شمعة الحب
11-05-2006, 10:15 PM
حتى نتداول الحقائق في سوق لا تنقصه الأخطاء
محمد عبد الله القطري - مدير استثمار ومحلل مالي معتمد - - 13/04/1427هـ
aboabid@yahoo.com
أكتب هذا المقال وكلي أمل بأن يلقى آذانا صاغية من قبل إدارة شركة تداول وهيئة سوق المال وأصحاب القرار.
بداية القول:
إن الحقائق والمعلومات الصحيحة هي أساس القرار الصحيح. أما المعلومات المغلوطة فلا تقود بداهة إلا إلى القرارات الخاطئة. هذا ما علمونا إياه في المدرسة، وهذا تعلمناه في سوق الأسهم السعودي أخيرا، وإن كان الدرس قاسياً. وللأسف الشديد، هناك نقص كبير في التحليلات الأساسية القائمة على دراسة الوضع المالي للشركة المدرجة واستراتيجيتها ومشاريعها المستقبلية، كما وضعها التنافسي في السوق وتقييم أسهمها بالنسبة إلى مثيلاتها من الشركات المدرجة محليا وإقليميا بل وحتى عالميا.
في ظل غياب مثل هذه الدراسات والتحليلات الجادة، فإن غالبية الناس سيسعون إلى الحصول على المعلومات الداخلية لاتخاذ قراراتهم. وهنا تبدأ الشائعات في الظهور، ويبدأ الاعتماد على مواقع الحوار في الإنترنت وغيرها للحصول على "المعلومة" وعلى اتجاهات الأصدقاء والمعارف. فهذا "عنده خبر"، وذاك "قريب من مضارب السهم"، وهذا "صدق كلامه مرتين، يعني لازم نسمع كلامه هذي المرة". ولن نتمكن من التخلص من هذا السلوك الاستثماري "الخاطئ" قريباً لأنه وبكل بساطة لا يوجد البديل في الوقت الحالي، فصناعة التحليل المالي مازالت عندنا في مهدها.
بعض الحقائق مغلوطة:
وبينما تحتمل المعلومة الخطأ والصواب، فإن الحقائق يجب أن تكون صحيحة، خصوصاً إذا ما استقيت من مصدر رسمي يعرف نفسه بأنه "الموقع الرسمي لسوق الأسهم السعودي" وهو "المصدر الرسمي لمعلومات وبيانات السوق ومعلومات الشركات". إن عدم قيام شركة تداول بتحديث أسعار وكميات التداول التاريخية عندما تقوم الشركات بإصدار أسهم منح أو تجزئة أو إصدارات حقوقية يعطي انطباعا مغلوطا للمستثمرين بالمدى التاريخي لأسعار الأسهم وكميات تداولها، قد يقودهم لاستنتاجات وقرارات غير صحيحة. فعلى سبيل المثال، لا الحصر، وصل سعر سهم الراجحي إلى أعلى مستوى إقفال له في 26/02/2006م عند 4280 ريالاً عندما كان عدد أسهمه المصدّرة 90 مليوناً، وعليه بلغت قيمة الشركة السوقية 385 مليار ريال ذلك اليوم. قامت الشركة بعد ذلك بمنح سهم واحد لكل سهمين لتبلغ أعداد أسهمها 135 مليون سهم، وبعدها تمت زيادة أسهم البنك إلى 675 مليونا بعد إقرار تخفيض السعر الاسمي لجميع الشركات المدرجة من 50 ريالا إلى عشرة ريالات. وبعد كل هذه التعديلات في أعداد أسهم البنك، ما زال موقع تداول يشير إلى أن أعلى سعر لسهم "الراجحي" هو 4280 ريالا وأدنى مستوى عند سعر 330 ريالا (سعر إقفال 4/5/2006م)، فهل هذا معقول؟ هل حقا هوى سعر السهم بنسبة 92 في المائة خلال أقل من ثلاثة أشهر؟ هذا ما يظهره موقع تداول على الإنترنت، وهي مغالطة لا تحتمل التأويل، إذ إن عدم تعديل أعلى سعر تاريخي إلى 571 ريالا (حاصل قسمة أعلى سعر بـ 7.5) يعني أن القيمة السوقية لبنك الراجحي وصلت إلى 2889 ألف مليون ريال (حاصل ضرب أعلى سعر بعدد الأسهم المصدرة)، أي ما يعادل الدخل المحلي للاقتصاد السعودي خلال 2005 بمرتين وكسور. هذا غير معقول تماما وبالطبع غير صحيح؟ لقد اخترت بيانات سهم "الراجحي" للدلالة فقط، وجميع ما ذكر ينطبق على أسعار وبيانات كل الأسهم المدرجة.
