لعديد
16-06-2011, 04:59 PM
المصالح المشتركة
إذا كنا تحدثنا في المقال السابق عن التنظير السياسي في قضية أهل الدعوة وأهل الدولة، فإننا نستكمل حديثنا اليوم عن النظريات السياسية الحكيمة، والتي كانت تعبر عن أهلها وتصلح في أهلها، ولكن عندما انسحبت إلى حياة الناس عقدت حياتهم فجعلت كل ما حولهم يفتقر كثيرا إلى المصداقية.
مارغريت تاتشر رئيسة الحكومة البريطانية من سنة 1979 إلى 1990، لقبت هذه المرأة بالمرأة الحديدية لقدرتها على إدارة الشؤون البريطانية بكثير من الحنكة والقوة في ذلك الحين، هذه المرأة أطلقت عبارة تنم عن خبرة سياسية وبعد نظر للأمور فقالت ((ليس هناك حب دائم ولا كراهية دائمة، هناك مصالح مشتركة)).
نعم في السياسة إقامة أي علاقة مع دولة والبعد عن أخرى تحدده الظروف الراهنة في كل دولة، وربما هذا يجيب على كثير من أسئلة الناس لماذا نقاطع هذه الدولة ولماذا نرحب بتلك الدولة.
هل تعتقدون أن أنور السادات عندما دعا موشي ديان إلى كامب ديفيد كان يعشق إسرائيل؟
إنما رأى الرجل أن هذا حل ربما سيساعده على النهوض ببلاده مره أخرى بعدما أضنتها الحروب، المسألة ليست حباً أو كراهية، بل مصالح مشتركة، وإسرائيل أيضاً كان يهمها أن تخرج مصر الكبرى من حلبة الصراع والحرب.
وأرجو أن لا يعتبر كلامي هذا تمجيداً للسادات على حساب عبد الناصر، بل على العكس أبو خالد في قلب وضمير كل إنسان عربي، هذا الرجل لا تمتلك إلا أن تحبه لعله كان الصوت الذي أنعش الكثير من الآمال في ذلك الوقت.
ولكنني أجنح إلى التفسير المنطقي دون إشارة بالتخوين أو التجريم لأي شخص، لذلك نجد أيضاً أن دول الخليج التي موّلت صدام حسين في يوم من الأيام في حربه ضد إيران هي التي تقيم اليوم أو تحتفظ بعلاقات ودية مع إيران، وكل هذا لا يتبع قانون الحب أو الكراهية بل المصالح المشتركة، وتبقى الشعوب متأرجحة بين هذا الموقف وذاك، ولا تجد تفسيراً لذلك الموقف فتبدأ الثورات وتطرح التساؤلات الكبيرة لماذا هذا الموقف من قادة الدول؟ إنها السياسة شئنا أم أبينا.
المشكلة تأتي في انسحاب القوانين السياسية إلى حياة الناس، فلا يجد الناس لها تفسيراً ولا مسوغات تبررها، فعندما يقترب منك إنسان، ويظهر لك حبه الكبير، ثم ما يلبث أن تنقضي حاجته أو يتحقق له مراده فيختفي كما اختفت حاجته كأن لم يكن هو صديق الأمس.
إن معظم العلاقات التي بدأت تنهار اليوم كلها بسبب أن الآخرين أوجدوها ليحققوا مصلحة، حتى لو كانت المصلحة رخيصة أو تافهة، فهم يؤمنون بقانون المنفعة من كل شيء ومن أي شيء، وتظل الحقيقة المؤلمة تجرح في أولئك الذين ما استوعبوا القانون جيداً يتساءلون لماذا؟ وقد كنا أقرب الناس إليهم وأحبهم إلى قلوبهم، الإجابة عزيزي انتهت ((المصلحة)) فقد كانوا يحبونك لأنك ((واووو)) وكنت تحبهم لأنهم أصدقاؤك، ولكن الحياة لا تعترف بمثل هذه النوعية من العلاقات... إذا علينا أن نصفق جميعاً... لمارغريت تاتشر.
وقفة:
إذا كانت الصراحة والجرأة والشجاعة تعني التطاول والسب والشتم فهذا قانون ترفضه كل الأديان السماوية والأعراف الاجتماعية، إن الألفاظ التي يتم تداولها في البلاك بيري والتويتر، يجب أن يرفضها الشعب القطري، إذا كنت تخالف شخصاً الرأي عليك أن تطرح رأيك كاملاً، ولن ينكر عليك أحد ذلك، ولكن أن يكون سلاحك الكلمات غير اللائقة مثال ((سحقاً لك)) ((وتبا لك)).
هل بحثتم عن معنى الكلمتين في المعاجم؟
ألا تعلمون أنهما يعينان الموت والهلاك والبعد والطرد من رحمة الله.
فهذه والله روح جديدة لم نعهدها في الأوساط القطرية.
لذلك فإننا نقول لكل القطريين علينا أن نتكاتف جميعاً من أجل إصلاح التعليم بتقديم آرائنا ومقترحاتنا والتعبير عنها، ولكن علينا أن نعي أيضا ونحن في قمة انفعالاتنا أن نكون منصفين، كلنا تعرضنا للظلم ولكن هناك أبواب كثيرة نطرقها دون اللجوء إلى السب والشتم فإنه يضيع الحقيقة ويشيع روح الانتقام.
