شمعة الحب
13-05-2006, 02:36 PM
تعثر مفاوضات التجارة الحرة بين قطر وأمريكا .. لماذا؟
د. جاسم حسين - 15/04/1427هـ
jasim.husain@gmail.com
يبدو أن الأمور لا تسير في الاتجاه الصحيح فيما يخص مقترح إقامة منطقة للتجارة بين كل من قطر والولايات المتحدة، بل إن الغموض لا يزال يكتنف المسألة برمتها بعد ظهور آراء متباينة في أقوال كل من السفير القطري في واشنطن ونظيره السفير الأمريكي في الدوحة.
باختصار يمكن القول إن قطر غير مستعدة للرضوخ للشروط الأمريكية فيما يخص هدف إقامة منطقة حرة للتجارة. حقيقة كان لافتا ما قاله ناصر بن حمد خليفة السفير القطري في العاصمة الأمريكية لصحيفة "الشرق" القطرية, إن حكومته ليست مستعدة لإجراء تغييرات في قوانينها بحجة أنها كافية وملائمة لشروط منظمة التجارة العالمية. الجدير ذكره أن قطر عضو في منظمة التجارة العالمية. المعروف أن الجانب الأمريكي يصر أثناء المفاوضات على تغييرات محددة في قوانين الدولة الأخرى قبل إبرام اتفاقية ثنائية للتجارة الحرة.
قضية العمالة الوافدة
ويفهم من حديث السفير القطري أن بلاده ليست مستعدة لتغيير قوانين العمل المعمول لديها على خلفية أن العمالة الوافدة تشكل الأغلبية في القوى العاملة. تبلغ نسبة العمالة الوافدة نحو 80 في المائة من مجموع القوى العاملة في قطر، فاتفاقيات التجارة الحرة التي تبرمها أمريكا تطالب بنسبة من التمثيل الوطني في السلع والخدمات حتى تتأهل للدخول إلى السوق الأمريكية معفاة من الضرائب. يبقى أن هذه الاتفاقيات تتجنب في العادة التطرق إلى قوانين العمل المحلية باستثناء تلك المنصوص عليها ضمن مبادئ منظمة العمل الدولية مثل محاربة توظيف الأطفال والتمييز بين العمال على أسس عرقية أو دينية أو غيرها.
المعاملة التفضيلية
إضافة إلى ذلك, أشار السفير القطري إلى مسألة المعاملة التفضيلية في الاتفاقيات الثنائية، فقد ذكر السفير أن التي تنتجها قطر لا تحتاج إلى معاملة تفضيلية سواء من أمريكا أو الدول الأخرى في أحسن الأحوال، فغالبية السلع القطرية المصدرة عبارة عن النفط الخام والغاز الطبيعي ومنتجات الغاز فضلا عن البتروكيماويات. بمعنى آخر, فإن السلع القطرية مطلوبة في العالم بسبب خصوصياتها وعليه ليست بحاجة إلى أي نوع من المعاملة التفضيلية.
رد السفير الأمريكي
من جانبه قلل السفير الأمريكي في الدوحة تشيش اندرماير من أهمية ما قاله نظيره القطري، فقد أكد السفير اندرماير أن الجانبين الأمريكي والقطري لم يتفقا أصلا على بدء المحادثات الثنائية لإقامة منطقة للتجارة بين البلدين. يذكر أن أمريكا وقطر وقعتا اتفاقية إطار ثنائية للتجارة والاستثمار في آذار (مارس) من عام 2004. على كل حال فلدى أمريكا اتفاقيات مشابهة مع ثماني دول أخرى في الشرق الأوسط. كما ترتبط أمريكا باتفاقيات للتجارة الحرة مع كل من الأردن، المغرب، والبحرين. أيضا أبرمت في شهر كانون الثاني (يناير) من العام الجاري اتفاقية ثنائية للتجارة الحرة مع سلطنة عمان، لكنها لم تبدأ بعد مرحلة التصديق عليها.
التجارة البينية
أما بخصوص التجارة بين أمريكا وقطر, فحسب مكتب الإحصاءات الأمريكي بلغت قيمة التجارة البينية مليارا و430 مليون دولار في عام 2005. وقد تمتعت أمريكا بفائض ضخم مقداره 538 مليون دولار على خلفية تصديرها سلعا وخدمات بقيمة 986 مليون دولار إلى قطر. وعلى هذا الأساس المفترض أن تعمل قطر للاستفادة من الاتفاقية الثنائية للدخول إلى السوق الأمريكية. بيد أنه لا ترى قطر بالضرورة توافر فرصة لزيادة صادراتها إلى أمريكا بواسطة اتفاقية للتجارة الحرة. حقيقة يتوقع أن تتمكن قطر في السنوات القليلة المقبلة من تسجيل زيادة نوعية في صادراتها من الغاز إلى بعض الشركات الأمريكية لغرض تأسيس مصانع معالجة الغاز الطبيعي في الأراضي الأمريكية.
