المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أحداث البحرين.. قراءة تحليلية هادئة * للمفكر السعودي: مهنا الحبيل



اسعاف
18-04-2011, 05:40 PM
أحداث البحرين.. قراءة تحليلية هادئة *


الاثنين 14 جمادى الأولى 1432 الموافق 18 إبريل 2011


مهنا الحبيل

اولا :

قاعدة قياس مهني:

سأتحدث عن تكتيك تقني فلسفي كمدخل لقواعد الرؤية التحليلية، فهناك إشكالية في الوعي والفهم بين المتحدث والمتحدث إليه.. بين المفكر والمحلل السياسي.

فليس بالضرورة أن كل مفكر محلل سياسي، وليس كل محلل سياسي مفكر، والفكر يقوم على المبادئ، وأما التحليل السياسي فيقوم على الوقائع، أي تنزيل المبدأ على الوقائع السياسية.. هذه هي مهمة المحلل السياسي أكثر من المفكر لتحديد أين ينطبق المبدأ وأين يختلف. تماما كالفرق بين الحكم القطعي في الشرع وبين الفتوى.

الإشكالية التي وقعت في أحداث البحرين هي الضغط على خانة المفكر أو الحقوقي أو المُنظّر، لكي يُنزّل مبادئه على وقائع سياسية لا تتنزل بالضرورة على هذه الوقائع.

وهذه حقائق تاريخية تعيشها الشعوب تتفق على المبادئ، لكن تنزيلها على الوقائع السياسية يتطلب شروطًا لمطابقتها مع هذه المبادئ أو نفيها.

وأخيرًا.. تحدث أستاذنا الدكتور عزمي بشارة في لقائه مع الزميل والصديق الإعلامي علي الظفيري... في قضية البحرين، وأتفهم الضغط المعنوي الشديد عليه، ولكن سأستدعي عبارة مهمة مما قاله.. قال:- إنه مهما طرحت من مشروع حقوقي سياسي، ولكنّك أنت بذاتك أداة طائفية غير مدنية لا يمكن أن تحقق مشروعًا مدنيًّا.- وقد قلناه مبكرًا ولم يُقبل؛ لأنه صادر من أهل الخليج العربي، ولكنني مع ذلك أثمن لأستاذنا عزمي بشارة أن هذه الحقيقة أُوضحت وأُلقيت على الملأ.

وأعيد تفسيرها هنا:

إذا ما كان دعاة المشروع منظومة طائفية.. وأقيم على أسس طائفية،.. وتاريخه يشهد أنه أسّس طائفيًّا.. حتى لو تبنى الخطاب الحقوقي لا يمكن أن ينتقل به إلى مشروع مدني – وهنا يطرحه د. عزمي بشارة بمنظور ديموقراطي وليس بمنظور القومي عربي، الأشّد حساسية أمام الطائفية كمدخل للأمم الأخرى، لماذا لا يمكن..؟

لأن الأداة مختلّة كليًا لتحقيق المبدأ. وهذه من أهم دروس البحرين.


يتبع .........................

اسعاف
18-04-2011, 05:41 PM
وهذه من أهم دروس البحرين.

حسن مشيمع الجذور والرعاية

وسنتحدث الآن عن قصة مشروع الأستاذ حسن مشيمع رئيس (حركة حق) والقائد الأبرز للمشروع، ليس بمنظور القراءة المذهبية بل بمنظور قراءة عقلية للتحليل السياسي - نحاكم أنفسنا على هذا المبدأ أو تحاكمونا أنتم لاحقًا.

طرح بعض الحقوقيين أو بعض التنويريين الإسلاميين في الدفاع عن المشروع كان يرتكز في رفضه المبدئي للواقعية السياسية - على أنك حينما تستدعي سلسلة تاريخية لطائفية المشروع فأنت تَنظر بمنظور طائفي وأنت تستدعي فزّاعة إيران..؟ وهذا حقيقة إخلال كبير بمبدأ حرية وكرامة البشر.. في رؤيتهم وواقعهم، وطعن مبكر في مصداقيته يدين الرؤية المخالفة دون نقاش أو تأمل.

وحينما ترتكز كمثقف على اتهام.. يمنعني أن أقول الحقيقة في تشكّل حركة مجتمعية أو سياسية بمجرد أنني يجب أن أحجب هذه الحقيقة، أو لا تُعتبر قراءتي عقلية ولا منصفة ولا وطنية..!! فهذا خلل أساسي..ومن ذلك القول وفق هذا المشهد الذي يُحاكم به الطرح: هل إيران فقط فزّاعة ليس لها وجود وأطماع أم أنها واقع..؟

هذا الجواب يعيد تحديد المسار..

