الخبير العقاري
13-07-2011, 05:37 AM
حمد لله رب العالمين .. و الصلاة و السلام على المبعوث رحمة" للعالمين سيدنا وإمامنا وقدوتنا رسولنا الحبيب المصطفى محمد بن عبد الله ..و على آله وصحبه أجمعين ..و الصلاة و السلام على جميع الأنبياء و المرسلين ..أما بعد
فإنني أرى من المفيد أن نوضح معاني الكلمات التي يتكون منها عنوان هذا البحـــــث الحق ،الواجب ،المواطن )، لتتضح الدلالات اللغوية والاصطلاحية والشرعية لهذه العبارات ،مما يساعد على فهم المعاني والمقاصد والرؤى التي ستذكر في تفاصيل هذا الموضوع
أولا"ـ الحق في اللغة
يأخذ حسب حركة تصريفه النحوي معاني كثيرة "منها (حق يحق )فمعناها ـاليقين وإذا كان (حق يحق )فمعناها (الثبوت والوجوب )،(والحق )من أسماء الله وصفاته ،والحق لغة ضد الباطل ،ومن معاني ألحق الاختصاص ،الاستئثار ،الحماية ،والصواب والعدل والاستقامة ..الخ
الحق في المصطلح
(الممتلك من الأمور المادية والمعنوية )مثل حق التملك ،حق الانتفاع ،حق الاعتقاد وممارسته ،حق الكرامة ..الخ
والحق في الشريعة الإسلامية
هو المصلحة الثابتة للشخص على سبيل الاختصاص والاستئثار ،ويقرره المشرع الحكيم ،وهو نوعان
عام ويشمل كل عين أو مصلحة تكون للشخص بمقتضى الشرع ويعني هنا (الملك بأنواعه
خاص ويشمل المصالح الاعتبارية والاتفاقية في عرف الشرع مثل حق الشفعة ،حق القصاص .. الخ
والحق في الشريعة الإسلامية هو منحة يمنحها الخالق جل شأنه للأفراد وفق ما يقضي به صالح الجماعة ،فهو حق مقيد وفق الشريعة الإسلامية بمراعاة مصلحة الآخر وعدم الإضرار بالجماعة ،فليس للفرد مطلق الحرية في استعمال الحق بحيث لا يقيده سلطان شيء ،بل هو مقيد بمصلحة الجماعة وعدم الإضرار بالآخر وحقوقه ،وهذا يستلزم واجبين اثنين
أ- واجب على الناس أن يحترموا حق الشخص ،وأن لا يتعرضوا له في تمتعه في استعمال الحق
ب - واجب على صاحب الحق نفسه أن يستعمل حقه بحيث لا يضر بالآخرين ،وتستوي في هذا سائر الحقوق الخاص والعام
ثانيا"- الواجب
الواجب في اللغة يعني (اللازم )ووجب يعني (لزم وثبت
والواجب في الاصطلاح هو كل ما يلزم الإنسان مراعاته وحفظه ،وعدم انتهاكه من حقوق الآخرين ،وما يلزمه تجاه مصلحته وسيادة وطنه ومصالح الآخرين
والواجب في الشريعة الإسلامية
هو كل ما ثبت وجوبه بدليل شرعي ،وهو ما يثاب بفعله ويعاقب على تركه إلا بعذر ،أي أن الواجب في الشريعة الإسلامية هو كل ما أوجبه المشرع جل شأنه على الشخص والجماعة ،وكل مأمن شأنه يحقق كرامة الإنسان ومصالحه وأمنه في إطار مصالح الجماعة وأمنها ،وفق إرادة الله تعالى
مصدر الحقوق والواجبات
إن مصدر الحقوق والواجبات بثباتها لأصحابها هو الله سبحانه وتعالى ،فالشريعة الإسلامية تنظر للحق والواجب على أنهما من مقومات كرامة الإنسان هي المعيار لصحة واستقامة أداء الحقوق والواجبات وفق إرادة الله تعالى ،فالحق والواجب في الشريعة الإسلامية مقيدان بتحقيق إرادة الله ومرضاته ،كما أنهما مقيدان بمصلحة الجماعة وعدم الإضرار بالآخرين ،وللناس أن يتعارفوا ويتفقوا على حقوق وواجبات فيما استحدث من أمور حياتهم ، بما لا يتعارض مع إرادة الله وشرعته وبما يضمن تحقيق كرامة الإنسان ومصالحه ، ويحقق إقامة العدل بين الناس
ثالثا "- المواطن في اللغة
تعني (الموافق ،المطاوع )،وواطنه على الأمر (وافقه عليه )،وواطن القوم (عاش معهم في موطن واحد )،والوطن (المكان ،المجلس )،وهو مكان إقامة الإنسان ومقره واليه انتماؤه ،ووطن نفسه على الأمر (حملها عليه ومهدها له )،اتطن وتوطن البلد (اتخذها وطنا ")،وبهذا يتضح من الناحية اللغوية أن المواطن :هو كل إنسان انتمى آلي بلد واتخذه موطنا "وسكنا "ومقرا "لحياته ،ومهد نفسه للعيش فيه
والمواطن اصطلاحا
تعني (كل إنسان ينتمي إلى قوم ويعيش معهم في ارض أو بلد هي ملكهم وحماهم ،وموطن أمنهم واستقرارهم وحقهم في الحياة ،وعليهم واجب الحفاظ عليها وعلى أمنها وسيادتها واستقرارها ووحدة أرضها )
والمواطن في مقاصد الشريعة
