لعديد
23-06-2011, 11:42 AM
دلوعــــة
لن تتخيل مستوى الدهشة والتعجب الذي يسيطر عليك وأنت تستمع إلى كلمات أغنية خلاني راح عني ونساني للمطربة اللبنانية والتي تقلد شاكيرا، ولكن بلمسة أنثوية ربما تتناسب أكثر مع هند رستم، والذي استطاع أن يفسر كلمات الأغنية والحالة الشعورية التي كانت بها المطربة سأعتبره متمكناً غاية التمكن من فهم الشعر العربي بإيقاعاته الخاصة جدا!
إذا كنا أثناء دراستنا استطعنا أن نستوعب جيداً كل ما يحيط بالشعر العربي من خصائص وسمات وصور، سواء أكان جاهلياً أو إسلامياً أو عباسياً أو حتى حديثاً، فإن هذه الكلمات المعجزة استغلقت علينا أكثر من المعلقات الجاهلية.
ما النتيجة التي خرجتم بها من هذه الكلمات؟!!
والسؤال الأهم لماذا تركها أو خلاها كما تقول ونساها؟!!
هل لأنها دلوعة ويدلعها وهي تتدلع؟!!
وحد علمي أن الرجل يميل إلى الدلوعة ولا تروقه الجادة، أم إنها أصبحت دلوعة بعدما نسيها؟!!
وهذه ردود فعل غريبة لم نعهدها في الشعر العربي لأننا نعلم أن الحالة الشعورية تكون الهم والتسهيد والشكوى.
يقول المتنبي سيد الأشعار في لغتنا:
ليالي بعد الظالمين شكولُ ** ** طوال وليل العاشقين طويل
ولأنه طويل أيها المتنبي فأعتقد أنه أصاب البعض بحالة هستيرية تصل إلى الرقص حزناً على فراق المحبوب؟!
العرب أرباب الكلمة وصناعها لذلك كانت معجزتهم القرآن الكريم بكل ما فيه من صياغة لغوية، تلك الثمانية والعشرون حرفاً استطاعت أن تصوغ أجمل العبارات، وتلك الكلمات تؤدي معناها وربما تؤدي المعنى المضاد كل ذلك يحدده السياق الذي وردت به، وربما تؤدي معنى أصلاً ما وضعت العبارة لتؤديه، ويحدد ذلك السياق أيضاً، ولنا في ضرب الأمثلة دليل عندما قال أبو لؤلؤة المجوسي حشره الله إلى جهنم لعمر بن الخطاب الخليفة الراشد جعلنا الله ممن يحشرون مع الفاروق ((لأصنعن لك رحى يتحدث بها أهل المشرق والمغرب)) فالتفت عمر إلى من معه.... وقال:
((توعدني العبد)) العبارة ليس فيها ما يدل على التوعد ولكن هذه هي اللغة العربية بكل تفوقها الجمالي.
لذلك أردت أن أوضح لكم أننا نفهم الكلمات المعنى القريب منها والبعيد، ولكن الكلمات التي نسمعها اليوم لا تسيطر عليها روح العربية بل الروح الغربية الطريقة التي يقدم بها بعض المطربين اليوم الكلمات والموسيقى طريقة غربية بحتة، بتفوق الموسيقى على الكلمات، وكل هذا يجرهم إلى حالة شعورية واحدة الرقص بكل أشكاله وألوانه. في يوم من الأيام شاهدت جنازة لأحد الملوك الأفارقة وكان ينقلها التلفزيون وقد كان المعزون وأهل الميت يرقصون إلى أن حملوه إلى مكان دفنه، وكنا نضحك على هذه الحالة الشعورية، ولكن العدوى بدأت تصيبنا فهذه المطربة ترقص لفراق محبوبها.
وذاك المطرب يدعو على الناس أن يصيبهم الله بالحمى إذا هم لم يحبوا النساء ((الي ما بيحب النسوان الله يبعتله حمى)) وأرجو أن تصيبك دعوتك، لأن الكثير لا يحبون النساء بطريقتك، والأدهى والأمر ذلك الذي شبه محبوبته بالعقرب ((يوما قرصتني عقربا)) إذا كانت محبوبته عقربا فما بال باقي النساء... أفاعي!
أين أنت من الشاعر الذي قال في المرأة:-
يقول ابن العميد:
قامت تُظللني من الشمس...... نفس أحب إلى من نفسي
قامت تظللني ومن عجب...... شمس تظللني من الشمس
ويقول المتنبي:
واستقبلت قمر السماء بوجهها.... فأرتني القمرين في وقت معا
فبعد أن كانت المرأة الشمس والقمر والنجوم، أصبحت العقرب والأفعى وقريباً... الذئبة.
تحياتي للجميع سأكمل معكم في المقال القادم البلاغيات المتعلقة بالأدب العربي.
وقفة:-
القمر الذي تغنى بجماله الكثير من الشعراء والأدباء اختفى من سمائنا في الأسبوع الماضي كما اختفت الكثير من الأشياء الجميلة من سطور حياتنا، لقد كان خسوفه ظاهرة كونية فريدة في هذه المرة ربما لا تتكرر إلا بعد سنوات، ولكن عودته ربما أنعشت القلوب بأن هناك دائماً أملاً بعودة الأمور إلى نصابها الصحيح.
وقفة:-
أسميت عمودي فيض الخاطر تيمناً بكتاب الأديب الراحل الكبير أحمد أمين والذي ناقش فيه الكثير من القضايا الأدبية.