وعلى المنوال نفسه، فإن من يحلل الرسومات البيانية للشركات على موقع تداول، والصورة تعدل ألف كلمة، يلاحظ أنها هوت بشكل مخيف في تواريخ تخفيض قيمها الاسمية، وذلك لعدم تعديل الأسعار التاريخية، فهل هذا ما نريد تصويره للعالم أجمع عن مسار أسعار الأسهم في سوقنا؟ لا أعتقد ذلك. (لاحظ الفروقات في الرسومات المرفقة).
من المؤسف أنه لا يتم اتخاذ أي إجراء لتصحيح مثل هذه الأخطاء، بينما تقوم مواقع أخرى مثل "بخيت للاستشارات المالية" وزاوية، على سبيل المثال، لا الحصر، بتعديل الأسعار والكميات التاريخية حتى تتوافق والإجراءات المتبعة عالميا. ليس من المقبول في أوضاع السوق الحالية أن تكون لهذه الشركات، وغيرها، الخبرة اللازمة للتعامل مع البيانات بشكل فني، بينما تنقص شركة تداول مثل هذه المعرفة المطلوبة، وهي المصدر الرسمي للسوق؟ قد يكون هناك عذر بسبب تسارع إيقاع الأحداث، وتوالي المستجدات وقصر عمر شركة تداول في عدم التفرغ لمعالجة مثل هذه الفنيات، إلا أن الوقت قد حان للرجوع إلى الأساسيات ووضع الأمور في نصابها. ولا بأس من الاستعانة ببيوت الخبرة من القطاع الخاص، وبالأخص البنوك التجارية والاستثمارية المرخصة، إن كانت الخبرة أو المعرفة أو قلة العدد وراء مثل هذا القصور.
أما إذا لم يتم تصحيح مثل هذه الأخطاء الفنية سريعاً، فإن السؤال المطروح هو هل من المقبول أن نطلب من الشركات المدرجة وتلك التي في طريقها للإدراج والبنوك القائمة، وتلك المرخصة حديثا بأن تنتهج أحدث الإجراءات والأساليب العالمية وأكثرها دقة وصرامة، بينما لا تقوم تداول بأبسط المطلوب وهو عرض الحقائق بشكل فني صحيح؟ يجب ألا تكون هناك ازدواجية في المعايير، حيث إن معايير الأداء والحساب ينبغي أن تكون أعلى وأشد للجهات الرسمية، وإلا فأين المسؤولية أو حتى المساواة؟
مؤشرات السوق من تداول:
كنت في مقال سابق قد اقترحت بأن توفر شركة تداول مؤشرات الاستثمار والتقييم للشركات المدرجة، مثل مكرر العائد و مكرر القيمة الدفترية ومؤشرات أخرى، حتى يتمكن المستثمرون من مقارنة هذه المؤشرات عند اتخاذهم قراراتهم المهمة. لقد تبين لي أن شركة تداول توفر هذه المعلومات في تقريرها الشهري، فيا حبذا لو يتم توفيرها بشكل يومي بحيث تحدث آنيا مع تغير الأسعار، خصوصا أن تقييم بعض الأسهم أصبح مغرياً، للمستثمرين طويلي الأجل.
لكن، وقبل أن تبدأ شركة تداول بتطبيق هذا الرجاء، ينبغي تنقية وغربلة المعلومات والحقائق في جدول المؤشرات المذكور. فبعض الأرقام، بل بعض طرق الحساب غير صحيحة، كما أن بعض المؤشرات معكوسة. وسأكتفي فقط بمثالين للاستدلال. يذكر تقرير تداول لشهر نيسان (أبريل) 2006 أن حقوق المساهمين لبنك الرياض بلغت 1089 مليون ريال، بينما يصل عدد أسهمه المصدرة إلى 625 مليوناً. وهذا لا يمكن، إذ إن كل سهم قيمته الاسمية عشرة ريالات، وبالتالي يجب أن يكون رأسمال البنك أكبر من أو يساوي 6250 مليون ريال (حسبة بسيطة). الخطأ الثاني لا يحتاج إلى شرح، إذ يذكر التقرير أن خسائر بنك البلاد بلغت 98 مليار ريال، أي ما يعادل نحو 33 ضعف رأسمال البنك! النتيجة، أن أغلب مؤشرات الاستثمار في الجدول المذكور لقطاع البنوك بل للسوق ككل، غير دقيقة. إن كل رجائي ألا تكون جداول المؤشرات المذكورة هي المرجع الأساسي أو الوحيد عند تقييم الشركات أو السوق من قبل المستثمرين أو أصحاب القرار.
