المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل من نهاية لتصاعد أسعار النفط؟



ROSE
04-05-2011, 07:10 AM
هل من نهاية لتصاعد أسعار النفط؟





محمد خضر سالم الشطي:
تعتبر مستوى الأسعار مؤشرا فعالا ذلك لأنه أساس في وضع الميزانيات، وخطط الاستثمار. إن الفروقات بين أسعار المنتجات البترولية وأسعار النفط الخام لنفوط الإشارة في الأسواق المختلفة. تحدد مستويات العلاوة على أسعار المنتجات البترولية في الأسواق العالمية طبيعة الالتزامات بين البائع والمشتري من خلال عقود فورية أو سنوية.إن أسعار النفط تؤثر سلبا أو إيجابا في أداء اقتصاديات البلدان في العالم. الشاهد من كل هذا أن استقرار الأسعار أمر حيوي وضروري يصب في مصلحة المستهلك والمنتج على السواء.
وفي هذا الإطار، أجد من المنطق الإشادة بسلوك منظمة الأوبك في تحقيق ذلك التوازن والاستقرار. أسهم قرار المنظمة في ذلك من خلال قرارها سحب ما يقارب من 4.2 مليون برميل يوميا من النفط الخام من السوق النفطية مع نهاية عام 2008 والذي شهد كسادا في أداء الاقتصاد العالمي وانخفاضا في الطلب العالمي وتخمة في المعروض أسهمت في هبوط الأسعار بشكل حاد. لقد نجحت منظمه الأوبك منذ ذلك الحين، في دعم مرحلة تعافي الاقتصاد العالمي والسوق النفطية، من خلال ضبط المعروض مع ما يتناسب مع متطلبات السوق وقد وجدنا ذلك في مدى التزام بلدان الأوبك في حصصها المقررة خلال تلك الفترة، وهو ما جاء بشكل متناغم مع استقرار السوق ولذلك أوجد ذلك انطباعا إيجابيا حول الأوبك كمنظمة تسعى لاستقرار الأسواق ومن هنا أيضاً جاء توافق السوق بشكل عام حول نطاق سعري مقبول عند 70 و80 دولارا للبرميل.
لقد وجدنا ثمرة هذا الجهد من خلال عدة اجتماعات عقدت تحت مظلة منتدى الطاقة الدولي ما بين البلدان المستهلكة والمنتجة. واستعاد الاقتصاد العالمي نشاطه وارتفعت أسعار النفط الخام بشكل تدريجي من 40 دولارا للبرميل لنفط خام الإشارة برنت خلال شهر ديسمبر 2008، إلى مستوى 70 دولارا للبرميل في أغلب الأوقات في عام 2009.
ثم تحركت الأسعار وفق مستويات مقبولة في السوق النفطية عند نطاق سعري ما بين 74 و85 دولارا للبرميل في عام 2010. ولكن الأسعار شهدت طفرة في 2011 وإلى الآن إلى مستويات 90 و125 دولارا للبرميل ووفرت بيئة زاد معها القلق في السوق النفطية من أن الأسعار ربما بدأت تأخذ اتجاها تصاعديا قد لايكون في مصلحة دعم مستويات الاستهلاك العالمي من النفط أو أداء أفضل للاقتصاد العالمي خلال السنوات القادمة، بل إن تحذيرات في إمكانية تكرار انتكاسة جديدة للاقتصاد العالمي رغم أن ظروف عام 2008 تختلف عن 2011.
ورغم تداول السوق لأسعار النفط الخام عند مستويات تدور حول 120 دولارا للبرميل، إلا أن الحقيقة التي يتفق عليها المراقبون هو كفاية الإمدادات النفطية في السوق: والذي يتمثل في وجود فائض نفطي تمتلكه الأوبك رغم اختلاف التقديرات حول حجمه ما بين 4 و5 ملايين برميل يوميا، هناك فائض في طاقه التكرير تأثرت معه هوامش ربحية عمليات المصافي، إنتاج الأوبك مازال مرتفعا إذا ما قورن بالسقف المقرر أو حاجة السوق، كذلك فإن المخزون العالمي من النفط والمنتجات عاليا رغم هبوط مستوياته وذلك يشمل المخزون العائم أيضا.
