المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الغاية لا تبرر الوسيلة..محمد فهد القحطاني



qatarface
24-06-2011, 05:02 PM
السلطة مفسدة، والسلطة المطلقة مفسدة مطلقة، كما يقال، ولذلك تم اختراع مبدأ الفصل بين السلطات، وتبنته غالبية الدساتير في العالم، حتى لا تتغول سلطة على اختصاصات السلطات الأخرى، وحتى يتم تقييد السلطة بالسلطة..

وهذا ما ذهب إليه الدستور القطري الدائم في المادة «60»، حيث ينص فيها على أن «يقوم نظام الحكم على أساس فصل السلطات مع تعاونها»، والدستور القطري كان واضحاً في توزيع الاختصاصات على السلطات الثلاث، فالسلطة التشريعية من اختصاصها التشريع وإقرار الموازنة العامة للدولة والرقابة على السلطة التنفيذية..

والسلطة القضائية من مهامها الفصل في المنازعات عن طريق المحاكم بأنواعها ودرجاتها، والتحقيق والاتهام في الدعوى العمومية عن طريق النيابة العامة..

أما السلطة التنفيذية فمن اسمها يعرف اختصاصها الأصيل ألا وهو تنفيذ السياسة العامة للدولة وتنفيذ التشريعات..

وهذا الفصل الهدف منه محاربة الاستبداد والبعد عن حياة الدول البوليسية التي لا تعترف بدولة المؤسسات، ولا تقيم وزنا لتوزيع الاختصاصات، وإنما كل خيوط الحكم بيد فرد أو سلطة تدير الأمور كيف تشاء ولا معقب عليها..

من هذا المنطلق واستنادا لهذه الروح أقدر رفض مجلس الشورى الموقر لمشروع تعديل قانون حماية المجتمع لما في إقرار هذا التعديل من تعارض صريح لنصوص دستورية عديدة مثل المادة «39» التي تقر مبدأ قرينة البراءة لكل متهم، حيث تنص على ما يلي «المتهم بريء حتى تثبت إدانته أمام القضاء في محاكمة توفر له فيها الضمانات الضرورية لممارسة حق الدفاع»، وانتهاكه للمادة «36» التي تتحدث عن حق كل إنسان في الحرية والأمان الشخصي..

ولقد نددت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان من قبل في كذا تقرير بهذا القانون في صورته القديمة، التي تمنح السلطة التنفيذية ممثلة في وزارة الداخلية اختصاص التحفظ على المتهم لمدة تصل إلى ستة أشهر في الجرائم المتعلقة بالعرض أو خدش الحياء أو الآداب العامة، ولمدة سنة في جرائم أمن الدولة، وتضاعف هذه المدد بموافقة رئيس مجلس الوزراء..

ومما قالته اللجنة الوطنية في ذلك «إن تطبيق هذا القانون يعد تعرضا للحق في الحرية والأمان الشخصي، حيث يتم التحفظ على الأشخاص لمدد طويلة دون محاكمة ودون إمكانية الطعن على قرارات التحفظ أمام القضاء، وهو ما يشبه قوانين الطوارئ في بعض البلدان الأخرى. بل ويزيد عليها أنه قانون دائم ونمط ثابت، بينما قوانين الطوارئ مؤقتة بطبيعتها»، هذا هو رأي اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في قانون حماية المجتمع بصورته القديمة، فكيف إذا علمت أن المشرع يريد أن يرفع من سقف مدد الحبس الاحتياطي الذي يوصف من قبل الدراسات القانونية بالإجراء الاستثنائي الخطير إلى سنتين، إذا أمر به وزير الداخلية، وإلى ثلاث سنوات بموافقة رئيس مجلس الوزراء، وبغض النظر عن كون الجريمة من جرائم أمن الدولة أو من الجرائم المخلة بالآداب العامة، وفوق ذلك أضاف المشرع جرائم جديدة وهي الجرائم الموجهة ضد الأمن العام، وأجاز كذلك منع المتهم من السفر لمدة ستة أشهر، وتجديد المنع لمدد أخرى مماثلة..


نحن نرى أن الحبس الاحتياطي «التحفظ» إجراء استثنائي يجب التعامل معه بحذر، واستخدامه في أضيق الحدود، لأنه يتعارض مع مبادئ قانونية مهمة من مثل براءة الذمة، وكون المتهم بريئاً حتى تثبت إدانته، وينتهك حرم الحرية الشخصية، ويخل بالحق في التقاضي، خصوصا وأن قرارات التحفظ التي تصدر من وزير الداخلية لا يجوز الطعن عليها بالإلغاء أمام القضاء، وإنما يجوز فقط التظلم منها أمام رئيس مجلس الوزراء.. لهذا إذا كانت هناك دواع مهمة وضرورات قصوى تبرر اتخاذه فيجب أن لا يكون القرار في ذلك بيد السلطة التنفيذية، وإنما بيد النيابة العامة بصفتها سلطة اتهام وتحقيق، وعند الرغبة في التمديد يعرض الأمر على القضاء مع التقيد بالمدد المذكورة في المادة «117» من قانون الإجراءات الجنائية.. حيث إن قانون الإجراءات الجنائية وضع من الضمانات في هذه المادة ما يوازن به بين مصلحة الدولة في حفظ الأمن وبين حق الشخص في أن لا تهدر كرامته بغير مسوغ قانوني قوي..

