الأربعين، وفيه جمعوا كل أسرار السحر والتي استمدوها من قدماء المصريين، وسجلوها من الشياطين الذين كانوا مسخرين لنبي الله سليمان ((واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر)) إذاً القوة الوهمية والتي يشير إليها هؤلاء المعتنقون لهذا المذهب استمدوها من نفس القوة التي استمد منها سحرة فرعون ودجالهم الذي ينتظرونه ويمهدون العالم له، والذي يظهر في غفلة من الناس بدأت تظهر مؤثراته في كل برامجهم ومسلسلاتهم، ونحنن لا ننتبه إلى أخطر المواضيع وهي الأفلام الكرتونية للأطفال والتي تحمل رموزهم بكل صراحة في يوغي. وسبايدر مان. وعلاء الدين. وحتى توم وجيري.
ومنتجاتهم التي بدأت تغزو السوق العالمية من إكسسوارات وملابس.
أرجو أن تكونوا قد توصلتم لِم تكرر هذا المشهد كثيراً في القرآن؟ لأنه بما يفسر ما يدور من حولنا من أحداث عالمية.
وقفة: -
القرآن ليس كتاب تاريخ ولا آداب ولا علوم إنه كتاب يحمل الحياة بكل ما فيها، واللغة العربية أساس هذا الكتاب، فدعونا نرفع شعار ((لغة من أجل الحياة)).
منقول عن جريدة العرب
عدد القراء: 23 سارة علي الخاطر
2011-04-12
http://www.alarab.com.qa/details.php?docId=183030&issueNo=1213&secId=16