تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : ماذا لو وصل المؤشر إلى الصفر 000.00؟



شمعة الحب
05-05-2006, 03:48 PM
ماذا لو وصل المؤشر إلى الصفر 000.00؟
د. هاشم بن عبد الله الصالح - جامعة الملك فيصل ـ الدمام 07/04/1427هـ
hsaleh_sa@yahoo.com

لم يكن من السهل إقناعه بالدخول في سوق الأسهم, فهو شخص لا يحب المغامرة ويرى أن السلامة طريقها القناعة بالقليل الدائم وليس بالكثير المتقطع. حتى البنوك كان لا يثق بها ولولا أن فلوسه كثرت لفضل أن يبقيها في غرفة نومه. في البداية فتح له حسابا في بنك الرياض وبعد أشهر ألغاه لأنه سمع صديقا له يقول إن البنك يجمع الفلوس يوميا ويرسلها إلى الرياض فخاف أن تسرق قروشه وهي في طريقها إلى الرياض. ثم سمع عن البنك الأمريكي فهرول إليه ليفتح حسابه فيه وهو يردد أن أمريكا دولة عظمى فهذا البنك في حمايتها ولكن بعد أحداث أيلول (سبتمبر) قدم طلبا مستعجلا بإغلاق حسابه وأمر بتحويل كل ما يملك للحساب الجديد في البنك الفرنسي اعتقادا منه أن فرنسا بهدوئها ورقتها ستكون رقيقة وآمنة مع فلوسه ولكن كالعادة فهو يصدق كل فكرة أو خاطرة تدور في ذهنه فلقد ترك هذا البنك بعد أن سمع وشاهد في نشرات الأخبار عن التفجيرات التي حدثت في مترو باريس وظن أن الإرهاب سيلاحق البنوك الفرنسية في العالم وتذهب أمواله لقمة سائغة للإرهابيين.

وهذه المرة كانت الوجهة البنك البريطاني فهو يعرف أن البريطانيين هم محافظون مثله وهم حريصون على الأموال وأمواله ستكون في مأمن عند الإنجليز. وبعدما فاز بلير وحزب العمال في الانتخابات وسمع في الأخبار أن حزب العمال هو حزب اشتراكي ولم يهمه أنه اشتراكي إلى اليمين أو إلى اليسار فالاشتراكية عنده كما عرفها عند الاشتراكيين العرب هي تأميم لكل المؤسسات, ففوز توني بلير هل يعني تأميم البنك وهذا الخوف جعله يهرب في اليوم التالي لفوز حزب العمال البريطاني ليودع أمواله في البنك الأهلي وهو يقول مع نفسه إن أهلنا أولى بأموالنا. وبقي مع البنك الأهلي بالرغم من شكواه في بعض الأحيان من تصرفات مزعجة وأخطاء صغيرة من بعض الموظفين ولكنه كان يقول "أهلي وإن جاروا علي أحبة".


كان أخوه الصغير يلح عليه للدخول في السوق والمتاجرة بالأسهم وكان هو يمانع بشدة, وكل مرة كان أخوه يطلعه على ما حققه من أرباح في الشهر وعندما ازدادت الأرباح صار يطلعه أسبوعيا وهو صامد في موقفه الممانع من الدخول خوفا من ضياع أمواله وتحويشة عمره. لقد أصبح أخوه هامورا صغيرا في قريته وأصبح مقصد الناس للسؤال عن الشركات المحتمل ارتفاع أسعارها وكان يمانع بحجة أن الأخبار التي تصله هي مقابل مبالغ يدفعها ولكنه كان في بعض الأحيان يشير إلى بعض الشركات ليهرول الكثير من المساكين لاصطيادها بسعر السوق طمعا في الثروة القادمة, وكانت طفرة السوق وارتفاع جميع الشركات قد عززت من مصداقيته عندهم. وفي يوم ما جاءه الأخ الصغير وفي نيته أن يجبر هذا الأخ على الدخول في السوق ولو بالقوة فليس من المقبول أن يربح الجميع وأخوه لا يستفيد من هذه الطفرة. وتحت هذا الإلحاح القوي من طرف أخيه والذي هو نفسه كان يتمناه لأنه بدأ يقتنع بجدوى الدخول في الأسهم, قرر أن يركب المركب الصعب وسحب بضعة مئات من آلاف الريالات من حسابه ليشتري أسهم عدد من الشركات.