هو كل إنسان ينتسب إلى بلد قدر الله له أن ينشأ فيها وينتمي إلى قومها ويعيش معهم ،فهي ملكهم وحماهم وموطن أمنهم واستقرارهم وحقهم في الحياة ،يتحملون جميعا "أمام الله تعالى مسؤولية أمانة عهد الاستخلاف فيها ،وعليهم جميعا "واجب الحفاظ والذود عن سيادتها وأمنها واستقرارها ووحدة أراضيها ،ومن يخالف ذلك وينتهكه إنما هو مخالف ومنتهك لعهد وميثاق المواطنة ،ومخالف لأمانة الحفاظ على مصالح وسيادة الوطن والمستخلفين معه في الوطن الواحد
وبعدفان (المواطن والواجب ولحق )تشكل بنظر الإسلام وقيمته ومبادئه منظومة حياته شرعية متكاملة متلازمة ،وضرورة شرعية وحتمية لضمان كرامة الإنسان وقدسية مصالحة وأمنه واستقراره ،وهي كذلك ضرورة شرعية لتحقيق العدل بين الأفراد والجماعات والناس أجمعين وفق إرادة الله عز وجل
فكرامة الإنسان وفق إرادة الله ومعايير شرعيه الخالدة هي التي تحكم وتضبط معايير وقواعد ممارسة الحقوق والواجبات والمواطنة ،فكل حق أو واجب أو ممارسة وطنية تتعارض أو تتصادم مع كرامة الإنسان وأمنه واستقراره وسيادته وفق إرادة الله تعالى لا اعتبار لها وهي باطلة في نظر الشريعة الإسلامية وقيمتها ،باعتبارها أن كرامة الإنسان والأرض وسلامتها منحة من الله تعالى وأن الحقوق والواجبات قيم متلازمة ومتكاملة لضمانها والمحافظة عليها وفق شرعة الله وارادته،
ومن جهة أخرى فان الحق والواجب في الشريعة الإسلامية أمر أن متقابلان متكاملان ،فكل حق يقرره الإسلام يقابله واجب وعلى الناس كافة أن يحترموا هذه الحقوق والواجبات وألا يتعدوعليها لأنها منحة من الله تعالى وفي مايلي نقدم نماذج للحقوق والواجبات وقيم المواطنة التي يقررها الاسلام في الوطن الواحد وفي اطار التعايش بين المجتمعات الدولية
حق الحياة
إن حياة الإنسان والمحافظة عليها وصونها من أساسيات وثوابت الشريعة الإسلامية ،فالإسلام يقرر أن الاعتداء على البشرية جمعاء (من قتل نفسا" بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا" )،1،وكذلك ينهى الإسلام عن قتل الإنسان لذاته ويشنع مثل هذه الجريمة (ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما"،ومن يفعل ذلك عدوانا" وظلما" فسوف نصليه نارا" وكان ذلك على الله يسيرا" )2،ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يتوجا بها (يضرب بها )في بطنه في نار جهنم خالدا"مخلدا"فيها أبدا"،ومن تردى (أسقط نفسه متعمدا")من جبل فقتل نفسه فهو يتردى في نار جهنم خالدا"فيها أبدا")3 ،وبذلك يشدد الإسلام العقوبة في الدنيا على القاتل بأن يقتل زجرا"لغيره من أن يقدم على نفس الجريمة ،وتطهيرا" للقاتل من شناعة جريمته لينجو في الآخرة من عذاب النار والخلود فيها ،(ولكم في القصاص (عقوبة القتل )حياة يا أولي الألباب )4 ،حياة في الدنيا للناس بقطع دابر الجريمة وحياة في الآخرة للقاتل وقد أخذ عقابه في الحياة الدنيا ،وبالمقابل فان الإسلام يعظم من شأن المحافظة على حياة الإنسان وحماية النفس البشرية تأكيدا"على قدسية حياة الإنسان ،فيقرر أن من أحيا نفسا"(بعفو أو الحيلولة دون قتل أو إنقاذ من تهلكه )فكأنما أحيا الناس جميعا" لقوله الله تعالى (ومن أحياها ـ أي النفس البشرية ـ فكأنما أحيا الناس جميعا" ) 5، ويستوي في ذلك الناس جميعا"لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (من آذى ذميا" فقد آذاني )6،ولقوله عليه الصلاة والسلام (أنا أحق من وفي بذمته) 7،عندما جاء من يسأل عن جواز قتل المسلم بذمي ،ويضيف الفقهاء (أن قتل المسلم إذا قتل ذميا" أبلغ في تحقيق قول الله تعالى ـولكم في القصاص حياة ـ من قتل المسلم بمسلم )8،لأن العداوة الدينية قد تحمل على القتل فكانت الحاجة إلى الزجر بشأنها أشد ،وبهذا يتضح أن الإسلام يؤكد على حرمة حياة الإنسان المواطن وغير المواطن على الإطلاق بصرف النظر عن الجنس أو العرق أو الدين
حق الكرامة
إن الإسلام مثلما يقرر حق الحياة للإنسان يقرر كذلك منحه حق الكرامة ،فالإنسان بالإسلام مكرم لذاته بصرف النظر عن انتمائه القومي أو الجنسي أو اللوني أو الديني ،(ولقد كرمنا بني
