المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : النوافذ الإسلامية للبنوك التقليدية تحول جذري أم ظاهرة عابرة؟



إنتعاش
27-04-2005, 04:09 AM
بشير يوسف الكحلوت :
تعد دولة قطر من الدول الرائدة في مجال العمل المصرفي الإسلامي، حيث كانت من الدول السباقة في إنشاء مصرف إسلامي بعد سنوات قليلة من بزوغ الظاهرة عالميا في النصف الثاني من السبعينيات من القرن الماضي، وإذا كانت بعض الدول قد اكتفت بإنشاء مصرف إسلامي واحد فقط على أراضيها، فإن دولة قطر قد شجعت على إنشاء بنك آخر بعد سنوات من نجاح التجربة ورسوخها، فكان أن أصبح لديها بنكان إسلاميان يتنافسان في تقديم الخدمات المصرفية الإسلامية في إطار جهازها المصرفي الذي يضم اثني عشر بنكا آخر تعمل وفقا للأسس المصرفية التقليدية.
وقد نجح البنكان الإسلاميان في فرض نفسيهما على الساحة القطرية واستأثرا معا بحصة تزيد على 15% من حجم الودائع والتمويلات المصرفية، وكان ان أغرى هذا النجاح كلا البنكين بالتوسع خارج قطر عن طريق تأسيس بنوك إسلامية في دول عربية وإسلامية بمشاركة هيئات ومصالح غير قطرية، وفي الوقت الذي كانت فيه البنوك الإسلامية تسعى للتوسع في الخارج كانت البنوك القطرية التقليدية تتحرك باتجاه فتح منافذ إسلامية لبنوكها داخل دولة قطر، وقد رحب مصرف قطر المركزي بالظاهرة الجديدة في قطر، وسارع بالترخيص لها، فكان ان عرفت قطر هذا الشهر افتتاح أول نافذتين إسلاميتين لكل من البنك الوطني والبنك التجاري مع توقع الإعلان عن فتح منافذ أخرى لبنك الدوحة والبنك الأهلي قريباً.

وقد رحب القائمون على البنوك الإسلامية بالظاهرة الجديدة واعتبروها تعزيزا لمنهج العمل المصرفي الإسلامي، في حين نظر أهل البنوك التقليدية للظاهرة على أنها وسيلة لتقديم الخدمات المصرفية الإسلامية بشكل متطور، وأياً كان الأمر فإن التجربة تدعو للاهتمام وتستحق التشجيع لما سيكون لها من آثار إيجابية على تنافسية البنوك العاملة بدولة قطر، وهو ما سينعكس بـشكل إيجابي على كلا النوعين من البنوك ويدفعهما الى المزيد من التطوير لما فيه خدمة العملاء.

والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو ما إذا كانت البنوك التقليدية قادرة بالفعل على النجاح في هذا الميدان وعلى استقطاب شريحة من عملاء البنوك الإسلامية، أم أن هذه الفئة من العملاء لا تقبل مبدأ خلط الأوراق وتنظر إلى المسألة من زاوية إما أن تكون إسلاميا بحتا أو لا تكون، ويبدو أن البنوك التقليدية قد وضعت نفسها على طريق النجاح في هذا المضمار عندما استقطبت لنوافذها الإسلامية هيئات رقابة شرعية تضم في عضويتها علماء لهم خبرة طويلة في هذا المجال لعل في مقدمتهم فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي الذي ترأس هيئة الرقابة الشرعية لنافذة الوطني الإسلامية أو البنك الوطني الإسلامي.

وإذا نجحت النوافذ الإسلامية في تحقيق نتائج أعلى لبنوكها من نتائج الفروع الأخرى التقليدية، فإن ذلك سيدفع إدارة البنك إلى التوسع في الظاهرة عن طريق فتح فروع أخرى تعمل بنفس المنهج بدلا من الإكثار في فتح الفروع التقليدية، كما قد يشجع هذا النجاح البنوك الأجنبية العاملة بدولة قطر على طلب فتح منافذ إسلامية لها.

وإذا كان مصرف قطر المركزي قد نجح حتى الآن في توفير المناخ المناسب لعمل واستقرار كلا النوعين من البنوك، فإنه مطالب بتوفير الظروف التي تخدم الظاهرة الجديدة وتعمل على انتشارها وليس من قبيل المصادفة أن يتم تدشين النوافذ الإسلامية للبنوك التقليدية في وقت انتهت فيه المرحلة الانتقالية لانضمام دولة قطر لمنظمة التجارة العالمية، وبدأت مرحلة جديدة قد نشهد فيها دخول المزيد من فروع البنوك الأجنبية الى ساحة الخدمات المالية القطرية، وإذا كانت المرحلة الانتقالية قد وفرت للبنوك القطرية الحماية الكاملة لكي تنمو وتتطور وتتوسع قبل دخول المزيد من فروع البنوك الأجنبية، فإن انفتاح البنوك التقليدية القطرية على ظاهرة العمل المصرفي الإسلامي يمثل خطوة أخرى جريئة قبل أن تسبقها إلى ذلك فروع لبنوك أجنبية جديدة.