لعديد
21-06-2011, 11:09 AM
أوباما عندهم.... وواصل عندنا
الطريقة التي يتحدث بها الإنسان تعطيه أبعاداً كبيرة في الشخصية، وتضفي عليه هالة سحرية يستمدها من حنكته وقوة شخصيته ومقدرته على التعبير عن أفكاره، لذلك برز الكثير من الخطباء عند العرب في شتى صنوف العلم والمعرفة، ولكن القدرة على الخطابة بلغت مبلغاً كبيراً مع المعتزلة، خاصة أن واصل بن عطاء شيخ المعتزلة كان يعاني من لثغة شديدة في حرف اللام، وكان يخطب خطبة كاملة دون أن يأتي بكلمة واحدة فيها لام!
وكان عليه الصلاة والسلام يقول ((إن من البيان لسحرا، وإن من الشعر لحكمة)).
نعم قدرتك على انتقاء كلاماتك والتعبير عنها يجعل الآخرين يلتفتون إليك، وهناك ألف علامة استفهام من أين له بهذه البراعة؟ الغرب الآن بدأ يلتفت كثيراً إلى الطريقة التي يتحدث بها كبارهم، ووجدوا أنها تعطي تأثيراً غير عادي على من يستمعون إليهم، ولذلك بدأت تطرح الآن دورات تسمى ((Obama speak)) أو الطريقة التي يتحدث بها أوباما، وذلك أن أوباما أبهرهم بأنه يلقي خطاباً يمتد إلى ساعة أو ساعتين بتمكن تساعده في ذلك إيماءاته وحركاته المعبرة جداً، دون أن ينظر في الورقة!!
الغرب لديه القدرة على طرح الموضوعات ومناقشتها مع كثير من الحركات الخفيفة التي تضفي مسحة فكاهية على برامجهم ونشراتهم.
وخير مثال لذلك أوبرا ولاري كنغ، ولكن كلها عبارات أعدت لبرامج حوارية تستوعبها جميع الفئات تركن إلى لغة قريبة من الشارع أو الجمهور.
أما القدرة على الخطاب المدروس والمدعم بالأدلة والقائم على مصطلحات خاصة هم لم يبرعوا فيها كثيراً، فكان أوباما المحامي حدثاً تعبيرياً خاصاً بالنسبة لهم.
نحن برعنا بكل ما تحمله الكلمة من معنى في الكلمات، وهم برعوا بكل ما تحمله الكلمة من معنى في الموسيقى.
إن الاستماع للسيمفونيات الرائعة للفنان العالمي الأكثر من رائع ((أندريه ريو)) وما يحيط بها من ملابس وأضواء وإمكانات خاصة في مقطوعة ((الدخول إلى الجنة)) لفانجليز وموسيقى فيلم العراب، ومقطوعات بيتهوفن وموزارت ربما لا يضاهي روعتها إلا الاحتفالية الكبرى للعرب، والتي أخرجت لنا روائع الأشعار في سوق عكاظ قديماً، والقدرة على الاحتفاء بالكلمة في شاطئ الراحة في مسابقتي ((شاعر المليون))، و((أمير الشعراء)) حديثاً، مع أن الذي يثير دهشتي في شاعر المليون أن الفوز ليس حليفاً دائماً للمتفوق في شعره، مع استبعاد شعراء على درجة عالية من الجودة الشعرية، سواء أتوافقنا معهم فيما يقدم أم لا نتوافق، ومع اعتقادي الشديد أن شاعراً كبيراً مثل ناصر الفراعنة ظلم ظلماً كبيراً بسبب التصويت، وقد كنا نتابع الحدث الكبير من الموسم الأول، وكانت فرحتي كبيرة أن الكلمة الجميلة والشاعرية العالية حمل لواءها فارس من قطر الشاعر محمد بن فطيس المري، وسرني أيضا أن يحمل اللواء مرة أخرى الشاعر الكبير خليل الشبرمي، والذي علق له الأستاذ د. غسان الحسن «إنك تأتي بالأوزان الصعبة غير المطروحة»، وكنت أراهن على أن خليل وناصر سيتنافسان على المركز الأول والثاني لا محالة، ولكن ما حدث خيب الآمال، فالانتصار ليس للكلمة كما عودنا العرب، إنما كان للمال الذي يعدل أو يشوه الكثير من النتائج لصالحه.