التنظيمات الحركية لا المجتمع الشيعي

أولاً يا إخوان ما نطرحه ليس لغة بعض القنوات (..)، وإنما هذه لغة سياسية، فلم يكن هذا الأمر أي العلاقة العضوية لطهران بالتنظيمات الحركية منكرًا بعد 1979 من قيام الجمهورية الحديثة عبر الثورة الإسلامية، وخاصة في 1982 وما بعدها.. لم يكن منكرًا أي علاقة لإيران بالواقع الطائفي، منذ قيام الجمهورية؛ فقد كانت تتبنى رسميًا مفهوم تصدير الثورة، وكان رئيس المجلس الأعلى لتصدير الثورة الإسلامية وزير الداخلية السابق علي أكبر محتشمي وهو رئيس المجلس، ويشرف على الفروع بشخصيته الرسمية. وبدأت الأحداث والتوتر مبكرًا في هذا الإطار، فهنا لا يمكن أن تطرح هذه القضية على أنها ثانوية أو تتهم بأنها استدعاء كفزّاعة، هذه حقيقة تاريخية يجب أن نقف معها بتأمّل..

تطوّرت الأحداث، وترتب عليها قضية مهمة يجب أن نفهمها في قضية الطائفية.. وهذا ما نختلف فيه مع القنوات الطائفية السنية.. فقه المظلومية الطائفية التي خلقتها الجمهورية الإيرانية، ورعتها في أنموذج يسعى لفكرة الخلاص.. وتكلم عن هذا السيد نذير الماجد من مثقفي أبناء الطائفة الشيعية في القطيف - استدعاء فكرة الخلاص عند المسيحية إلى المنظور الطائفي لدى حالة التشيّع -، هذا كان موجود قديمًا لكنه كان متعايشًا ومستقرًا مع نوع من الرسوم والمآتم التي تنفذ، أما الجمهورية الإيرانية فقد خلقت منه عقيدة أيديولوجية طوال هذه السنوات للتوظيف والاستقطاب وهذا فرق كبير.. حتى نفهم ما الذي نقصده بالمظلومية الطائفية أي تثوير المظلومية وليس بقاءها في الإطار المذهبي القديم في رسوم محددة، وبالتالي تشريع التحريض على الطائفة كما يمارسه البعض ليس صحيحًا بمجرد وجود المظلومية، وإن كانت الفكرة سلبية في علاقة الطائفتين لكن التثوير الإيراني مجتمعيًّا هو من خلق الأزمة والانفصال الوطني؛ لأنه ربط التثوير بالحالة الإيرانية بعاطفية شديدة.

في ظل هذه الفكرة نشأت هذه الحركات المجتمعية، فلا نستطيع ان نعزل هذه الحركات المجتمعية عن هذا النمط من التديّن.. الذي طوّر وهو ليس أصلاً في الحالة الشيعية ما قبل الثورة بغض النظر عن التصنيف.. وقضية التشيّع الصفوي للشاه إسماعيل 1514 أو التشيّع العلوي، ونحن هنا نتحدث عن الناس كمجتمع ما بعد 1979..

نعم كانت الحالة الشيعية تعاني من مظالم مجتمعية، وكانت لديها حقوق لم تنفذ، ولكن الفكرة لم تكن بهذه الصورة، وبهذا النموذج الذي عاشت فيه تلك التنظيمات الحركية تحت رعاية -وهذه رسمية- أدبية ومعنوية وإعلامية وسياسية كانت تطرح رسميًّا من الجمهورية الإيرانية عبر الوسائل الإعلامية أو عبر الكتب وغيرها حتى خُلقت هذه التنظيمات، واستؤصل النظام الاجتماعي الشيعي القديم في كثير من المناطق عبرها، ولكن أيضًا عبر شراكة سنية من ناحية تهميشه..

إذن كيف نقول إنّ إيران فزاعة..؟ و ليس لها كيان مؤثر..مجتمعيًّا..؟

طوال هذه السنوات حصلت إشكالات ومواجهات، نعم هناك عناصر مساعده لاستغلال البيئة المجتمعية من مظالم حقوقية وقعت على السُنّة ووقعت على الشيعة في دول مجلس التعاون الخليجي، لكن هناك أيضًا خطاب مفهومه طوِّر وفصل المجتمع الشيعي عن حالة الشراكة الإنسانية التنفيذية، وساعد الجدل المذهبي الذي استدعي خلال حرب الخليج من عمل أمني مخابراتي للتحريض ضد الحالة الشيعية كي يدعم الموقف الخليجي الداعم للعراق في ذلك الوقت في هذا الإطار..

وكانوا يستطيعون أن يدعموا العراق بإستراتيجية دون أن يستدعوا الحالة الطائفية المذهبية..