لذلك وحتى لا تبسط سلطة عامة سيطرتها على اختصاصات سلطة عامة أخرى، ولكي تحترم نصوص الدستور القطري الدائم الذي حاز على موافقة الغالبية العظمى من المواطنين نطالب بضرورة إلغاء هذا القانون الذي ينزع اختصاص الأمر بحبس المتهم احتياطيا من صاحب الاختصاص الأصيل وهو النيابة العامة، بصفتها سلطة التحقيق، ومن محكمة الموضوع بصفتها المختصة بنظر النزاع والفصل فيه ويمنحه لسلطة تنفيذية هي في حقيقتها طرف في النزاع، وهي مدع في آخر الأمر، وبذلك تجتمع فيها صفة الخصم والحكم، خصوصا وأن المشرع حصن قرارات التحفظ التي تصدر من وزارة الداخلية وتمدد من قبل رئيس مجلس الوزراء من الطعن عليها أمام القضاء، وجعل التظلم منها أمام نفس السلطة التي قامت بإصدارها، ألا وهي السلطة التنفيذية، وفي ذلك إهدار لحق التقاضي المنصوص عليه في وثيقة الدستور تحت المادة «135» التي تقرر أن «التقاضي حق مصون ومكفول للناس كافة» كما ذكر أعلاه..

وزبدة الكلام نحن مع الغاية وضد وسيلة المشرع لتحقيق تلك الغاية، حتى لا نردد عند كل خطأ تقع فيه السلطة التنفيذية حال استخدامها لهذا الإجراء الاستثنائي الخطير القاعدة الشرعية التي تختصر الموضوع كله في العبارة التالية (الخطأ في العفو خير من الخطأ في العقوبة). خصوصا وأن المشرع لم يجز للمتضرر من هذه القرارات الإدارية رفع دعوى التعويض عن هذا الخطأ أو مقاضاة وزارة الداخلية عن ذلك، إذا أثبتت محكمة الموضوع بعد عرض المتهم عليها أنه بريء من التهمة التي استدعت التحفظ عليه من قبل السلطة التنفيذية. وبذلك تضيع من عمر هذا المتهم فترة زمنية قد تصل إلى ثلاث سنوات بحسب ما هو مقترح في التعديل الجديد لقانون حماية المجتمع، ناهيك عن الأمور الأخرى التي تترتب على التحفظ من فقدان لمصدر الرزق ونظرت الريبة التي يجدها في أعين المحيطين به. فمن يقيم له وزنه في المجتمع بعد سنوات التحفظ العجاف، ومن يعيد له اعتباره الذي فقده نتيجة لصدور قرار إداري بالتحفظ عليه..

ولن تغني هذا الشخص العبارة المذكورة في المادة «4» من القانون رقم «17» لسنة 2002 بشأن حماية المجتمع التي تقرر ما يلي «إذا قدم المتحفظ عليه إلى المحكمة وقضى بمعاقبته بعقوبة مقيدة للحرية. تستنزل مدة التحفظ من مدة العقوبة المقضي بها». لأن هذه العبارة تتحدث عن من تثبت التهمة في حقه، وأغفلت حق من تقرر المحكمة براءته... لذلك، وحتى لا يكون ذلك، لنترك الوسيلة لتحقيق الحماية الحقيقية للمجتمع من تلك الجرائم بيد السلطة القضائية بصفتها جهة محايدة ومستقلة ومعترفاً لها من قبل الجميع بالنزاهة والعدالة.. لأن القول بغير ذلك فيه انتهاك لحقوق الإنسان والمواطنة والعدالة، كما صرح بذلك عضو مجلس الشورى الفاضل يوسف الخاطر.. خصوصا أن ادعاء أن الغاية تبرر الوسيلة أمر شاذ لا تقره الشريعة الإسلامية، وهي مصدر رئيسي للتشريع في الدولة، لأن الغاية الشريفة تحتاج إلى وسيلة نظيفة للوصول لها، تصديقا لقول الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم «إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا».. فوق أن هذه الوسيلة تتعارض بشكل كبير مع الأداة التشريعية الأسمى والأعلى في الدولة «الدستور القطري الدائم»، فهي غير قانونية لأنها تهدم المبادئ القانونية الأساسية التي يقوم عليها بنيان الدولة، ومن البديهيات القانونية أن الأدنى في سلم التدرج التشريعي يلتزم بقواعد ومسلمات الأعلى ويخضع لها، لأنه بغير ذلك يختلط الحابل بالنابل، وتفقد التشريعات مصداقيتها واحترامها من قبل المخاطبين بأحكامها.. ومسك الختام من لا يشكر الناس لا يشكر الله، لهذا شكرا يا مجلس الشورى الموقر.. والسلام

http://www.alarab.com.qa/details.php?docId=191077&issueNo=1268&secId=16

الخبير العقاري
24-06-2011, 05:58 PM
كاتب أثبت وجوده وجدارته وكاتب ذكي لحد كبير فهو يغطي مواضيعه بالأدلة القانونية والدستورية وهذا هو مربط الفرس فأي كاتب يكتب بدون وجود ادلة وحقائق ثابته قد يعرض نفسه للمسألة لقانونية فتحية لمحمد فهد القحطاني على هذا الموضوع

