واثق بالله
31-07-2011, 07:18 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
أسباب العزوف عن التعدد :
أما عن الأسباب التي تحول دون التعدد
فعلى رأسها الحالة المادية وهي في بعض
حالاتها عائق حقيقي ، لكنها في الغالب
خلل في الموازنة بين متطلبات الدنيا
ومتطلبات الآخرة ، فإذا ترجحت كفة الرغبة
في الآخرة كان الميل إلى الاستعفاف متغلبا
على الخوف من الفقر وهذا هو سر إقدام
المستقيمين على التعدد أكثر من غيرهم ،
مع أنهم ليسوا بالضرورة أيسر حالا من
الآخرين لكن الميزان الأخروي جعل الخوف
من الوقوع في الفواحش أو حتى انشغال
الذهن بها سببا كافيا للتعدد ، بينما
تترجح عند غيرهم كفة الميزان الدنيوي
وحسابات الدرهم والدينار فيحجمون ،
وليس بالضرورة أن يلجأ جميعهم للفجور
، فمنهم من يتصبر ويكابد على ما يجد
من نفسه من قلق وعدم استقرار ، لكن ذلك
عنده أهون من نقص الدرهم والدينار ، وهو
نوع من البخل وهو كالغني الذي يعذب
نفسه بترك الطعام والشراب بخلا لا زهدا
، فحاجة المعاشرة من حاجات الجسد التي
يشق عليه الصبر عنها مشقة بالغة. وصنف
آخر من غير المعددين يكتفي بإشباع شهوته
بتقليب النظر في الغاديات والرائحات
من الكاسيات وغير الكاسيات ، سواء في
الأسواق والطرقات أو على الشاشات أو
على مواقع الخلاعة في شبكة المعلومات ،
وصنف ثالث منهم يسقط إلى أسفل من ذلك
وينغمس في الرذيلة حتى أذنيه ويخوض
في أوحالها خوضا .
ومن أسباب عزوف البعض عن التعدد
مع شدة حاجته إليه الضعف عن مواجهة
المجتمع بهذه ( الجريمة النكراء ) ولا
سيما الأقارب وكذا أقارب الزوجة ونحوهم
، وبخاصة المجتمع النسوي الذي يشتد
نكيره للتعدد ، إما لجهل المرأة بطبيعة
الرجل واحتياجاته وإما من باب الوقاية
وخوفا من تأسي أزواجهن بذلك المعدد .
ومن أسباب العزوف عن التعدد كذلك ما
يراه المقبل المتردد من حالات فشل للزواج
الثاني ، مع أن هذا ناتج في الغالب عن
سوء الاختيار الذي تفرضه طبيعة التعدد
من التكتم وعدم التحري ونحو ذلك مما
تقتضيه العجلة ، وإما لفشل الزوج في إدارة
أكثر من زوجة ، وهو نوع من الضعف ، لذا
ينبغي لمن رغب في التعدد أن يعرف حدود
قدراته قبل الإقدام عليه ، فالبعض أضعف
من أن يقوم على زوجة واحدة فكيف يقوم
على أكثر من زوجة .
وربما تعلل البعض في عزوفه عن التعدد
مع شدة حاجته إليه بحرصه على مشاعر
زوجته وهذا شعور نبيل يشكر عليه وهو
داخل في حسن العشرة ، إلا أن تحصين
الدين مطلب آكد من قضية المشاعر ، والموفق
الحازم من استطاع الجمع بين الأمرين بأن
جعل دينه في المقدمة ثم أقبل على زوجته
الأولى بعطفه وحنانه وحبه وواساها في
محنتها وطيب خاطرها بكل ما يستطيع
من الوسائل المادية والمعنوية ، وأهم من
ذلك كله أن ترى منه بعد زواجه من غيرها
ذلك الزوج الودود الذي تعرفه ، وأن يسعى
لتبديد أوهامها وتوقعاتها السيئة ،
فأكثر ما تخشاه الزوجة الأولى أن ينشغل
بالجديدة وينساها ، لاسيما إن كانت
الثانية لديها من المزايا ما ليس عندها . وما
إن تمر الأيام وتطمئن إلى أن زوجها هو هو
كما عرفته بحبه ووده وحنانه حتى يهون
عليها الأمر وتسير الأمور بسكينة وسلام
عدا ما يكون من الغيرة التي جُبلت عليها
المرأة والتي هي في مآلها من أعظم مزايا
التعدد !