ولكن كل هذا لا يلغي أن الجمهورية الإيرانية حققت مشروعًا كاملاً في هذا الإطار الطائفي.

هذه الحالة لا تبرر عدم تحقيق مسار وطني كان مستحقًا من قديم.. والذي كان يجب أن يتم بين الحالة السنية والشيعية وحكومات المنطقة قبل ثورة 79 وبعد ثورة 79.. لكن عندما نرصد هذه الأحداث فنحن نتحدث عن واقع جرى على الساحة الخليجية..

وحصلت قديمًا في البحرين حالة تمرّد، سمّيت حركة احتجاج مسلحة أو محاولة انقلابية في 82 والأحداث التي صاحبتها في هذا العام، أي على أقل تقدير، وكان هناك توثيق للتاريخ أن التنظيمات الحركية (الشيعية) كانت تباشر هذه الأحداث من زاوية العلاقة بإيران أي كجزء من الثورة.. ثم حصلت مصالحة أبرزها مصالحة 93 التي حصلت في السعودية، وأبرزها التي جرت في البحرين، مصالحة تبناها الشيخ عبد الأمير الجمري مع الملك والحكومة البحرينية، وهنا نقطة مفصلية ستقودنا لتسلسل الأحداث المباشرة في قضايا البحرين.

حين حصلت المصالحة، وكانت الرعاية الأدبية والسياسية لإيران قائمة، لكنها تعرضت لموقف مصالحة وطنية، عبر الشيخ عبد الأمير الجمري، وأقدم على هذه الخطوة دون رغبة وموافقة إيران، وهذا تأكيد لما نقوله، فاتخذ الإيرانيون الدعم لحركة حسن مشيمع التي شنت حملة ضد الجمري في أوساط الحركيين، والشيخ عبدالأمير الجمري من الشيعة العرب، وأنا شخصيًا قرأت للزميلة عفاف الجمري ترجمة لوالدها تتحدث (وهذا فهمي) ما يفهم منه أنه تألم لاستئصال مدرسة والدها الشيخ عبد الأمير الجمري وتجييره لصالح حراك الثقافة المتطرفة التي تبنّاها المرجع الشيخ عيسى قاسم و حسن مشيمع في جمهور الوفاق، بمعنى أن الأب الروحي للوفاق صُفّي وألغيت مدرسته قبل وفاته، وأخضعت قاعدتها لتطرف قاسم ومشيمع، و تجدون إشارات لذلك حتى في مقالات منصور الجمري زميلنا رئيس تحرير الوسط البحرينية – السابق-، يعني أن الجانب الإيراني كان فاعلاً حتى في التقسيم الحركي نحو الجانب المتطرف.. ومنذ 2002 دخول الانتخابات، وهذه قبل 14 فبراير 2011 بمدة طويلة تبنى الأستاذ حسن مشيمع فكرة التصعيد، وكان معه في البداية كتأييد من منطق حقوقي.. الشيخ عيسى الجودر، وهو من أشرس المعارضين في التاريخ البحريني الحديث، وقد استقال بعد أحداث 14 فبراير، وأعلن أن مشميع نقض أصول الحركة الحقوقية.. وعلى فكرة، تبني المطالب السياسية من السنة قديم، و كان الشيخ عبد الوهاب الزياني، وهو أحد علماء المالكية في البحرين تبنى المطالب السياسية قديمًا، و هناك زعامات وطنية في الحالة السنية والحالة الشيعية، لكن لم تكن تطرح قضية المفاصلة الطائفية بين المجتمع أبدًا وإسقاط النظام

اسعاف
18-04-2011, 05:43 PM
الطائفية بين المجتمع أبدًا وإسقاط النظام.

14 فبراير لم يكن البداية

سنعود لنقطتنا ولكن نربط الآن.. هل هذا الحدث نبت في 14 فبراير، أو له أصول حتى نربطه بالمعادلة التي ذكرها عزمي بشارة، هنا نقول.. الصورة تؤكد تطور مشروع المعارضة الطائفية التي هاجمت منظومة الأسرة المالكة و منظومة الهوية، و تقدم حسن مشيمع بخطاب إلى مجلس الأمن الدولي في 2006 موقع من أكثر من (90) ألف مواطن من أبناء الطائفة يطلب إعادة الاستفتاء الذي جرى على هوية البحرين 1971 بين العرب وإيران، هذا يعني أن المشروع قديم، وهذا يعني أنّ كل ما قاله الإخوة الحقوقيون لنا والمنظرون أن هذه الفكرة نبتت بعد سقوط القتلى الثلاثة في دوّار اللؤلؤ!! غير صحيح.. بمنطق المعلومة.