ولو تقدم الفرزدق وجرير إلى المسابقة وكلاهما من تميم، ولكن ذاك دارمي، وجرير من بيت شديد التواضع لتوّج الفرزدق واستبعد جرير من التصفية الأولى، والحمد لله أن خلفاء المسلمين كانت لديهم شاعرية وانتصار للكلمة أفضل بكثير من لجنة التحكيم في شاعر المليون، ومن المشاهدين الذين همشوا الهدف وحادوا عنه، وهذا ما صرفني عنه في باقي مواسمه.
تحياتي لكل شعراء العرب وأدبائهم...
ولشاعرنا أقول أبدعت في هذه الأبيات بمجموعة من الحكم تحسب لك تاريخياً:
إلى من لحوم الأوادم يأكلون ....... وحلوقهم دافع البلا متواكله
ناس عن أعراض العرب ما يعرضون .... ودايم على نفس الشكل والشاكله
في سلمهم أو لا بالأكل الأقربون ..... وأطيبهم اللي صيدته شكواك له
يدعيهم الشيطان للذيب ويجون ......... هذا يقطع له وذاك يواكله
وقفة:
إذا كنا نقول إن القدرة على الكلام صفة من أهم صفات العرب وأنها من أهم الصفات التي يجب أن يتحلى بها كل صاحب قضية حتى يستطيع استجماع الآراء حوله، ولكن أيضاً قد تجنح إلى السلبية فيستخدمها الكثير لتعتيم الحقائق والحديث عن مجد ما صنعوه، وربما استخدموه كمخدر للشعوب بعد أن يعزفوا على أوتارهم العاطفية ولنتذكر أن نبي الله موسى لم يكن متحدثاً بليغاً، ولكن خصه الله بالرسالة ولإدراكه أهمية الكلام للتأثير طلب من الله أن يشد أزره بهارون، لذلك أقول علينا أن نحترز فليس كل ما يلمع ذهباً. منقول عن جريدة العرب
للكاتبة سارة الخاطر
http://www.alarab.qa/details.php?issueId=1283&artid=138707
الطريقة التي يتحدث بها الإنسان تعطيه أبعاداً كبيرة في الشخصية، وتضفي عليه هالة سحرية يستمدها من حنكته وقوة شخصيته ومقدرته على التعبير عن أفكاره، لذلك برز الكثير من الخطباء عند العرب في شتى صنوف العلم والمعرفة، ولكن القدرة على الخطابة بلغت مبلغاً كبيراً مع المعتزلة، خاصة أن واصل بن عطاء شيخ المعتزلة كان يعاني من لثغة شديدة في حرف اللام، وكان يخطب خطبة كاملة دون أن يأتي بكلمة واحدة فيها لام!
وكان عليه الصلاة والسلام يقول ((إن من البيان لسحرا، وإن من الشعر لحكمة)).
نعم قدرتك على انتقاء كلاماتك والتعبير عنها يجعل الآخرين يلتفتون إليك، وهناك ألف علامة استفهام من أين له بهذه البراعة؟ الغرب الآن بدأ يلتفت كثيراً إلى الطريقة التي يتحدث بها كبارهم، ووجدوا أنها تعطي تأثيراً غير عادي على من يستمعون إليهم، ولذلك بدأت تطرح الآن دورات تسمى ((Obama speak)) أو الطريقة التي يتحدث بها أوباما، وذلك أن أوباما أبهرهم بأنه يلقي خطاباً يمتد إلى ساعة أو ساعتين بتمكن تساعده في ذلك إيماءاته وحركاته المعبرة جداً، دون أن ينظر في الورقة!!
الغرب لديه القدرة على طرح الموضوعات ومناقشتها مع كثير من الحركات الخفيفة التي تضفي مسحة فكاهية على برامجهم ونشراتهم.
وخير مثال لذلك أوبرا ولاري كنغ، ولكن كلها عبارات أعدت لبرامج حوارية تستوعبها جميع الفئات تركن إلى لغة قريبة من الشارع أو الجمهور.
