بنـ الدحيل ـت
26-04-2005, 04:24 PM
من أحكام الأسهم
د. راشد بن أحمد العليوي
لقد جاء الإسلام شاملاً ومنظماً لجميع شؤون الحياة ومناحيها فما من جانب إلا وللدين فيه توجيهات وحدود ومعالم وتعليمات ومن هذه الجوانب التي جاءت الشريعة بتنظيمها ما يتعلق بجانب الأموال وتنميتها واستثمارها ويكثر في هذه الأيام السؤال عن الأسهم وأحكامها ولهذا فالحديث في هذا اليوم المبارك عن بيان الأحكام الشرعية المتعلقة بها في حدود ما يسمح به الوقت ويلائم المقام..
شركة المساهمة نوع من شركات الأموال وهي إحدى أهم الصيغ التي تم ابتكارها في العصر الحاضر وقام عليها الاقتصاد المعاصر وبواسطتها يمكن الدخول في المشروعات الضخمة التي تحتاج إلى أموال هائلة حيث يتم تجميعها من آلاف الناس بحسب أسهمهم في هذه الشركة حيث يجتمع من المدخرات الصغيرة من الأفراد ما تتمكن به شركة المساهمة من الاستثمارات الكبيرة التي ما كان يمكن للفرد العادي أن يقدر عليها وعلى هذا فالمساهم في شركة معينة معناه أنه يمتلك جزءاً وحصة ونصيباً مشاعاً في هذه الشركة بمقدار ما عنده من أسهم فمن كان عنده أسهم كثيرة فهو يمتلك جزءاً كبيراً من الشركة ومن كان عنده أسهم قليله فهو يمتلك جزءاً قليلاً من الشركة بحسب أسهمه..
وهذا هو معنى السهم, أي حصة ونصيب وجزء مشاع من أموال الشركة النقدية والعينية يكون لمالك السهم.
وإذا نظرنا إلى شركات المساهمة المطروحة أسهمها للتداول في السوق المحلية والتي تبلغ أكثر من سبعين شركة مساهمة نجدها على أربعة أقسام ويختلف الحكم الشرعي لكل قسم:
فالقسم الأول: أسهم البنوك الربوية.
فشراء هذه الأسهم مجرم بإجماع أهل العلم لأن المساهم معناه أنه شريك في هذا البنك الربوي وله جزء وحصة ونصيب منه ومعلوم حرمة الربا والنصوص الشرعية الواردة في الوعيد الشديد لآخذه ودافعه والمتعاون فيه.
وأما أسهم البنوك الإسلامية فهذه حلال ولا شيء فيها بحمد الله..
ومثل البنوك الربوية في التحريم أسهمك الشركات التي تمارس نشاطاً محرماً أصلاً وهذه غير موجودة في السوق المحلية لكنها موجودة في السوق الدولية عن طريق محافظ البنوك الربوية.
وكذلك أيضاً يمكن للفرد أن يشتريها عن طريق شبكة الأنترنت كشركات تصنيع الخمور أو تربية الخنازير أو نحو ذلك من الأنشطة المحرمة لذاتها, فهذه لا يجوز شراء أسهمها باتفاق أهل العلم.
القسم الثاني: أسهم شركات نشاطها مباح وجائز كالشركات الزراعية والصناعية والخدمية ولا تتعامل بالربا لا أخذاً ولا عطاءً.. فهذه تجوز المساهمة فيها وشراء أسهمها ويبلغ عددها في السوق المحلية بضع شركات فقط. فهذه الشركات هي السالمة من الربا.
القسم الثالث: أسهم شركات أصل نشاطها مباح وجائز كالشركات الزراعية والصناعية وشركات الخدمات, ولكنها تتعامل بالربا أخذاً أو عطاءاً أو كليهما ويأتيها الربا عن طريق اقتراضها بفوائد ربوية من البنوك إذا احتاجت لتمويل إنتاجها فتقترض من البنوك بفوائد ربوية وبعضها تتوفر أحياناً لديه سيوله من النقود فتضعها الشركة في البنك وتأخذ عليها فوائد ربوية تضمها إلى أرباحها .وهذه مع الأسف أغلب الشركات الموجودة هنا هي من هذا الصنف.