وسُلّم الأمين العام وأعضاؤه الدائمون نسخة من المطالبة، ثم كان هناك شعور بالفشل لهذا المشروع بعد محاولات اشتباكات بين متظاهرين مسلحين بالملوتوف وقوات الأمن امتدت لسنتين، وصدر خلالها أكثر من عفو.

الانطلاقة

وتطوّرت الأمور في الشارع العام بأحداث عدة من العنف لم تبدأ ب 14 فبراير حتى حصلت الأحداث، وأنا شخصيًا كمراقب رصدت..حراك 14 فبراير، وأول ما برزت في المواقع، والتي نشأت فيها هذه المجموعة موقع (بحرين أون لاين)، وأنا رصدتها شخصيًّا وهو موقع المؤيد لحسن مشيمع ولمشروع الاستفتاء ويراه ملهمه.

وحتى تكون الصورة واضحة هناك مجموعات من الشباب الحقوقيين الشيعة، لكن هؤلاء لا يشكلون أي مجموعة نافذة ولديهم أيضًا تعبئة طائفية.. وأثبتت الأحداث فيما بعد هيمنة مشيمع على المشهد وحجم الولاء له.

وهذا الاستفتاء طبعًا هو معروف.. كالذي طرحه في تحالف الجمهورية الثلاثي.. في بدء الزحف على الأحياء السنية والبحرين الإدراية وإغلاق المرفأ المالي.

وأودّ أن أشير إلى قضية مهمة للغاية، وهو موضوع كان مثبتًا في ملتقى البحرين الوطني-البحرين أون لاين -.. وهو يعلن كوصية من الأستاذ حسن مشيمع، قبل 14 فبراير (انتبهوا)...يقول فيه: "عند أول قتيل يقتل فيكم توجهوا فورًا لإسقاط النظام"، وهو دليل مقدم من ذات الجهة عن نية مبكرة لمشروع إسقاط النظام!!

لماذا يُطلب منا أن نلغي قراءة للواقعية السياسية، ويُقال لنا: لماذا لا تقتنع بكلام الشيخ علي سلمان الذي يبرر تطور المطالب بحادثة الدوار؟!

ومع أن الشيخ علي سلمان يقول لست من بدأ الموضوع أي إسقاط النظام، على الرغم من أن دوار اللؤلؤ منذ البداية كان حدثًا متصاعدًا ورافضًا لأي سقف.. ومع ذلك وجدنا تراخيًا شديدًا عندما وصل السقف الذي طرح في الحوار الوطني لدى ولي العهد البحريني إلى سقف أعلى للإصلاح الدستوري – ولكن بعد إحباط مشروع إسقاط النظام، إثر المواجهة الأمنية عادت الوفاق تطرح سقف ولي العهد.

وطبعًا هنا الجميع قالوها وحتى شيعة الكويت وكل المناصرين- ولكن قالوها متأخرة، ولم يقولوا كلمة الحق حينما أتت في وقتها.

تعايش الوفاق مع مشروع التحالف

والحقيقة الجلية أنّ من تمنّع عن حوار ولي العهد هم جمعية الوفاق.. الذين رأوا أن حسن مشيمع يقود بفريقه الوضع إلى حالة التطرف وحالة الدماء، مع الأسف الشديد التي تؤلمنا جميعًا من أي طرف كانت، ولم يواجهوه بأي موقف وبأي كلمة..!!

وحتى وصل التطور إلى إعلان حسن مشيمع رسميًّا إقامة التحالف الثلاثي من أجل الجمهورية، وأنا سميتها جمهورية طائفية للتاريخ والخطاب والفكرة المحيطة به، وأصل الفكرة التي تقوم عليها قبل أن نرصد هتافات جمهورية إسلامية في الدوار.. ما هي الجمهورية الإسلامية في مشروع مشيمع؟! هي قلب الأيدلوجية الطائفية بلا تردّد..

فلا تفسير موضوعيًّا لدى كل عاقل لمفهوم الجمهورية الإسلامية في احتقان طائفي إلاّ في إطار مذهبي، من شارع محتقن مذهبيًّا، فأين الجمهورية المدنية.. أين النظام الديموقراطي..؟! فضلاً عمّا نعرفه في هذا الإطار من أنك تتحدث عن إسقاط مجتمع وإسقاط منظومة حكم، وهي تعني الصراع بالضرورة.

وسأتحدث هنا عن نقطة مهمة فيما يتعلق بالسلمية، بدون دخول في أي تفصيل لما بث من شهادات من صعيد رسمي أو شعبي السيوف وغيره.. هذا لا يعنيني، علمًا بأن الإحصائية الأخيرة القتلى (24)، (13 متظاهرين 7 من المدنيين السنة ومن الآسيويين و 4 من العسكريين) وكل ضحية نأسف ونأسى ونتألم عليها، على الرغم من معرفتنا الأولية بأن سقوط قتلى وجرحى من ذلك الطرف لم يكن عبر رمي الورود قطعًا.

