تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : إيجابيات أزمة سوق الأسهم!



شمعة الحب
06-05-2006, 09:25 PM
إيجابيات أزمة سوق الأسهم!
د. مقبل صالح أحمد الذكير - 08/04/1427هـ
mdukair@yahoo.com

إذا كان لأزمة سوق الأسهم السعودية جانب إيجابي، فهو هذا الحراك الاقتصادي والاجتماعي الذي عرى عددا من العيوب الاقتصادية الخطيرة التي يعاني منها مجتمعنا. كتسليطه الضوء على الخلل الهيكلي في اقتصادنا والى عدم صلاحية القناعات الاقتصادية القديمة مع متطلبات العصر الراهن، كاستمرار غلق بعض الأنشطة الاقتصادية أمام القطاع الخاص، أو التردد في زيادة درجة المنافسة في بعض القطاعات كقطاعات الاتصالات والنقل والخدمات المصرفية ونحوها. هذه المشاكل والعقبات التي عطلت مسيرة نمو الاقتصاد وأعاقت استغلال الثروات الكبيرة المتاحة والفرص الاقتصادية الواسعة الكامنة التي ينعم بها اقتصادنا، والتي كان يمكن أن تنقله بسرعة إلى مستويات أرفع وأكثر كفاءة لمواجهة التحديات الكبيرة التي يفرضها النمو السكاني المرتفع.
إن الدرس الكبير الذي يمكن أن نخرج به من هذه الأزمة هو أنه لا يكفي في الواقع أن تكون لدينا أعظم ثروة نفطية في العالم، ولا أعلى الإيرادات النفطية، ولا أكبر ميزانية في تاريخ البلاد، ولا أعلى معدل نمو اقتصادي منذ عدة سنوات، ولا حتى أكبر سوق تجاري في المنطقة ليتحقق لمجتمعنا التطور والتنمية المأمولة. كل هذا ـ على أهميته - لا يكفي لكي نضمن اقتصادا قويا متينا راسخا يحمل في طياته أسباب الاستقرار والاستمرار والانطلاق نحو مزيد من النماء والرخاء. هناك ما هو أهم من ذلك، إننا بحاجة إلى مزيد من الحريات الاقتصادية ومزيد من الضبط القانوني.
من يتأمل التاريخ الاقتصادي لتطور الأمم والمجتمعات يجد أن القاعدة الأساسية التي انطلقت منها هذه المجتمعات وشكلت العامل الحاسم في نجاحها وريادتها وجعلها تتميز عن ما سواها، يمكن أن تختصر في كلمتين: هما الحرية والعدالة.
إن العدل أساس البقاء، وكل مجتمع افتقد إلى العدالة انتهى به المطاف إلى الاختفاء والزوال. ومن ناحية أخرى، يدل التاريخ الاقتصادي إلى أن ركيزة الركائز في التنمية الاقتصادية، والقاعدة القوية التي تقوم عليها وتضمن تطور المجتمع هي قاعدة الحرية الاقتصادية. والحريات لا تعنى الفوضى، وهي لا يمكن أن تكون مطلقة. بل هي منضبطة ضمن حدود القواعد العامة المنظمة لحياة الناس والمستمدة من القيم والمبادئ التي يؤمن بها كل مجتمع.
ولذلك فإنه لا أمل لأي مجتمع في التطور والريادة وفي البقاء والسيادة دون حرية وعدالة. ومن ينظر إلى تاريخ النظام الشمولي للاتحاد السوفياتي البائد، سيجد أن هذا النظام الذي بدأ بثورة البلاشفة على قياصرة روسيا في أوائل القرن الـ 20 واستمرت لنحو 70 عاما، انتهى إلى الانهيار والزوال على الرغم من توافر كل أسباب القوى الاقتصادية والعسكرية بسبب افتقاده للحريات العامة. إن غياب الحريات في الأنظمة الشمولية، منعها من رؤية أخطاء ومفاسد النظام، بينما مكنت الحريات مجتمعات أخرى من سرعة ملاحظة الأخطاء وعلاجها والمضي قدما نحو النمو والتطور.
العدالة شأنها عظيم، لأنها ناموس إلهي، فالسموات والأرض قامتا على العدل. العدل قانون إلهي خالد ما بقيت الحياة، وابن تيمية يقول إن الله يقيم الدولة الكافرة بالعدل ويزيل الدولة المسلمة بالظلم. ومن يصادم قانونا إلهيا فمصيره الفناء والزوال.
إن التنمية الحقيقية للمجتمعات ليست مجرد أرقام إحصائية أو مؤشرات اقتصادية صماء مثل نصيب الفرد من إجمالي الناتج القومي، أو درجة التصنيع. إنها مسألة أكبر من ذلك بكثير. إن التنمية حرية وعدالة قبل أي شيء آخر.