آدم )9،وذات مرة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس مع بعض أصحابه فمرت بهم جنازة فقام لها عليه السلام تعظيما" وإجلالا" فقيل له إنها جنازة يهودي فقال عليه السلام (أليست نفسا")10؟
حق العدل
إن العدل هي القضية الأولى في الشريعة الإسلامية وهي من ثوابت مقاصدها في تحقيق كرامة الإنسان ومصالح الناس (إن الله يأمر بالعدل والإحسان )11،وأقامة العدل يمثل إرادة الله تعالى في إقرار المساواة بين العباد ،والتزام العدل والتمسك بمعاييره الربانية هو المعيار الصادق على الأيمان بوحدانية الله والاستسلام فأرادته جل شأنه ،وحيث أن الشرك يمثل أعظم أنواع الظلم (إن الشرك لظلم عظيم )12،فلاشك أن العدل هو التعبير الصادق والبرهان الساطع القاطع على أعظم درجات الإيمان بوحدانية الله تعالى وتعظيم وامتثال أوامره ،ومن أجل هذا فان الإسلام يشدد على إقامة العدل حتى مع وجود الخصومة والعداوة (ولا يجرمنكم شنئان قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى )13
حق الحرية
إن الإسلام وهو يقرر العبودية الخالصة لله تعالى وحده دون غيره من البشر أو الحجر وباقي الأشياء ،فانه يقرر بذلك أقصى وأرقى درجات حرية الإنسان ،ويؤكد رفضه الشديد أن يتخذ الناس بعضهم بعضا" أرابا" من دون الله تعالى ،ويؤكد كذلك رفضه ومقته أن يستبعد الإنسان أو يستذل أو يسترق ،ورغب وأمر في مقاومة الرق والاستبعاد الذي كان سائدا" ومتعارفا" عليه بين الأمم قبل الإسلام ،واعتبر تحرير الإنسان من أقرب القربات إلى الله تعالى ،وأنزل الله جل شأنه نصوصا"قرآنية تأمر وتشجيع على تحرير الإنسان من الرق والاستبعاد (فلا اقتحم العقبة وما أدراك ما العقبة فك رقبة )14،وخصص سهما"من مصارف الزكاة لتحرير الإنسان من الرق علما"بأن جميع مصارف الزكاة فرصة لتحرير الإنسان من الظلم وأعباء الحياة (إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم )15،بل وجعل تحرير الإنسان من الرق والاستبعاد كفارة من الذنوب والآثام مثل كفارة القتل الخطأ (ومن قتل مؤمنا" خطا"فتحرير رقبة )16،ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (من أعتق رقبة أعتق الله بكل عضو منها عضوا"من أعضائه من النار )17،ويقول صلوات الله عليه (من لطم مملوكا"له أو ضربه فكفارته عتقه )18،وعلى أساس من ذلك جاء الإعلان العالمي لتحرير الإنسان على لسان الخليفة الثاني أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه من وراء أربعة عشر قرنا" ونيف (متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أماتهم أحرار")19، وكلكم يعلم أن هذا الإعلان العالمي جاء بمناسبة انتصار عمر بن الخطاب وإنصافه لشاب قبطي من شاب مسلم اعتدى عليه هو ابن والى مصر آنذاك ،بل أمر الشاب القبطي أن يضع السوط الذي ضرب به على رأس والي مصر قائلا"للشاب القبطي :ما كان لابنه أن يضربك إلا بسلطان أبيه ،ثم خاطب عمرو ابن العاص قائلا" (متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أماتهم أحرارا" )،ومن الجدير بالذكر هنا ما جاء على لسان خطيب الثورة الفرنسية ـ لافاييت ـوهو
يتلو بيانها الأول وفي مادته الأولى (يولد الرجل ـ أي دون المرأة ـ حرا " ولا يجوز استعباده ) عندها صمت ـ لافاييت ـ هنيهة ثم قال مخاطبا " عمر بن الخطاب ( أيها الملك العربي أنت الذي حقق العدالة كما هي ) 20
حق المساواة
يقرر الإسلام أن الناس سواسية أمام الشريعة الإسلام (لا فضل لعربي على عجمي ولا لعجمي على عربي ولا لأحمر على أسود على أحمر إلا بالتقوى )21،ولا تفاضل بينهم في تطبيق الأحكام (لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها )22،ولا حماية لأحد لسبب من الأسباب (إلا إن أضعفكم عندي لقوي حتى اخذ الحق له وأقواكم عندي لضعيف حتى اخذ الحق منه ) 23، والناس كلهم في القيمة الإنسانية سواء في معايير الشريعة (كلكم لآدم و أدم من تراب )24،ولا يكون التفاصيل إلا بالعمل (ولكل درجات مما عملوا )25،وان الجميع في المجتمع المسلم متساوون بحق الانتفاع (فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه واليه النشور )26،وأكد الإسلام على المساواة في الأجر عندما يتساوى الجهد وتتماثل الكفاءة والمهارة (فمن يعمل مثقال ذرة خير"يره")27
