المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إدراج الشركات الصغيرة في البورصة



ابوريما الرياشي
21-05-2011, 11:21 AM
عبدالله غانم العلي المعاضيد
يبدو أن ترقية بورصة قطر إلى سوق ناشئة باتت قريبة، وذلك باستيفاء متطلبات الانضمام إلى مؤشر مورغان ستانلي msci em. وأهم هذه المتطلبات هو ما تم مؤخراً من تطبيق آلية التسوية مقابل الدفع.
إن الانضمام لهذا المؤشر الذي يتم التعامل عليه بأكثر من ثلاثة تريليون دولار ينطوي على مزايا كثيرة لعلنا نتطرق إليها بشيء من التفصيل بمقالات قادمة، لكن أهم هذه المزايا يكمن في القدرة على جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، وعلى سبيل المثال صناديق الاستثمار في الأسواق الناشئة والتي تقدر أصولها بأكثر من ٢٠٠ مليار دولار، حيث تسعى هذه الصناديق إلى توزيع سيولتها على كافة الأسواق الداخلة في مؤشر الأسواق الناشئة، وهذا الأمر إذا تم فإنه سيعزز من مستوى السيولة في البورصة وينشط حركة التداول في البورصة، وهذه السيولة الجديدة والمتجددة ستؤدي إلى زيادة فاعلية دور القطاع الخاص لأنه سيتمكن من الحصول على مصادر تمويل بديلة.
وكما هو متبع في كثير من الدول، فإن الشركات المساهمة غالباً ما تبدأ كمشروع صغير بتمويل ذاتي، ولكن سرعان ما تتحول هذه المشاريع الصغيرة إلى شركة مساهمة لتتمكن من تحقيق التوسع المدروس وتحافظ على النجاح المتحقق، حيث إن التمويل الذاتي لا يحقق لها التوسع المنشود ويبقى عملها محدودا، كما أن التوسع عن طريق الاقتراض كبديل عن التمويل الذاتي يحمل معه مخاطر كبيرة قد تؤدي بالمشروع إلى الهلاك، كما أنها مكلفة على المدى الطويل، بخلاف استخدام أموال المساهمين فإن مخاطرها أقل على الشركة، وفي الواقع فإن الشركات غالباً ما تستخدم مزيجا ما بين أموال المساهمين والأموال المقترضة، ويبقى التمويل الذاتي محصورا في التأسيس فقط ويتحول فيما بعد إلى أسهم بنسبة منخفضة في الشركة.
لذلك فإن تيسير إنشاء وتوسع المشروعات الصغيرة يجب أن يكون هدفا استراتيجيا للمحافظة على التجارب الناجحة لهذه المشروعات الصغيرة؛ فالاقتصاد الأميركي مثلاً يعتمد على شركات إنتاجية ضخمة كانت قبل عقود قليلة مجرد مشروعات منزلية صغيرة، مثل مايكروسوفت وآبل، وأيضاً إيكيا السويدية، وما كان لهذه الشركات أن تحافظ على نجاحها وتوسعها إلا بوجود مناخ يضمن لها الحصول على التمويل المناسب في الوقت المناسب، وأهمها هو تحول هذه الشركات من ملكية فردية إلى شركات مساهمة، وهذا ما يدعونا إلى التساؤل: لماذا الأمور لدينا ليست سهلة أو تكاد تكون معدومة؟ وأقصد بذلك أن من المستحيل أن يحلم من بدأ مشروعه من الصفر أن يرى شركته مدرجة في البورصة، وكأن البورصة وجدت لمجموعة معينة من الشركات وذلك نتيجة شروط وضعتها البورصة كمتطلب للإدراج استفادت منه 42 شركة فقط مقابل 50 ألف سجل تجاري! ومن أصعب هذه الشروط على الشركات الصغيرة هو ألا يقل رأسمال الشركة عن 40 مليون ريال. ولكن بما أن متطلبات الإدراج في البورصة بهذه الصورة المستعصية على المشروعات الصغيرة، فما الذي يمنع من أن نجعل الأمور أكثر سهولة حتى ولو بسوق موازية تدرج فيها الشركات بصورة مؤقتة حتى ترتقي لاحقا للسوق الأولى، وهذا معمول به في كثير من الأسواق العالمية، لنحافظ على كثير من الشركات الصغيرة والعائلية الناجحة ونضمن استمراريتها في خدمة الاقتصاد الوطني، كما ستفيدنا هذه السوق في استيعاب تلك الشركات المدرجة في السوق الرئيسية، ولكنها فشلت في المحافظة على شروط الإدراج. لكن النقطة الأهم أن هذه الشركات الصغيرة والمتوسطة ستجذب وتوظف الكثير من المدخرات المحلية في قنوات استثمار جديدة على المدخرين، وتوفر لهم ربحية جيدة؛ حيث إن هذه الشركات تعمل بالقرب من المستثمر نفسه كأمثال وكالات السيارات أو سلاسل المطاعم. هذا النوع يفضله كثير من المستثمرين، وذلك لأنه يفهم ويراقب عمل الشركة طوال السنة ولا يحتاج إلى محلل حتى يعرف الاستثمار الأمثل بالنسبة له.
وبذلك يستفيد الاقتصاد من السيولة القادمة بعد تحول البورصة إلى سوق ناشئة وتوجيهها إلى قطاعات إنتاجية، بدلا من سحب السيولة الزائدة عبر أذونات الخزينة التي يطرحها المصرف المركزي والذي أجبر على هذه الخطوة نتيجة ارتفاع السيولة المحلية وعدم قدرة البنوك على توظيفها في قنوات استثمارية مجدية، وهذا يبدو منطقيا لأن أي مستثمر أو شركة ستفضل الاتجاه إلى زيادة قاعدة مساهميها في هذا الوقت بدلاً من اللجوء إلى الاقتراض، الذي أدى إلى إرهاق الكثير من الشركات والدول على حد سواء.

كاتب اقتصادي