المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سر تدفق الأموال على «دبي»



الوعب
12-04-2011, 01:47 PM
بواسطة صلاح صبح بتاريخ 12 أبريل 2011

فور اندلاع الاحتجاجات الشعبية في بعض البلدان العربية، زادت التوقعات بحدوث عمليات نزوح جماعية للسيولة الأجنبية من أسواق الأسهم المحلية، ولا سيما من «دبي المالي»، الذي يعد أكثر بورصات منطقة الخليج انفتاحاً على استثمارات الأجانب، ولكن ما حدث هو العكس، إذ خابت هذه التوقعات، وزاد تدفق الأموال الأجنبية، إذ كشفت بيانات صادرة عن إدارة السوق عن أن الاستثمارات الأجنبية طوال الأشهر الثلاثة الأولى من العام 2011 كانت إيجابية، بل إنها كانت أفضل كثيراً مما تم تسجيله في الفترة المثيلة من العام السابق، إذ بلغ صافي تداولات الأجانب خلال الربع الأول من العام الجاري نحو 219 مليون درهم كمحصلة شراء، وفي المقابل فقد شهدت الفترة المثيلة من 2010 نزوح نحو 227 مليون درهم من السيولة الأجنبية إلى خارج السوق.

واللافت أن المستثمرين المحليين هم من عمدوا، وليس الأجانب، إلى البيع على خلفية الأحداث السياسية، التي شهدتها المنطقة، إذ قاموا بإخراج 219 مليون درهم من السوق، بخلاف ما كان عليه الوضع في الربع الأول من 2010 عندما ضخوا نحو 227 مليون درهم.

من أين تأتي إذاً هذه الأموال المتدفقة على دبي منذ مطلع العام، وفي ظل هذه الظروف السياسية الطاردة للاستثمار، التي تشهدها المنطقة العربية؟

ليس سراً أن منطقة الخليج قد تستفيد إيجابياً من الاضطرابات في شمال إفريقيا (ليبيا ومن قبلها مصر وتونس)، إذ إن الارتفاع المستمر في أسعار النفط سيؤدي إلى توليد عائدات إضافية كبيرة لهذه الدول. ومن ناحية أخرى، فإن أداء قطاع الخدمات سوف يتحسن كثيراً، ولا سيما القطاع المالي والسياحي، اللذين أصبحا الدعامة الاقتصادية الثانية لمنطقة الخليج، وفي القلب منها إمارة دبي خلال السنوات الأخيرة. ومن المرجح أيضاً أن تظهر دبي كأنها المستفيد الإقليمي الأكبر من هذه الاضطرابات، حسبما يؤكد تقرير لـ«بنك ساراسين» السويسري.

وليس سراً أيضاً أن بنوك استثمار عالمية وخليجية تدير صناديق ومحافظ استثمارية ضخمة بدأت، مؤخراً، في إعادة هيكلة استثماراتها بالمنطقة، بما يصب في مصلحة «دبي» على حساب بورصات عربية أخرى، وباعتبارها الأكثر انفتاحاًَ وتسامحاً مع الأموال «غير المواطنة».

وهنا يظهر التحدي، إذ يجب الإسراع فوراً في تهيئة «الملعب الاستثماري» لهؤلاء اللاعبين الجدد، الذين يعتبرون القيعان، التي وصلت إليها أسعار بعض الأسهم القيادية، فرصاً جديدة للشراء. وتهيئة الملعب تتطلب إعادة النظر في تطبيق قواعد الإفصاح والشفافية بشكل صارم، وبما يمنع بشكل قاطع تكرار التجاوزات، التي كانت تحدث في سنوات الطفرة السابقة، وتتطلب أيضاً ملاحقة الشركات، التي تغفل الكشف عن بيانات جوهرية تهم المتعاملين في السوق، فليس مقبولاً أبداً أن يكشف مدقق حسابات إحدى الشركات المدرجة في تقريره السنوي للسنة المالية المنتهية في 31 ديسمبر 2010، عن أن مصير هذه الشركة مهدد، وأنها معرضة للإفلاس بسبب قرض ضخم، لم تفصح عنه الشركة من قبل، ثم تلوذ إدارة السوق بالصمت، ومعها باقي الجهات الرقابية، وتظل أسهم هذه الشركة متاحة للتداول، ولا يتم وقفها أو مطالبة إدارتها برد أو توضيح يشفي غليل المتعاملين.

إن مثل هذه الممارسات، إن لم تتوقف فوراً، ستكون سبباً رئيساً في ضياع فرصة استقطاب هذه الاستثمارات الباحثة عن ملاذ آمن، وهي بالطبع فرصة قد لا تتكرر قريباً