أما القدرة على الخطاب المدروس والمدعم بالأدلة والقائم على مصطلحات خاصة هم لم يبرعوا فيها كثيراً، فكان أوباما المحامي حدثاً تعبيرياً خاصاً بالنسبة لهم.
نحن برعنا بكل ما تحمله الكلمة من معنى في الكلمات، وهم برعوا بكل ما تحمله الكلمة من معنى في الموسيقى.
إن الاستماع للسيمفونيات الرائعة للفنان العالمي الأكثر من رائع ((أندريه ريو)) وما يحيط بها من ملابس وأضواء وإمكانات خاصة في مقطوعة ((الدخول إلى الجنة)) لفانجليز وموسيقى فيلم العراب، ومقطوعات بيتهوفن وموزارت ربما لا يضاهي روعتها إلا الاحتفالية الكبرى للعرب، والتي أخرجت لنا روائع الأشعار في سوق عكاظ قديماً، والقدرة على الاحتفاء بالكلمة في شاطئ الراحة في مسابقتي ((شاعر المليون))، و((أمير الشعراء)) حديثاً، مع أن الذي يثير دهشتي في شاعر المليون أن الفوز ليس حليفاً دائماً للمتفوق في شعره، مع استبعاد شعراء على درجة عالية من الجودة الشعرية، سواء أتوافقنا معهم فيما يقدم أم لا نتوافق، ومع اعتقادي الشديد أن شاعراً كبيراً مثل ناصر الفراعنة ظلم ظلماً كبيراً بسبب التصويت، وقد كنا نتابع الحدث الكبير من الموسم الأول، وكانت فرحتي كبيرة أن الكلمة الجميلة والشاعرية العالية حمل لواءها فارس من قطر الشاعر محمد بن فطيس المري، وسرني أيضا أن يحمل اللواء مرة أخرى الشاعر الكبير خليل الشبرمي، والذي علق له الأستاذ د. غسان الحسن «إنك تأتي بالأوزان الصعبة غير المطروحة»، وكنت أراهن على أن خليل وناصر سيتنافسان على المركز الأول والثاني لا محالة، ولكن ما حدث خيب الآمال، فالانتصار ليس للكلمة كما عودنا العرب، إنما كان للمال الذي يعدل أو يشوه الكثير من النتائج لصالحه.
ولو تقدم الفرزدق وجرير إلى المسابقة وكلاهما من تميم، ولكن ذاك دارمي، وجرير من بيت شديد التواضع لتوّج الفرزدق واستبعد جرير من التصفية الأولى، والحمد لله أن خلفاء المسلمين كانت لديهم شاعرية وانتصار للكلمة أفضل بكثير من لجنة التحكيم في شاعر المليون، ومن المشاهدين الذين همشوا الهدف وحادوا عنه، وهذا ما صرفني عنه في باقي مواسمه.
تحياتي لكل شعراء العرب وأدبائهم...
ولشاعرنا أقول أبدعت في هذه الأبيات بمجموعة من الحكم تحسب لك تاريخياً:
إلى من لحوم الأوادم يأكلون ....... وحلوقهم دافع البلا متواكله
ناس عن أعراض العرب ما يعرضون .... ودايم على نفس الشكل والشاكله
في سلمهم أو لا بالأكل الأقربون ..... وأطيبهم اللي صيدته شكواك له
يدعيهم الشيطان للذيب ويجون ......... هذا يقطع له وذاك يواكله
وقفة:
إذا كنا نقول إن القدرة على الكلام صفة من أهم صفات العرب وأنها من أهم الصفات التي يجب أن يتحلى بها كل صاحب قضية حتى يستطيع استجماع الآراء حوله، ولكن أيضاً قد تجنح إلى السلبية فيستخدمها الكثير لتعتيم الحقائق والحديث عن مجد ما صنعوه، وربما استخدموه كمخدر للشعوب بعد أن يعزفوا على أوتارهم العاطفية ولنتذكر أن نبي الله موسى لم يكن متحدثاً بليغاً، ولكن خصه الله بالرسالة ولإدراكه أهمية الكلام للتأثير طلب من الله أن يشد أزره بهارون، لذلك أقول علينا أن نحترز فليس كل ما يلمع ذهباً. منقول عن جريدة العرب
للكاتبة سارة الخاطر
http://www.alarab.qa/details.php?issueId=1283&artid=138707