المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الإيمان يزيد بالطاعات وينقص بالمعاصي



امـ حمد
18-05-2011, 01:49 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

قال تعالى(ولقد خلقنا الانسان ونعلم ما توسوس به نفسه) فتارة يجد العبد قلبه ممتلئاّ إيماناّ وخشية، مما يورثه سعادة وأنساّ وانشراحاّ وطمأنينة، وتارة يضيق عليه صدره، ويضعف الإيمان في قلبه، وهذا حال ابن آدم، فالإيمان يزيد بالطاعات


والقربات,وينقص بالمعاصي والآثام، كما عند أهل السنة والجماعة,الله عز وجل أعطانا عقولاّ وركب فينا شهوات, ومنحنا حرية اختيار,ووصف لنا حال من يطيعه ويتقيه،فهو سبحانه عز وجل خلقنا ليبتلينا، ورزقنا ليكفينا، وكلفنا ليسعدنا,قال


تعالى(الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور)والكيس من يفهم ويستوعب هذا الخطاب الرباني الحكيم، فيعرف السر والغاية من وجوده,فيسعى جاهدا صادقا في تزكية نفسه وتهذيب أخلاقه، وتطهير قلبه وتصفية


باطنه، وإصلاح حاله,والمحصلة سعادة أبدية أوشقاء أبدي،فإما جنة يدوم نعيمها ، أو نار لا ينفذ عذابها،قال تعالى(فأما من طغى، وآثر الحياة الدنيا، فإن الجحيم هي المأوى، وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى، فإن الجنة هي المأوى)



وما على المؤمن إلا أن ينتبه ويهتم بقلبه ويتفقده في كل حين,فالقلب إذا غفل دخلته أهواء النفس فهيمنت عليه وسيطرت,قال تعالى(ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا)يصف ابن القيم الدواء فيقول,دافع


الخطرة فإن لم تفعل صارت فكرة، ودافع الفكرة فإن لم تفعل صارت شهوة، وحارب الشهوة فإن لم تفعل صارت عزيمة وهمة، فإن لم تفعل صارت فعلا، فإن لم تتداركه بضده صار عادة،أما الكيس الفطن فيلحظ ببصيرته الفتنة وهي قادمة،


ويتحسس أجواء الابتلاء، فتجده حذرا متيقظاّ,هل هذا الأمر مقبول شرعا,هل يرضي المولى عز وجل,لأن الخير كل الخير فيما أمر به الله عز وجل، ورسوله صلى الله عليه وسلم، والشر كل الشر فيما نهى الله ورسوله عنه,قال تعالى(إن الذين


اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون) وفي الحديث,الشيطان جاثم على قلب ابن آدم، فإذا ذكر الله خنس، وإذا غفل وسوس,فالخطرة السيئة يتوجب طردها مجرد أن تظهر،وكل ما يأتي بعدها أخطر وأكثر ضراّ,تأمل المقولة


جيدا (خطرة,فكرة,شهوة,عزيمة وهمة,فعل,عادة)وإذا استعان العبد بمولاه وفر إليه,واستغفر وأناب، ولزم الطاعة والذكر،وتبرأ من كل حول وقوة وطول، منخرطاّ في الدعاء لا يمل,لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين,ربنا إن لم


تغفر لنا وترحمنا لنكوننا من الخاسرين,مستحضرا قوله تعالى(قل إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم)فيستشعر العبد المؤمن الخطر، لأنه يعلم يقينا أن النار من مستصغر الشرر، وأن الخطوة بعدها خطوات(ياأيها الذين آمنوا لا تتبعوا


خطوات الشيطان)فيرفضها بعقله، ويمجها بفطرته السليمة، ويفر منها بقلبه,لأنه امتلأ يقينا واعتقادا أن المحرمات مهلكات مفسدات للقلب والعقل،ولولا رحمة الله وفضله وهدايته ولطفه وتوفيقه ما زكى وما تطهر منا أحد،والصبر سلاح المؤمن في


هذه الحياة الدنيا، فالطاعة,ومقاومة الشهوات،والرضى بالقضاء والقدر يحتاج إلى صبر،ما أصلح الإنسان من نفسه شيئا أعظم من قلبه، ولا التمس طريقا أجل من رضوان ربه، ولا التمس كتابا أصدق من كتاب الله،والعبرة بسريرة المرء


وقلبه,فمن أحسن سريرته، أحسن الله علانيته،ومن أصلح مابينه وبين الله، أصلح الله ما بينه وبين الناس، ومن أصلح أمر آخرته، أصلح الله أمر دنياه، ولا يستغني القلب إلا بعبادة الله,وإذا امتلأ القلب بشيء لم يبق فيه متسع لغيره,فليس للقلوب


سرور، وليس للصدور انشراح إلا في صدق العبادة، وإخلاص المحبة، وتمام الذل والخضوع، وصرف البصر والبصيرة عن الالتفات إلى ما سوى الله ذي الجلال والإكرام، وعلى الله التكلان ولا حول ولا قوة إلا بالله.