المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كيف تكون مستثمرا حقيقيا؟



شمعة الحب
11-05-2006, 09:56 PM
كيف تكون مستثمرا حقيقيا؟
د. فهد محمد بن جمعة - كاتب اقتصادي 13/04/1427هـ
fahedalajmi@saudi.net.sa

إن سوق الأسهم السعودية أصبحت ساحة للمصارعة بين الثيران والدببة bulls and bears, فالثيران يشترون ويتوقعون ويتأملون ارتفاع الأسعار بينما الدببة يبيعون ويتوقعون العكس ويتأملون انخفاض أسعارها، فكل منهما يحاول الإطاحة بالآخر حتى يأتي وقت الإغلاق ويؤكد منه المنتصر. هكذا يعاني المساهمون من هذا الصراع الذي عكسته تقلبات الأسعار وليس تذبذبها (التغير البسيط في الأسعار) ما لقنهم درسا قاسيا وأوقعتهم في مأزق قد يصعب الخروج منه. فعندما تتحول المضاربة إلى مقامرة فإن الأمر يزداد سوءا (عندما يعتمد المتعاملون في الأسهم على التخمين والاحتمالية والمراهنة في المستقبل ومن دون معلومات)، ما حملهم خسارة فادحة هم كانوا في غنى عنها لو أنهم أدخلوا في معادلة الريح السريع متغير الخطر الكاسح في سوق جديدة تشوبها عدم الكفاءة والفعالية لغياب المعلومات وتضارب المصالح بين البنوك والمساهمين وتعطيل دور شركات الوساطة، ما يشرح النقص الواضح في تنظيمها وحمايتها لجميع المتداولين بما يتوافق مع أنظمة البورصات العالمية. فهناك شركات كبيرة مازالت الحكومة تمتلك الجزء الكبير منها، وهناك شركات خاسرة في تاريخها، وهناك شركات عائليه تكونت في زمن الاحتكار والوكالات وسوف لن يطول عمرها في ظل التجارة العالمية الجديدة. هكذا غرق قارب المساهمين الصغار ولم تعد مجاديف التحليل الأساسي (استخدام الأدوات الاقتصادية التقليدية للوصول إلى تحديد الأسعار المتوقعة في المستقبل) والتحليل الفني (يستعمل حركة الأسعار التاريخية في رسوم بيانية للتنبؤ بحركة الأسهم المستقبلية) قادرة على إنقاذه من بحر هائج تتلاطم أمواجه فحينا يهبط 12 ألف نقطة قريبا من القاعة وحينا آخر يصعد 19 ألف نقطة، فلا عوامل الدعم دفعته إلى المياه الراكدة ولا عوامل المقاومة سمحت له أن يجتاز الأمواج فربح وابتسامة لن يدوما في سوق المضاربة, إنه سكون يشبه ما قبل العاصفة. إن المخرج من هذا المأزق بعد أن فقد المساهمين الثقة في آلية السوق هو أن يعوض كل مساهم ما قد خسره أو أن يكون مليونديرا يوما ما إذا ما تحلى بشيء من الصبر والرشادة الاقتصادية، ووضع استراتيجية لنفسه تكون له عائد استثماري مركب ومجزي في الأجل الطويل (5 - 10 سنوات)، وفي الوقت نفسه يلقي بشبكته في مياه البحر المالحة وينتظر ولو طويلا حتى يصطاد الأسماك ذات الألوان الزاهية (محفظه من الأسهم المتنوعة) وبأسعار منخفضة تشبع رغباته الطموحة في تحقيق أعلى قيمة سوقية له بدلا من مراقبة الأسهم يوما بيوم، ويتمتع بإدارة أعماله الأخرى ويكسر حاجز المضاربة النفسي ويصبح مستثمرا حقيقيا, ويبقى مراقبا للسوق هذه المرة ليس على أنه مضارب وإنما مشتريا انتقائيا للأسهم ذات القيمة المتدنية والعائد المتوقع المرتفع. أخي المضارب انظر إلى قصة هذا المستثمر الشهير والناجح (وارن بافت) ثم غير من سلوك المضاربة والهرولة إلى سلوك المستثمر المتأني واعرف جيدا أن سوق المضاربة هنا محفوف بكل المخاطر التي بعضها قد لا يخطر على بالك. لقد استثمر بافت في عام 1956م (وعمره حينذاك 25 عاما) 100 دولار فقط، بينما استثمر شركاؤه السبعة 105.000 دولار على أن يحصل هؤلاء الشركاء على نسبة 6 % فائدة كل عام ونسبة 75 % من الأرباح كلما تجاوزت هذا المستوى، أي أن نصيبه هو فقط 25 %, وبعد أن بلغ المعدل الاستثماري المركب ما نسبته 29.5 % وذلك بعد 13 عاما قرر أن ينهي شركاته ويقطف ثمار ما زرعه في عام 1965م ليجني ما قدره 25 مليون دولار من النقدية, إنه فعلا قرار استثماري ناجح وموفقا، حيث إنه قد فهم سوق الأسهم ووضع قواعد ومعايير يتبعها في اختياره لشراء تلك الأسهم ببيعها في الوقت المناسب, بل إنه جمع بين صفات المستثمر ورجل الأعمال وبلورها في استراتيجيات واضحة حققت له في مسيرته الطويلة العديد من النجاحات في سوق المال والأعمال, إن هذا لتذكير يعلمنا دروسا مفيدة وليس من المتوقع أن يكون كل مساهم بافت آخر ولا كل استثمار طويل الأجل يكلل بالنجاح ولكن قد يتحقق لك نجاح مماثل لم تحلم به قط.
تمعن جيدا في مقولته المشهورة ولا تأخذها بمحمل الغضب والعداء بل بكل موضوعية وواقعية:

