لعديد
19-05-2011, 09:44 AM
وضحى وبن عجلان
http://www.elcinema.com/photo/photolist/1234567/226730668239_574x395q100.jpg
كلنا تابع في يوم من الأيام المسلسلات البدوية، وعلى رأس هذه المسلسلات المسلسل البدوي «وضحى وبن عجلان»، هذا المسلسل ما إن يعرض حتى يسود الصمت البيوت، والكل ينظر بعين الانبهار لذلك الفارس الشجاع ابن عجلان ومحبوبته الفطينة «وضحى»، والتي وضع لها شروطا تعجيزية للزواج به، فهو لا يرضى بها جميلة فقط، فلا بد أن تتمتع بذكاء خارق للعادة، للاعتراف بها كزوجة، وكانت ذروة الحدث المتمثل في تحديها وقدرتها على حل تلك الألغاز، والتي لو اجتمعت نساء قطر بأكملهن، بل العالم لحلها، لكانت نسبة العنوسة 100%، وصرنا من العرب البائدة، المهم أن اللا منطقية طغت على المسلسل، بدءا من البطل وانتهاء بالمخرج، ومع ذلك فإن المسلسل قد انتهى زارعا فينا الكثير من المعاني الجميلة من شجاعة، وفروسية، وكرم، وتحدٍ، وقس على ذلك أغلب المسلسلات البدوية، ولننتقل بعد ذلك لروائع الفن المصري التي جعلتنا في كل مسلسل نردد عباراتهم، ونحفظ تاريخهم، كما يحفظونه، ونعتز برموزهم السياسية والفكرية والأدبية، ونتعايش مع كل أطيافهم الاجتماعية، من فلاحين، وصعايدة، وإسكندارنيين، وقاهريين، بل نتقاسم معهم ملاحمهم الوطنية، فعندما يرددون تحيا مصر بدءاً من ابن الحتة، والأهوجي، والفنان، والباشا، والوزراء، كلهم يرددون نفس الشعارات، ونرددها معهم مملوئين بالفخر بحضارة تمتد إلى سبعة آلاف سنة قبل الميلاد، ولا أدري هل أنا فقط من يستشعر ذلك؟
أم أن هذه حالة شعورية عامة تربطنا بذلك العشق الأبدي لأرض الكنانة؟؟
ثم ننتقل لعاصمة الإبداع الخليجي «الكويت»، وقد أبدع فيها الأستاذ عبد الحسين عبد الرضا عندما قدم روائع فنية سبقت بأفكارها ذلك العصر، فمسلسل كدرب الزلق يعتبر علامة فارقة في الفن الخليجي، بدءاً من موسيقاه، مرورا بكل الشخوص المقدمة، والتي كانت تتمتع بكاريزما عالية في أدائها، وصولاً لدرة الخليج قطر، وقد أبدعت وخلدت شخوصا تاريخية، من خلال مسلسلاتها التاريخية، من مثل هارون الرشيد، وأواخر الأيام، وصولا للمسلسل الفكاهي فايز التوش، الذي أحسسنا من خلاله أننا بدأنا نضع أقدامنا على الطريق، ثم تأتي بعد ذلك الصدمة الكبرى بمسلسلات تدعي الواقعية، تصور المجتمع القطري مجتمعا ملحميا، يعتمد في وجوده على الصراع بين الخير المطلق والشر المطلق، ناهيك عن الألفاظ الهابطة، والتي تلوث أدمغة المشاهدين بكل ما يصور المجتمع القطري، ممثلا للشر، والجنسيات الأخرى ممثلة للخير!!
الأمر الذي يجعلنا نحس بأن مثل هذه المسلسلات القائمة على الحلول القدرية في نهاية المطاف تسعى لتهميش تاريخ مجتمعنا الأصيل. هذا الأمر يجعلنا نتساءل؟؟
لما لا يقدم التلفزيون القطري إنتاجا ضخما عن تراثنا وأمجادنا وأجدادنا، أليس لنا تاريخ وأشخاص نعتز بهم؟
ألا نملك عادات وتقاليد وموروثات تؤكد أصالتنا وعراقتنا التاريخية؟ لما لا نشحذ أقلامنا لكتابة سيناريو عن معركة الوجبة مثلا، واجتماع الناس تحت قيادة الشيخ جاسم بن محمد آل ثاني، ومجابهة الأتراك، والقدرة على هزيمتهم؟ لماذا لا نحظى بشيء نردد عباراته، ونترمل بأبياته، لنعزز الشعور بالوطنية والولاء في نفوس أولادنا الغضة، لنعلن أننا لسنا مجموعة بشرية متخلفة أتى البترول ليضفي على حياتنا مسحة حضارية، بل إننا نملك من العادات والأعراف والأمجاد ما يمدنا بالقوة على المناداة، والمطالبة من القائمين على الإنتاج محاسبة أنفسهم فيما يقدمونه، وأن عليهم أن يشعلوا فتيل الانتماء والولاء والفخر بأمجادنا من خلال ما يقدمونه.
وقفة:
أعتقد أيضا أن على وزارة البلدية أن تراجع نفسها في المسميات المطلقة على بعض مناطق قطر من مثل «أم اجماجم، وأم الأفاعي»، الأمر الذي يجعلنا نحس بأننا مقدمون على المرور بمنطقة مرعبة، علما بأن في أسماء أجدادنا وأمجادنا خير بديل لهذه الأسماء المرعبة.
فنحن لم نوجد بالصدفة، ولم تمطرنا السماء في القرن العشرين، بل نحن أمة لها ماض، تستطيع أن تتنشق عبقه مع أنفاس الصباح.
