المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ياعبادي إني حرمت الظلم على نفسي



امـ حمد
29-07-2011, 04:07 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

عن النبي,صلى الله عليه وسلم,فيما يرويه عن ربه عز وجل أنه قال( يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم

محرما فلا تظالموا ، يا عبادي ، كلكم ضال إلا من هديته ،
فاستهدوني أهدكم ، يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته ،

فاستطعموني أطعمكم ، يا عبادي كلكم عار إلا من كسوته ، فاستكسوني أكسكم،يا عبادي،إنكم تخطئون بالليل والنهار،وأنا

أغفر الذنوب جميعا،فاستغفروني أغفر لكم،يا عبادي،إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني،ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني،يا عبادي ،

لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا ، يا عبادي لو أن أولكم

وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد ما نقص ذلك من ملكي شيئا ، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم

وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل إنسان مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل

البحر،يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها ، فمن وجد خيرا فليحمد الله،ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا

نفسه )أخرجه مسلم,اشتمل هذا الحديث على كثير من قواعد الدين وأصوله ، فنص على تحريم الظلم بين العباد،وهو من

أعظم المقاصد التي جاءت الشريعة بتقريرها,وجاء التأكيد فيه على أهمية الدعاء ، وطلب الهداية من الله وحده ، وسؤال العبد

ربه كل ما يحتاجه من مصالح دينه ودنياه ، والدعاء هو العبادة,كما أنه تضمن تنزيه الله،وإثبات صفات الكمال ونعوت

الجلال له سبحانه ، وبيان غناه عن خلقه وأنه لا تنفعه طاعة الطائعين ، ولا تضره معصية العاصين,وعلى محاسبة النفس ،

وتفقد الأعمال،والندم على الذنوب,نزه سبحانه نفسه عن الظلم قال سبحانه(إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها)

وقال عز وجل(وما ربك بظلام للعبيد)فهو سبحانه أحكم الحاكمين ، وأعدل العادلين ، وكما حرم الظلم على نفسه جل

وعلا فكذلك حرمه على عباده ونهاهم أن يتظالموا فيما بينهم,والظلم نوعان,ظلم العبد لنفسه،وأعظمه الشرك بالله عز

وجل قال سبحانه(إن الشرك لظلم عظيم)لأن الشرك في حقيقته هو جعل المخلوق في منزلة الخالق ، فهو وضع الأشياء في

غير مواضعها ، ثم يليه ارتكاب المعاصي على اختلاف أجناسها من كبائر وصغائر ، فكل ذلك من ظلم العبد لنفسه بإيرادها

موارد العذاب والهلكة في الدنيا والآخرة،وأما النوع الثاني من أنواع الظلم,فهو ظلم الإنسان لغيره بأخذ حقه أو الاعتداء عليه

في بدنه أو ماله,قال رسول الله,صلى الله عليه وسلم,في خطبته في حجة الوداع (إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام ،

كحرمة يومكم هذا ، في شهركم هذا ، في بلدكم هذا)أن الخلق كلهم مفتقرون إليه سبحانه في جلب ما ينفعهم ودفع ما يضرهم

في شؤون دينهم ودنياهم ، وأنهم لا يملكون لأنفسهم شيئا ، فالهداية من الله ، والرزق بيد الله ، والمغفرة من عند الله ، ومن

لم يتفضل الله عليه بالهداية والرزق فإنه يحرمهما ، ومن لم يتفضل الله عليه بمغفرة ذنوبه أهلكته خطاياه ، ولذلك فإن الله

يحب أن يسأله العباد جميع مصالح دينهم ودنياهم من طعام وشراب وكسوة، كما يسألونه الهداية والمغفرة ،إن الله سبحانه

غني عنهم وعن أعمالهم ، لا تنفعه طاعة الطائعين ولا تضره معصية العاصين ، ولكنه يحب من عباده أن يتقوه ويطيعوه ،

ويكره منهم أن يعصوه ، مع غناه عنهم ، وهذا من كمال جوده وإحسانه إلى عباده ، ومحبته لنفعهم ودفع الضر عنهم ، قال

سبحانه(من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها وما ربك بظلام للعبيد)وأن خزائن الله لا تنفذ ، ولا تنقص بالعطاء ، ولو

أَعطي الأولين والآخرين وجميع ما سألوه في وقت واحد ، وفي ذلك حثُ للخلق على سؤاله وحده،وإنزال حوائجهم به،عن

النبي,صلى الله عليه وسلم,قال(يد الله ملأي لا تغيضها نفقة سحاء الليل والنهار،أرأيتم ما أنفق منذ خلق السموات والأرض

فإنه لم يغض,أي لم ينقص,ما في يمينه )أن الله سبحانه, يحصي أعمال العباد ثم يوفيهم أجورها وجزاءها يوم

القيامة ، فإن وجد العبد في صحيفته أعمالاً صالحة ، فهي محض إحسان وتفضل منه جل وعلا ، حيث وفق العبد إليها

وأعانه عليها ، ووفاه أجرها وثوابها ، ولذلك استحق الحمد والثناء ، وإن وجد غير ذلك فليوقن أن الله عامله بالعدل ولم

يظلمه شيئاّ،وإن كان هناك من يستحق اللوم فهي النفس التي أمرته بالسوء وسولت له المعصية والذنب .