الخلاصة
لا يجب الاستخفاف بالتعديلات المطلوبة. فلفترة قريبة، ظل أغلب المستثمرين الصغار يعتقدون أن السهم سيعود إلى سابق سعره بعد إصدار أسهم جديدة. وكان المصدر الرسمي للأسعار يعزز مثل هذا التوجه. فكلما زادت الشركة أعداد أسهمها وتم تعديل سعر تداولها، ظل الأخير دون أعلى مستوى تاريخي له، وتدافع المستثمر الصغير لشراء هذا السهم، مما ساعد على تضخيم قيم الكثير من الشركات إلى حدود فلكية، التي ما لبثت أن تاقت للمشي بل الحبو على الأرض من جديد. على الإصلاحات الهيكلية ألا تغفل ما تعتقد أنه من "صغائر الأمور"، فالإصلاح يجب أن يكون شاملا، ويبدأ من البيت الداخلي.
على الهامش:
1- لي رجاء خاص من الهيئة. يلاحظ في الآونة الأخيرة كثرة التعديلات في إعلانات الشركات من خلال موقع تداول. كما يلاحظ عدم الوضوح، بل المغالطة من قبل بعض الشركات في ذكر الحقائق الظاهرة. قد يكون للسرعة ثوابها في بعض الحالات، إلا أن الاستعجال وعدم الدقة يربكان الكل. ولهذا أرى أن يتم وضع غرامة على كل تعديل وغرامة أكبر لكل معلومة تنافي الحقيقة. هكذا، سيعمل المسؤول عن صياغة الإعلان في كل شركة على التأكد من الحقائق مراراً قبل نشره.
2- إعلان شركة سدافكو هذا الأسبوع أحبط الكثيرين. فصغار المستثمرين يتطلعون إلى الإدراجات الجديدة على أنها هي مصدر القيمة والعوائد "شبه الأكيدة" التي ستعوض بعضاً من خسائرهم، فإذا بهذا التصور يكاد يتلاشى. فكيف لشركة أدرجت حديثا كانت تحقق الأرباح المتكررة أن ينقلب وضعها بهذه السرعة؟ صحيح أن المقاطعة قد يكون لها أثر سلبي وكبير على مبيعات الشركة، ولكن أرجو ألا يكون تعديل إعلان الشركة السريع مرآة للكفاءات الإدارية في الشركة.
3- يرى الكثيرون أنه ينبغي إطالة فترة عدم السماح للمستثمرين الأساسيين ببيع أسهمهم بعد الإدراج لمدة لا تقل عن سنتين، وذلك لضمان المسؤولية لفترة معقولة. فها نحن نرى أن بعض المخاطر تتحقق خلال هذه الفترة القصيرة نسبياً، بينما المؤسسون باعوا بعض أو كل أسهمهم.
4- الكل يسأل عن المستوى الأدنى للسوق، وسنعرف هذا المستوى عندما ينسى الناس التداول بناء على الأسعار المطلقة ويبدأون البحث عن القيمة بعد أن تهدأ النفوس.
تعليقات الزوار
13/04/1427هـ ساعة 2:12 مساءً (السعودية)
ان شاء الله مع دخول السعودية منظمة التجارة العالمية يكون الباب مفتوح للشركات العالمية لدخول السوق السعودي وشركات الوساطة المالية عالميا( توظيف الاموال ) وشركات عالمية للتوصيات والتحليل المالي حتى يكون فية تنافس خاصه بعد انشاء الصرح الكبير اللي هو مفخرة للسعوديين مركز الملك عبدالله المالي الى العالمية ياوطني
وضع الرجل المناسب في المكان المناسب فالعالم يؤمن بالتخصصات والافضلية للاصحاب الشهادات العليا بتفوق حتى يار سوق المال على الوجة المطلوب صرح كصرح مركز الملك عبدالله المالي يحتاج للادارة متفوقة متمرسة وقرارات مدروسه من 100 خبير على الاقل وكذلك الشفافية والمساواه في العوقبات على الجميع
محمد عبد الله القطري - مدير استثمار ومحلل مالي معتمد - - 13/04/1427هـ
aboabid@yahoo.com
أكتب هذا المقال وكلي أمل بأن يلقى آذانا صاغية من قبل إدارة شركة تداول وهيئة سوق المال وأصحاب القرار.
