تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : أتعبتينا يادار



امـ حمد
13-07-2011, 05:46 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أتعبتينا يا دار

ما أجمل الدنيا وزينتها,وبهجتها وزخرفها,
طعام وشراب ,ومتاع وشهوات ولذات,ولعب ولهو,وأماني,تلك

هي الدنيا,والإنسان المؤمن,كبير في تصوراته واعتقاداته,كبير في طموحاته وأعماله, كبير على الدنيا

الصغيرة,يتطلع لحياة كاملة، أبدية، لا فيها حزن ولا نصب ,ولا هم ولا تعب, فيسعى ليقضى حاجاته الضرورية،

في هذه الدنيا، دار الممر,ليصل إلى دار الاستقرار، عند الملك العزيز الغفار,الدنيا,دار مليئة بالتعب والمشقة,والهموم

والآلام, وكلنا حتما سيتجرع من كأسها المر، ويتذوق حرارتها المؤلمة,الإنسان المؤمن العاقل، نظر لدنيا نظرة

تختلف تماماّ عن نظرة طلابها لها,إنها دار فانية, فمهما أخذنا منها,فلن نحصل إلا على أقل القليل, ومهما سعدنا في أيامها

وأعطتنا من خيرها فإلى زوال محتوم,والإنسان,إذا عاش يتطلع إليها، وينتظر السعادة والمتاع فيها, فسيعيش أتعس

وأصعب حياة,لأنه ربط سعادته بدار لا أمان لها,فمن ذا الذي طابت له الدنيا بأكملها,كذلك,سيعيش في صراع وحقد وحسد

دائم مع طلابها,قال تعالى(وما الحياة الدنيا إلا لعب ولهو وللدار الأخرة خير للذين يتقون أفلا تعقلون)أتعبتينا يا

دار,أفنيتي شبابنا، وحطمتي آمالنا، وزودتي آلامنا,
خدعتينا يا دار,تزينت وتزخرفت لنا، وتلونت بألوان شتى

لتجذبينا، وتلألأت بأنوار مبهجة لتسحرينا,قلتي لنا,أنا كبيرة، طويلة الأجل، واسعة المدى,فاسرحوا في آمالكم وأمنياتكم,

ولكنك خنتينا,لطالما عشنا فيك، وتجرعنا كؤوس الألم والهم,لا أمان لك يا دار,كم من فتى وفتاه,تعبوا وشقوا وأفنوا

شبابهم لينالوا نعيمك، وما أن حصلوا عليه إلا سلبتيه منهم.
تلك الفتاه الحالمة بفتى الأحلام,ظلت تنتظر، وتحلم، وتتمنى,

وهو أيضا ظل يسعى ليحقق أحلامه، وما أن عثر على شريكه حياته، وبدأت السعادة ترفرف حولهما,

مرة يفرقهما الشجار، ومرة أخرى الطلاق، وأخيراّ الموت,
وا عجباّ لك يا دنيا,ذهب الهناء، وبقي العناء,وذالك الرجل،

يجمع المال، يكد ويتعب، يسعى بكل جهده, ليبني قصرا أو بيتا، وما أن كمل البناء، وبدأ ينتقل إلى ذالك البيت,هناك

الهدم، والحسد، وسوء الجار، وخبث الأشرار،وهو يقلب فكره بين كل أولئك,نسي الهناء,وتقلب في العناء,ذاك هو هناءك يا

دنيا,لحظات ثم يخيم العناء,قال تعالى( لكي لا تأسوا على مافاتكم ولا تفرحوا بما أتاكم والله لا يحب كل مختال فخور)

وهؤلاء أصحاب الآمال والأحلام,ظلوا ينتظرون وينتظرون تحقيقها، ولكن, فاجأهم الموت قبل أن تتحقق,يكفي أملاً, يكفي

توهماً,نعوذ بالله منك, كم من محب,أحبك من أعماق قلبه، وعاش وأفنى حياته من أجلك، وقدم الغالي والنفيس لينالك،

وجرى ولهث ورائك ليحصل عليك,وكم من عاق لوالديه، تاركاً لهما، معرضا عنهما, ليكسب رضاك,كم من شيخ هرم،

رق عظمه، وانحنى ظهره، وأفنى شبابه مخدوعا,من أجل الحصول عليك, بسببك,تقطعت الأرحام، وتفككت الأوصال،

وتشتت القلوب والأرواح، وسفك الدماء، وأُعتدي على الحرمات والأعراض، وسلب المال, وضاع الوفاء

والإخاء,قال رسول الله صلى الله عليه وسلم( من كانت الآخرة همه جعل الله غناه في قلبه، وجمع له شمله وأتته الدنيا

وهي راغمة ومن كانت الدنيا همه جعل الله فقره بين عينيه وفرق عليه شمله ولم يأته من الدنيا إلا ما قدر له)يا دار,لو

أعطيتني كل ما أتمنى,وأغدقتي بجميع خيراتك,لا أمان لك,ولا استقرار ولا ثبات,قال تعالى(وما أوتيتم من شيء

فمتاع الحياة الدنيا وزينتها وما عند الله خير وأبقى أفلا تعقلون)يا من, حصل على أعلى الرتب، وجمع الأموال

العظيمة، وعاش في القصور، وتنقلب بين البلاد والعباد، وتلذذ وتمتع,هل وجدت الراحة والسعادة، هل انتهت أمنياتك،

هل ضمنت استقرار النعيم(والله مهما بلغت من هناء الدنيا، فلن تخلو حياتك من العناء,انظر لمن ملك الدنيا بأجمعها, هل

راح منها بغير القطن والكفن,قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(لو كان لابن آدم واديان من ذهب لأحب أن يكون له

ثالثا ، ولايملأ فاه إلا التراب ويتوب الله على من تاب)لا حد للأماني فيك,فإلى متى نحلم,وقال عليه الصلاة والسلام(قد

أفلح من أسلم، وكان رزقه كفافا، وقنعه الله بما آتاه)أليس قطار الموت ينتظرنا,فهلا تجهزنا لذلك السفر البعيـد,هذه

دارنا الدنيا,فيها المسرات والأفراح، لكنها مليئة بالأكدار والأتراح,فكم من عابد طلقها واستراح، ومضى إلى الآخرة

وراح,قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(مالي وللدنيا ، ما أنا في الدنيا إلا كراكب استظل تحت شجرة ، ثم راح

وتركها)والله تعالى,أعطى للإنسان المكرم، العقل,ثم حرية الاختيار, إما الحياة الدنيا فقط والثواب فيها أيضا فقط,وإما

الحياة الدنيا مع الآخرة، والثواب والجزاء فيهما جميعا,وللعاقل أن يختار ما يشاء,ولكن,من أراد الآخرة،

فيجب عليه العمل لها,والسعي لتحصيلها,بفعل الخير واجتناب الشر,هناك السعادة الحقيقية، والهناء الدائم، والراحة

التامة في, جنة الخلود ,ولكن لنجعل الدنيا في أيدينا ,لا في قلوبنا، مع الحذر منها، والقناعة فيها,اعلم,أن من عاش حياته

في طاعة، فسيخرج من تلك الدار على طاعة,ومن عاش على معصية، فلا يلومن إلا نفسه، والأعمال بالخواتيم.

Abdulraman
13-07-2011, 06:51 AM
جزاكم الله الف خير على الموضوع الحلو وان شاءالله في ميزان حسناتكم

امـ حمد
13-07-2011, 03:31 PM
جزاكم الله الف خير على الموضوع الحلو وان شاءالله في ميزان حسناتكم






وبارك الله فيك اخوي

وجزاك ربي جنة الفردوس