المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عيشوا عيش السعداء



امـ حمد
27-05-2011, 03:34 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

خلق الله تعالى الخلق من أصل واحد, وجعلهم يختلفون في أشكالهم وأحوالهم ,منهم الغني ومنهم الفقير ,ومنهم والأبيض


والأسود, والبخيل والكريم ,والشاكر واللئيم ,منهم التقي العابد ,والفاجر الفاسد,ومنهم الصالح الزاهد ,والكافر الحاقد,



لكن هؤلاء جميعاً يتفقون في أنهم يسعون سعياً حثيثاً لتحصيل غاية واحدة ,هي السعادة,فالتاجر الذي يمضي نهاره في


التجارات ,والطالب الذي يقضي السنين بين المدارس والجامعات,والموظف الذي يبحث عن أرفع المرتبات,والرجل


الذي يتزوج امرأة حسناء,أو يبني منزلاً فاخراً,كل هؤلاء إنما يبحثون عن السعادة,بل والشباب والفتيات الذين يستمعون


الأغنيات ,وينظرون إلى المحرمات ,إنما يبحثون عن السعادة,
سعة الصدر, وراحة البال,وصفاء النفس ,غايات تسعى النفوس


لتحصيلها,فعجباً لهذه السعادة الذي يكثر طلابها,ويزدحم الناس في طريق الوصول إليها,ولكن هل حصل أحد من هؤلاء على


السعادة التي يرجوها,هل هو في أنس وفرح حقيقي ليس فيه تصنع ولا تظاهر,لا والله ,فأول من يفقد السعادة هو من التمسها


بمعصية الله تعالى,فأصحاب المعاصي في الحقيقة ليسوا سعداء,وإن أظهروا الانشراح والفرح,ولا تغتر بظاهر عبيد


الشهوة ,فإنهم يبتسمون ويضحكون,ولكن قلوبهم على غير ذلك ,ووالله لو شاهدت هاتيك الصدور رأيتهــا كمراجل النيران



ووقودها الشهوات والحسرات والالآم لا تخبو مدى الأزمان
أرواحهم في وحشة,لا في رضى الرحمن ما سعيهم إلا لطيب


العيش في الدنيا,فقد ارتضوا بالذل والحرمان ,لو ساوت الدنيا جناح بعوضة لم يسقي منها الله الكافرون,لكنها والله أحقـر عنده


من ذا الجناح,طبعت على كدر فكيف تنالها صفواً والله لو أن القلوب سليمة لتقطعت أسفاّ من الحرمان لكنها سكرى بحب


حياتها الدنيا وسوف تفيق بعد زمان,تالله لو شاقتك جنات النعيم طلبتهـا بنفائس الأثمان ,ولكن لله تعالى أقوام عاشوا


عيش السعداء,أذاقهم الله طعم محبّته,ونعمهم بمناجاته,وطهر سرائرهم بمراقبته ,وزين رؤوسهم بتيجان مودّته,فذاقوا نعيم


الجنة قبل أن يدخلوها,فلله درهم من أقوام عرفوا طريق السعادة فسلكوه,وقد اشتاق النبي صلى الله عليه وسلم إلى هذا العيش


فكان يدعو ويقول ,اللهم إني أسألك الفوز عند القضاء,ونزل الشهداء,وعيش السعداء ,ومرافقة الأنبياء, والنصر على


الأعداء,أولئك السعداء,إذا ضاق صدر أحدهم بمصيبة ,أو اشتاقت نفسه إلى حاجة,بسط في ظلمة الليل يداً سائلة ,وسجد


بنفس واجلة,وسأل ربه من خير كل نائلة,وأحسن الظن بربه ,وعلم بأنه واقف بين يدي ملك ,لا تشتبه عليه اللغات ,ولا


تختلط عنده الأصوات, ولا يتبرم بكثرة السائلين وتنوع المسئولات,إذا جن عليهم الليل, وفتح ربهم أبواب مغفرته,كانوا


أول الداخلين ,فهم المؤمنون بآيات الله حقاً,وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بصلاة الوتر فقال( إن الله وتر يحب الوتر


فأوتروا يا أهل القرآن )ويجمع الله لمن يصلي الوتر بين نعمتي الدنيا والآخرة ,استمع إلى هذا الحديث الحسن ,قال صلى الله


عليه وسلم( قال عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم وإن قيام الليل قربة إلى الله ومنهاة عن الإثم وتكفير للسيئات


ومطردة للداء عن الجسد )والعجب,أن صلاة الوتر هي أسهل العبادات,ومع ذلك يهملها كثير من الناس,ولو حدثت رجلاً


بفضل صلاة الضحى,فصلاة الوتر أفضل,ومع ذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يصليها أحد عشرة ركعة,فإن ثقلت عليك


فصلها تسع ركعات فإن شقّت فصلها سبعاً أو خمساً أو صلها ثلاثاً ,فإن تكاسلت نفسك عن ذلك فصلها ولو ركعة واحدة,



الله أكبر ركعة وتكتب عند الله ممن صلوا الليل,فكن من هؤلاء السعداء,الذين أحسنوا علاقتهم بربهم,فإذا نزلت بك


حاجة,إبك بين يدي ربك,فإذا رأى الله منك الذل والانكسار,وصدق الحاجة والاعتذار,كشف عنك الضر,ومّن


عليك بانشراح الصدر,فعندها تذوق لذائذ الصالحين,وتحيا حياة المطمئنين,وفي القلب فاقة لا يسدها إلا محبة الله والإقبال


عليه ,والإنابة إليه,وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم,, إذا ضاق صدره ,فزع إلى الصلاة, وكان يقول أرحنا بالصلاة يا


بلال,وقد قال صلى الله عليه وسلم ,جعلت قرة عيني في الصلاة.


اللهم إنا نسألك عيش السعداء ,وموت الشهداء ,والحشر مع الأتقياء,ومرافقة الأنبياء ,اللهم إنا نسألك من الخير كله.