حق الاعتقاد
لقد قرر الإسلام مبدأ"عاما"في حرية الاعتقاد والتفكير (لكم دينكم ولي دين )28،وقرر في المقابل قاعدة حازمة في عدم الإكراه على الاعتقاد أو الري (لا إكراه في الدين )29،(أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين )30،وقرر احترام مشاعر الآخرين وعدم التعرض بالأذى لهم والنيل من معتقداتهم (ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا" بغير علم كذلك زينا لكل أمة عملهم ثم الى ربهم مرجعهم )31،وذهب الإسلام إلى اكثر من حرية الاعتقاد فقرر حرية ممارسة هذا الاعتقاد ،والاحتكام إلى شريعته فيما يتعلق بالأحوال الشخصية المرتبطة بالمعتقد في إطار السيادة العامة للدولة المسلمة (وكيف يحكمونك وعندهم التوراة فيها حكم الله ثم يتولون من بعد ذلك )32،(وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه )33،(يأهل الكتاب لستم على شيء حتى تقيموا التوراة والإنجيل )34،إلا إذا رغبوا أن يتحاكموا إلي الشريعة الإسلامية فذاك متاح العدل والإنصاف (فان جاءك فاحكم بينهم أو اعرض عنهم وان تعرض عنهم فلن يضروك شيئا"،وان حكمت فاحكم بينهم بالقسط )35
حق التعليم
يقرر الإسلام أن التعليم حق للجميع وأول آية نزلت من القران على رسول الله صلى الله عليه وسلم (اقرأ باسم ربك الذي خلق )36،ويأمر الإسلام في البحث العلمي واستكشاف مكنون السماوات والأرض واستثمارها لصالح الإنسان وكرامته (قل انظروا ماذا في السموات والأرض جميعا" منه )38،(الله الذي سخر لكم البحر لتجري الفلك فيه بأمره )39،(وهو الذي سخر البحر لتأكلوا منه لحما" طريا" )40،(وسخر لكم الأنهار )41،ويقول رسول الله عليه السلام (طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة )42
حق احترام الخصوصيات الشخصية
يقرر الاسلام عدم التجسس على الخصوصيات ( ولا تجسسوا ) وينهي رسول الهدى صلوات الله عليه عن تتبع العورات ( ولا تؤذوا المسلمين ولا تعيروهم ولا تتبعوا عوراتهم ، فانه من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته ، ومن تتبع الله عورته فضحه ولو في جوف رحله )
حق الرعاية
يقرر الإسلام أن من واجب ولي الأمر رعاية مصالح الناس وتأمين ضرورات حياتهم وكرامتهم (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها )45،ويقول عليه السلام (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ..الحديث )46،ويقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه (إن الله استخلفنا فيهم ـأي الناس ـمن أجل سد جوعتهم وستر عورتهم وتأمين مهنتهم )47
هذه مقتطفات مختصرة عن حقوق المواطن في الإسلام أما الواجبات فنذكر منها وباختصار أيضا" ما يلي
واجب المواطن تجاه ربه وخالقه
إن نماذج الحقوق التي ذكرناه آنفا" إنما هي منحة الله تعالى إلى عبادة يوجب الحمد والشكر له سبحانه ،وأول واجبات الشكر إخلاص العبودية لله وعدم الشرك بألوهيته وربو بيته تباركت أسماؤه وتعالت صفاته وتفردت إرادته في خلقه جل شأنه (قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين )48،وأخلاص العبودية لله وعدم الشرك به سبحانه يبعث في النفس البشرية أعلى مراتب الإحساس بالحرية والمساواة مع الغير ،مع ويقرر بالمقابل للإنسان حقين أساسين في الحياة هما
ـ حق التحرر من العبودية والمذلة لغير الله تعالى
ـ حق المساواة مع الناس جميعا"
واجب المواطن تجاه والديه
لقد عظم الإسلام من شأن طاعة الوالدين وقرن ذلك بطاعة سبحانه (وقضى ربك ألا تعبد الا وبالوالدين إحسانا")49،حتى وان جاهداه على الشرك فعليه أن يصاحبهما في الدنيا بالمعروف والإحسان (وان جاهداك لتشرك بي ما ليس به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معرفا")50
بقلم
الدكتور / حامد بن أحمد الرفاعي
الأمين العام المساعد لمؤتمر العالم الإسلامي
رئيس المنتدى الاسلامي العالمي للحوار