قد يستغرب البعض أن يُقال إن الغيرة من
مزايا التعدد ، و لاغرابة في الأمر ، وبيان
ذلك أن كل زوجة من زوجات المعدد تحرص
على ألا تقصر في شيء من حقوقه وألا
تُسبق إلى طاعته ومرضاته ، وقد سمعنا
عن نساءٍ رجعن إلى التزين والتجمل
للزوج بعد زواجه بالثانية ، بعد أن تبذلن
ورفعن راية القعود مبكرا ، فمنهن من
ذهبت تتخلص من الشحوم المتراكمة ، التي
جعلتها كائنا مستديرا ، ومنهن من تذهب
لتقويم أسنانها بعد عقود من الزواج ،
واهتمام المرأة بنفسها لاشك أنه سيكون له
بالغ الأثر في حبه لها وحسن عشرته معها ،
وبهذا تكون كل زوجة من زوجات المعدد في
حال تغبطها عليه زوجة ( المتوحد ) الضائع
في نفسه المضيع لبيته والسيئ في عشرته .
لاسيما وحاجات المرأة المعنوية أشد من
حاجاتها الحسية بعكس الرجل ، فهي لا
تتضرر بقلة المعاشرة الناشئة عن التعدد
لأن حاجتها تُشبع بالقدر اليسير مقارنة
بالرجل ، وهذا الأمر علمه اللطيف الخبير
فشرع التعدد للرجال دون النساء .
والواقع يشهد أن نسبة ربما تكون هي
الأكثر من زوجات (المتوحدين) في ضيق
وعدم رضا مما يلقين من سوء عشرة الأزواج
. وبالجملة فالتعدد بالنسبة للزوج سكن
لنفسٍ لم تسكن بواحدة وسبيل للعفاف
والإعفاف وزيادة في الذرية وبركة في
الرزق ، وهو للزوجة حافز على عدم الإخلال
بحق الزوج والتنافس في هذه الطاعة التي
أوجبها الله عليها وهو عون لها على الإكثار
من العبادة والازدياد من الخير لاسيما في
غير يومها وهذه فرصة لاتكاد تحصل لمن
لا يفارقها زوجها . والواقع يشهد أن فراق
الليلة أو الليلتين الناشىء عن التعدد يزيد
في محبة الزوجين لبعضهما ويقطع الرتابة
والملل فكل ما يُفقد يُطلب وكل ما يُبذل يُمل
كما هو معروف ، وهذا ما أكدته دراسة
ألمانية نُشرت مؤخرا .ثم إن غياب الزوج ليلة
أو ليلتين فرصة كبيرة للزوجة الجادة التي
لها اهتمامات علمية ، واستراحة من عناء
التجمل اليومي المرهق الذي يُلح عليه بعض
الأزواج مع ماله من آثار على البشرة والشعر
وغير ذلك ، وهي كذلك فرصة للتفرغ للطاعة
والعبادة التي يتمناها كثير من الصالحات
العاقلات .
ولكن هل للتعدد آفات؟
ربما كان للتعدد آفات متى ما أقدم عليه
من ليس أهلا له ، وليس به إليه حاجة ، إذ
ربما تعاظمت الهموم لاسيما إن كان زواجه
بأخرى لغرض سيئ كإيذاء الأولى كما قال
الشاعر : ( أكلت دما إن لم أُرِعْكِ بضرة *
بعيدة مهوى القرط طيبة النشر )، أو لمجرد
المباهاة كما يفعله بعض السفهاء ، ومثل
هذا حري ألا يوفق ولا يسعد ، والأعمال
بالنيات . ومن علم من حاله ضعفا عن القيام
بأكثر من زوجة وأمِن على نفسه الفتنة
فليلزم الواحدة يُبارك له فيها وقد قيل :
(إذا لم تستطع شيئا فدعه * وجاوزه إلى
ما تستطيع ) .
ولا ينبغي للمعدد أن يُظهر نفسه بمظهر
المنقذ لبنات المسلمين من العنوسة ، والمفرج
عن الأيامى كربة التأيم ، والموبخ لغيره
على عدم سلوك مسلكه ، فهي تزكية للنفس
ممجوجة وفيها ما فيها ، فيكفيه أنه سعى
في أمر مشروع فيه خير له ولغيره ، وأجره
فيه على قدر نيته.