ولكنني أركّز على قضية مفصلية لفرز السلمي من العنفي..عندما تتحول جماعة بشرية إلى قوة ضغط عنيف تسقط السلطة والطائفة الأخرى عنوة بجسم مدني، فهذا ليس عملاً سلميًّا مطلقًا..ولنأخذ مثالاً إذا كنتَ لست مسلحًا، وأخذت رفيقًا معك وخنقتني إلى الحائط حتى دفعتني خارج النافذة هل هذا سلميّ..؟، فالعمل ارتكز تنفيذيًّا على هذه القاعدة، ثم بعد ذلك نُفذت الأحداث المتتالية.. حتى نفهم سياقات الأحداث.

الأحداث الرئيسة والزحف من اللؤلؤ.. أين توجهت؟

استعراض هذه المناطق يعطي بعدًا واضحًا للقضية؛ فقد توجهت جماهير اللؤلؤ إلى التالي:

1- الرفاع.. المعقل السني الثاني، والمحرق وهو الأول تاريخيًّا، وذو الغالبية السنية، وفي نفس البرنامج تمّ التوجّه على أقل تقدير لإيقاف العملية التعليمية التي باشرها السنة بعد أن رفض السنة الاستجابة للإضراب العام.. حتى لو أسقطنا الاستفزازات للطلبة والطالبات السنة من قبل المحتجين، فالإصرار على منعهم من التعلّم ومحاولة إقفال المؤسسات التعليمية عنوة بحد ذاته عنف مدني خطير.

إذًا المواجهة تمت مباشرة مع المجتمع المدني السنّي.. هل هنا حمل ورود وهتاف سلمي يحكم؟ أم الهتاف يزيد الاستفزاز وكأنه يسخر من المجتمع السني بعد أن أسموهم قيادات المعارضة والإعلام الإيراني بلطجية ومجنسين باستثناء إبراهيم شريف السنّي الوحيد الذي أُفرز عند المتظاهرين؟! هل هذه لغة وحدة وطنية؟!

2- ثانيًا تحرك المجموعات الشبابية من اللؤلؤ إلى البسيتين والمحرق من الدوار وهم أحياء سنية مع اسناد مباشر وتغطية من قناة العالم. وليس بالضرورة أن يكون معهم سلاح، لكن لماذا ترسلهم لهذه المناطق في الوقت الذي تنادي بأعلى صوتك من الدوار يجب تعطيل الحياة العامة؟!

3- ثالثًا إسقاط المنامة الإدارية التي تضمنت المرفأ المالي.

لست أفهم.. أي محلل سياسي أي مفكر يقول إنه ليس لهم نية لإسقاط النظام، لست أفهم.. وبعد أن اعترف الجميع أن إسقاط النظام والمجتمع السني هناك يعطي إشكالية خطيرة وحرب أهلية .. أين الموضوعية في هذا الإطار..

الأمن القومي والحقوق السياسية يتحدان

وهذه الأحداث التي جرت في بعدها الانقلابي للحالة البحرينية لا تلغي مسار الحقوق السياسية ولا مشروعيتها، ولا تلغي أنه جرى تلكؤ للحالة البحرينية فيما يتعلق ببعض المطالب والحقوق السياسية المشروعة للمجتمع ككل، لكن إذا كان أصل فكرة المشروع طائفيًّا انتقاميًّا ويستهدف هوية الدولة والمجتمع، وسلخه عن الإقليم العربي للخليج، فهذا مشروع معادٍ يستهدف حالة الأمن الأهلي و القومي للمنطقة.

الآن -وهذه قضية مهمة وهذا منظورنا- أكيد فرحنا لسلامة البحرين، ولكن ليس لمقتل أو جرح أيٍّ من أبناء الطائفة، ولسنا سعداء أبدًا بذلك في كل طرف...ولا اضطهاد أي مواطن لأجل مذهبه.

ولكننا بالقطع موافقون ومتضامنون مع فكرة حماية البحرين عبر قوات درع الجزيرة، وليس تركها لتقاطع دولي وإقليمي، الذي لا يضمن السلم الأهلي، لا للسنة ولا للشيعة.. أبدًا بل سيحول المنطقة -لو إنه تم- لكتلة من نار، لكم أن تتصوروا كيف نصبح في الشرق السعودي وفي دول الخليج لو كانت البحرين اليوم في قبضة فوضى ترعاها حالة دولية إقليمية، وهي غير مستقرة ولا قائمة في الإطار العربي؟

ما الذي سيحصل لدينا؟

إذًا هذا السياق الذي انتهى له مشهد البحرين يفترض أنه -في قراءتي التحليلية- من أكبر الصفعات التي وُجّهت للإستراتيجية الإيرانية في المنطقة تاريخيًّا.

