المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : التنبيه على فهم مغلوط لحديث ( رفقاً بالقوارير )



qatara
31-07-2011, 10:46 PM
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد

فهذا شرح لطيف وتوجيه عفيف لحديث " رفقاً بالقوارير " لأبي الفضل السّلامي صاحب كتاب ( التنبيه على الألفاظ التي وقع في نقلها وضبطها تصحيف وخطأ في تفسيرها ومعانيها وتحريف في كتاب الغريبين عن أبي عبيد أحمد بن محمد المؤدب الهروي )

قال أبو الفضل محمد بن ناصر السلامي –رحمه الله - :

ومن ذلك ما وقع أيضاً الخطأ في تفسيره ، ما ذكره في باب القاف مع الراء قال : ( وفي الحديث أنه قال : لأنجشة – وهو يحدو بالنساء – : ( رفقاً بالقوارير ) شبههنّ بها لضعف عزائمهن ، والقوارير يُسرع إليها الكسر ، وكان أنجشة يحدو بهن ، وينشد من القريض ، والرجَز في فيه تشبيبٌ ، فلم يأمن أن يصيبهن ، أو يقع في قلوبهن حداؤه ، فأمره بالكف عن ذلك ، وقيل الغناء رقية الزنا ) .

قلت : هذا ما ذكره في كتابه , وهذا الذي ذكره من التفسير في قولهصلى الله عليه :"رفقًا بالقوارير " يعني النِّساء , وهنَّ أزواجه عليه السلام ، ورضي الله عنهنَّ ؛ لا يجوزُ ولا يَسوغُ أن يُحْمَل قوله عليه السلام على ذلك , إذ قد نزَّهَ اللهُ أزواجَ نبيه صلى الله عليه عن ذلك بقوله تعالى : ﴿الطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ﴾ , وبقوله : ﴿يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ﴾ , وإنما أراد صلى الله عليه أنَّ الإبل إذا سمعت الحداء أعتقت وأسرعت السير , فربما قلق وضِينُ الهودج فوقعت إحداهنَّ من البعير لشدَّةِ السَّير ، فينكسر بعض أعضائها أو ينخلع . فشبههن بالقوارير لضعفهن , وأن الزجاج سريع الانكسار , ولم يُرد عليه السلام ما ذكره المصنف من ضعف العزائم , معاذ الله مما ظن فلقد أخطأ ظنه , وضعف عقله إذ حمل كلام الرسول عليهالسلام على مالا يجوز في الشرع , ولا يسوغ في العقل .

ومما يقوي ما ذكرته ويوضحه ما أخبرناه المبارك بن عبد الجبار المروزي - قراءة عليه من كتابه – ثنا عبدالعزيز بن علي القرميسينيّ ، قال : أبنا محمد بن أحمد المفيد بجرجرايا قال : ثنا أحمد بن عبدالرحمن السقطيّ قال : ثنا يزيد بن هارون قال : أبنا حمّاد بن سلمة عن ثابت عن أنس بن مالك قال : كان البراء جيد الحداء ، وكان حادي الرجال , وكان أنجشة يحدو بالنساء , فحدا ذات يوم فأعتقت الإبل فقال النبى صلى الله عليه وسلم :" رويدك يا أنجشة , رويدك سوقك بالقوارير"


وأخبرنا أبناء العم , عبدالرحمن بن أحمد ، وعبدالقادر بن محمد ، أبنا عبدالقادر بن محمد اليوسفي ، وهبة الله بن محمد الكاتب – بقراءتي على كل واحد منهم منفرداً – قالوا : أبنا أبو علي التميمي قال : أبنا أحمد بن جعفر القطيعي ، ثنا عبدالله بن أحمد ، قال : حدثني أبي ، قال : ثنا ابن أبي عدي عن حُميد عن أنس قال : كان رجل يسوق بأمهات المؤمنين , يقال له أنجشة ، فاشتد في السياقة , فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا أنجشة , رويدك سوقك بالقوارير"

وأخبرنا أبو الحسين بن الحمامي - قراءة عليه - قال : أبنا أبوالحسين الحراني قال : أبنا أبو بكر القطيعي ، قال ثنا عبدالله بن أحمد بن حنبل ، قال : ثنا أبي ، ثنا حجاج ، قال حدثني شعبة ، عن ثابت البُناني , عن أنس بن مالك أن النبى صلى الله عليه وسلم كان فيمسير ، وكان حاد يحدو بنسائه أو سائق , قال : وكان نساؤه يتقدمن بين يديه فقال : " ياأنجشة ويحك أرفق بالقوارير"
فهذا الحديث يبين ما قلت من أن النبى صلى الله عليه وسلم , خشي على النساء أن يقعن من شدة السير من هوادجهن فتنكسر أعضاؤهن ،

فأمره أن يرفق بهن في السوق , وشبههن لضعفهن بالقوارير مجازاً .