ومتى عَددَ الرجل ولم يجد في الثانية ما
تزوجها لأجله وخشي الضياع على بيته
الأول فليسرح بإحسان وليرجع إلى بيته
سالما ، إن لم يرغب بمحاولة أخرى . وربما
كانت تجربة التعدد الفاشلة سببا في
سكينة النفس والقناعة بواحدة لاسيما
إن كانت ذات دين وعقل وأدب ، وكم من
معدد عرف قدر زوجته الأولى ، عندما عدد
فعاد إليها معترفا بفضلها رافعا لقدرها
بقلم : عبدالعزيز الناصر
جريدة الشرق اليوم
أسباب العزوف عن التعدد :
أما عن الأسباب التي تحول دون التعدد
فعلى رأسها الحالة المادية وهي في بعض
حالاتها عائق حقيقي ، لكنها في الغالب
خلل في الموازنة بين متطلبات الدنيا
ومتطلبات الآخرة ، فإذا ترجحت كفة الرغبة
في الآخرة كان الميل إلى الاستعفاف متغلبا
على الخوف من الفقر وهذا هو سر إقدام
المستقيمين على التعدد أكثر من غيرهم ،
مع أنهم ليسوا بالضرورة أيسر حالا من
الآخرين لكن الميزان الأخروي جعل الخوف
من الوقوع في الفواحش أو حتى انشغال
الذهن بها سببا كافيا للتعدد ، بينما
تترجح عند غيرهم كفة الميزان الدنيوي
وحسابات الدرهم والدينار فيحجمون ،
وليس بالضرورة أن يلجأ جميعهم للفجور
، فمنهم من يتصبر ويكابد على ما يجد
من نفسه من قلق وعدم استقرار ، لكن ذلك
عنده أهون من نقص الدرهم والدينار ، وهو
نوع من البخل وهو كالغني الذي يعذب
نفسه بترك الطعام والشراب بخلا لا زهدا
، فحاجة المعاشرة من حاجات الجسد التي
يشق عليه الصبر عنها مشقة بالغة. وصنف
آخر من غير المعددين يكتفي بإشباع شهوته
بتقليب النظر في الغاديات والرائحات
من الكاسيات وغير الكاسيات ، سواء في
الأسواق والطرقات أو على الشاشات أو
على مواقع الخلاعة في شبكة المعلومات ،
وصنف ثالث منهم يسقط إلى أسفل من ذلك
وينغمس في الرذيلة حتى أذنيه ويخوض
في أوحالها خوضا .
ومن أسباب عزوف البعض عن التعدد
مع شدة حاجته إليه الضعف عن مواجهة
المجتمع بهذه ( الجريمة النكراء ) ولا
سيما الأقارب وكذا أقارب الزوجة ونحوهم
، وبخاصة المجتمع النسوي الذي يشتد
نكيره للتعدد ، إما لجهل المرأة بطبيعة
الرجل واحتياجاته وإما من باب الوقاية
وخوفا من تأسي أزواجهن بذلك المعدد .
ومن أسباب العزوف عن التعدد كذلك ما
يراه المقبل المتردد من حالات فشل للزواج
الثاني ، مع أن هذا ناتج في الغالب عن
سوء الاختيار الذي تفرضه طبيعة التعدد
من التكتم وعدم التحري ونحو ذلك مما
تقتضيه العجلة ، وإما لفشل الزوج في إدارة
أكثر من زوجة ، وهو نوع من الضعف ، لذا
ينبغي لمن رغب في التعدد أن يعرف حدود
قدراته قبل الإقدام عليه ، فالبعض أضعف
من أن يقوم على زوجة واحدة فكيف يقوم
على أكثر من زوجة .
وربما تعلل البعض في عزوفه عن التعدد
مع شدة حاجته إليه بحرصه على مشاعر
زوجته وهذا شعور نبيل يشكر عليه وهو
داخل في حسن العشرة ، إلا أن تحصين
الدين مطلب آكد من قضية المشاعر ، والموفق
الحازم من استطاع الجمع بين الأمرين بأن
جعل دينه في المقدمة ثم أقبل على زوجته
الأولى بعطفه وحنانه وحبه وواساها في
محنتها وطيب خاطرها بكل ما يستطيع
من الوسائل المادية والمعنوية ، وأهم من
ذلك كله أن ترى منه بعد زواجه من غيرها
ذلك الزوج الودود الذي تعرفه ، وأن يسعى
لتبديد أوهامها وتوقعاتها السيئة ،
فأكثر ما تخشاه الزوجة الأولى أن ينشغل
بالجديدة وينساها ، لاسيما إن كانت
الثانية لديها من المزايا ما ليس عندها . وما
إن تمر الأيام وتطمئن إلى أن زوجها هو هو
كما عرفته بحبه ووده وحنانه حتى يهون
عليها الأمر وتسير الأمور بسكينة وسلام
عدا ما يكون من الغيرة التي جُبلت عليها
المرأة والتي هي في مآلها من أعظم مزايا
التعدد !