وبعدها وجد نفسه متابعا لحركة السوق وبعدها بدأ يحس بقيمة الأرباح التي يجنيها وإن كانت هي مجرد أرقام لأنه لم يتجرأ أن يسحب منها شيء فالبيع والشراء يتم في اليوم نفسه طمعا بنسبة في صباح الغد. وكان معروفا عنه أنه متابع جيد للبرامج الإخبارية والحوارية ولكن بعد تجربة الأسهم أصبحت قناة السي إن بي العربية هي قناته المفضلة, فكان يتتبع كل ما يقال فيها من تحليلات وأخبار وتوجيهات يقولها أرباب السوق ثم يختلي مع نفسه ليرسم استراتيجية حركته في السوق ليوم الغد, وكانت القرارات تتخذ للبيع والشراء لتوضع في ورقة يدسها تحت وسادته ومن ثم ينام منتظرا صباحا أخضر اللون وإن كان أحمر فهو جني أرباح وهذا المصطلح حفظه لكثرة ما سمعه في الأخبار والبرامج التليفزيونية. هناك مصطلحات أخرى تعلمها وإن كان قد احتاج لبعض الوقت حتى يستوعبها ومن هذه المصطلحات, نقاط الدعم والمقاومة وكيف يشكل له السوق نقاطا جديدة عند صعوده وعند نزوله. وهناك بعض المصطلحات التي لم يعطها بالا مثل مكررات الربحية فهي على كثرة ما يسمع عنها إلا أنها تبدو ليس لها وظيفة في السوق السعودي.


وعندما ذبح السوق بأيد خفية كما يقول بعض الناس أخذ النزف يستمر وبشكل يومي كان الأمر عليه صعبا جدا في البداية وكان يحاول أن يتغلب على الأمر بادعاء أن المتاجرة مخاطرة وأن السوق سيعود وهذه لعبة هوامير كبار يريدون أن يخرجوا الصغار وعلينا بالصبر. ومع استمرار انحدار السوق الشديد بدأ يلاحظ علامات مقلقة على صحته, فهناك شعور بالتعب والدوار المستمر وزياراته للحمام باتت كثيرة ولعل الشيء الغريب الذي لاحظه هو ازدياد شهيته للأكل وكان يرى في هذا الأمر شيئا إيجابيا قبل أن يسمع في أحد البرامج أن هذا الأمر هو من علامات الاكتئاب فزاده حزنا على حزن. وفي يوم من الأيام وبعد وجبة دسمة من النسب الحمراء في السوق سمع أحد المحللين يقول إن السوق يقترب من القاع وكانت هذه الكلمة بالنسبة له هي أم الصدمات فالقاع هل يعني أن المؤشر يتجه إلى الصفر والصفر يعني اللا شيء واللا شيء يعني الفلوس طارت. حاول أن يفسر لنفسه ماذا يعني الصفر للمؤشر, فهل مع الصفر ستنطفئ الكهرباء لنعود مرة نعيش على الفوانيس؟ كان مع كل نسبة ينزل بها سهم الكهرباء يحاول أن يمد يد العون لها من خلال ترك المزيد من المصابيح منارة لعلها تزيد من أرباح الشركة فتعود بالخير على المساهمين فيها.


وهل مع الصفر يعني أن الأغنام كلها ستموت؟ وماذا سيعمل الناس من دون مفطح ولحوم وهل ستكون البركة بالبطاطس, وهل ارتفاع أسعار الأغنام في السوق له علاقة باقتراب المؤشر من الصفر؟ وماذا عن البنوك عندما تصبح قيمة أسهمها صفرا؟ وهل ستغلق أبوابها أم أنها ستتحول إلى مقاه لشرب المعسل ولعب البيلوت. وأما الشركات الزراعية فهل ستجد أنفسها غير قادرة على حفر الآبار وجلب المياه فتستعيض عنه بمياه البيارات المنتشرة في الأحياء لتريح الناس منها؟ وماذا عن قائدة السوق شركة سابك هذه المفخرة الوطنية التي هي بحق أم للشركات الوطنية فربما ستطرح اكتتابا جديدا وعلى باب الله يا محسنين. والله يستر من الصفر على شركة عملاقة مثل الراجحي وهل ستتحول إلى جمعية خيرية فخبرتها في تجميع الفلوس وإدارتها (حرام تروح في الهواء) أما شركات الأسمنت وهي التي كانت تتبختر بأسعارها المرتفعة فهل ستتحول إلى مدن ألعاب وملاه. والخوف أن البحار ستجف عندما يعلن المؤشر أن سعر شركة البحري بات صفرا مطلقا ومن دون كسور بالسالب وعندها سنكون وجها لوجه مع القنبلة النووية الإيرانية. أما شركة التأمين فلعلها ستكون أكبر النادمين لأنها أمنت على الآخرين ونست نفسها. أما الشركة العود شركة الاتصالات فإنها عندما يصفر المؤشر فسترسل لنا رسالة وعلى حسابنا لتقول لنا إن القضية "محلولة" لأنها قررت رفع أسعارها وبأثر رجعي وعلينا المبادرة بتسديد فواتيرنا المتأخرة خلال ثلاث ساعات.