عضو هيئة رئاسة المجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة
نقل للفائدة وأعتقد أنه افضل دستور لحياة المسلم
يتبع إلى الصفحة التي تليها بقية الموضوع
فإنني أرى من المفيد أن نوضح معاني الكلمات التي يتكون منها عنوان هذا البحـــــث الحق ،الواجب ،المواطن )، لتتضح الدلالات اللغوية والاصطلاحية والشرعية لهذه العبارات ،مما يساعد على فهم المعاني والمقاصد والرؤى التي ستذكر في تفاصيل هذا الموضوع
أولا"ـ الحق في اللغة
يأخذ حسب حركة تصريفه النحوي معاني كثيرة "منها (حق يحق )فمعناها ـاليقين وإذا كان (حق يحق )فمعناها (الثبوت والوجوب )،(والحق )من أسماء الله وصفاته ،والحق لغة ضد الباطل ،ومن معاني ألحق الاختصاص ،الاستئثار ،الحماية ،والصواب والعدل والاستقامة ..الخ
الحق في المصطلح
(الممتلك من الأمور المادية والمعنوية )مثل حق التملك ،حق الانتفاع ،حق الاعتقاد وممارسته ،حق الكرامة ..الخ
والحق في الشريعة الإسلامية
هو المصلحة الثابتة للشخص على سبيل الاختصاص والاستئثار ،ويقرره المشرع الحكيم ،وهو نوعان
عام ويشمل كل عين أو مصلحة تكون للشخص بمقتضى الشرع ويعني هنا (الملك بأنواعه
خاص ويشمل المصالح الاعتبارية والاتفاقية في عرف الشرع مثل حق الشفعة ،حق القصاص .. الخ
والحق في الشريعة الإسلامية هو منحة يمنحها الخالق جل شأنه للأفراد وفق ما يقضي به صالح الجماعة ،فهو حق مقيد وفق الشريعة الإسلامية بمراعاة مصلحة الآخر وعدم الإضرار بالجماعة ،فليس للفرد مطلق الحرية في استعمال الحق بحيث لا يقيده سلطان شيء ،بل هو مقيد بمصلحة الجماعة وعدم الإضرار بالآخر وحقوقه ،وهذا يستلزم واجبين اثنين
أ- واجب على الناس أن يحترموا حق الشخص ،وأن لا يتعرضوا له في تمتعه في استعمال الحق
ب - واجب على صاحب الحق نفسه أن يستعمل حقه بحيث لا يضر بالآخرين ،وتستوي في هذا سائر الحقوق الخاص والعام
ثانيا"- الواجب
الواجب في اللغة يعني (اللازم )ووجب يعني (لزم وثبت
والواجب في الاصطلاح هو كل ما يلزم الإنسان مراعاته وحفظه ،وعدم انتهاكه من حقوق الآخرين ،وما يلزمه تجاه مصلحته وسيادة وطنه ومصالح الآخرين
والواجب في الشريعة الإسلامية
هو كل ما ثبت وجوبه بدليل شرعي ،وهو ما يثاب بفعله ويعاقب على تركه إلا بعذر ،أي أن الواجب في الشريعة الإسلامية هو كل ما أوجبه المشرع جل شأنه على الشخص والجماعة ،وكل مأمن شأنه يحقق كرامة الإنسان ومصالحه وأمنه في إطار مصالح الجماعة وأمنها ،وفق إرادة الله تعالى
مصدر الحقوق والواجبات
إن مصدر الحقوق والواجبات بثباتها لأصحابها هو الله سبحانه وتعالى ،فالشريعة الإسلامية تنظر للحق والواجب على أنهما من مقومات كرامة الإنسان هي المعيار لصحة واستقامة أداء الحقوق والواجبات وفق إرادة الله تعالى ،فالحق والواجب في الشريعة الإسلامية مقيدان بتحقيق إرادة الله ومرضاته ،كما أنهما مقيدان بمصلحة الجماعة وعدم الإضرار بالآخرين ،وللناس أن يتعارفوا ويتفقوا على حقوق وواجبات فيما استحدث من أمور حياتهم ، بما لا يتعارض مع إرادة الله وشرعته وبما يضمن تحقيق كرامة الإنسان ومصالحه ، ويحقق إقامة العدل بين الناس
ثالثا "- المواطن في اللغة
تعني (الموافق ،المطاوع )،وواطنه على الأمر (وافقه عليه )،وواطن القوم (عاش معهم في موطن واحد )،والوطن (المكان ،المجلس )،وهو مكان إقامة الإنسان ومقره واليه انتماؤه ،ووطن نفسه على الأمر (حملها عليه ومهدها له )،اتطن وتوطن البلد (اتخذها وطنا ")،وبهذا يتضح من الناحية اللغوية أن المواطن :هو كل إنسان انتمى آلي بلد واتخذه موطنا "وسكنا "ومقرا "لحياته ،ومهد نفسه للعيش فيه
والمواطن اصطلاحا
تعني (كل إنسان ينتمي إلى قوم ويعيش معهم في ارض أو بلد هي ملكهم وحماهم ،وموطن أمنهم واستقرارهم وحقهم في الحياة ،وعليهم واجب الحفاظ عليها وعلى أمنها وسيادتها واستقرارها ووحدة أرضها )
والمواطن في مقاصد الشريعة