وهذا ما يؤكده عدد من علماء التنمية الاقتصادية المرموقين. فهذا عالم الاقتصاد الفائز بجائزة نوبل في الاقتصاد لعام 1996، والأستاذ في جامعة كمبريدج "أمارتيا صن" يؤكد أن التنمية في الأساس هي عملية توسع في الحريات الموضوعية التي يتمتع بها الناس. فالحريات عنده هي العامل الفعّال والحاسم في توليد التغيير السريع الذي يقود إلى التغير في نواحي الحياة المختلفة والتي تؤول بدورها إلى دفع المجتمعات نحو التطور والنمو. وهو يعترف أن للحرية مفاهيم متنوعة الدلالة في بعض تفاصيلها، تختلف المجتمعات حولها بيد أن هذا التنوع عنده لا يغير حقيقة كونها الشرط الضروري لنجاح المجتمعات وتطورها. بل إن الحريات الحقيقية ستضمن في الوقت نفسه تحقق العدالة أيضا لأنها مطلب ضروري لبقاء المجتمعات. والعدالة لا تعني المساواة التامة التي تصورها بعض فلاسفة الأنظمة الشمولية، فهذا مناقض لواقع اختلاف مهارات الناس وقدراتهم، بل هي تعني ضمان تكافؤ فرص العمل والإنتاج لأفراد المجتمع كافة على أساس من العدل والمساواة.
إن التنمية الحقيقية هي قيام المجتمع على مبدأي الحرية والعدالة. عدالة تحقق الرضا والاستقرار لطبقات المجتمع، وحرية تضمن الإبداع والابتكار وتلاقح الرؤى والأفكار لكشف مواطن التخلف والفساد.
ومجتمعنا لا يزال يعاني من مظاهر الفساد المعطلة لانطلاقته وحسن الاستفادة من موارده. وهي ظاهرة لا تتفشى فقط في القطاع العام الحكومي، بل حتى في القطاع الخاص، وإن كانت الثانية امتدادا طبيعيا للأولى. ومع أن صور ودرجة استشراء الفساد تختلف من مجتمع لآخر، إلا أن الفساد أيا كانت درجته يترك آثارا خطيرة ومدمرة على العدالة وعلى احتمال تقدم وتطور المجتمع نظرا لما يسببه من هدر في الموارد وتعطيل لأهداف الإصلاح والتطوير. كما أنه يرفع تكاليف المعاملات الاقتصادية ودرجة عدم التيقن في اتخاذ القرارات الاقتصادية، ويعوق الاستثمارات طويلة الأجل ويشوه أولوية الاستثمارات وأهمية الخيارات التكنولوجية، ويدفع أصحاب رؤوس الأموال والكفاءات إلى التربح السريع والاستثمارات الريعية والخدمية قصيرة المدى. مما يؤدي إلى زيادة الأعباء المعيشية ويؤول في النهاية إلى إعاقة مسار التنمية الشاملة. وما لم نعمل بإرادة صادقة وعزيمة ماضية للقضاء على أهم ما يعوق مسيرتنا التنموية، فإن طريقنا تجاه التقدم سيكون طويلا.
تؤكد هيئة الشفافية الدولية أن الفساد يعود في الأساس إلى أسباب مؤسساتية. فهو ينتشر في ظل غياب حكم القانون وضعف أو غياب آليات المساءلة والمحاسبة. سواء كانت آليات مساءلة من خارج الحكومة كالبرلمانات ومؤسسات المجتمع المدني ووسائل الإعلام، أو من داخل الحكومة كاستقلال السلطات التنفيذية والقضائية والتنظيمية عن بعضها وإقامة أجهزة رقابية فعالة ومستقلة. وتعطي هيئة الشفافية الدولية دورا أكبر لآليات المساءلة الداخلية في مكافحة الفساد خاصة في الأجل القصير، بينما تكون لآليات المساءلة الخارجية أهميتها على المدى البعيد خاصة في إعادة إنتاج الإرادة السياسية اللازمة لمكافحة الفساد وفي خلق ثقافة سياسية تكرس قيم المسؤولية والنزاهة والشفافية.
إن القضية ليست مجرد مجموعة من الأفاقين والنصابين الذين يأكلون أموال الناس بالباطل من خلال المتاجرة ببطاقات "سوا" الهاتفية أو مساهمات الأراضي أو ممارسات غير عادلة في سوق الأسهم، إنها مسألة أكبر من ذلك.. مسألة تتعلق بمستقبل المجتمع واستقراره وسلامة بنائه الداخلي وتلاحمه اللازم لمواجهة التحديات الداخلية والخارجية التي تواجهه في عالم ينوء باضطرابات لا تهدأ ولا تنتهي. ولهذا تأتي البرامج الإصلاحية التي يتبناها ملك القلوب وحبيب الشعب الملك عبد الله وولي عهده لقيادة هذه البلاد نحو بر الأمان والاستقرار المنشود.