تجربة البحرين
صراحة يمكن تفهم الموقف القطري المتصلب وذلك بالنظر إلى الظروف الصعبة التي مرت بها البحرين أثناء حصولها على الموافقة الأمريكية لتنفيذ اتفاقية التجارة الحرة، فقد وقعت كل من البحرين وأمريكا على اتفاقية لإنشاء منطقة للتجارة الحرة في أيلول (سبتمبر) من عام 2004. ونجحت البحرين في المصادقة على الاتفاقية في صيف عام 2005. أما فيما يخص الجانب الأمريكي فقد وافق الكونجرس على الاتفاقية في نهاية العام الماضي ووقعها الرئيس جورج بوش في بداية العام الحالي، لكن تبين أن المطلوب من السلطات البحرينية تنفيذ شرط آخر يتمثل في استصدار تشريع يعالج موضوع الملكية ويتضمن غرامات وجزاءات محددة للمخالفين. يتعلق الموضوع بوجود ضمانات لاحترام الحقوق المتعلقة ببرامج الكمبيوتر فضلا عن أقراص "سي دي"، إضافة إلى نشر الكتب, أي كل ما له علاقة بالإبداع الذهني. وتبين حديثا أن الاتفاقية سوف تدخل حيز التنفيذ في بداية شهر تموز (يوليو) في أحسن الأحوال، وذلك بعد مصادقة البرلمان ومجلس الشورى على مشروع قرار يضمن حقوق المؤلف والحقوق المجاورة.
ختاما لم تنف الحكومة القطرية ما جاء على لسان ممثلها في واشنطن ما يعني أن ما قاله السفير يمثل وجهة النظر الرسمية.
باختصار يمكن القول إن قطر غير راغبة لتغيير أوضاعها الاقتصادية لغرض إبرام اتفاقية للتجارة الحرة مع أمريكا.
د. جاسم حسين - 15/04/1427هـ
jasim.husain@gmail.com
يبدو أن الأمور لا تسير في الاتجاه الصحيح فيما يخص مقترح إقامة منطقة للتجارة بين كل من قطر والولايات المتحدة، بل إن الغموض لا يزال يكتنف المسألة برمتها بعد ظهور آراء متباينة في أقوال كل من السفير القطري في واشنطن ونظيره السفير الأمريكي في الدوحة.
باختصار يمكن القول إن قطر غير مستعدة للرضوخ للشروط الأمريكية فيما يخص هدف إقامة منطقة حرة للتجارة. حقيقة كان لافتا ما قاله ناصر بن حمد خليفة السفير القطري في العاصمة الأمريكية لصحيفة "الشرق" القطرية, إن حكومته ليست مستعدة لإجراء تغييرات في قوانينها بحجة أنها كافية وملائمة لشروط منظمة التجارة العالمية. الجدير ذكره أن قطر عضو في منظمة التجارة العالمية. المعروف أن الجانب الأمريكي يصر أثناء المفاوضات على تغييرات محددة في قوانين الدولة الأخرى قبل إبرام اتفاقية ثنائية للتجارة الحرة.
قضية العمالة الوافدة
ويفهم من حديث السفير القطري أن بلاده ليست مستعدة لتغيير قوانين العمل المعمول لديها على خلفية أن العمالة الوافدة تشكل الأغلبية في القوى العاملة. تبلغ نسبة العمالة الوافدة نحو 80 في المائة من مجموع القوى العاملة في قطر، فاتفاقيات التجارة الحرة التي تبرمها أمريكا تطالب بنسبة من التمثيل الوطني في السلع والخدمات حتى تتأهل للدخول إلى السوق الأمريكية معفاة من الضرائب. يبقى أن هذه الاتفاقيات تتجنب في العادة التطرق إلى قوانين العمل المحلية باستثناء تلك المنصوص عليها ضمن مبادئ منظمة العمل الدولية مثل محاربة توظيف الأطفال والتمييز بين العمال على أسس عرقية أو دينية أو غيرها.