بداية القول:
إن الحقائق والمعلومات الصحيحة هي أساس القرار الصحيح. أما المعلومات المغلوطة فلا تقود بداهة إلا إلى القرارات الخاطئة. هذا ما علمونا إياه في المدرسة، وهذا تعلمناه في سوق الأسهم السعودي أخيرا، وإن كان الدرس قاسياً. وللأسف الشديد، هناك نقص كبير في التحليلات الأساسية القائمة على دراسة الوضع المالي للشركة المدرجة واستراتيجيتها ومشاريعها المستقبلية، كما وضعها التنافسي في السوق وتقييم أسهمها بالنسبة إلى مثيلاتها من الشركات المدرجة محليا وإقليميا بل وحتى عالميا.
في ظل غياب مثل هذه الدراسات والتحليلات الجادة، فإن غالبية الناس سيسعون إلى الحصول على المعلومات الداخلية لاتخاذ قراراتهم. وهنا تبدأ الشائعات في الظهور، ويبدأ الاعتماد على مواقع الحوار في الإنترنت وغيرها للحصول على "المعلومة" وعلى اتجاهات الأصدقاء والمعارف. فهذا "عنده خبر"، وذاك "قريب من مضارب السهم"، وهذا "صدق كلامه مرتين، يعني لازم نسمع كلامه هذي المرة". ولن نتمكن من التخلص من هذا السلوك الاستثماري "الخاطئ" قريباً لأنه وبكل بساطة لا يوجد البديل في الوقت الحالي، فصناعة التحليل المالي مازالت عندنا في مهدها.
بعض الحقائق مغلوطة:
وبينما تحتمل المعلومة الخطأ والصواب، فإن الحقائق يجب أن تكون صحيحة، خصوصاً إذا ما استقيت من مصدر رسمي يعرف نفسه بأنه "الموقع الرسمي لسوق الأسهم السعودي" وهو "المصدر الرسمي لمعلومات وبيانات السوق ومعلومات الشركات". إن عدم قيام شركة تداول بتحديث أسعار وكميات التداول التاريخية عندما تقوم الشركات بإصدار أسهم منح أو تجزئة أو إصدارات حقوقية يعطي انطباعا مغلوطا للمستثمرين بالمدى التاريخي لأسعار الأسهم وكميات تداولها، قد يقودهم لاستنتاجات وقرارات غير صحيحة. فعلى سبيل المثال، لا الحصر، وصل سعر سهم الراجحي إلى أعلى مستوى إقفال له في 26/02/2006م عند 4280 ريالاً عندما كان عدد أسهمه المصدّرة 90 مليوناً، وعليه بلغت قيمة الشركة السوقية 385 مليار ريال ذلك اليوم. قامت الشركة بعد ذلك بمنح سهم واحد لكل سهمين لتبلغ أعداد أسهمها 135 مليون سهم، وبعدها تمت زيادة أسهم البنك إلى 675 مليونا بعد إقرار تخفيض السعر الاسمي لجميع الشركات المدرجة من 50 ريالا إلى عشرة ريالات. وبعد كل هذه التعديلات في أعداد أسهم البنك، ما زال موقع تداول يشير إلى أن أعلى سعر لسهم "الراجحي" هو 4280 ريالا وأدنى مستوى عند سعر 330 ريالا (سعر إقفال 4/5/2006م)، فهل هذا معقول؟ هل حقا هوى سعر السهم بنسبة 92 في المائة خلال أقل من ثلاثة أشهر؟ هذا ما يظهره موقع تداول على الإنترنت، وهي مغالطة لا تحتمل التأويل، إذ إن عدم تعديل أعلى سعر تاريخي إلى 571 ريالا (حاصل قسمة أعلى سعر بـ 7.5) يعني أن القيمة السوقية لبنك الراجحي وصلت إلى 2889 ألف مليون ريال (حاصل ضرب أعلى سعر بعدد الأسهم المصدرة)، أي ما يعادل الدخل المحلي للاقتصاد السعودي خلال 2005 بمرتين وكسور. هذا غير معقول تماما وبالطبع غير صحيح؟ لقد اخترت بيانات سهم "الراجحي" للدلالة فقط، وجميع ما ذكر ينطبق على أسعار وبيانات كل الأسهم المدرجة.