وشكراً لك أخي qatarface على النقل

R 7 A L
25-06-2011, 11:12 AM
في البداية تحية شكر للكاتب محمد القحطاني على طرحة القيم
وكذلك تحية لمجلس الشورى الذي نتمنى ان تكون سلطتة التشريعية فعالة في جميع الشئون المحلية ورفع صوت المواطن للجهات المعنية .

qatarface
27-06-2011, 08:17 AM
اشكرك اخى الخبير العقاري على الاهتمام والتعقيب ,, واتفق معك على اهمية وجود الادلة والحقائق في كل مقال يتعرض لموضوع يشغل الراى العام لان دور اصحاب القلم في هذا الشان الكتابة على بصيرة حتى يتمكن المجتمع من فهم الموضوع بشكل واضح لا لبس فيه ويحمى صاحب القلم نفسه من مغبة الاثار المترتبه على هذه الكتابة ,,تقبل خالص التقدير والاحترام

qatarface
27-06-2011, 08:24 AM
R 7 a l اشكرك على المشاركة واضم صوتى لصوتك في تحية مجلس الشوري على دورهم في رفض مشروع تعديل قانون حماية المجتمع وننتظر منهم المزيد من الجهود لتعزيز ورفع صوت المواطن امام الحكومة .

السامـي
27-06-2011, 03:35 PM
لذلك وحتى لا تبسط سلطة عامة سيطرتها على اختصاصات سلطة عامة أخرى، ولكي تحترم نصوص الدستور القطري الدائم الذي حاز على موافقة الغالبية العظمى من المواطنين نطالب بضرورة إلغاء هذا القانون الذي ينزع اختصاص الأمر بحبس المتهم احتياطيا من صاحب الاختصاص الأصيل وهو النيابة العامة، بصفتها سلطة التحقيق، ومن محكمة الموضوع بصفتها المختصة بنظر النزاع والفصل فيه ويمنحه لسلطة تنفيذية هي في حقيقتها طرف في النزاع، وهي مدع في آخر الأمر، وبذلك تجتمع فيها صفة الخصم والحكم، خصوصا وأن المشرع حصن قرارات التحفظ التي تصدر من وزارة الداخلية وتمدد من قبل رئيس مجلس الوزراء من الطعن عليها أمام القضاء، وجعل التظلم منها أمام نفس السلطة التي قامت بإصدارها، ألا وهي السلطة التنفيذية، وفي ذلك إهدار لحق التقاضي المنصوص عليه في وثيقة الدستور تحت المادة «135» التي تقرر أن «التقاضي حق مصون ومكفول للناس كافة» كما ذكر أعلاه..


فعلاً،هذا مدعاة إن تطبق هذا القانون ــ وإن كان رفض من مجلس الشورئ ــ ان نقول
بان السلطة التنفيذية تعمل بــ (قانون طؤارى) وإن كان مستترا،اؤيد وضع الدعوى برمتها
أمام السلطة القضائية وهي الحكم بين الخصوم ـــ كما يقول الدستور ـــ .

شكرا للكاتب القحطاني،وشكرا لك qatarface.

intesar
27-06-2011, 03:37 PM
في البداية تحية شكر للكاتب محمد القحطاني على طرحة القيم
وكذلك تحية لمجلس الشورى الذي نتمنى ان تكون سلطتة التشريعية فعالة في جميع الشئون المحلية ورفع صوت المواطن للجهات المعنية .

:victory:

بلوتنيوم
27-06-2011, 11:27 PM
ولن تغني هذا الشخص العبارة المذكورة في المادة «4» من القانون رقم «17» لسنة 2002 بشأن حماية المجتمع التي تقرر ما يلي «إذا قدم المتحفظ عليه إلى المحكمة وقضى بمعاقبته بعقوبة مقيدة للحرية. تستنزل مدة التحفظ من مدة العقوبة المقضي بها». لأن هذه العبارة تتحدث عن من تثبت التهمة في حقه، وأغفلت حق من تقرر المحكمة براءته...

يصرفون له بدل براءة عن كل يوم تحفظ
بالاضافة الى عدم وقوع اي ضرر عليه اثناء فترة التحفظ
وبهالاجراء نوصل للعدالة المطلقة :)

مقال ممتع عن موضوع شائك جدا

qatarface
30-06-2011, 09:00 AM
السامـي ,,intesar,,بلوتنيوم ,, شكرا لكم على الاهتمام والمشاركة واقدر لكم هذه الاضافات
لكم منى خالص التقدير والاحترام