المعاملة التفضيلية
إضافة إلى ذلك, أشار السفير القطري إلى مسألة المعاملة التفضيلية في الاتفاقيات الثنائية، فقد ذكر السفير أن التي تنتجها قطر لا تحتاج إلى معاملة تفضيلية سواء من أمريكا أو الدول الأخرى في أحسن الأحوال، فغالبية السلع القطرية المصدرة عبارة عن النفط الخام والغاز الطبيعي ومنتجات الغاز فضلا عن البتروكيماويات. بمعنى آخر, فإن السلع القطرية مطلوبة في العالم بسبب خصوصياتها وعليه ليست بحاجة إلى أي نوع من المعاملة التفضيلية.
رد السفير الأمريكي
من جانبه قلل السفير الأمريكي في الدوحة تشيش اندرماير من أهمية ما قاله نظيره القطري، فقد أكد السفير اندرماير أن الجانبين الأمريكي والقطري لم يتفقا أصلا على بدء المحادثات الثنائية لإقامة منطقة للتجارة بين البلدين. يذكر أن أمريكا وقطر وقعتا اتفاقية إطار ثنائية للتجارة والاستثمار في آذار (مارس) من عام 2004. على كل حال فلدى أمريكا اتفاقيات مشابهة مع ثماني دول أخرى في الشرق الأوسط. كما ترتبط أمريكا باتفاقيات للتجارة الحرة مع كل من الأردن، المغرب، والبحرين. أيضا أبرمت في شهر كانون الثاني (يناير) من العام الجاري اتفاقية ثنائية للتجارة الحرة مع سلطنة عمان، لكنها لم تبدأ بعد مرحلة التصديق عليها.
التجارة البينية
أما بخصوص التجارة بين أمريكا وقطر, فحسب مكتب الإحصاءات الأمريكي بلغت قيمة التجارة البينية مليارا و430 مليون دولار في عام 2005. وقد تمتعت أمريكا بفائض ضخم مقداره 538 مليون دولار على خلفية تصديرها سلعا وخدمات بقيمة 986 مليون دولار إلى قطر. وعلى هذا الأساس المفترض أن تعمل قطر للاستفادة من الاتفاقية الثنائية للدخول إلى السوق الأمريكية. بيد أنه لا ترى قطر بالضرورة توافر فرصة لزيادة صادراتها إلى أمريكا بواسطة اتفاقية للتجارة الحرة. حقيقة يتوقع أن تتمكن قطر في السنوات القليلة المقبلة من تسجيل زيادة نوعية في صادراتها من الغاز إلى بعض الشركات الأمريكية لغرض تأسيس مصانع معالجة الغاز الطبيعي في الأراضي الأمريكية.
تجربة البحرين
صراحة يمكن تفهم الموقف القطري المتصلب وذلك بالنظر إلى الظروف الصعبة التي مرت بها البحرين أثناء حصولها على الموافقة الأمريكية لتنفيذ اتفاقية التجارة الحرة، فقد وقعت كل من البحرين وأمريكا على اتفاقية لإنشاء منطقة للتجارة الحرة في أيلول (سبتمبر) من عام 2004. ونجحت البحرين في المصادقة على الاتفاقية في صيف عام 2005. أما فيما يخص الجانب الأمريكي فقد وافق الكونجرس على الاتفاقية في نهاية العام الماضي ووقعها الرئيس جورج بوش في بداية العام الحالي، لكن تبين أن المطلوب من السلطات البحرينية تنفيذ شرط آخر يتمثل في استصدار تشريع يعالج موضوع الملكية ويتضمن غرامات وجزاءات محددة للمخالفين. يتعلق الموضوع بوجود ضمانات لاحترام الحقوق المتعلقة ببرامج الكمبيوتر فضلا عن أقراص "سي دي"، إضافة إلى نشر الكتب, أي كل ما له علاقة بالإبداع الذهني. وتبين حديثا أن الاتفاقية سوف تدخل حيز التنفيذ في بداية شهر تموز (يوليو) في أحسن الأحوال، وذلك بعد مصادقة البرلمان ومجلس الشورى على مشروع قرار يضمن حقوق المؤلف والحقوق المجاورة.
ختاما لم تنف الحكومة القطرية ما جاء على لسان ممثلها في واشنطن ما يعني أن ما قاله السفير يمثل وجهة النظر الرسمية.
باختصار يمكن القول إن قطر غير راغبة لتغيير أوضاعها الاقتصادية لغرض إبرام اتفاقية للتجارة الحرة مع أمريكا.