منقول عن جريدة العرب
للكاتبة سارة الخاطر
http://www.alarab.qa/details.php?issueId=1285&artid=138962
لن تتخيل مستوى الدهشة والتعجب الذي يسيطر عليك وأنت تستمع إلى كلمات أغنية خلاني راح عني ونساني للمطربة اللبنانية والتي تقلد شاكيرا، ولكن بلمسة أنثوية ربما تتناسب أكثر مع هند رستم، والذي استطاع أن يفسر كلمات الأغنية والحالة الشعورية التي كانت بها المطربة سأعتبره متمكناً غاية التمكن من فهم الشعر العربي بإيقاعاته الخاصة جدا!
إذا كنا أثناء دراستنا استطعنا أن نستوعب جيداً كل ما يحيط بالشعر العربي من خصائص وسمات وصور، سواء أكان جاهلياً أو إسلامياً أو عباسياً أو حتى حديثاً، فإن هذه الكلمات المعجزة استغلقت علينا أكثر من المعلقات الجاهلية.
ما النتيجة التي خرجتم بها من هذه الكلمات؟!!
والسؤال الأهم لماذا تركها أو خلاها كما تقول ونساها؟!!
هل لأنها دلوعة ويدلعها وهي تتدلع؟!!
وحد علمي أن الرجل يميل إلى الدلوعة ولا تروقه الجادة، أم إنها أصبحت دلوعة بعدما نسيها؟!!
وهذه ردود فعل غريبة لم نعهدها في الشعر العربي لأننا نعلم أن الحالة الشعورية تكون الهم والتسهيد والشكوى.
يقول المتنبي سيد الأشعار في لغتنا:
ليالي بعد الظالمين شكولُ ** ** طوال وليل العاشقين طويل
ولأنه طويل أيها المتنبي فأعتقد أنه أصاب البعض بحالة هستيرية تصل إلى الرقص حزناً على فراق المحبوب؟!
العرب أرباب الكلمة وصناعها لذلك كانت معجزتهم القرآن الكريم بكل ما فيه من صياغة لغوية، تلك الثمانية والعشرون حرفاً استطاعت أن تصوغ أجمل العبارات، وتلك الكلمات تؤدي معناها وربما تؤدي المعنى المضاد كل ذلك يحدده السياق الذي وردت به، وربما تؤدي معنى أصلاً ما وضعت العبارة لتؤديه، ويحدد ذلك السياق أيضاً، ولنا في ضرب الأمثلة دليل عندما قال أبو لؤلؤة المجوسي حشره الله إلى جهنم لعمر بن الخطاب الخليفة الراشد جعلنا الله ممن يحشرون مع الفاروق ((لأصنعن لك رحى يتحدث بها أهل المشرق والمغرب)) فالتفت عمر إلى من معه.... وقال:
((توعدني العبد)) العبارة ليس فيها ما يدل على التوعد ولكن هذه هي اللغة العربية بكل تفوقها الجمالي.
لذلك أردت أن أوضح لكم أننا نفهم الكلمات المعنى القريب منها والبعيد، ولكن الكلمات التي نسمعها اليوم لا تسيطر عليها روح العربية بل الروح الغربية الطريقة التي يقدم بها بعض المطربين اليوم الكلمات والموسيقى طريقة غربية بحتة، بتفوق الموسيقى على الكلمات، وكل هذا يجرهم إلى حالة شعورية واحدة الرقص بكل أشكاله وألوانه. في يوم من الأيام شاهدت جنازة لأحد الملوك الأفارقة وكان ينقلها التلفزيون وقد كان المعزون وأهل الميت يرقصون إلى أن حملوه إلى مكان دفنه، وكنا نضحك على هذه الحالة الشعورية، ولكن العدوى بدأت تصيبنا فهذه المطربة ترقص لفراق محبوبها.
وذاك المطرب يدعو على الناس أن يصيبهم الله بالحمى إذا هم لم يحبوا النساء ((الي ما بيحب النسوان الله يبعتله حمى)) وأرجو أن تصيبك دعوتك، لأن الكثير لا يحبون النساء بطريقتك، والأدهى والأمر ذلك الذي شبه محبوبته بالعقرب ((يوما قرصتني عقربا)) إذا كانت محبوبته عقربا فما بال باقي النساء... أفاعي!
أين أنت من الشاعر الذي قال في المرأة:-
يقول ابن العميد:
قامت تُظللني من الشمس...... نفس أحب إلى من نفسي
قامت تظللني ومن عجب...... شمس تظللني من الشمس
ويقول المتنبي:
واستقبلت قمر السماء بوجهها.... فأرتني القمرين في وقت معا
فبعد أن كانت المرأة الشمس والقمر والنجوم، أصبحت العقرب والأفعى وقريباً... الذئبة.
تحياتي للجميع سأكمل معكم في المقال القادم البلاغيات المتعلقة بالأدب العربي.
وقفة:-
القمر الذي تغنى بجماله الكثير من الشعراء والأدباء اختفى من سمائنا في الأسبوع الماضي كما اختفت الكثير من الأشياء الجميلة من سطور حياتنا، لقد كان خسوفه ظاهرة كونية فريدة في هذه المرة ربما لا تتكرر إلا بعد سنوات، ولكن عودته ربما أنعشت القلوب بأن هناك دائماً أملاً بعودة الأمور إلى نصابها الصحيح.
وقفة:-
أسميت عمودي فيض الخاطر تيمناً بكتاب الأديب الراحل الكبير أحمد أمين والذي ناقش فيه الكثير من القضايا الأدبية.
منقول عن جريدة العرب
للكاتبة سارة الخاطر
http://www.alarab.qa/details.php?issueId=1285&artid=138962