وأما الشركات الأخرى وبالأخص منها شركات التنمية فستختفي من دون صراخ لأنها هي في الأصل كانت غير موجودة. بهذه السهولة ستختفي كل هذه الشركات فقط لأن المؤشر يتجه إلى القاع, وبعدها وجد نفسه يردد: ماذا عنا نحن المساهمين؟ فهل نحن أيضا سنصبح أصفارا لأن محافظنا قد تصفرت وباتت خاوية إلا من عدد أرقام الأسهم التي نمتلكها؟ وما الفرق بين مَن يملك مليون سهم ومَن يملك سهما واحدا فالمسألة باتت واحدة والصفر واحد للجميع.
كان بوده أن يأتي مساء يوم الثلاثاء بسرعة فهي ليلة جمعتهم لأنهم يجتمعون في المزرعة في مثل هذه الليلة من كل أسبوع فينسون أنفسهم مع الدردشة والضحك وأكل الكبسة بالشطة الحمراء. صحيح أنهم خليط غير متجانس من حيث العمر والوظيفة والسكن ولكن كانت الأسهم وحب الكبسة هما المشترك بينهم.


كان ينوي أن يسألهم عن مسألة القاع هذا الهم الجديد الذي خرج به علينا المحللون وخبراء السوق. كان يتمنى أن يسمع أن القاع شيء آخر وهو غير الصفر الذي بات كابوسا عليه منذ اللحظة التي سمع فيها بهذه الكلمة المشؤومة.
كان ينتظر اللحظة المناسبة لطرح سؤاله على زملائه لعلهم ينتشلوه من هذا القاع الموحش ولكن قدوم أحد الزملاء غير من الأمر, فلقد قدم هذا الزميل وهو مستبشر وهو يقول بصوت مرتفع هل سمعتم بالأخبار؟ فسكت الجميع وهم ينظرون إليه ونسي هو سؤاله فالأخبار تبدو جيدة. أخذ هذا الزميل يخبرهم أنه سمع أن هناك تدخلا قريبا لتعديل مسار السوق, وهذا التدخل بات قريبا جدا, فلقد صدرت الأوامر بتأسيس خمسة صناديق استثمارية وبمبالغ ضخمة للدخول في السوق, وأبشروا فسنغني لأخضر السوق قبل أن نغني للمنتخب الأخضر في المونديال.


فرح الجميع بهذه البشارة والأخبار الحلوة ولم يسأل أحد عن مصادرها, أما هو فوجد نفسه قائما وهو يقول الحمد لله سنبتعد عن القاع. نظر إليه الجميع باستغراب وهم يسألونه عن القاع الذي يتحدث عنه, قال لهم ويلكم إننا كنا على وشك أن نرتطم بالقاع, لقد سمعتهم يقولون إن السوق يقترب من القاع وفي القاع كلنا سنصبح أعضاء مجلس الإدارة لأن الجميع سيصبحون أصفارا ولا أحد أحسن من أحد فشكرا لكم على هذه الأخبار الجيدة.

Qtri
05-05-2006, 03:51 PM
مشكورة اختي شمعة الحب

شمعة الحب
05-05-2006, 03:57 PM
مشكورة اختي شمعة الحب


العفو اخوي Qtri قطري الله يعينهم بيذبحونهم بالاكتتابات الله يستر عليهم بضبط العبرة لابد ان تؤخذ من سوقنا ..الفرق عدد الشركات والمستثمرين وضخامة السوق .. .الا اذا بعد بيخفون عليهم بين فترة وفترة يعطيهم العافية ..ولا الصراحة هلكوا صغار المستثمرين ..فمنجيهم رب العالمين ..شكرا ويسلمووووووووووو ع المرور الرااااائع ..