"السوق ... يساعد هؤلاء الأفراد الذين يساعدون أنفسهم ولكن السوق لن يغفر لهؤلاء الأفراد الذين لا يعرفون ماذا يعملون"
هل فهمت هذه المقولة أنا متأكد إذا ما فهمتها فإنك سوف تغير من سلوكك الاستثماري ولن تستمع إلى الشائعات بعد اليوم ولن تنتقد من كان طرفا في سوق الأسهم إنه في النهاية هو قرارك وعليك أن تنشغل في دراسة الشركات التي ترغب أن تكون مالكا لجزء منها وألقي باللائمة دائما على نفسك لأن سوق الأسهم لن يرحمك عندما تخطئ. فعليك أيها المستثمر في سوق الأسهم أن تدرك تلك الحقيقة وأن تعرف نظريات الاستثمار في الأسهم والاقتصاد والأنظمة والقوانين والقوائم المالية وكفاءة واستقرار إدارة تلك الشركات التي ترغب الاستثمار فيها مع احتمالية الأخطار التي قد تتعرض لها, عندئذ سوف تصبح مستثمرا حقيقيا تستطيع اقتناص الفرص كلما سنحت لك دون أي تردد.
لقد كان بافت يستثمر وكأنه يريد أن يمتلك الشركة وليس على أساس أنه مضارب لماذا؟ إن المستثمر عندما يريد أن يمتلك شركة ما فإنه سوف يتفحص كل صغيرة وكبيرة لكي يقيم تدفقاتها النقدية ومديونيتها، ومدى قدرتها على تحقيق أعلى أرباح ممكنة من خلال نظرة لتاريخها خلال السنوات العشر الماضية ويتكهن ماذا سوف يكون نمو أرباحها في الأجل الطويل, بينما المضارب في معظم الأحيان يغض النظر عن تلك الحقائق ويتأثر بتقلبات السوق اليومية ويستمع إلى الشائعات فليس لديه استراتيجية واضحة, ما ينتهي به الأمر في نهاية المطاف وفي معظم الأحيان إلى خسارة مؤلمة. إن نجاح بافت كان يتمحور في قيمة استراتيجيته الاستثمارية، فهو لا يعتمد على تقلب أسعار الأسهم اليومية وإنما يجرد نفسه أيضا من تأثيرات التقلبات الاقتصادية والعوامل الخارجية في الأجل القريب في تلك الاستراتيجية، لأنه يملك نظرة طويلة الأجل في كل الأوقات فلا يزوغ بصره أبدا عن حقيقة القيمة الاستثمارية التي تحددها له إستراتيجيته. وسوف أتحدث عن أفضل استراتيجية للاستثمار في سوق الأسهم السعودي مستشهدا بخبرة هذا المستثمر العبقري في الخميس القادم

فريق أول
12-05-2006, 01:42 PM
شكرا لك ...