يقول الشاعر:
الرأي قبل شجاعة الشجعان هو أول وهي المحل الثاني
للكاتبة سارة الخاطر
جريدة العرب
http://www.alarab.qa/details.php?issueId=1278&artid=138047
إذا كنا تحدثنا في المقال السابق عن التنظير السياسي في قضية أهل الدعوة وأهل الدولة، فإننا نستكمل حديثنا اليوم عن النظريات السياسية الحكيمة، والتي كانت تعبر عن أهلها وتصلح في أهلها، ولكن عندما انسحبت إلى حياة الناس عقدت حياتهم فجعلت كل ما حولهم يفتقر كثيرا إلى المصداقية.
مارغريت تاتشر رئيسة الحكومة البريطانية من سنة 1979 إلى 1990، لقبت هذه المرأة بالمرأة الحديدية لقدرتها على إدارة الشؤون البريطانية بكثير من الحنكة والقوة في ذلك الحين، هذه المرأة أطلقت عبارة تنم عن خبرة سياسية وبعد نظر للأمور فقالت ((ليس هناك حب دائم ولا كراهية دائمة، هناك مصالح مشتركة)).
نعم في السياسة إقامة أي علاقة مع دولة والبعد عن أخرى تحدده الظروف الراهنة في كل دولة، وربما هذا يجيب على كثير من أسئلة الناس لماذا نقاطع هذه الدولة ولماذا نرحب بتلك الدولة.
هل تعتقدون أن أنور السادات عندما دعا موشي ديان إلى كامب ديفيد كان يعشق إسرائيل؟
إنما رأى الرجل أن هذا حل ربما سيساعده على النهوض ببلاده مره أخرى بعدما أضنتها الحروب، المسألة ليست حباً أو كراهية، بل مصالح مشتركة، وإسرائيل أيضاً كان يهمها أن تخرج مصر الكبرى من حلبة الصراع والحرب.
وأرجو أن لا يعتبر كلامي هذا تمجيداً للسادات على حساب عبد الناصر، بل على العكس أبو خالد في قلب وضمير كل إنسان عربي، هذا الرجل لا تمتلك إلا أن تحبه لعله كان الصوت الذي أنعش الكثير من الآمال في ذلك الوقت.
ولكنني أجنح إلى التفسير المنطقي دون إشارة بالتخوين أو التجريم لأي شخص، لذلك نجد أيضاً أن دول الخليج التي موّلت صدام حسين في يوم من الأيام في حربه ضد إيران هي التي تقيم اليوم أو تحتفظ بعلاقات ودية مع إيران، وكل هذا لا يتبع قانون الحب أو الكراهية بل المصالح المشتركة، وتبقى الشعوب متأرجحة بين هذا الموقف وذاك، ولا تجد تفسيراً لذلك الموقف فتبدأ الثورات وتطرح التساؤلات الكبيرة لماذا هذا الموقف من قادة الدول؟ إنها السياسة شئنا أم أبينا.
المشكلة تأتي في انسحاب القوانين السياسية إلى حياة الناس، فلا يجد الناس لها تفسيراً ولا مسوغات تبررها، فعندما يقترب منك إنسان، ويظهر لك حبه الكبير، ثم ما يلبث أن تنقضي حاجته أو يتحقق له مراده فيختفي كما اختفت حاجته كأن لم يكن هو صديق الأمس.
إن معظم العلاقات التي بدأت تنهار اليوم كلها بسبب أن الآخرين أوجدوها ليحققوا مصلحة، حتى لو كانت المصلحة رخيصة أو تافهة، فهم يؤمنون بقانون المنفعة من كل شيء ومن أي شيء، وتظل الحقيقة المؤلمة تجرح في أولئك الذين ما استوعبوا القانون جيداً يتساءلون لماذا؟ وقد كنا أقرب الناس إليهم وأحبهم إلى قلوبهم، الإجابة عزيزي انتهت ((المصلحة)) فقد كانوا يحبونك لأنك ((واووو)) وكنت تحبهم لأنهم أصدقاؤك، ولكن الحياة لا تعترف بمثل هذه النوعية من العلاقات... إذا علينا أن نصفق جميعاً... لمارغريت تاتشر.
وقفة:
إذا كانت الصراحة والجرأة والشجاعة تعني التطاول والسب والشتم فهذا قانون ترفضه كل الأديان السماوية والأعراف الاجتماعية، إن الألفاظ التي يتم تداولها في البلاك بيري والتويتر، يجب أن يرفضها الشعب القطري، إذا كنت تخالف شخصاً الرأي عليك أن تطرح رأيك كاملاً، ولن ينكر عليك أحد ذلك، ولكن أن يكون سلاحك الكلمات غير اللائقة مثال ((سحقاً لك)) ((وتبا لك)).
هل بحثتم عن معنى الكلمتين في المعاجم؟
ألا تعلمون أنهما يعينان الموت والهلاك والبعد والطرد من رحمة الله.
فهذه والله روح جديدة لم نعهدها في الأوساط القطرية.
لذلك فإننا نقول لكل القطريين علينا أن نتكاتف جميعاً من أجل إصلاح التعليم بتقديم آرائنا ومقترحاتنا والتعبير عنها، ولكن علينا أن نعي أيضا ونحن في قمة انفعالاتنا أن نكون منصفين، كلنا تعرضنا للظلم ولكن هناك أبواب كثيرة نطرقها دون اللجوء إلى السب والشتم فإنه يضيع الحقيقة ويشيع روح الانتقام.
يقول الشاعر:
الرأي قبل شجاعة الشجعان هو أول وهي المحل الثاني
للكاتبة سارة الخاطر
جريدة العرب
http://www.alarab.qa/details.php?issueId=1278&artid=138047