تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : ستراليا تستنسخ التجربة القطرية في مجال الغاز الطبيعي المسال



سلوى حسن
30-06-2011, 09:50 PM
الطلب العالمي المحموم يحفز الاستثمار
أستراليا تستنسخ التجربة القطرية في مجال الغاز الطبيعي المسال


عندما قررت دولة قطر قبل نحو عقدين من الزمان الاستثمار طويل الأجل في قطاع الغاز الطبيعي المسال، كان قرارا استراتيجيا بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى، فاليوم تتربع دولة قطر على رأس قائمة الدول المصدرة للغاز الطبيعي المسال في العالم، ويمكنها إنتاج ما يصل إلى 77 مليون طن منه سنويا، كذلك فإن عوامل لوجستية وتبدلات في نظرة الدول إلى مصادر الطاقة، تجعل الطلب على الغاز القطري، يعيش فورة غير مسبوقة جعلته قادرا على الوصول إلى مستهلكين في خمس قارات.
أوضاع قطاع الغاز الطبيعي المسال في العالم، والطلب المحموم عليه بعد سلسلة نكسات في قطاعات طاقة أخرى، ربما من شأنها أن تبدل من خريطة بؤر الإنتاج والتوزيع العالمية لهذه السلعة التي تثبت جدارتها كلما تقادم الوقت.
ففي جزيرة نائية قبالة الساحل الغربي لأستراليا، يجري حاليا بناء واحد من مشاريع الطاقة الأكثر طموحا في العالم. ويأمل القائمون عليه استنساخ تجربة «راس لفان» وربما في وقت لاحق منافسة الغاز القطري المسال في الأسواق العالمية.
مشروع جزيرة «بارو» يجري تطويره حاليا من قبل كونسورتيوم عالمي تترأسه شركة «شيفرون» التي تملك %50 من المشروع، مع مصالح أقلية كبيرة لصالح شركتي «إكسون موبيل» و «رويال داتش شل»، بتكلفة قدرها 45 مليار دولار، ما يجعله أكبر مشروع للطاقة في تاريخ أستراليا. وربما يكون مشروع جزيرة «بارو» الأكبر من بين عشرة مشاريع يتم تنفيذها في أستراليا للغاز الطبيعي المسال، بما في ذلك مشروع «هيتستون» قيد الإنشاء حاليا.
ومن أهم التحديات التي تواجهها شركة شيفرون في مشروع جزيرة «بارو»، هو مد مئات الكيلومترات من الأنابيب في قاع المحيط لنقل الغاز من حقل «جورجون» إلى الجزيرة من أجل المعالجة، على غرار مشروع «دولفين» القطري العملاق.
وحتى الآن باعت شركة شيفرون نحو %90 من حصتها في الغاز القابل للتصدير من المشروع إلى عملاء في اليابان وكوريا الجنوبية، وفقا لاتفاقات طويلة الأجل، بينما باعت «إكسون» حصتها من الغاز إلى شركة «بيتروتشينا» الصينية بالكامل. أستراليا تنتج حاليا نحو 15 مليون طن سنويا من الغاز الطبيعي المسال، وتأمل للوصول إلى مستوى 70 مليون طن سنويا بحلول العام 2020، ما سيضعها في خانة كبار منتجي الغاز الطبيعي المسال في العالم.
وقد حفز الطلب المتزايد على الطاقة في آسيا من قبل الصين واليابان وكوريا الجنوبية، من الوتيرة المحمومة للاستثمار في صناعة الغاز الأسترالية.
وقالت شركة شيفرون مؤخرا إن أستراليا ستكون بؤرة استثماراتها في مجال الغاز الطبيعي خلال العقود الثلاثة المقبلة، بفعل النمو القوي المتوقع في أسواق آسيا والمحيط الهادي.
وتؤكد أحدث توقعات الوكالة الدولية للطاقة أن الطلب في الصين للغاز الطبيعي يمكن أن ترتفع بنسبة %5.9 سنوياً بين عامي 2008 وعام 2035، مقارنة بارتفاع %0.5 سنوياً الفترة نفسها لتوقعات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
وبناء على هذا المعدل، ستشكل الصين %8.7 من إجمالي استهلاك الغاز العالمي بحلول عام 2035، مقارنة بنسبة %2.7 في العام 2008.
وتعد أستراليا وجهة اﻻستثمار الآمن بالنسبة إلى شركات النفط والغاز العالمية نظرا لقربها من منافذ الاستهلاك الرئيسة في آسيا، كما يمكنها من خدمة قاعدة عملاء كبيرة تمتد في منطقة جنوب وجنوب شرق آسيا والمحيط الهادئ.
من جانب آخر، بدأت اليابان تبدي اهتماما متزايدا بمصادر الطاقة النظيفة وعلى رأسها الغاز الطبيعي المسال، خاصة بعد حادث فوكوشيما النووي، الأمر الذي سيعطي دفعة كبيرة لجهود لشركة «واينبكس» اليابانية للمضي قدما في مشروعها المخطط له في «إيتشثيس» في غرب أستراليا هذا العام
كما تلقت صناعة الغاز العالمية دفعة أخرى في مايو الماضي مع إعلان ألمانيا أنها تخطط لإغلاق 17 محطة طاقة نووية بحلول العام 2022.
ورغم كل هذه المؤشرات الإيجابية فإن بعض المحللين يشككون في ما إذا كانت جميع المشاريع الأسترالية التي يجري التخطيط لها، ستؤتي ثمارها، على غرار نظيرتها في دولة قطر، وترى أنه سيتم دمج بعض المشاريع المتنافسة، إذ إن هناك طفرة هائلة في المشاريع، ولكن من المستبعد أن تكون أستراليا قادرة على إنجاز هذه المشاريع وفقا لجداولها المحددة، خاصة أن تكاليف الإنشاءات باهظة ومتغيرة.
وفي مؤشر آخر على كيفية الأثر الذي قدمه قطاع الغاز الطبيعي المسال على مجموعات كبيرة من قطاعات الطاقة الأخرى، تتوقع شركة شيفرون أنه بحلول نهاية العقد الحالي سيشكل الغاز الطبيعي نحو %40 من حافظة استثماراتها في النفط والغاز، من حوالي %30 الآن، وينطلق هذا إلى حد كبير بما يحدث في أستراليا.
وحتى الآن، لدى أستراليا مشروعان من مشاريع الغاز الطبيعي المسال المنتجة الأول لشكرة «وودسايد» والثاني لشركة «كونوكوفيليب»، كما أن هناك ما لا يقل عن أربعة مشاريع لتحويل غاز الميثان في مناجم الفحم إلى غاز طبيعي المسال، يجري العمل عليها حاليا في كوينزلاند في شرق البلاد بعد أن تمت الموافقة عليها.