قد يستغرب البعض أن يُقال إن الغيرة من
مزايا التعدد ، و لاغرابة في الأمر ، وبيان
ذلك أن كل زوجة من زوجات المعدد تحرص
على ألا تقصر في شيء من حقوقه وألا
تُسبق إلى طاعته ومرضاته ، وقد سمعنا
عن نساءٍ رجعن إلى التزين والتجمل
للزوج بعد زواجه بالثانية ، بعد أن تبذلن
ورفعن راية القعود مبكرا ، فمنهن من
ذهبت تتخلص من الشحوم المتراكمة ، التي
جعلتها كائنا مستديرا ، ومنهن من تذهب
لتقويم أسنانها بعد عقود من الزواج ،
واهتمام المرأة بنفسها لاشك أنه سيكون له
بالغ الأثر في حبه لها وحسن عشرته معها ،
وبهذا تكون كل زوجة من زوجات المعدد في
حال تغبطها عليه زوجة ( المتوحد ) الضائع
في نفسه المضيع لبيته والسيئ في عشرته .
لاسيما وحاجات المرأة المعنوية أشد من
حاجاتها الحسية بعكس الرجل ، فهي لا
تتضرر بقلة المعاشرة الناشئة عن التعدد
لأن حاجتها تُشبع بالقدر اليسير مقارنة
بالرجل ، وهذا الأمر علمه اللطيف الخبير
فشرع التعدد للرجال دون النساء .
والواقع يشهد أن نسبة ربما تكون هي
الأكثر من زوجات (المتوحدين) في ضيق
وعدم رضا مما يلقين من سوء عشرة الأزواج
. وبالجملة فالتعدد بالنسبة للزوج سكن
لنفسٍ لم تسكن بواحدة وسبيل للعفاف
والإعفاف وزيادة في الذرية وبركة في
الرزق ، وهو للزوجة حافز على عدم الإخلال
بحق الزوج والتنافس في هذه الطاعة التي
أوجبها الله عليها وهو عون لها على الإكثار
من العبادة والازدياد من الخير لاسيما في
غير يومها وهذه فرصة لاتكاد تحصل لمن
لا يفارقها زوجها . والواقع يشهد أن فراق
الليلة أو الليلتين الناشىء عن التعدد يزيد
في محبة الزوجين لبعضهما ويقطع الرتابة
والملل فكل ما يُفقد يُطلب وكل ما يُبذل يُمل
كما هو معروف ، وهذا ما أكدته دراسة
ألمانية نُشرت مؤخرا .ثم إن غياب الزوج ليلة
أو ليلتين فرصة كبيرة للزوجة الجادة التي
لها اهتمامات علمية ، واستراحة من عناء
التجمل اليومي المرهق الذي يُلح عليه بعض
الأزواج مع ماله من آثار على البشرة والشعر
وغير ذلك ، وهي كذلك فرصة للتفرغ للطاعة
والعبادة التي يتمناها كثير من الصالحات
العاقلات .
ولكن هل للتعدد آفات؟
ربما كان للتعدد آفات متى ما أقدم عليه
من ليس أهلا له ، وليس به إليه حاجة ، إذ
ربما تعاظمت الهموم لاسيما إن كان زواجه
بأخرى لغرض سيئ كإيذاء الأولى كما قال
الشاعر : ( أكلت دما إن لم أُرِعْكِ بضرة *
بعيدة مهوى القرط طيبة النشر )، أو لمجرد
المباهاة كما يفعله بعض السفهاء ، ومثل
هذا حري ألا يوفق ولا يسعد ، والأعمال
بالنيات . ومن علم من حاله ضعفا عن القيام
بأكثر من زوجة وأمِن على نفسه الفتنة
فليلزم الواحدة يُبارك له فيها وقد قيل :
(إذا لم تستطع شيئا فدعه * وجاوزه إلى
ما تستطيع ) .
ولا ينبغي للمعدد أن يُظهر نفسه بمظهر
المنقذ لبنات المسلمين من العنوسة ، والمفرج
عن الأيامى كربة التأيم ، والموبخ لغيره
على عدم سلوك مسلكه ، فهي تزكية للنفس
ممجوجة وفيها ما فيها ، فيكفيه أنه سعى
في أمر مشروع فيه خير له ولغيره ، وأجره
فيه على قدر نيته.
ومتى عَددَ الرجل ولم يجد في الثانية ما
تزوجها لأجله وخشي الضياع على بيته
الأول فليسرح بإحسان وليرجع إلى بيته
سالما ، إن لم يرغب بمحاولة أخرى . وربما
كانت تجربة التعدد الفاشلة سببا في
سكينة النفس والقناعة بواحدة لاسيما
إن كانت ذات دين وعقل وأدب ، وكم من
معدد عرف قدر زوجته الأولى ، عندما عدد
فعاد إليها معترفا بفضلها رافعا لقدرها
بقلم : عبدالعزيز الناصر
جريدة الشرق اليوم