وهذا القسم من الشركات اختلف العلماء في حكم المساهمة فيها وشراء أسهمها:
فذهبت مجموعة من العلماء إلى تحريم المساهمة فيها وشراء أسهمها لأن المساهم معناه أنه شريك في هذا الربا المحرم، وهذا القول أقوى وأبرأ للذمة.
وذهبت مجموعة من العلماء إلى جواز المساهمة فيها وشراءِ أسهمها, واشترط لذلك شروطاً منها:
- ألا ينص نظام الشركة الأساسيُّ على أنها ستتعاطى الربا.
- وأن يكون الربا فيها قليلاً وحددوا القليل بألا يزيد مقدار الربا على ثلث أموال الشركة..واختاروا الثلث لأن الثلث جاءت الشريعة باختياره واعتباره في عدد من المسائل.
- أن يقوم مالك الأسهم بالتخلص من مقدار الربا الموجود في الأرباح التي تحصل عليها وجوباً وألا يستفيد منها, واستدل القائلون بهذا القول بقواعد شرعية كقاعدة عموم البلوى ورفع الحرج في الشريعة الإسلامية وأن الحاجة العامة تنزل منزلة الضرورة وأنه يجوز تبعاً ما لا يجوز استقلالاً.
ونحو ذلك من الاستدلالات التي ليس هذا موضوع تفصيلها، وليس معنى هذا القول إباحة القليل من الربا كما قد يتبادر إلى أذهان البعض بل نص القائلون بهذا القول على أنه لا شك في أن المسؤولين القائمين على الشركة الذين يتخذون قرار الإقراض أو الاقتراض بربا أن ذلك محرم عليهم وأنهم آثمون.
ويجب أن يتنبه الناس الذين يمتلكون أسهمها في هذه الشركات تساهلاً منهم بالحكم أو تقليداً لهذا الرأي أنه يجب عليهم وجوباً شرعياً عند جميع أهل العلم أن يتخلصوا من مقدار الربا الذي يحصلون عليه من أرباح هذه الأسهم وأكثر الناس لا يعلم هذا الحكم وبالتالي لا يعمل به.
يتبع
د. راشد بن أحمد العليوي
لقد جاء الإسلام شاملاً ومنظماً لجميع شؤون الحياة ومناحيها فما من جانب إلا وللدين فيه توجيهات وحدود ومعالم وتعليمات ومن هذه الجوانب التي جاءت الشريعة بتنظيمها ما يتعلق بجانب الأموال وتنميتها واستثمارها ويكثر في هذه الأيام السؤال عن الأسهم وأحكامها ولهذا فالحديث في هذا اليوم المبارك عن بيان الأحكام الشرعية المتعلقة بها في حدود ما يسمح به الوقت ويلائم المقام..
شركة المساهمة نوع من شركات الأموال وهي إحدى أهم الصيغ التي تم ابتكارها في العصر الحاضر وقام عليها الاقتصاد المعاصر وبواسطتها يمكن الدخول في المشروعات الضخمة التي تحتاج إلى أموال هائلة حيث يتم تجميعها من آلاف الناس بحسب أسهمهم في هذه الشركة حيث يجتمع من المدخرات الصغيرة من الأفراد ما تتمكن به شركة المساهمة من الاستثمارات الكبيرة التي ما كان يمكن للفرد العادي أن يقدر عليها وعلى هذا فالمساهم في شركة معينة معناه أنه يمتلك جزءاً وحصة ونصيباً مشاعاً في هذه الشركة بمقدار ما عنده من أسهم فمن كان عنده أسهم كثيرة فهو يمتلك جزءاً كبيراً من الشركة ومن كان عنده أسهم قليله فهو يمتلك جزءاً قليلاً من الشركة بحسب أسهمه..
وهذا هو معنى السهم, أي حصة ونصيب وجزء مشاع من أموال الشركة النقدية والعينية يكون لمالك السهم.
وإذا نظرنا إلى شركات المساهمة المطروحة أسهمها للتداول في السوق المحلية والتي تبلغ أكثر من سبعين شركة مساهمة نجدها على أربعة أقسام ويختلف الحكم الشرعي لكل قسم:
فالقسم الأول: أسهم البنوك الربوية.