هو كل إنسان ينتسب إلى بلد قدر الله له أن ينشأ فيها وينتمي إلى قومها ويعيش معهم ،فهي ملكهم وحماهم وموطن أمنهم واستقرارهم وحقهم في الحياة ،يتحملون جميعا "أمام الله تعالى مسؤولية أمانة عهد الاستخلاف فيها ،وعليهم جميعا "واجب الحفاظ والذود عن سيادتها وأمنها واستقرارها ووحدة أراضيها ،ومن يخالف ذلك وينتهكه إنما هو مخالف ومنتهك لعهد وميثاق المواطنة ،ومخالف لأمانة الحفاظ على مصالح وسيادة الوطن والمستخلفين معه في الوطن الواحد
وبعدفان (المواطن والواجب ولحق )تشكل بنظر الإسلام وقيمته ومبادئه منظومة حياته شرعية متكاملة متلازمة ،وضرورة شرعية وحتمية لضمان كرامة الإنسان وقدسية مصالحة وأمنه واستقراره ،وهي كذلك ضرورة شرعية لتحقيق العدل بين الأفراد والجماعات والناس أجمعين وفق إرادة الله عز وجل
فكرامة الإنسان وفق إرادة الله ومعايير شرعيه الخالدة هي التي تحكم وتضبط معايير وقواعد ممارسة الحقوق والواجبات والمواطنة ،فكل حق أو واجب أو ممارسة وطنية تتعارض أو تتصادم مع كرامة الإنسان وأمنه واستقراره وسيادته وفق إرادة الله تعالى لا اعتبار لها وهي باطلة في نظر الشريعة الإسلامية وقيمتها ،باعتبارها أن كرامة الإنسان والأرض وسلامتها منحة من الله تعالى وأن الحقوق والواجبات قيم متلازمة ومتكاملة لضمانها والمحافظة عليها وفق شرعة الله وارادته،
ومن جهة أخرى فان الحق والواجب في الشريعة الإسلامية أمر أن متقابلان متكاملان ،فكل حق يقرره الإسلام يقابله واجب وعلى الناس كافة أن يحترموا هذه الحقوق والواجبات وألا يتعدوعليها لأنها منحة من الله تعالى وفي مايلي نقدم نماذج للحقوق والواجبات وقيم المواطنة التي يقررها الاسلام في الوطن الواحد وفي اطار التعايش بين المجتمعات الدولية
حق الحياة
إن حياة الإنسان والمحافظة عليها وصونها من أساسيات وثوابت الشريعة الإسلامية ،فالإسلام يقرر أن الاعتداء على البشرية جمعاء (من قتل نفسا" بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا" )،1،وكذلك ينهى الإسلام عن قتل الإنسان لذاته ويشنع مثل هذه الجريمة (ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما"،ومن يفعل ذلك عدوانا" وظلما" فسوف نصليه نارا" وكان ذلك على الله يسيرا" )2،ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يتوجا بها (يضرب بها )في بطنه في نار جهنم خالدا"مخلدا"فيها أبدا"،ومن تردى (أسقط نفسه متعمدا")من جبل فقتل نفسه فهو يتردى في نار جهنم خالدا"فيها أبدا")3 ،وبذلك يشدد الإسلام العقوبة في الدنيا على القاتل بأن يقتل زجرا"لغيره من أن يقدم على نفس الجريمة ،وتطهيرا" للقاتل من شناعة جريمته لينجو في الآخرة من عذاب النار والخلود فيها ،(ولكم في القصاص (عقوبة القتل )حياة يا أولي الألباب )4 ،حياة في الدنيا للناس بقطع دابر الجريمة وحياة في الآخرة للقاتل وقد أخذ عقابه في الحياة الدنيا ،وبالمقابل فان الإسلام يعظم من شأن المحافظة على حياة الإنسان وحماية النفس البشرية تأكيدا"على قدسية حياة الإنسان ،فيقرر أن من أحيا نفسا"(بعفو أو الحيلولة دون قتل أو إنقاذ من تهلكه )فكأنما أحيا الناس جميعا" لقوله الله تعالى (ومن أحياها ـ أي النفس البشرية ـ فكأنما أحيا الناس جميعا" ) 5، ويستوي في ذلك الناس جميعا"لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (من آذى ذميا" فقد آذاني )6،ولقوله عليه الصلاة والسلام (أنا أحق من وفي بذمته) 7،عندما جاء من يسأل عن جواز قتل المسلم بذمي ،ويضيف الفقهاء (أن قتل المسلم إذا قتل ذميا" أبلغ في تحقيق قول الله تعالى ـولكم في القصاص حياة ـ من قتل المسلم بمسلم )8،لأن العداوة الدينية قد تحمل على القتل فكانت الحاجة إلى الزجر بشأنها أشد ،وبهذا يتضح أن الإسلام يؤكد على حرمة حياة الإنسان المواطن وغير المواطن على الإطلاق بصرف النظر عن الجنس أو العرق أو الدين
حق الكرامة
إن الإسلام مثلما يقرر حق الحياة للإنسان يقرر كذلك منحه حق الكرامة ،فالإنسان بالإسلام مكرم لذاته بصرف النظر عن انتمائه القومي أو الجنسي أو اللوني أو الديني ،(ولقد كرمنا بني
آدم )9،وذات مرة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس مع بعض أصحابه فمرت بهم جنازة فقام لها عليه السلام تعظيما" وإجلالا" فقيل له إنها جنازة يهودي فقال عليه السلام (أليست نفسا")10؟
