المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هيمنة عقلية المضاربة وانخفاض الوعي الاستثماري أخطار تحدق بأسواق الأسهم الإماراتية



Love143
11-05-2006, 08:44 AM
انعدام ثقة.. ومحللون تائهون

هيمنة عقلية المضاربة وانخفاض الوعي الاستثماري أخطار تحدق بأسواق الأسهم الإماراتية



تسيطر على المستثمرين في أسواق المال الإماراتية كافة بمختلف توجهاتهم، حالة من انعدام الثقة ، ولم تنفع إعلانات أرباح الشركات خلال الربع الأول من هذا العام في دفع أوضاع سوق الأسهم نحو الاستقرار، وإخراجه من حالة التذبذب التي بدأها منذ ستة أشهر تقريبا، بل لم يعد أحد يرى أي أثر إيجابي لهذه الأرباح في ظل هذا الغموض الذي يكتنف السوق، رغم العديد من العوامل الأخرى المساعدة، وواقع الاقتصاد الإماراتي المتنامي، خصوصاً في ظل الطفرة التي يشهدها في أكثر من اتجاه حالياً، مدعومة بارتفاع متواصل لأسعار النفط وصعود أسعار الذهب، وغيرها من المؤشرات التي تزيد من جاذبية الاستثمار في أسواق الأسهم في الوقت الحاضر. ووسط مخاوف غير مبررة من أن تواصل أسعار الأسهم الهبوط إلى أكثر مما هي عليه، ضربت الأسهم موجات هبوط حادة استكملت بها تبديد كل ما حققته من مكاسب طيلة العام الماضي، بخسارتها 35 مليار درهم، في يوم واحد فقط، عندما هوى المؤشر العام لهيئة سوق الأوراق المالية، الأحد الماضي، بمعدل هو الأسوأ (5.8 بالمائة) منذ إنشاء الهيئة. وهناك أخطار حقيقية تحدق بسوق الأسهم إذا استمر تخبط المضاربين في تحديد اتجاهات السوق، ودفعها نحو منعطفات الارتفاع والانخفاض الحاد، بسبب عمليات جني الأرباح العشوائية والسريعة التي يمارسها المضاربون، ويساعدهم في ذلك بعض الوسطاء من خلال الشراء على المكشوف، وتركيز المضاربات على شركات معدودة، الأمر الذي يسرع من ارتفاع وانخفاض الأسواق دون مبررات منطقية.
الغريب في الامر حقا هو حالة التوهان ان صح التعبير التي يعيشها المحللون الماليون، فأنت تكاد لاتجد محللا ماليا واحدا يصف لك أو يقيم ما يحدث في السوق، بل انك لا تجد محللين يتفقان على وجهة نظر واحدة .
ولو راجعنا آراء مختلف المحللين خلال الفترة الماضية سنجد أن هناك محللين يرون أن هذا التراجع الكبير جاء بسبب قيام عدد من المحافظ والصناديق الاستثمارية الكبيرة بتسييل جزء كبير من محافظها الاستثمارية خشية حدوث تدهور أكبر في السوق، ورغبة منها في العودة إلى الشراء بأسعار أقل لاحقا.
بالمقابل يرى محللون آخرون أن هذه الرؤية تنطوي على إغفال للأسباب الحقيقية وراء هذا الانهيار، وأبرزها أن جميع التقييمات التي وصل إليها السوق طيلة العام الماضي، كانت غير حقيقية، نجم عنها بالضرورة مكاسب غير حقيقية، بدا من الصعب استمرارها لفترة أطول، ولذلك كان من الطبيعي أن تتحين آليات السوق الظروف المواتية لاسترداد تلك المكاسب، بعد أن تجاوزت أسعار الأسهم جميع المقاييس المحاسبية للتقويم وحققت مبالغات سعرية يرفضها المنطق الاقتصادي السليم. وهكذا فإن الصعود غير المبرر لأسعار الأسهم يتبعه- عاجلا أو آجلا- هبوط غير مبرر هو الآخر. أما هذه المبالغات نفسها فهي نتاج طبيعي لمجموعة من العلل والتطورات السلبية والأخطاء التي ظلت تتراكم على السوق، من دون أن تكون هناك تحركات جادة لمعالجتها، مثل هيمنة عقلية المضاربة، وانخفاض الوعي الاستثماري لدى الغالبية العظمى من المتعاملين الذين يتهافتون على شراء أسهم بأسعار أعلى من قيمتها الحقيقية، والشائعات التي لعبت دورا واضحا في رفع قيمة العديد من الأسهم، وكثرة الإصدارات الأولية غير المنظمة وعمليات زيادة رؤوس الأموال، التي أدت إلى اجتذاب كميات كبيرة من السيولة من السوق، وصغر حجم الاستثمار المؤسسي طويل الأجل المبني على أسس سليمة، بينما ظلت الأسواق تعاني تشوهات عدة، حيث شهدت تعاملات الأسبوع الماضي تمركز 93.4 بالمائه من التداولات الإجمالية في سوق دبي، مقابل 6.6 بالمائة فقط في سوق أبوظبي، على الرغم من أن عدد الشركات المدرجة في السوق الثانية يصل إلى ما يقرب من ضعف عددها في الأولى، كما تركزت 93.8 بالمائة من إجمالي التداولات في قطاع الخدمات، وهو القطاع الذي استحوذت خمس شركات منه على 85 بالمائه من مجموع هذه التداولات، بينما ظلت شركة واحدة فقط ضمن قائمة الخمس الكبار هذه تستحوذ وحدها على أكثر من ثلث حجم التداول في السوقين، معا، مما يجعلها بذلك أحد أكبر مصادر عدم الاستقرار الذي يعانيه السوق حاليا.
وفي حين اعتبر بعض المحللين ان قرارات وزارة الاقتصاد الأخيرة بشأن تنظيم سوق الإصدارات الأولية تشكل خطوة مهمة في الحفاظ على معدلات السيولة في سوق الأسهم المحلية، بعد سحب ما يقرب من 750 مليار درهم من السيولة المتاحة في السوق وضخها في اكتتابات أولية متزامنة، خلال الشهور الماضية، الأمر الذي مثل أحد أهم العوامل التي أسهمت في تشكيل أزمة سوق الأسهم. يرى البعض ان تلك الخطوة غير كافية ويجب أن تتبعها إصلاحات تشريعية وتنظيمية مهمة ينبغي التصدي لها والعمل على معالجتها، تجنباً لوقوع أزمات كبيرة تكون لها انعكاساتها الاقتصادية والاجتماعية الخطيرة، بعد أن أصبح سوق الأسهم أحد أهم روافد الاقتصاد الوطني، بل تعداه ليمثل ظاهرة اجتماعية شملت جميع شرائح المجتمع. على أن الاهم في الختام هو الانتباه الى أن الواقع الجديد الذي يفرضه السوق حاليا، يوفر فرصة مواتية لاتخاذ معالجات جذرية لتحويل هذا السوق من ساحة للمضاربات اليومية إلى داعم حقيقي للتنمية، من خلال رقابة فعالة، تعمل على التقليل من دور المضاربين.