وعلى المنوال نفسه، فإن من يحلل الرسومات البيانية للشركات على موقع تداول، والصورة تعدل ألف كلمة، يلاحظ أنها هوت بشكل مخيف في تواريخ تخفيض قيمها الاسمية، وذلك لعدم تعديل الأسعار التاريخية، فهل هذا ما نريد تصويره للعالم أجمع عن مسار أسعار الأسهم في سوقنا؟ لا أعتقد ذلك. (لاحظ الفروقات في الرسومات المرفقة).
من المؤسف أنه لا يتم اتخاذ أي إجراء لتصحيح مثل هذه الأخطاء، بينما تقوم مواقع أخرى مثل "بخيت للاستشارات المالية" وزاوية، على سبيل المثال، لا الحصر، بتعديل الأسعار والكميات التاريخية حتى تتوافق والإجراءات المتبعة عالميا. ليس من المقبول في أوضاع السوق الحالية أن تكون لهذه الشركات، وغيرها، الخبرة اللازمة للتعامل مع البيانات بشكل فني، بينما تنقص شركة تداول مثل هذه المعرفة المطلوبة، وهي المصدر الرسمي للسوق؟ قد يكون هناك عذر بسبب تسارع إيقاع الأحداث، وتوالي المستجدات وقصر عمر شركة تداول في عدم التفرغ لمعالجة مثل هذه الفنيات، إلا أن الوقت قد حان للرجوع إلى الأساسيات ووضع الأمور في نصابها. ولا بأس من الاستعانة ببيوت الخبرة من القطاع الخاص، وبالأخص البنوك التجارية والاستثمارية المرخصة، إن كانت الخبرة أو المعرفة أو قلة العدد وراء مثل هذا القصور.
أما إذا لم يتم تصحيح مثل هذه الأخطاء الفنية سريعاً، فإن السؤال المطروح هو هل من المقبول أن نطلب من الشركات المدرجة وتلك التي في طريقها للإدراج والبنوك القائمة، وتلك المرخصة حديثا بأن تنتهج أحدث الإجراءات والأساليب العالمية وأكثرها دقة وصرامة، بينما لا تقوم تداول بأبسط المطلوب وهو عرض الحقائق بشكل فني صحيح؟ يجب ألا تكون هناك ازدواجية في المعايير، حيث إن معايير الأداء والحساب ينبغي أن تكون أعلى وأشد للجهات الرسمية، وإلا فأين المسؤولية أو حتى المساواة؟
مؤشرات السوق من تداول:
كنت في مقال سابق قد اقترحت بأن توفر شركة تداول مؤشرات الاستثمار والتقييم للشركات المدرجة، مثل مكرر العائد و مكرر القيمة الدفترية ومؤشرات أخرى، حتى يتمكن المستثمرون من مقارنة هذه المؤشرات عند اتخاذهم قراراتهم المهمة. لقد تبين لي أن شركة تداول توفر هذه المعلومات في تقريرها الشهري، فيا حبذا لو يتم توفيرها بشكل يومي بحيث تحدث آنيا مع تغير الأسعار، خصوصا أن تقييم بعض الأسهم أصبح مغرياً، للمستثمرين طويلي الأجل.
لكن، وقبل أن تبدأ شركة تداول بتطبيق هذا الرجاء، ينبغي تنقية وغربلة المعلومات والحقائق في جدول المؤشرات المذكور. فبعض الأرقام، بل بعض طرق الحساب غير صحيحة، كما أن بعض المؤشرات معكوسة. وسأكتفي فقط بمثالين للاستدلال. يذكر تقرير تداول لشهر نيسان (أبريل) 2006 أن حقوق المساهمين لبنك الرياض بلغت 1089 مليون ريال، بينما يصل عدد أسهمه المصدرة إلى 625 مليوناً. وهذا لا يمكن، إذ إن كل سهم قيمته الاسمية عشرة ريالات، وبالتالي يجب أن يكون رأسمال البنك أكبر من أو يساوي 6250 مليون ريال (حسبة بسيطة). الخطأ الثاني لا يحتاج إلى شرح، إذ يذكر التقرير أن خسائر بنك البلاد بلغت 98 مليار ريال، أي ما يعادل نحو 33 ضعف رأسمال البنك! النتيجة، أن أغلب مؤشرات الاستثمار في الجدول المذكور لقطاع البنوك بل للسوق ككل، غير دقيقة. إن كل رجائي ألا تكون جداول المؤشرات المذكورة هي المرجع الأساسي أو الوحيد عند تقييم الشركات أو السوق من قبل المستثمرين أو أصحاب القرار.