فشراء هذه الأسهم مجرم بإجماع أهل العلم لأن المساهم معناه أنه شريك في هذا البنك الربوي وله جزء وحصة ونصيب منه ومعلوم حرمة الربا والنصوص الشرعية الواردة في الوعيد الشديد لآخذه ودافعه والمتعاون فيه.
وأما أسهم البنوك الإسلامية فهذه حلال ولا شيء فيها بحمد الله..
ومثل البنوك الربوية في التحريم أسهمك الشركات التي تمارس نشاطاً محرماً أصلاً وهذه غير موجودة في السوق المحلية لكنها موجودة في السوق الدولية عن طريق محافظ البنوك الربوية.
وكذلك أيضاً يمكن للفرد أن يشتريها عن طريق شبكة الأنترنت كشركات تصنيع الخمور أو تربية الخنازير أو نحو ذلك من الأنشطة المحرمة لذاتها, فهذه لا يجوز شراء أسهمها باتفاق أهل العلم.
القسم الثاني: أسهم شركات نشاطها مباح وجائز كالشركات الزراعية والصناعية والخدمية ولا تتعامل بالربا لا أخذاً ولا عطاءً.. فهذه تجوز المساهمة فيها وشراء أسهمها ويبلغ عددها في السوق المحلية بضع شركات فقط. فهذه الشركات هي السالمة من الربا.
القسم الثالث: أسهم شركات أصل نشاطها مباح وجائز كالشركات الزراعية والصناعية وشركات الخدمات, ولكنها تتعامل بالربا أخذاً أو عطاءاً أو كليهما ويأتيها الربا عن طريق اقتراضها بفوائد ربوية من البنوك إذا احتاجت لتمويل إنتاجها فتقترض من البنوك بفوائد ربوية وبعضها تتوفر أحياناً لديه سيوله من النقود فتضعها الشركة في البنك وتأخذ عليها فوائد ربوية تضمها إلى أرباحها .وهذه مع الأسف أغلب الشركات الموجودة هنا هي من هذا الصنف.
وهذا القسم من الشركات اختلف العلماء في حكم المساهمة فيها وشراء أسهمها:
فذهبت مجموعة من العلماء إلى تحريم المساهمة فيها وشراء أسهمها لأن المساهم معناه أنه شريك في هذا الربا المحرم، وهذا القول أقوى وأبرأ للذمة.
وذهبت مجموعة من العلماء إلى جواز المساهمة فيها وشراءِ أسهمها, واشترط لذلك شروطاً منها:
- ألا ينص نظام الشركة الأساسيُّ على أنها ستتعاطى الربا.
- وأن يكون الربا فيها قليلاً وحددوا القليل بألا يزيد مقدار الربا على ثلث أموال الشركة..واختاروا الثلث لأن الثلث جاءت الشريعة باختياره واعتباره في عدد من المسائل.
- أن يقوم مالك الأسهم بالتخلص من مقدار الربا الموجود في الأرباح التي تحصل عليها وجوباً وألا يستفيد منها, واستدل القائلون بهذا القول بقواعد شرعية كقاعدة عموم البلوى ورفع الحرج في الشريعة الإسلامية وأن الحاجة العامة تنزل منزلة الضرورة وأنه يجوز تبعاً ما لا يجوز استقلالاً.
ونحو ذلك من الاستدلالات التي ليس هذا موضوع تفصيلها، وليس معنى هذا القول إباحة القليل من الربا كما قد يتبادر إلى أذهان البعض بل نص القائلون بهذا القول على أنه لا شك في أن المسؤولين القائمين على الشركة الذين يتخذون قرار الإقراض أو الاقتراض بربا أن ذلك محرم عليهم وأنهم آثمون.
ويجب أن يتنبه الناس الذين يمتلكون أسهمها في هذه الشركات تساهلاً منهم بالحكم أو تقليداً لهذا الرأي أنه يجب عليهم وجوباً شرعياً عند جميع أهل العلم أن يتخلصوا من مقدار الربا الذي يحصلون عليه من أرباح هذه الأسهم وأكثر الناس لا يعلم هذا الحكم وبالتالي لا يعمل به.
يتبع