المعالجة المدنية السياسية ضرورة

ولكن المفروض أن يُسعى إلى مسارين.. فلا يمكن أن يستمر هذا الاحتقان الطائفي والمذهبي بين السنة والشيعة في البحرين، إذا كنت معتقدًا أنك منتصر وانكشف المشروع المقابل فيجب أن تتوجه إلى المعالجة المدنية.. وتصحيح العلاقة بين الطائفتين، وأنا اختلف معي البعض، خاصة من الحالة السنية، وقلت لهم: نحن لا نُسقط بند المحاسبة، لكنْ هناك فرق بين أن تواجه حالة أمنية عارضة وبين أزمة سياسية شاملة، يجب أن نكون صريحين، سواء كان العدد 60% أبناء الطائفة الشيعية والسنة يقولون 47%.. وبعض الشيعة يبالغ من طرفه، فهم في كل الأحوال أبناء وطن وشركاء أرض وملة، ويجب أن تعالج القضية في إطارها السياسي، هناك أزمة ثقة كبيرة بعد ما تعرّض المجتمع السني لما تعرض له، وأتفهم ذلك وأدرك الترويع المجتمعي الذي جرى.

لكن أيضًا تعميم الحالة مخالف للشرع، قال الله تعالى: (وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى).

ثم نسأل: ألم يكن في العهد الأول هناك يهود؟ ألم يكن هناك نصارى..؟ ألم يكن هناك مجوس؟ أليس الباري -عز وجل- هو الذي يقول: (ولا تزر وازرة وزر أخرى)؟ كيف أساوي بين طبيب حضر خلال الأحداث، وكان يعالج السنة والشيعة معًا وبين طبيب حوّل المستشفى إلى ثكنة أيديولوجية..لا يجوز؟ وكذلك نرفض هذه الثقافة في المنطقة كتوزيع المنشورات، هذا محل فلان من الشيعة، وهذا محل فلان من الطائفة، أنا ضد هذا التوجّه.. فليكن ذلك واضحًا، ولست مع هذا التحريض الطائفي، قوتك كنظام رسمي أن تواجه إيران بالبطاقات الإستراتيجية، وأن تعزّز القضية الحقوقية العدلية. هناك في البحرين حالة خاصة.. حتى تسير على المسار السياسي الناس يحتاجون للثقة، لأن أكبر جمعية – الوفاق - تبنّت مفهوم إسقاط النظام.. وهنا سأشرح هذا، سُئل الشيخ المقداد أحد أركان التحالف الجمهوري: ما الفرق بينكم وبين الوفاق؟ والشيخ المقداد هو من التحالف الثلاثي "يعني الجناح المتطرف، قال: لا فرق..

قال اتفقنا جميعًا على إلغاء دستور 2002، وعلى إنشاء مجلس تأسيسي، وعلى استفتاء، نحن والوفاق متفقون على هذه الثلاث.- انتهى

الترجمة العملية بالمفهوم الدستوري والإستراتيجي تعني تحقيق هدف التحالف الجمهوري..

وأريد أن أشرح الملكية الدستورية الذي اعتقد بعض الأخوة أنها كالتي كتبت (كالمطالب الإصلاحية وغيرها في المملكة ودول الخليج). إنها ليست الملكية الدستورية المقصودة، إنما المقصود بالملكية الدستورية التي حصلت في (نيبال)، ثاني اجتماع في البرلمان أقر إسقاط النظام وغير النظام لجمهورية، هذا حديث المقداد أم مشيمع فيرفض حتى مرحلة الملكية المؤقتة.

لماذا أجيب عن هذا السؤال؟ لأنه ليست الملكية الدستورية التي تصل إلى حد أن يتسلم رئيس وزراء منتخب؟

لأن هذا يعني أن هناك تغييرًا شاملاً للهوية القومية، فبالتالي كان المشروع بكل أطروحاته انقلابيًّا - والجانب السني يقول: كيف طرح هذا الأمر لا يحظى لمحاسبة-، وأجيب بأن المحاسبة يجب أن تخضع لمعايير عدالة.. بشفافية وحقوق، ويجب أن تُعالج من منظور أزمة سياسية، هذا من مصلحة المجتمع السني والشيعي، وليس أن تُعالج من منظور حالة أمنية فقط؛ فهذا لا يصنع الاستقرار.