حق العدل
إن العدل هي القضية الأولى في الشريعة الإسلامية وهي من ثوابت مقاصدها في تحقيق كرامة الإنسان ومصالح الناس (إن الله يأمر بالعدل والإحسان )11،وأقامة العدل يمثل إرادة الله تعالى في إقرار المساواة بين العباد ،والتزام العدل والتمسك بمعاييره الربانية هو المعيار الصادق على الأيمان بوحدانية الله والاستسلام فأرادته جل شأنه ،وحيث أن الشرك يمثل أعظم أنواع الظلم (إن الشرك لظلم عظيم )12،فلاشك أن العدل هو التعبير الصادق والبرهان الساطع القاطع على أعظم درجات الإيمان بوحدانية الله تعالى وتعظيم وامتثال أوامره ،ومن أجل هذا فان الإسلام يشدد على إقامة العدل حتى مع وجود الخصومة والعداوة (ولا يجرمنكم شنئان قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى )13
حق الحرية
إن الإسلام وهو يقرر العبودية الخالصة لله تعالى وحده دون غيره من البشر أو الحجر وباقي الأشياء ،فانه يقرر بذلك أقصى وأرقى درجات حرية الإنسان ،ويؤكد رفضه الشديد أن يتخذ الناس بعضهم بعضا" أرابا" من دون الله تعالى ،ويؤكد كذلك رفضه ومقته أن يستبعد الإنسان أو يستذل أو يسترق ،ورغب وأمر في مقاومة الرق والاستبعاد الذي كان سائدا" ومتعارفا" عليه بين الأمم قبل الإسلام ،واعتبر تحرير الإنسان من أقرب القربات إلى الله تعالى ،وأنزل الله جل شأنه نصوصا"قرآنية تأمر وتشجيع على تحرير الإنسان من الرق والاستبعاد (فلا اقتحم العقبة وما أدراك ما العقبة فك رقبة )14،وخصص سهما"من مصارف الزكاة لتحرير الإنسان من الرق علما"بأن جميع مصارف الزكاة فرصة لتحرير الإنسان من الظلم وأعباء الحياة (إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم )15،بل وجعل تحرير الإنسان من الرق والاستبعاد كفارة من الذنوب والآثام مثل كفارة القتل الخطأ (ومن قتل مؤمنا" خطا"فتحرير رقبة )16،ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (من أعتق رقبة أعتق الله بكل عضو منها عضوا"من أعضائه من النار )17،ويقول صلوات الله عليه (من لطم مملوكا"له أو ضربه فكفارته عتقه )18،وعلى أساس من ذلك جاء الإعلان العالمي لتحرير الإنسان على لسان الخليفة الثاني أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه من وراء أربعة عشر قرنا" ونيف (متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أماتهم أحرار")19، وكلكم يعلم أن هذا الإعلان العالمي جاء بمناسبة انتصار عمر بن الخطاب وإنصافه لشاب قبطي من شاب مسلم اعتدى عليه هو ابن والى مصر آنذاك ،بل أمر الشاب القبطي أن يضع السوط الذي ضرب به على رأس والي مصر قائلا"للشاب القبطي :ما كان لابنه أن يضربك إلا بسلطان أبيه ،ثم خاطب عمرو ابن العاص قائلا" (متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أماتهم أحرارا" )،ومن الجدير بالذكر هنا ما جاء على لسان خطيب الثورة الفرنسية ـ لافاييت ـوهو
يتلو بيانها الأول وفي مادته الأولى (يولد الرجل ـ أي دون المرأة ـ حرا " ولا يجوز استعباده ) عندها صمت ـ لافاييت ـ هنيهة ثم قال مخاطبا " عمر بن الخطاب ( أيها الملك العربي أنت الذي حقق العدالة كما هي ) 20
حق المساواة
يقرر الإسلام أن الناس سواسية أمام الشريعة الإسلام (لا فضل لعربي على عجمي ولا لعجمي على عربي ولا لأحمر على أسود على أحمر إلا بالتقوى )21،ولا تفاضل بينهم في تطبيق الأحكام (لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها )22،ولا حماية لأحد لسبب من الأسباب (إلا إن أضعفكم عندي لقوي حتى اخذ الحق له وأقواكم عندي لضعيف حتى اخذ الحق منه ) 23، والناس كلهم في القيمة الإنسانية سواء في معايير الشريعة (كلكم لآدم و أدم من تراب )24،ولا يكون التفاصيل إلا بالعمل (ولكل درجات مما عملوا )25،وان الجميع في المجتمع المسلم متساوون بحق الانتفاع (فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه واليه النشور )26،وأكد الإسلام على المساواة في الأجر عندما يتساوى الجهد وتتماثل الكفاءة والمهارة (فمن يعمل مثقال ذرة خير"يره")27