ولم تكن الحداة على عهد النبى صلى الله عليه وسلم , يحدون بالتشبيب كما ذكر هذا المؤلف , فقد حفظ ذلك ، ونقل في مغازيه وحجه عليه السلام , فمن ذلك ما ذكر أن عامر بن الأكوع كان يحدو بهم في طريق خيبر , وقد أمره النبى عليه السلام بذلك في تلك الغزاة فقال:


والله لولا الله ما أهتدينا ***** ولا تصدقنا ولا صلينا
فأنزلن سكينة علينـا ***** وثبت الأقدام إن لاقينا



ومن ذلك قول عبدالله بن رواحة في يوم فتح مكة , وقد حدا بهم :

خلّوا بني الكفار عن سبيله ***** يارب إنى مؤمن بقيله
نحن ضربناكم على تنزيله ***** ضربا يزيل الهام عن مقيله

ويذهل الخليل عن خليله


ومن ذلك قول ذي البجادين وهو يحدو بهم أيضًا في غزوة أخرى

إليك تغدو قلقًا وضينها ****** مخالفًا دين النصارى دينها

معترضًا في بطنها جنينها

في أشباه لهذا كثيرة , ولم يكونوا يحدون بالتشبيب ولا بالنسيب , ولا ينشدون الشعر بألحان الغناء التى أحدثها المخنثون ، بل كان إنشادهم للشعر كالنصب للركبان ودعاء الرعيان وطريقة العرب العربان ، لا تخليع الشعر كفعل الفساق المجان ، فكيف يظن أن ذلك كان على عهد النبى عليه السلام ، وصحابته الأعيان الذين أثنى الله عليهم في القرآن ، ونزههم من كل دنس ولغو وطغيان ، وكذلك أزواجه المطهرات المبرءات من كل إفك وبهتان ؟


كيف يجوز لمسلم أن يظن بهن رضوان الله عليهن أنهن يملن الى سماع الغناء ، والتشبيب بالنساء وقد ميزهن الله تعالى على سائر نساء العالمين بقوله تعالى ﴿يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ ﴾ وقد كان فيهن من تحفظ الكثير من الأشعار والقصائد الطوال ، مثل عائشة وزينب وأم سلمه رضي الله عنهن ؟

قالت عائشة : كنت أنشد النبي صلى الله عليه وسلم الشعر حتى يزبب شِدقاي ، ولقد أنشدته يومًا ألف بيت للبيد بن ربيعة ، ولم يغيرهن حفظ الشعر فكيف سماعه ، فهذا خطأ ممن يحمل قول النبى عليه السلام على هذا المعنى الركيك ، ويقول فيه : " الغناء رقيه الزنا " لو قيل هذا في حق أزواج المؤمنين كان قبيحاً لا يجوز أن ينطق به ، ولا يعتقد في المحصنات المؤمنات أنهن إذا سمعن الغناء كان داعياً لهن إلى الزنا ، فمُعْتَقِدُ ذلك فيهنّ آثمٌ كاذبٌ ، يجب عليه في ذلك إن صرح به الحد ، فكيف في حق أزواج النبى صلى الله عليه ، ورضي عنهن ، وهن المنزهات الطاهرات المبرءات من كل دنس وعيب وشين وريب ، إن أعتقد فيهن ذلك كان كافراً لقوله تعالى ﴿ يَعِظُكُمَ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ وهذا من المؤلف محمولٌ على السهو والغفلة [ كان قصد هذا التفسير على عمد منه ولو كان منه كان فسق وضل وخسر وذل عفا الله عنا وعنه ] (1) . اهـ


( التنبيه على الألفاظ التي وقع في نقلها وضبطها تصحيف وخطأ في تفسيرها ومعانيها وتحريف في كتاب الغريبين عن أبي عبيد أحمد بن محمد المؤدب الهروي ) صـ 354-362

________________
(1) هكذا جاءت في المطبوع

منقول

ورقة غار
31-07-2011, 10:59 PM
جزاك الله كل خير والله يكثر من امثالك

qatara
02-08-2011, 07:09 PM
يجزيني ويجزيج الف خير
وتشكرين على مرورج