اسعاف
18-04-2011, 05:44 PM
التواصل والشراكة والعدل

مواجهتك للمشروع الإقليمي يتم ببنائك الذاتي في البنود التي ذكرناها في القسم الأول -مبادئ الخليج المدني- وهو ما سوف يقلص نفوذ إيران وغيرها.

ومن متابعتي لإعلام إيران - وهذه كلمة رصدتها بنفسي- كان المذيع الإيراني أكثر دفعًا للضيف والمتصل البحريني، حتى مع المتطرف من أبناء الطائفة يردّد (متى ستخرجون.. ومتى.. ولماذا لا تتحركون وكيف..)، فكان واضحًا أن الجانب الإيراني يستخدم أبناء الطائفة في هذا الإطار بلغة تحريضية مطلقة، وإلى حد ما -ويجب أيضًا أن ننصف- لم يُستجب للإعلام الإيراني في قضية ما بعد فض اعتصام اللؤلؤ أي المواجهة المباشرة، نحن نرحب بأنه لم يستجب –بقيت مجموعات محسوبة على مشيمع تخرج- لكن الغالبية لم تخرج.. و يجب ألاّ نقول ليخرجوا معهم.. لا بالعكس، فهذا أمر جيد، وتعليق الإضراب كان أمرًا جيدًا،

التهدئة مهمة، وأرجو من الإخوة في البحرين أن يتوجّهوا لهذا الأمر.. ووضعنا هنا في علاقاتنا فيما يتعلق بالمنطقة الشرقية ليس لدينا إشكاليات في المجتمع لا مع زملائنا في العمل أو غيره.. وغير ذلك فقاعات، ولا نحب أن تكون.. طبعًا أكيد أهل القطيف لهم موقف في هذا الإطار، ولكن ليس من الحكمة أن ننقل هذا الاحتقان للمجتمع -وهو الآن على أقل تقدير يتقلص-.

ما نريد أن نطرحه هو ما ذكرناه في البدء في المبادئ: (علاقة شراكة وطنية)، ولا يمكن أن تكون المظلومية الطائفية بند شراكة، فإذا قلت أنا لا أطرح المظلومية الطائفية في برنامجي معك، فأقول لك: كيف أتعامل معك وكل برنامجك الفكري والتثقيفي يعتمد على هذه القضية!

أريد من الطرف الآخر (السني) لكي أقنعه في هذا الإطار ويدخل في هذه القضية التعايشية أن يجد خطابًا مختلفًا عن المظلومية التي تعبّئ كل حياة المجتمع الشريك، وقد صُدّرت مناشدات عديدة قرأتها من أقرب الشخصيات للإخوة الحركيين الشيعة أن لا تخرج في 11 مارس أي مسيرات من قبلهم، وكان واضحًا أن السنة المتبنين لمطالب الحقوق والإصلاح عبر البيان الرئيسي لدولة الحقوق الذي يتبنى بناء إستراتيجيًّا وحقوقيًّا وسياسيًّا عظيمًا لهذه الدولة نتمنى أن يتحقق، ومع ذلك وقف الشعب موقفًا متحفظًا لقضية 11 مارس، ولكن مع الأسف الشديد، خرج إخواننا الشيعة وغطّت قناة العالم.. وأصبحت القضية كأنها لطائفة واحدة. وتضرّرت هذه القضية، وقد قرأت في راصد (3) مقالات تنتقد هذه الحالة من التظاهر المستمر، مع ان شبكة راصد هي الجانب الأكثر تطرّفًا، ومع ذلك نُشرت هذه القضية.

فما نطرحه ليس منظومة للمواجهة الطائفية ولا المذهبية. بل مواجهة المشروع الإستراتيجي وتقوي ذاتك وتعزز الحالة المدنية وليس العكس، فمن يظن أن الاحتقان الطائفي ومقولة (لا للتعايش) وحديث البعض في التحريض على المدنيين الشيعة، وأن هذا سينقذنا والله لن ينقذنا.. و إن هذا خطاب الفتنة.

فيجب أن نكون حذرين، وأن نكون أهل مسؤولية. كلنا أبناء منطقة.. كلنا أبناء الأحساء وأبناء الوطن في المملكة العربية السعودية، أبناء القصيم والجنوب والحجاز. المولودون في الشرقية أبناؤها، أنتم من أبناء هذه المنطقة، كلنا نعتمد هذه الشراكة.