الخلاصة
لا يجب الاستخفاف بالتعديلات المطلوبة. فلفترة قريبة، ظل أغلب المستثمرين الصغار يعتقدون أن السهم سيعود إلى سابق سعره بعد إصدار أسهم جديدة. وكان المصدر الرسمي للأسعار يعزز مثل هذا التوجه. فكلما زادت الشركة أعداد أسهمها وتم تعديل سعر تداولها، ظل الأخير دون أعلى مستوى تاريخي له، وتدافع المستثمر الصغير لشراء هذا السهم، مما ساعد على تضخيم قيم الكثير من الشركات إلى حدود فلكية، التي ما لبثت أن تاقت للمشي بل الحبو على الأرض من جديد. على الإصلاحات الهيكلية ألا تغفل ما تعتقد أنه من "صغائر الأمور"، فالإصلاح يجب أن يكون شاملا، ويبدأ من البيت الداخلي.
على الهامش:
1- لي رجاء خاص من الهيئة. يلاحظ في الآونة الأخيرة كثرة التعديلات في إعلانات الشركات من خلال موقع تداول. كما يلاحظ عدم الوضوح، بل المغالطة من قبل بعض الشركات في ذكر الحقائق الظاهرة. قد يكون للسرعة ثوابها في بعض الحالات، إلا أن الاستعجال وعدم الدقة يربكان الكل. ولهذا أرى أن يتم وضع غرامة على كل تعديل وغرامة أكبر لكل معلومة تنافي الحقيقة. هكذا، سيعمل المسؤول عن صياغة الإعلان في كل شركة على التأكد من الحقائق مراراً قبل نشره.
2- إعلان شركة سدافكو هذا الأسبوع أحبط الكثيرين. فصغار المستثمرين يتطلعون إلى الإدراجات الجديدة على أنها هي مصدر القيمة والعوائد "شبه الأكيدة" التي ستعوض بعضاً من خسائرهم، فإذا بهذا التصور يكاد يتلاشى. فكيف لشركة أدرجت حديثا كانت تحقق الأرباح المتكررة أن ينقلب وضعها بهذه السرعة؟ صحيح أن المقاطعة قد يكون لها أثر سلبي وكبير على مبيعات الشركة، ولكن أرجو ألا يكون تعديل إعلان الشركة السريع مرآة للكفاءات الإدارية في الشركة.
3- يرى الكثيرون أنه ينبغي إطالة فترة عدم السماح للمستثمرين الأساسيين ببيع أسهمهم بعد الإدراج لمدة لا تقل عن سنتين، وذلك لضمان المسؤولية لفترة معقولة. فها نحن نرى أن بعض المخاطر تتحقق خلال هذه الفترة القصيرة نسبياً، بينما المؤسسون باعوا بعض أو كل أسهمهم.
4- الكل يسأل عن المستوى الأدنى للسوق، وسنعرف هذا المستوى عندما ينسى الناس التداول بناء على الأسعار المطلقة ويبدأون البحث عن القيمة بعد أن تهدأ النفوس.
تعليقات الزوار
13/04/1427هـ ساعة 2:12 مساءً (السعودية)
ان شاء الله مع دخول السعودية منظمة التجارة العالمية يكون الباب مفتوح للشركات العالمية لدخول السوق السعودي وشركات الوساطة المالية عالميا( توظيف الاموال ) وشركات عالمية للتوصيات والتحليل المالي حتى يكون فية تنافس خاصه بعد انشاء الصرح الكبير اللي هو مفخرة للسعوديين مركز الملك عبدالله المالي الى العالمية ياوطني
وضع الرجل المناسب في المكان المناسب فالعالم يؤمن بالتخصصات والافضلية للاصحاب الشهادات العليا بتفوق حتى يار سوق المال على الوجة المطلوب صرح كصرح مركز الملك عبدالله المالي يحتاج للادارة متفوقة متمرسة وقرارات مدروسه من 100 خبير على الاقل وكذلك الشفافية والمساواه في العوقبات على الجميع