تعكس حالة السوق النفطية منذ بداية 2011، تضافر العديد من عوامل السوق والتي منها حالة عدم الاستقرار في بعض مناطق الإنتاج وانقطاع النفط الليبي عن الأسواق، وانخفاض سعر صرف الدولار الأمريكي مقابل العملات الرئيسية، واستمرار الاستهلاك بمعدلات جيدة في البلدان النامية خصوصا الصين والهند، وتوجه بعض البلدان نحو بناء المخزون الإستراتيجي، وارتفاع مؤشر ثقة المستهلك في الولايات المتحدة الأمريكية في شهر مارس 2011. ولكن لايجب أن نغفل دور المضاربين في الأسواق الآجلة في إيجاد دعم إضافي للأسعار من خلال المخاوف من نقص الإمدادات رغم عدم وجود هذا الأمر على أرض الواقع إلى الآن، وهو ما يحتاج إلى وقفة من قبل الحكومات لأن في النهاية ارتفاع الأسعار بشكل كبير لن يكون في مصلحة المستهلك والمنتج والسوق النفطية.
هناك عدة عوامل تؤثر على أسعار النفط وتشير إلى بقاء الأسعار قوية على الأقل في المستقبل المنظور ويمكن إيجازها: الطلب العالمي على النفط والذي يرتبط بنمو الاقتصاد العالمي وزيادة عدد السكان، وقد وصل خلال 2010 2.6 مليون برميل يوميا،، التصعيد السياسي خاصة في المناطق الغنية بالنفط، حاجة البلدان عموما والنامية منها على وجه الخصوص لرفع معدل الإنفاق لمواجهة الإضرابات والمظاهرات من خلال الإيفاء ببعض احتياجات تلك الشعوب، سلوك المضاربين في الأسواق الآجلة والبورصات، سعر صرف الدولار نظرا للارتباط الوثيق بين سعر الدولار وسعر النفط حيث إن معظم التبادلات التجارية النفطية تتم بعملة الدولار، التضخم وذلك لأن القوة الشرائية تضعف مع الزمن.
كذلك يشير أكثر من بيت استشاري إلى أن المملكة العربية السعودية،بحجم إنتاجها من النفط الخام، تؤثر في مستويات الأسعار، وأن تقديرات توضح حاجتها إلى 100 دولار للبرميل لتغطية خططها في موازنتها. أضف إلى ذلك الحاجة إلى مستويات قريبة من 100 دولار للبرميل لإنجاز العديد من الاستثمارات خصوصا في تطوير النفوط الترابية والثقيلة جدا في العالم. ولذلك فإن الأسعار لن تهبط عن 85 دولارا للبرميل إذا ما أخذنا في الاعتبار الحاجة إلى الاستمرار قي تنفيذ الاستثمارات النفطية اللازمة للإيفاء باحتياجات النمو في الطلب على النفط.
يبقى أمر مهم، أحب أن أختم به هذه المقالة، وهو التحدي الذي يواجه العديد من البلدان النامية والتي اعتادت على دعم الأسعار في السوق المحلية، ومع ارتفاع أسعار الطاقة في العالم وارتفاع أسعار الغذاء، وقيام العديد من المظاهرات التي تطالب بتحسين الأوضاع المعيشية، وارتفاع التضخم، وتأثير ذلك على الموازنة، تجد تلك البلدان نفسها أمام وضع معقد لا تحسد عليه، ولكن لابد أن تتعامل معه بكل حكمة ونضج. يقدر صندوق النقد الدولي تأثير ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء على ميزانيات البلدان النامية على أنه يمثل ما يقارب من 3% من إجمالي الناتج القومي.
كل هذا يدعو إلى مزيد من التعاون ما بين البلدان المستهلكة والمنتجة للوصول إلى حلول تقدم تطمينات للسوق بوفرة الإمدادات النفطية وبالتالي التأثير الإيجابي على الأسعار لتكون ضمن النطاق المقبول وفي مصلحة الجميع، وهو ما يتطلب ضبطا لسلوك المضاربين في الأسواق الآجلة بشكل منظم وحازم.