المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أهل الدعوة وأهل الدولة



لعديد
09-06-2011, 07:51 AM
أهل الدعوة وأهل الدولة



قال تعالى:- «وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاس»، لو أنك تأملت ستجد أن الآية القرآنية السابقة تعتبر أكبر قاعدة للتنظير التاريخي والسياسي والاجتماعي والاقتصادي، فكل ما نراه اليوم من أحداث ومجريات إنما هو صورة مجددة مما حدث بالأمس، ولكن بجلباب مغاير وأسماء جديدة.
وهذا ما أشار إليه أيضاً تويبني في كتابه «فلسفة التاريخ»، ومن أهم القواعد في التاريخ السياسي هي نظرية أهل الدعوة وأهل الدولة، وتأملوا دائماً أن الذي يصنع شيئاً ويساهم في نجاحه ليس هو من يقطف ثماره ويجني أرباحه، فللدعوة رجال وللدولة رجال، وعودة قليلاً إلى الأحداث السياسة لنرى بدراً خادم الخليفة عبد الرحمن الداخل الذي ثبت معه في كثير من المواقف، ومهد لدعوته في الحصول على الخلافة في كثير من الأقطار، وخاصة عندما كان عبد الرحمن الداخل مطارداً من قبل العباسيين، ومشرداً إلى أن تولى الخلافة، ولكن بعدما استقرت الأوضاع، وبدأت تجني ثمارها نكلّ عبد الرحمن الداخل بخادمه، واستجلب أناساً آخرين لتولي المناصب المهمة.
وكذلك العباسيون الذين مهدوا لدعوتهم هم أبو مسلم الخرساني، وأبو سلمة الخلال، وعندما استقرت دولتهم قام الخليفة أبو جعفر المنصور بتصفية أقوى وأعتى خصم أبو مسلم الخرساني.
وهذا حدث أيضاً مع الأمويين، فالفضل الكبير في تمهيد السلطة لعبد الملك بن مروان كان للحجاج بن يوسف، ولكن ما إن جاء سليمان بن عبد الملك، وكان يكره الحجاج، فكر في تصفية الأقوياء، وعلى رأسهم الحجاج الذي أصابته دعوة سعيد بن جبير.
في كل تلك الأحداث ربما يحيطك التفكير لماذا غضب رجال السلطة، أو من تولوا الخلافة، من الذين ناصروهم ومهدوا لهم أرض السلطة، وقد يفسر الأمر بتفسيرين:-
1 - إما إن رجال الدعوة يعتبرون هذا النصر ليس نصر الخليفة بنفسه، وإنما نصرهم هم، شاركوا فيه وتفانوا من أجله، ولذلك وجب على من تولى السلطة أن يقاسمهم كل شيء وحتى القرارات وحتى الأعطيات، وهذا لا يرضي من تولى السلطة، لأن الملوك ترفض قاعدة المن أو أن يشاركهم أحد في ملكهم.
2 - أو أن رجل السلطة يكره أن يرى أولئك الذين رأوه في وقت ضيقه وضعفه، ويستشعر أن هؤلاء يعرفون أهم نقاط ضعفه، وربما أشاروا إليه فيها ولوّحوا بها، وهو يريد مجموعة من الناس يفرض قوته وسلطته عليهم ولم يروه إلا في قوته.
في كل الأحوال فإن للدعوة رجالا وللدولة رجال، لذلك عندما أرى الثورة في مصر وأرى شباب 25 يناير وهم فرحون بنصرهم، أتساءل هل ستدور عليهم الدوائر كما دارت على غيرهم؟ هل سيأتي رجل إلى السلطة، وبعد أن تستقر أمورهم ستبدأ تصفيتهم كما حصل في كل عصر، وكما حصل مع أنور السادات وغيره في تصفية الأقوياء؟ هذا ما سندعه للأيام القادمة لتكشفه لنا.؟!!
وأقول إن أي قاعدة سياسية تنفع كثيراً في وسطها ومع أهلها، ولكن من الصعب جداً إذا قام الناس بتطبيقها في الحياة فتتخلص كل مؤسسة وكل هيئة من أوائل وأكفأ الناس الذين أنشئوها، ليحتفظ شخص واحد بالمكانة، جالباً له مجموعة من الوجوه الجديدة، حتى يؤكد لنفسه يومياً أنه هو من صنع النصر.
وقفة:-
ألا يذكركم حسني مبارك وما آل حاله إليه بأبيات أبي جعفر المصحفي:-
صبرت على الأيام لما تولت وألزمت نفسي صبرها فاستمرت
فوا عجبا للقلب كيف اعترافه وللنفس بعد العز كيف استذلت
وما النفس إلا حيث يجعلها الفتى فإن طمعت تاقت وإلا تسلت
وكانت على الأيام نفسي عزيزة فلما رأت صبري على الذل ذلت
فقلت لها يا نفس موتى كريمة فقد كانت الدنيا لنا ثم ولَّت


منقول عن جريدة العرب
للكاتبة / سارة الخاطر
http://www.alarab.com.qa/details.php?docId=191519&issueNo=1271&secId=16

المسك1969
09-06-2011, 11:50 AM
السلام عليكم
اخي الكريم حفظك الله ... ما ذكرته الكاتبه الله يجزاها الجنه صحيح.. ولو نقيسه على المجتمع الصغير ونتكلم عن الاقسام المختلفه في العمل مثلا... فلو ان رئيس قسم تغير وجاء مكانه رئيس قسم جديد فهو سيظل مع حاشيته اقصد موظفي رئيس القسم السابق إلى ان يتقن العمل ويفهمه جيدا ويعرف كيف يتصرف ثم يبدأ قليلا قليلا بازاحتهم واحضار احبابه... ليضمن خدمتهم له وتفانيهم في طاعته وعدم الخيانه... فما بالك ان كان امر أمه.. ورئاسة وشعب.. ولأن من يستلم مثل هذه المناصب قد يكون خائن بنفسه فيخاف ان يخونه احد والله أعلم
جزاكم الله خير على النقل

أبو عبدالعزيز
09-06-2011, 12:14 PM
أتفق مع ما ورد.. وما أشارت إليه الكاتبة المبدعة هو ما يسمى في موروثنا الأدبي (جزاء سنمار).. أشكرك أخي/ لعديد على النقل.

السامـي
09-06-2011, 12:43 PM
لماذا غضب رجال السلطة، أو من تولوا الخلافة، من الذين ناصروهم ومهدوا لهم أرض السلطة؟.







لأن رجل السلطة يكره أن يرى أولئك الذين رأوه في وقت ضيقه وضعفه، ويستشعر أن هؤلاء يعرفون أهم نقاط ضعفه، وربما أشاروا إليه فيها ولوّحوا بها، وهو يريد مجموعة من الناس يفرض قوته وسلطته عليهم ولم يروه إلا في قوته.

.

هذه الخلاصة.
شكراً للكاتبة وشكراً للأخ لعديد.