2052 قراءة


تعليقات الزوار
08/04/1427هـ ساعة 9:30 صباحاً (السعودية)

احييك يادكتور مقبل واحيي وطنيتك واخلاصك لبلدك ومجتمعك نحن اليوم بحاجة لامثالك من الرجال الطيبين المخلصين الشجعان البعيدين عن المحاباةلاي كائن كان والذين يصدحون بالحق ولا تاخذهم بالله لومة لائم دمت يادكتور لمحبيك.
--------------------------------------------------------------------------------

08/04/1427هـ ساعة 12:57 مساءً (السعودية)

السلام عليكم
مقال رائع ، كشف انهيار سوق الاسهم امور كثيرة جدا ، شكرا
--------------------------------------------------------------------------------

muidh Masad 08/04/1427هـ ساعة 2:24 مساءً (السعودية)

"إن التنمية الحقيقية للمجتمعات ليست مجرد أرقام إحصائية أو مؤشرات اقتصادية صماء مثل نصيب الفرد من إجمالي الناتج القومي، أو درجة التصنيع. إنها مسألة أكبر من ذلك بكثير. إن التنمية حرية وعدالة قبل أي شيء آخر."

التعليق:

نعم التنمية ليست ماذكرت. فوضع المواطن العدي كان افضل خلال الركود الاقتصادي .
ان المستفيد من النمو الاقتصادي هم رجال الاعمال و حثالات المجتمعات الذين يستوردونهم من جميع اصقاع الدنيا لادارة الشر كات و استعباد ابنائنا و اذا قتهم سوء العذاب.
و معالي وزير العمل يريد ان يشغل ابنائنا من اطباء و مهندسين حلاقين و طباخين و استيراد الحلاقين و الطباخين لادارة الشركات العائلية.
--------------------------------------------------------------------------------

08/04/1427هـ ساعة 3:12 مساءً (السعودية)

نعم اوافق الكتور مقبل العدل أساس كل شى وفي الامثال ( العدل اساس الحكم )
الحرية في اطار الدين والاعراف اساس التقدم
لا للفساد الاداري خراب الشعوب والدول
نعم للثقافة والتوعية للمواطنيين استثمارياَ ومضاربة
الاستفادة من خبرات الاخرين في مختلف الاسواق وبالذات في سوق المال
الدراسة والبحث والاحصاء قبل اصدار الاوامر ومعرفة ردة الفعل
تنوع الاسواق بحيث يشجع المواطنيين على فتح محلات بدل الاحتيال واغراء الاجنبي علىان السعودي يكون في الواجهه مقابل ريالات معدوده
وارشاد المواطنيين بعدم دفع نقودهم للنصابين اللي يزعمون بتوظيف الاموال وفي الاخير اصبحو نصابين وضع خبراء عالميين في سوق المال
--------------------------------------------------------------------------------

08/04/1427هـ ساعة 8:12 مساءً (السعودية)

ايجابيات كارثة الاسهم اولا, 50%من المواطنين اصبحوعلى خط الفقر ثانيا , 10% من هل الحلنبوحه
حملو الجمل بما حمل ولاذو بالفرار وتركو المحللين في وادي والسوق في وادي وخل اليقول يقول
والمساكين يترقبون المحصول ولاقو لهم ولا حول