والحالة المدنية الحقوقية لا تتناقض مع الوعي الأمني والإستراتيجي الذي يجب أن نعي له، وهو المشروع الإيراني أو تقاطعه الدولي، ولا يعني أن نتساهل في هذه القضية. وأيضًا المسار العقدي الجوهري، الجدال العلمي والنقاش في الخلافات الرئيسية هذا لا أحد يمنعه، لكن فرق في أن تتناقش وتتجادل وبين محارق الملاسنة الطائفية، ولكن نحن نقول بما أن قنوات أهل البيت والفرات وغيرها تهدر إذن لا تقولوا وصال وصفا.. فلسنا مجتمعًا مُنتخبًا حتى تسألونا ما هو رأيكم في هذا الإطار، لكن الناس يعرفون أنه منذ احتلال العراق.. لم يكن قبل ذلك صفا ولا وصال.. طبعًا -أنا لا أسيء إلى أشخاص القنوات، ولكن لغتهم ليست لغتي في هذا الإطار-، إذًا هناك فعل ورد فعل. علينا أن نخرج سويًّا من هذا الخندق الطائفي.

كلمة الختام..

علينا أن نتوجه للطريق الثالث، لا تشترط أن أزكى في منظورك أني حقوقي وإنساني ووطني وأنا كذلك، لا أشترط أن أنظر لك هكذا.. طريق ثالث يجنّب المصادمة والمواجهة، ويؤسس لتحسين العلاقة تدريجيًّا عبر مصلحة العيش المجتمعي، لكي لا نرفع السقف، وأول المبادئ مصلحة العيش المشترك.. والكفّ عن خطاب التحريض والفتنة والمظلومية الانتقامية..

ولتسلم البحرين وكل الوطن الخليجي العربي المسلم.. والحقوق لكل أبنائه.. السنة والشيعة والإسماعيلية والجميع...

و البحرين قطعة من قلوبنا، وعايشنا هذه القضية لمبادئنا، ولأنها كذلك جزء لا يتجزّأ من أمننا ومصلحتنا وحياتنا ومعيشتنا، وما طرحناه من نصائح للإخوة بإيقاف الخطاب الإعلامي والتوجّه المهاجم نعتقده من مصلحتهم.


--------------------------------------------------------------------------------

*أصل هذا المقال: الجزء الثاني من محاضرة ألقيت في ديوانية الظهران الثقافية، في 30/ 3/ 2011، وقامت بتفريغها الأستاذة: فاطمة ربيعة، وراجعها المحاضر، ولأهميتها يقوم موقع (الإسلام اليوم) بنشرها على جزئين.

اسعاف
18-04-2011, 05:45 PM
انتهى المقال

ارجو ان ينال على اعجابكم

بوخالد911
18-04-2011, 11:54 PM
رؤوس الفتنة بالبحرين معروفين

يا رب أن تصدر ضدهم احكاما قاسية


هم المسؤولون بالدرجة الأولى بشحن الشيعة

قبحهم الله

ZURICH
19-04-2011, 12:01 AM
شكراً على النقل ,,,,

في مثل تركي مشهور جداً في " تركيا "

لا يوجد أغبى من البغل ( الكديش ) الا الفارسي

اسعاف
19-04-2011, 11:26 AM
رؤوس الفتنة بالبحرين معروفين

يا رب أن تصدر ضدهم احكاما قاسية


هم المسؤولون بالدرجة الأولى بشحن الشيعة

قبحهم الله

من الضروري معرفة الأحداث بعد معرفة اسبابها وخلفياتها

شكرا لمرورك

اسعاف
20-04-2011, 11:08 AM
شكراً على النقل ,,,,

في مثل تركي مشهور جداً في " تركيا "

لا يوجد أغبى من البغل ( الكديش ) الا الفارسي

كفافا سخرية بالعدو

فالعدو له تخطيط واستراتيجية وميزانية مهولة لتحقيق احلامه

فماذا صنعنا نحن ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

saeed2005
20-04-2011, 11:43 AM
قلبي على البحرين فقد أصبح الهدف القريب للثورة الخمينية وعلى أهل البحرين أن يعلموا أنهم كسبوا الجولة الأولى من المعركة بمساعدة إخوانهم في الخليج لكن عليهم أن يستعدوا للجولات الأخرى فهذه حرب لا يمكن كسبها بالضربة القاضية

اسعاف
20-04-2011, 08:51 PM
قلبي على البحرين فقد أصبح الهدف القريب للثورة الخمينية وعلى أهل البحرين أن يعلموا أنهم كسبوا الجولة الأولى من المعركة بمساعدة إخوانهم في الخليج لكن عليهم أن يستعدوا للجولات الأخرى فهذه حرب لا يمكن كسبها بالضربة القاضية

هذي يمكن ثالث محاولة لقلب نظام الحكم في البحرين بمساندة ايران

فهل تنحج المحاولة الرابعة

خاصة بعد تزايد النفوذ الفارسي في الخليج

ووجود اتباع لهذا النظام من خلايا نائمةفي الخليج من الجالية اللبنانية (الشيعة منهم )

كما حدث في البحرين والكويت