منقول عن جريدة العرب
سارة الخاطر
2011-05-19
http://www.alarab.com.qa/details.php?docId=188530&issueNo=1250&secId=16
http://www.elcinema.com/photo/photolist/1234567/226730668239_574x395q100.jpg
كلنا تابع في يوم من الأيام المسلسلات البدوية، وعلى رأس هذه المسلسلات المسلسل البدوي «وضحى وبن عجلان»، هذا المسلسل ما إن يعرض حتى يسود الصمت البيوت، والكل ينظر بعين الانبهار لذلك الفارس الشجاع ابن عجلان ومحبوبته الفطينة «وضحى»، والتي وضع لها شروطا تعجيزية للزواج به، فهو لا يرضى بها جميلة فقط، فلا بد أن تتمتع بذكاء خارق للعادة، للاعتراف بها كزوجة، وكانت ذروة الحدث المتمثل في تحديها وقدرتها على حل تلك الألغاز، والتي لو اجتمعت نساء قطر بأكملهن، بل العالم لحلها، لكانت نسبة العنوسة 100%، وصرنا من العرب البائدة، المهم أن اللا منطقية طغت على المسلسل، بدءا من البطل وانتهاء بالمخرج، ومع ذلك فإن المسلسل قد انتهى زارعا فينا الكثير من المعاني الجميلة من شجاعة، وفروسية، وكرم، وتحدٍ، وقس على ذلك أغلب المسلسلات البدوية، ولننتقل بعد ذلك لروائع الفن المصري التي جعلتنا في كل مسلسل نردد عباراتهم، ونحفظ تاريخهم، كما يحفظونه، ونعتز برموزهم السياسية والفكرية والأدبية، ونتعايش مع كل أطيافهم الاجتماعية، من فلاحين، وصعايدة، وإسكندارنيين، وقاهريين، بل نتقاسم معهم ملاحمهم الوطنية، فعندما يرددون تحيا مصر بدءاً من ابن الحتة، والأهوجي، والفنان، والباشا، والوزراء، كلهم يرددون نفس الشعارات، ونرددها معهم مملوئين بالفخر بحضارة تمتد إلى سبعة آلاف سنة قبل الميلاد، ولا أدري هل أنا فقط من يستشعر ذلك؟
أم أن هذه حالة شعورية عامة تربطنا بذلك العشق الأبدي لأرض الكنانة؟؟
ثم ننتقل لعاصمة الإبداع الخليجي «الكويت»، وقد أبدع فيها الأستاذ عبد الحسين عبد الرضا عندما قدم روائع فنية سبقت بأفكارها ذلك العصر، فمسلسل كدرب الزلق يعتبر علامة فارقة في الفن الخليجي، بدءاً من موسيقاه، مرورا بكل الشخوص المقدمة، والتي كانت تتمتع بكاريزما عالية في أدائها، وصولاً لدرة الخليج قطر، وقد أبدعت وخلدت شخوصا تاريخية، من خلال مسلسلاتها التاريخية، من مثل هارون الرشيد، وأواخر الأيام، وصولا للمسلسل الفكاهي فايز التوش، الذي أحسسنا من خلاله أننا بدأنا نضع أقدامنا على الطريق، ثم تأتي بعد ذلك الصدمة الكبرى بمسلسلات تدعي الواقعية، تصور المجتمع القطري مجتمعا ملحميا، يعتمد في وجوده على الصراع بين الخير المطلق والشر المطلق، ناهيك عن الألفاظ الهابطة، والتي تلوث أدمغة المشاهدين بكل ما يصور المجتمع القطري، ممثلا للشر، والجنسيات الأخرى ممثلة للخير!!
الأمر الذي يجعلنا نحس بأن مثل هذه المسلسلات القائمة على الحلول القدرية في نهاية المطاف تسعى لتهميش تاريخ مجتمعنا الأصيل. هذا الأمر يجعلنا نتساءل؟؟
لما لا يقدم التلفزيون القطري إنتاجا ضخما عن تراثنا وأمجادنا وأجدادنا، أليس لنا تاريخ وأشخاص نعتز بهم؟
ألا نملك عادات وتقاليد وموروثات تؤكد أصالتنا وعراقتنا التاريخية؟ لما لا نشحذ أقلامنا لكتابة سيناريو عن معركة الوجبة مثلا، واجتماع الناس تحت قيادة الشيخ جاسم بن محمد آل ثاني، ومجابهة الأتراك، والقدرة على هزيمتهم؟ لماذا لا نحظى بشيء نردد عباراته، ونترمل بأبياته، لنعزز الشعور بالوطنية والولاء في نفوس أولادنا الغضة، لنعلن أننا لسنا مجموعة بشرية متخلفة أتى البترول ليضفي على حياتنا مسحة حضارية، بل إننا نملك من العادات والأعراف والأمجاد ما يمدنا بالقوة على المناداة، والمطالبة من القائمين على الإنتاج محاسبة أنفسهم فيما يقدمونه، وأن عليهم أن يشعلوا فتيل الانتماء والولاء والفخر بأمجادنا من خلال ما يقدمونه.
وقفة:
أعتقد أيضا أن على وزارة البلدية أن تراجع نفسها في المسميات المطلقة على بعض مناطق قطر من مثل «أم اجماجم، وأم الأفاعي»، الأمر الذي يجعلنا نحس بأننا مقدمون على المرور بمنطقة مرعبة، علما بأن في أسماء أجدادنا وأمجادنا خير بديل لهذه الأسماء المرعبة.
فنحن لم نوجد بالصدفة، ولم تمطرنا السماء في القرن العشرين، بل نحن أمة لها ماض، تستطيع أن تتنشق عبقه مع أنفاس الصباح.
منقول عن جريدة العرب
سارة الخاطر
2011-05-19
http://www.alarab.com.qa/details.php?docId=188530&issueNo=1250&secId=16