حق الاعتقاد
لقد قرر الإسلام مبدأ"عاما"في حرية الاعتقاد والتفكير (لكم دينكم ولي دين )28،وقرر في المقابل قاعدة حازمة في عدم الإكراه على الاعتقاد أو الري (لا إكراه في الدين )29،(أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين )30،وقرر احترام مشاعر الآخرين وعدم التعرض بالأذى لهم والنيل من معتقداتهم (ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا" بغير علم كذلك زينا لكل أمة عملهم ثم الى ربهم مرجعهم )31،وذهب الإسلام إلى اكثر من حرية الاعتقاد فقرر حرية ممارسة هذا الاعتقاد ،والاحتكام إلى شريعته فيما يتعلق بالأحوال الشخصية المرتبطة بالمعتقد في إطار السيادة العامة للدولة المسلمة (وكيف يحكمونك وعندهم التوراة فيها حكم الله ثم يتولون من بعد ذلك )32،(وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه )33،(يأهل الكتاب لستم على شيء حتى تقيموا التوراة والإنجيل )34،إلا إذا رغبوا أن يتحاكموا إلي الشريعة الإسلامية فذاك متاح العدل والإنصاف (فان جاءك فاحكم بينهم أو اعرض عنهم وان تعرض عنهم فلن يضروك شيئا"،وان حكمت فاحكم بينهم بالقسط )35
حق التعليم
يقرر الإسلام أن التعليم حق للجميع وأول آية نزلت من القران على رسول الله صلى الله عليه وسلم (اقرأ باسم ربك الذي خلق )36،ويأمر الإسلام في البحث العلمي واستكشاف مكنون السماوات والأرض واستثمارها لصالح الإنسان وكرامته (قل انظروا ماذا في السموات والأرض جميعا" منه )38،(الله الذي سخر لكم البحر لتجري الفلك فيه بأمره )39،(وهو الذي سخر البحر لتأكلوا منه لحما" طريا" )40،(وسخر لكم الأنهار )41،ويقول رسول الله عليه السلام (طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة )42
حق احترام الخصوصيات الشخصية
يقرر الاسلام عدم التجسس على الخصوصيات ( ولا تجسسوا ) وينهي رسول الهدى صلوات الله عليه عن تتبع العورات ( ولا تؤذوا المسلمين ولا تعيروهم ولا تتبعوا عوراتهم ، فانه من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته ، ومن تتبع الله عورته فضحه ولو في جوف رحله )
حق الرعاية
يقرر الإسلام أن من واجب ولي الأمر رعاية مصالح الناس وتأمين ضرورات حياتهم وكرامتهم (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها )45،ويقول عليه السلام (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ..الحديث )46،ويقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه (إن الله استخلفنا فيهم ـأي الناس ـمن أجل سد جوعتهم وستر عورتهم وتأمين مهنتهم )47
هذه مقتطفات مختصرة عن حقوق المواطن في الإسلام أما الواجبات فنذكر منها وباختصار أيضا" ما يلي
واجب المواطن تجاه ربه وخالقه
إن نماذج الحقوق التي ذكرناه آنفا" إنما هي منحة الله تعالى إلى عبادة يوجب الحمد والشكر له سبحانه ،وأول واجبات الشكر إخلاص العبودية لله وعدم الشرك بألوهيته وربو بيته تباركت أسماؤه وتعالت صفاته وتفردت إرادته في خلقه جل شأنه (قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين )48،وأخلاص العبودية لله وعدم الشرك به سبحانه يبعث في النفس البشرية أعلى مراتب الإحساس بالحرية والمساواة مع الغير ،مع ويقرر بالمقابل للإنسان حقين أساسين في الحياة هما
ـ حق التحرر من العبودية والمذلة لغير الله تعالى
ـ حق المساواة مع الناس جميعا"
واجب المواطن تجاه والديه
لقد عظم الإسلام من شأن طاعة الوالدين وقرن ذلك بطاعة سبحانه (وقضى ربك ألا تعبد الا وبالوالدين إحسانا")49،حتى وان جاهداه على الشرك فعليه أن يصاحبهما في الدنيا بالمعروف والإحسان (وان جاهداك لتشرك بي ما ليس به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معرفا")50
بقلم
الدكتور / حامد بن أحمد الرفاعي
الأمين العام المساعد لمؤتمر العالم الإسلامي
رئيس المنتدى الاسلامي العالمي للحوار
عضو هيئة رئاسة المجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة
نقل للفائدة وأعتقد أنه افضل دستور لحياة المسلم
يتبع إلى الصفحة التي تليها بقية الموضوع